آراء
الأربعاء ٠٨ يوليو ٢٠١٥
ما عاد خافياً على أحد بأن المزاج السياسي في الولايات المتحدة والغرب عموماً لم يعد يتقبل فكرة التدخل العسكري البري في أي من القضايا التي تخص منطقتنا العربية، ما دام الأمر لم يصل إلى المساس بالمصالح الاستراتيجية الغربية مباشرةً. وربما كانت تجربتا العراق وأفغانستان السبب في مثل هذا الموقف. هذا التوجه يلقى تأييداً كبيراً من الرأي العام ومن المحللين الغربيين، لأن التكاليف المالية والبشرية كانت كبيرة في التجارب السابقة. كما أنه لم يعد خافياً أن الجهود السياسية العربية في إقناع الغرب بأن «الحرب الفوقية» غير كافية لإنهاء خطر «داعش»، لم يكتب لها النجاح حتى الآن. لذا، فإن أفضل نصيحة يمكن أن يقدمها أي مراقب موضوعي لمتخذي القرار العرب، في ما يحدث من تراجيديا القتل وتمدد تنظيم «داعش» فكرياً وجغرافياً، هي: البحث عن آليات عربية خاصة للتضييق عليها، بل والبحث في فكرة شن حرب برية إن كان في ذلك «خلاص نهائي»، سواء من خلال تفعيل اتفاقية الدفاع العربي أو تسليح العشائر السنّية العراقية، لأن ما يحدثه هذا التنظيم يظهر أن آثاره السلبية للتأخر في القضاء عليه أكبر على الإسلام والمسلمين في العالم. المشكلة الكبرى، أن هناك بعض المحللين الغربيين لا يفرقون بين الإسلام كدين سمح وبين تطرف الحركات المتأسلمة، عندئذ فإنهم يعتقدون أن الذي يحدث في المنطقة هو حرب طائفية بين…
آراء
الأربعاء ٠٨ يوليو ٢٠١٥
ظلت مدينة حائل (أو كما نخففها بقولنا: حايل) اسماً ثابتاً في الذاكرة البشرية ومتكرراً في دفتر التاريخ الإنساني. كثيرون يربطون هذه الشهرة باسم حاتم الطائي الكريم الذي ورّث خصلة الكرم لأبناء بلدته حتى اليوم. هي بلا شك ذكرى شخصية فريدة، حيكت حولها بعض الأساطير لأن أفعالها الحقيقية كانت تشبه الأساطير. لكن حايل، بجبالها ووديانها ظلت خزانة لكثير من حكايات العشق الألف ليلية لمن سكنوها أو فقط لمن مرّوا عليها فساكنوها. لنستمع فقط إلى شهادتين فريدتين من «الخواجات» الكثر الذين زاروها استكشافاً أو تجسساً فهاموا في حبها، رغم قساوة مهماتهم. يقول المستكشف الإنكليزي وليم بلغريف الذي زارها في العام 1862: «تقع مدينة حائل أمامنا، على بعد مسيرة ربع ساعة. وأوحت لنا المدينة بشيء من المعاصرة، بل وبشيء آخر من قبيل الأناقة غير المعتادة التي طالعتنا من قبل في القرى التي مررنا عليها. لكن الواضح أن حائل كانت مدينة بمعنى الكلمة، فضلاً عن أن مساحتها كانت تتسع لحوالي 300 ألف نسمة أو ما يزيد على ذلك، ولو أن شوارعها ومنازلها كانت متجاورة وقريبة من بعضها مثل شوارع بروكسيل وباريس، ومع ذلك فإن عدد سكان حائل لا يزيد في واقع الأمر على 20 أو 22 ألفاً، وذلك بفضل البساتين والساحات الكبيرة التي تدخل ضمن الأسوار الخارجية للمدينة». ومن قبله تحدّث الرحالة الفنلندي جورج…
آراء
الأربعاء ٠٨ يوليو ٢٠١٥
في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، تأسست منظمة اهلية جديدة في اميركا على يد بعض الاميركيين من اصل عربي هي «اللجنة العربية الاميركية لمناهضة التمييز» التي تعرف اختصارا باسم «أيه. دي. سي- ADC». بدأت اللجنة بنشاطات متواضعة لحشد العرب الامريكيين في مختلف الولايات الاميركية والدفاع عن القضايا العربية خصوصا القضية الفلسطينية ومحاولة الوصول الى الجمهور الاميركي وتعريف الساسة والرأي العام في اميركا بوجهة النظر العربية. كان البعض ينظر لنشاط اللجنة بشيء من الشفقة وهو يعيد التذكير بسطوة اللوبي الصهيوني في اميركا ومنظماته العديدة مثل «آيباك». لكن ما ان حل عقد التسعينات إلا ونشطت اللجنة العربية الامريكية بشكل قوي في الساحة الاميركية وكانت نقطة التحول عام 1992. ففي ذلك العام اطلقت شركة «ديزني» فيلم الكارتون «علاء الدين» ومعه دشنت اللجنة العربية الاميركية معركة قانونية مع الشركة حول عبارات مسيئة للعرب في اغنية مقدمة الفيلم. كسبت اللجنة المعركة وتم حذف المقاطع المسيئة في الأغنية بل واتفقت شركة «ديزني» مع اللجنة على عرض اي سيناريو لفيلم او عمل فني عن المنطقة العربية او التاريخ العربي على اللجنة لقراءته والموافقة عليه قبل تنفيذه. وفي ذلك الوقت ايضا، قامت اللجنة برفع دعاوى في المحاكم في عدد من الولايات الاميركية ضد المدارس والمؤسسات التعليمية التي تدرس كتباً فيها اساءة للعرب أو المسلمين عموماً. وفي العام 1996،…
آراء
الثلاثاء ٠٧ يوليو ٢٠١٥
كنت جالساً في قاعة المسافرين في مطار هيثرو في انتظار الطائرة التي ستعود بي إلى أرض الوطن، كان ذلك في عام 2000، أي قبل 15 سنة، عندها اقترب مني رجل مع ابنه الشاب فسألني: من أين أنت؟ أجبته: من دولة الإمارات. ابتسم وصافحني بحرارة، ثم قال: أنا لبناني، أقيم في الولايات المتحدة الأميركية، لم يسبق لي أن زرت الإمارات من قبل، لكن يشهد الله أني أحب الإمارات والإماراتيين، وأحب الشيخ زايد. استمر في حديثه: لقد بلغت منتصف الخمسينات من العمر، لم أحترم فيها رئيس دولة كما أحترم الشيخ زايد، تعجبني حكمته، ويأسرني تواضعه، وأحب فيه بساطته وقربه من الشعب، ابتعد عن القلاقل، وتفرغ لبناء وطنه، عروبي حتى النخاع، لم يفرق بين عربي وآخر. كانت هذه شهادة من شخص لا أعرفه ولا يعرفني، ولم تكن له أي مصلحة في هذا الحديث العابر، إنما هي كلمة حق من رجل عبّر فيها عن رأيه في شخصية عربية من أعظم شخصيات القرن العشرين. توفي الشيخ زايد، رحمه الله، بعدها بسنوات، مرت السنة تلو الأخرى، تمر علينا دون أن تغيب صورته عن قلوبنا التي أحبته في حياته، واستمرت في الدعاء له بالرحمة والمغفرة بعد وفاته، لاتزال ذكراه حاضرة بيننا في كل شيء، حاضرة بأقواله التي نسمعها تقريباً في كل يوم، وحاضرة بدولة الإمارات التي قامت…
آراء
الثلاثاء ٠٧ يوليو ٢٠١٥
يُعَدُّ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، من أهم الذين صنعوا التاريخ، وأحد بُناة الدول العظام، في منطقتنا والعالم، فهو مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة، وواضع الأسس القوية لنهضتها، بكل ما يحتاجه ذلك من صفات متفردة وعزيمة جبارة، لأن توحيد هذه المساحة الواسعة من الأرض بكل تنويعاتها المناطقية والقبلية والطائفية في وطن واحد تحت راية واحدة، في ظل ظروف صعبة ومعقدة، لا يمكن أن يقوم به إلا قائد استثنائي وزعيم غير عادي لا يتكرر كثيراً في تاريخ الأمم والشعوب، ولذلك يمكنني أن أقول بكل ثقة: إن الملك عبدالعزيز هو واحد من أعظم شخصيات القرن العشرين. كانت الوحدة هي محور تفكير الملك عبدالعزيز آل سعود وحركته على مدى المراحل المختلفة من حياته، وتُعَدُّ المدخل الأساسي لفهم شخصيته، فقد آمن بالتعايش بين المذاهب والطوائف وعمل على ترسيخ هذا المبدأ بشكل عملي، ونجح في إقامة دولة قوية على مساحة كبيرة من الأرض بعد أن لملم شتات قبائلها ومناطقها وطوائفها، على الرغم من التحديات الضخمة التي واجهته والعقبات الصعبة والمتشعبة التي اعترضت طريقه، لكنها انهزمت كلها أمام إرادته القوية، ولم تستطع أي قوة، داخلية أو إقليمية أو دولية، أن تقف في وجه هدفه الذي رسمه لنفسه منذ وقت مبكر من حياته، وهذه هي سمة بُناة الدول وموحدي المناطق والشعوب في تاريخ العالم كله، قديماً…
آراء
الثلاثاء ٠٧ يوليو ٢٠١٥
لعن الله «داعش» ومن يقف وراءه في شرق الأرض وغربها، الذي استهدف بجرائمه المساجد في دولنا المسلمة وكأننا عدوها الرئيس. هل ما يقوم به «داعش» نوع من الحرب النفسية ضد الشعوب العربية؟ فكلنا نشاهد الضحايا، وقبل سقوطهم قتلى وهم في أمان وطمأنينة، وبعد لحظات يصبحون أشلاء مقطعة جراء هذه الأعمال الخارجة على الدين والقيم الإسلامية والإنسانية. هل هذه التنظيمات الغامضة التي لا نعرف من يقف وراءها تقوم بإدارة التوحش، وهدفها خلق القلق لدى الإنسان البسيط؟ وأنا هنا أتحدث عما تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي لبعض الحوادث التي لا أعرف حقيقتها، ولكنها تميل إلى روح النكتة لما يحصل في بعض المساجد في مجتمعاتنا بعد حوادث «داعش» الأخيرة، إذ تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي خبراً من جنوب المملكة، عندما هرب المصلون، وأولهم الإمام، حين أغلقت الريح باب المسجد بقوة! هذا شعور طبيعي في ظل استهداف هؤلاء المجرمين دور العبادة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نحن - ولاسيما في الخليج - مجتمعات مسالمة لم نتعود على مثل هذه الأجواء المتوترة، فهل يهدف «داعش» إلى تخويف المسلمين المسالمين من ارتياد المساجد؟ أي كذب هذا الذي يدعيه «داعش». في حادثة لا تبتعد كثيراً عن ذلك، ما قامت به السلطات التونسية بإغلاق 80 مسجداً بعد حادثة استهداف السياح الأجانب في أحد الفنادق في منطقة سوسة، ووصلتني رسالة…
آراء
الثلاثاء ٠٧ يوليو ٢٠١٥
أخلاق زايد، وفكره المستنير، وسعيه طوال حياته لنشر الخير للإنسان بوصفه إنساناً، دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى، هي ما يحتاج إليه العالم اليوم، وهي ما نحتاج إليه نحن خصيصاً في منطقتنا العربية التي تحولت إلى واحدة من أكثر مناطق العالم اشتعالاً، وحروباً، وأكثرها على الإطلاق في المواجهات الفكرية المقيتة والمميتة! زايد رحمه الله، كان مثالاً للإنسان العربي المسلم المحب للسلام، والمحب للإنسان، لا يُفرق بين إنسان وآخر على أساس مذهبي أو ديني، ولا يملك في قلبه إلا الحب والخير، ويعشق تقريب القلوب ووجهات النظر، ويكره التناحر والفرقة ونشر الكراهية، كان يكره التحزب الديني، ويؤمن بأن الإسلام دين رحمة وخير، ودين رسالة عالمية مبدأها التآخي لا التناحر والاقتتال. مشروعاته الخيرية والإنسانية غطت قارات العالم كافة، ووصلت إلى مشارق الأرض ومغاربها، دون تمييز بين بلدان إسلامية أو غير إسلامية، أعطى وساعد وأسهم في سد حاجة البعيد قبل القريب، فهدفه كان واضحاً وهو مساعدة الإنسان لأنه إنسان، ولذلك أحبه العالم أجمع، وبكاه العالم أجمع، ويزور قبره اليوم آلاف من البشر من جميع الأديان والمذاهب. «زايد منبع الجود وأصله، وهو من غرس في شعبه حب العطاء والبذل دون مقابل، وخير ما نذكره به رحمة الله عليه إنسانيته، وعطاؤه وكرمه الذي لم يميز به بين قريب وبعيد، والذي جعل الإمارات محطة عالمية للعطاء»، هذا…
آراء
الثلاثاء ٠٧ يوليو ٢٠١٥
من ولد في بداية السبعينات الميلادية، فقد كان في الثالثة من عمره حين وقعت حرب أكتوبر، في الخامسة، رأى هلع الناس باستشهاد الملك فيصل، يرحمه الله، التلفزيون كان للتو قد أكمل عشر سنوات منذ دخوله للسعودية. أتذكر شخصيا أول تلفزيون اشتراه والدي، وكنا والجيران نلتفّ حواليه في غرفة واحدة. في عام 1979 كان عمري ست سنوات، وفي ذلك العام وقعت اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل (اغتيل على إثرها السادات لاحقا) وقامت الثورة الخمينية، ووقعت أحداث الحرم. وانعكست هذه الأحداث علينا. حوصرت الحياة العامة، وتغير التلفزيون وأقصيت الفنون، ضُيق كثيرا واستغل الإخوان فالسروريون الوقت لتنفجر كارثة اسمها "الصحوة". وفي 15 عاما، كحد أقصى، كانت قد استولت على كل شيء، بكم مهول من الخطب والمحاضرات والكاسيت وكتب الغلو والتكفير. وفي آخر شهر من 79 السيئ وقعت الحرب السوفيتية الأفغانية، وعلى مدى تسع سنين كأن تلك الحرب لم تكن على بعد آلاف الأميال منا، بل كانت وكأنها على حدودنا، وبعض شبابنا طاروا إليها بالآلاف، بقصص وأسرار لم تعد أسرارا، ومن لم يقتل منهم انتهى به الأمر إلى طالبان والقاعدة فداعش وغيرها، أو السجون، أو مطارد في قوائم المطلوبين، أذكر كيف احتفل أئمة المساجد بسقوط (كابل) وكأنها في الحيّ المجاور. في بداية الثمانينات وقعت الحرب العراقية الإيرانية، وقد كلفتنا الكثير، في الـ90 غزا صدام…
آراء
الإثنين ٠٦ يوليو ٢٠١٥
من غير المعقول أن تقفز أسعار الغرف المطلة على الحرم المكي الشريف أو المسجد النبوي من 70 ألفاً إلى 120 ألف ريال في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، ويبقى المعتمرون والزوار تائهين يبحثون عن غرفة بسعر مناسب أو أنهم سيسكنون في منازل شعبية لا تتوفر فيها وسائل السلامة وصحة البيئة. وكل هذا يحدث لعدم تنظيم سوق العمرة في السعودية، مع حركة التوسعات التي يشهدها الحرمان الشريفان، وتدفق عشوائي من معتمري الداخل، مع كثافة زوار الخارج، ما يخلق إرباكاً مرورياً وأزمة في الشوارع والطرقات وما ينتج منها من حوادث مرورية، وضغط شديد على رجال المرور في تنظيم الحركة، نضيف إليها الضيوف الرسميين وإفساح الطريق لهم، ما يزيد في الازدحام. هذه الفوضى الخلابة في عدم تنظيم نشاط العمرة في الداخل، سواء للمواطنين أم للإخوة المقيمين الوافدين، أسهم في ارتفاع كلفة العمرة في السعودية، وبالتالي تأثر قطاع الخدمات الأخرى، فتسبب في مضايقة شديدة لكبار السن والنساء والعجزة داخل الحرمين من عدم توفير عربات لهم من شدة الزحام، إذ لا تكفي الكميات الموجودة في تغطية الطلب، وقس على ذلك انعكاسها على الفنادق والغرف والشقق السكنية وسيارات النقل، وضغط على شركات النقل الجوية المحلية، وأيضاً يؤدي إلى تدني الخدمة المقدمة للمعتمرين ومضاعفة الأعباء على المؤسسات الحكومية الخدمية من نظافة ونقل مخلفات وزيادة مراقبين ومشرفين.…
آراء
الإثنين ٠٦ يوليو ٢٠١٥
لا تصدّق مستشاريك. لا تخدعنّك مباخِرُهم. وقدرتهم على نسج الشعارات والحكايات. يريدونك أن تتسلّق ليتسلّقوا معك. يقامرون بصورتك ورصيدك. نَصَحوا غيرَكَ وأدموه. وغداً حين تخسر يغسلون أيديهم. يقولون أنك كنت متسرِّعاً ونزِقاً ومتهوِّراً. لا تصدّق مستشاريك. رأفة بصورتك وبأنصارك وهم ليسوا قلائل. أوقف اللعبة الرهيبة: إما القصر وإما القبر. لا يجوز للزعيم الحقيقي دفع أنصاره إلى القبر، إذا تعذّر عليهم دفعه إلى القصر. أعرفُك لا تحب السمّ. لا أحد يحبه أصلاً. وأنك ترفض مجرد الحديث عنه. ولا تتخيّل كأسه تقترب من شفتيك. وتعتقد بأن السمّ يليق فقط بكارهيك ومعارضيك... وأن عليهم أن يشربوه حتى الثمالة والامحاء. أعرف أنك تفضّل الضربات القاضية، والانتصارات الكاملة، وأنك لا تتخيّل خصمك إلّا متهالكاً. يتقدّم نحوك ذليلاً ليوقّع صك استسلامه. ليقرّ بموته بعدما فَرَغتَ من قتله. أعرف أنك تكره السمّ. لكننا أبناء الشرق الأوسط الرهيب. عرب وفرس وأتراك وأكراد. سنّة وشيعة وعلويون ودروز ومسيحيون وآخرون. دول هشّة، وشعوب مفخّخة، وخرائط ملتبسة، وتاريخ يدسُّ السمّ في الحاضر ليقتاد المستقبل إلى سجن التاريخ. لا تسمح هذه المنطقة الموتورة بالضربات الماحقة. جَرَّبَ أسلافُك وأسلاف أعدائك. عادوا من مغامراتهم المجنونة بأجيال من الجثث، وأنهار من الحقد القاتم. لا تحلم بالانتصار الفاحش، ولا بشطب غريمك من الخريطة، لا تدفعه إلى الجدار. يُدميك حين لا تترك له غير خيار النحر والانتحار.…
آراء
الإثنين ٠٦ يوليو ٢٠١٥
في رسالته في "التسامح"، يؤكد جون لوك "1632-1704" أن كثيرين في زمنه يفاخرون بما يعتقدون أنه الإيمان الحق الذي لا يشاركهم فيه أحد، فتلك علامة على شهوة البشر في تسلط كل منهم على الآخر أكثر من حب الكنيسة، وإذا زعم أي إنسان استخدام السيف والنار لإجبار الناس على عقائد معينة والانتماء إلى عبادات وطقوس معينة -بغض النظر عن الجانب الأخلاقي- فمن المؤكد أن من يفعل ذلك يقصد تشكيل مجتمع يتشارك في العقيدة نفسها، وليس بمستغرب على هؤلاء أن يستخدموا كل أنواع الأسلحة التي لا تنتسب إلى عقيدتهم المسيحية! ويعتبِر "لوك" أن التسامح بين المختلفين في العقيدة المسيحية يتفق مع "العهد الجديد"، ويتفق أيضا مع مقتضيات العقل الإنساني، ولكن من أجل ألا يدّعي الذين يمارسون الاضطهاد والعنف والقسوة باسم المسيحية والصالح العام، ومن أجل ألا يسعى آخرون بدعوى الدّين إلى أن يجدوا فيه خلاصا لما ارتكبوه من أخطاء وآثام، ومن أجل ألا يفرض أحد على نفسه أو غيره أي شيء بدعوى الولاء والطاعة، فإنه ينبغي التمييز بين مهام الحكم المدني وبين الدين، بتأسيس الحدود العادلة والفاصلة بينهما، فمن دون ذلك لن تكون هنالك نهايات للخلافات التي تنشأ على الدوام بين من يملكون الاهتمام بصالح نفوس البشر من جهة، وبين من يهتمون بصالح الدولة من جهة أخرى، على أساس أن الدولة هي…
آراء
الإثنين ٠٦ يوليو ٢٠١٥
لطالما ظلت مواقع التواصل الاجتماعي ولا تزال موضع شك وريبة بعد سلسلة التوظيف الخطير لها من قبل التنظيمات الإرهابية، لا سيما «داعش» وأخواتها، كما أنها وُظفت من قبل ضعاف النفوس لتحقيق مكاسب مادية عبر استفزازات واختراقات إلكترونية. ووسط هذه الرؤية السلبية لهذه الوسائل، تبقى في المقام الأول ذات أهداف إيجابية، استطاعت أن تختصر المسافات وتقرب من باعدتهم سنين العمر، ويأتي بعدها من يستخدمها ويكون له الخيار إما أن يمضي بها ضمن أطرها وأهدافها الإيجابية، وإما أن يأخذها بعيداً لتحقيق غاياته حتى لو جاءت على حساب حرية وخصوصيات الآخرين وسلامة الوطن. ورغم أن عنوان المقال لا يصب في اتجاه وسائل التواصل الاجتماعي فإنه بسببها جاءت فكرته، وهو ما يؤكد أن مثل هذه الوسائل لو تم استخدامها بالطريقة الصحيحة فإنها ستكون أداة إيجابية في النهوض بالمجتمعات. وها نحن نسير مع القارئ لنعكس أحد الجوانب الإيجابية، بل ومدى النضج بين شباب الوطن في تعاطيهم للأفكار وضرورة مراعاتها وتكيفها مع مجتمعنا وعاداته. خلال تصفحي لإحدى وسائل التواصل الاجتماعي رأيت أحد الحسابات قد وضع صورة لأناس أجانب يجلسون بشكل ثنائي يتبادلون أطراف الحديث. فما هذا المكان؟ إنه «مكتبة البشر Human Library»، وتتلخص فكرته في أنه بإمكانك أن تستأجر أوقاتاً لأناس عاديين بدلاً من الكتب وتستمع لقصص حياتهم ومعاناتهم أو تستمع لخبراتهم وتجاربهم. وتنتشر هذه المكتبات…