آراء
الإثنين ٠٦ يوليو ٢٠١٥
يقول الملحق الثقافي السعودي في أمريكا الدكتور محمد العيسى إن الطلبة السعوديين يتلقون عروضاً للعمل من جهات توظيفية أمريكية، وبخاصة طلبة الطب. الواقع ان الكثير جداً من الطلبة الأجانب الذين يدرسون في الجامعات الأمريكية، من مختلف الدول ومختلف التخصصات، يتلقون عروضاً للعمل في أمريكا إذا كانوا متفوقين أو من أصحاب التخصصات النادرة. وفي السنوات الأخيرة، هناك تركيز على تخصصات معينة مثل الطب والهندسة والحاسب الآلي. وغالباً ما تنتهي عملية استقطاب الطلاب للعمل بمنحهم الجنسية الأمريكية حيث يصبحون مواطنين أمريكيين لهم جميع الحقوق وعليهم جميع الواجبات مثل أي مواطن أمريكي آخر. وهذه العملية هي ما يُعرف بـ»نزيف العقول» حيث تخسر الدول النامية كل عام آلاف الكفاءات من طلبتها الذين يدرسون في الخارج ويستقرون هناك بسبب الإغراءات المالية والعلمية والبحثية ومناخات الحرية الشخصية والسياسية. فهذه الدول النامية تخسر مليارات الدولارات على تعليم أبنائها في مختلف المراحل التعليمية ثم يسافرون إلى الغرب لإكمال دراساتهم العليا ويستقر بهم المقام هناك، فيستفيد الغرب من كفاءاتهم وتفوقهم دون أن يتكبد تكاليف الإنفاق عليهم في مراحلهم التعليمية السابقة. وقد كان الطلاب السعوديون المتفوقون المبتعثون إلى الولايات المتحدة يتلقون على مدى العقود الماضية عروضاً للعمل في امريكا بعد التخرج منذ أن كان الابتعاث بأعداد محدودة. لكن القدرة الاستيعابية لسوق العمل السعودي، سواء الحكومي أو الخاص، كانت تحول دون…
آراء
الإثنين ٠٦ يوليو ٢٠١٥
في أي مدينة أوروبية عريقة بإمكانك أن تشرب فنجان قهوتك في مقهى جلس عليه أبطال روايات كبرى قرأتها، أو تتناول غداءك في مطعم من المطاعم التي مرّ عليها هؤلاء الأبطال. وبإمكانك أن تعثر في سانت بطرسبورج على أماكن دارت فيها أحداث روايات ديستوفسكي وتولستوي وغوغول وسواهم، لو زرتها لوجدت الكثير من التفاصيل التي وردت في الروايات باقية على ماهي عليه، فتنتابك الغبطة الآتية على الأغلب من الشعور بأنك تقيم، تلك اللحظة، في زمنين: ماضٍ وحاضر. ما يقال عن سانت بطرسبورج يمكن أن يقال عن باريس ولندن وبرلين، بل إن الناس ما زالت تعرف الزاوية التي كان جان بول سارتر يفضل الجلوس فيها في المقهى الذي يتناول فيه إفطاره، حيث يتحلق حوله المريدون. يحرص القائمون على تلك المدن أشد الحرص على العناية بتلك الأماكن وذاكرتها، ليس فقط لأن الأدباء أو الفنانين مروا فيها، وإنما ضمن استراتيجية شاملة للحفاظ على ذاكرة المكان، فالمقهى يظل مقهى، والمطعم كذلك، حاملاً الاسم نفسه الذي كان له منذ قرن أو قرنين. من عرف بيروت في أزمنة سابقة يذكر ولا شك تلك المقاهي الجميلة في شارع الحمرا التي كانت مقصد أدباء ومثقفي تلك المرحلة، التي شهدت سجالاتهم ونقاشاتهم وربما خصوماتهم أيضاً، لكن هذه المقاهي اختفت اليوم، ليس فقط لأن روادها رحلوا عن الدنيا أو تغربوا، ولم تعد…
آراء
الأحد ٠٥ يوليو ٢٠١٥
الحوارات الرمضانية، مهما حاولت فيها الابتعاد عن المطبخ، فإنها يجب أن تدور في فلك «الأكل»؛ حتى لو كان بمفهومه السلبي! في شقة الحرية يجلس العزّاب - وما أدراك ما جلسة العزاب في شقة الحرية - يتحدث صديقي وهو بوزاره وفانيلته عن المجد الذي ينوي الوصول إليه، تتبعثر لديك الصورة الذهنية بين ما يقوله وما تراه.. يردد بيتاً لأحدهم: لا تحسب المجد (تمراً) أنت آكله.. لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا! تُبين له أن العرب أرادت أن تقول بأسلوب مؤدب: أنه لن يفلح حتى يأكل (...)! يقسم آخر بأن الشاعر كان صائماً، لأن التمر مؤجل إلى موعد معلوم! وهكذا تعود دورة الحوار إلى المطعم الذي سنفطر فيه اليوم.. الإيقاع السياسي على حياتنا الأكولية أصبح واضحاً.. أحدهم يرفض تناول «الجلو كبابي» ومشتقاته، لأنه لا يثق بالدولة المصدرة، ولا يريد دعمها، والآخر يطلب منا التأكد من ميول أي صاحب مندي مشكوك في انتمائه، وفي احتمالية استخدامه لتيوس مستوطنة في مناطق تتبع الحوثيين، وبالمثل فهناك دعوات لمقاطعة الأكل السوري واللبناني والعراقي والتركي، لعدم توافق مواقفنا السياسية معها.. تنحصر الخيارات في المنسف والطاجين، بينما يتمتم أحدنا في الزاوية بأن يديم الله التوافق السياسي والعلاقات الطيبة مع الهند؛ لأنه لا يستغني عن البرياني! وحده المسخن يثير الحيرة هل زيته من «زتونات أبوالعبد» أم من «زتونات أبوفادي»!…
آراء
الأحد ٠٥ يوليو ٢٠١٥
ـ المفجر أو الانتحاري الذي يضخونه بالمدائح والإيمانيات الكاذبة هو في نهاية الأمر أرخص وأتفه وأحقر عضو في كل تنظيم إرهابي، ولأنه رخيص جداً وتافه وبلا قيمة فهو جاهز ومجهز دائماً للهلاك ولا شيء آخر، ومع الأسف فهذه الحقيقة القاسية لا يمكن أن يفكر فيها أو يستوعبها أي مراهق يستعمله «داعش» أو غيره في هذه الأيام المجيدة!! ـ كل تنظيم إرهابي في هذا العالم يحرص على كوادره الحقيقية ويحميها بالغالي والنفيس، ويؤمن لها المأوى والحماية بأقصى حالاتها؛ الوحيد الذي لا يُحمى ولا يُلتفت إليه حينما يُكتشف أمره هو الانتحاري، ولذلك تراه مثل الكلب الضال يهرب من شارع إلى آخر بينما يكتفي التنظيم بالمراقبة والتصوير إن أمكن دون أن يتدخل نهائياً.. نهاية مستحقة يا غبي! ـ يتكرر مشهد هروب ومن ثم مطاردة الانتحاري الرخيص كثيراً، ويضطر هؤلاء للاعتماد على أنفسهم في الهرب أو البحث عن ملجأ آمن، وفي هذه الأثناء يذوب التنظيم القوي والمؤازر المفترض تماماً ويُترك الحمقى (الرخيصون جداً) لمواجهة مصيرهم.. ربما في هذه اللحظة بالذات يكتشف الانتحاري قيمته الحقيقية، ولكن بعد فوات الآوان بالطبع. ـ هؤلاء الأنعام الذين يعيشون على رف الأحداث، ويخلعون عقولهم مع أحذيتهم قبل دخول المعترك الدنس؛ ليس مطلوباً منهم أن يفكروا أو يسألوا أو حتى يبدو رأيهم في مقاس الحزام الناسف ولا وزنه ولا وقت…
آراء
الأحد ٠٥ يوليو ٢٠١٥
في ليالي شهر رمضان المبارك، وقبل أذان الفجر بالتحديد، يتذكر الناس كثيرا فضيلة الشيخ محمد أمين بن الحاج متولي الشعراوي -رحمه الله تعالى-، وبوضوح يمكن أن يقول أي متابع للشأن الشرعي والإعلامي منه بالخصوص أن السنين الـ17 الماضية لم تنس الناسَ الشيخ الشعراوي، الذي رحل عنا بعد أن ترك وراءه تراثا علميا وفكريا مهما، فرض به نفسه أمام الجميع كأحد أبرز علماء العصر، وصاحب أول تفسير شفوي؛ قدم به تفاسير السابقين بلغة يتسابق إليها العوام والعلماء معا، فعلى الرغم من أن علم التفسير علمٌ دقيق، وغالباً ما يُقدم في قوالب صارمة، ولغة عالية، إلا أن الشيخ -يرحمه الله- نجح في تقريب المعاني الصعبة، والمسائل الدقيقة لكل من سمعه منه. عرف الناس الشيخ الشعراوي، وتوثقت صلتهم به، من خلال البرنامج الشهير (نور على نور)، الذي كان يفسر فيه كتاب الله العزيز، وقد بدأ هذا البرنامج في السبعينات من هذا القرن، ومن خلاله ذاع صيته في مصر والعالم العربي والإسلامي، ومن التلفزيون المصري انتقل البرنامج إلى إذاعات وتليفزيونات العالم الإسلامي كله تقريبا، هذا إضافة إلى جملة برامج أخرى مهمة مثل برنامج (من الألف إلى الياء)، وبرنامج (الخواطر الإيمانية)، وبرنامج (الجائزة الكبرى)، وبرنامج (أنت تسأل والشعراوي يجيب). لا يأتي رمضان المبارك -كما ذكرت- إلا ويتذكر الجميع الشيخ الجليل؛ الذي كانت له وقفات في…
آراء
الأحد ٠٥ يوليو ٢٠١٥
قدّر الله تعالى أن تكون وفاة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله- في رمضان، كي يتذكره كل من أحبه في مثل هذه الأيام المباركة، ويمد يده إلى السماء، سائلاً الله تعالى أن يجازيه عن وطنه خير الجزاء. في تلك الليلة التي تصادف 19 من رمضان كنت في المطار متجهاً للأراضي المقدسة، وفجأة بدأت سيدة بجانبي في البكاء، وعزتني في وفاته -رحمه الله- كأنها البارحة ذكرى لا تُمسح من فكري كلما مرت بي، والسؤال الذي مازال مطروحاً: لماذا يترحم الناس على الشيخ زايد بعد كل هذه السنوات، بينما نرى عند غيرنا من العرب نسيان قادتهم بمجرد وفاتهم؟ البعض يعتقد أن وفاء أهل الإمارات لقادتهم هو سر هذا الأمر. قد يكون التحليل صحيحاً، لكني أزعم أن صدق نية الشيخ زايد- رحمه الله- في كل ما قدمه لوطنه والأمة العربية والإسلامية هو سر هذا الولاء، فغيره من القادة سخّر أجهزة الإعلام وأنفق عليها بسخاء كي ينال الولاء، لكن زايد نيته كانت مطيته في سباق الآخرة. فكثيرة هي الأعمال في أرض الوطن وخارجه لم يعلمها الناس إلا بعد وفاته، لأن الرجال أعمالهم تسبق أقوالهم. قاعدة تعلمناها من زايد -رحمه الله- وغيره لم ير شعبه سوى خطاباته وتصريحاته، فانتكست رايته يوم وفاته. الشيخ زايد -رحمه الله- كان له همّ اسمه وحدة الوطن ونفعه،…
آراء
السبت ٠٤ يوليو ٢٠١٥
قبل حوالي 25 عاما ومع سقوط الاتحاد السوفيتي السابق في ديسمبر 1991، فرض سؤال حيوي نفسه: من هو العدو الجديد للغرب؟ لم يكن هناك جواب واضح ومحدد، لكن في الاسابيع القليلة التي تلت ذلك الحدث التاريخي، أدلى الرئيس الاسرائيلي السابق شمعون بيريز بتصريح مقتضب لكن محدد عندما اعلن ان "الاسلام هو العدو الجديد للغرب لان فيه نفس الطابع الشمولي للشيوعية". في العام 1991، كانت قد مضت ثلاث سنوات تقريبا على نشأة تنظيم "القاعدة" في غمرة الحرب الافغانية ضد الاتحاد السوفيتي وقبل بضعة شهور من انسحاب القوات السوفيتية من افغانستان في 1989. لكن السنوات اللاحقة في التسعينات ستشهد بروز تنظيم "القاعدة" على المستوى الدولي من خلال سلسلة من العمليات والتفجيرات في بلدان عدة. فمن تفجيرات فندق موفنبيك في عدن (1992) التي اعتبرت اولى عمليات تنظيم القاعدة وسلسلة من الهجمات على القوات الامريكية في الصومال (1992-1993) وتفجيرات مراكش واسطنبول (1994) مرورا بتفجير السفارتين الامريكيتين في نيروبي (كينيا) ودار السلام (تنزانيا) عام 1998 والهجوم على المدمرة "يو اس اس كول" في ميناء عدن (2000)، كان تنظيم القاعدة يتوج المرحلة الاولى من عولمة الجهاد والتي بلغت ذروتها مع هجمات 11 سبتمبر 2011. لقد مثلت هجمات 11 سبتمبر بداية المرحلة الثانية في بروز تنظيم "القاعدة" باعتباره العدو الاول للغرب. فتلك الهجمات كرست القاعدة عدواً رئيسياً…
آراء
السبت ٠٤ يوليو ٢٠١٥
دائماً ما يُنظر إلى فكرتي المقاومة والثورة بشكل رومانسي، يكاد يقارب صورة سينمائية. فالثوري يظهر مدافعاً عن المضطهدين والمحرومين، ويقف في وجه الطغيان، وربما كان يدخن السيجار الكوبي كما في صور تشي جيفارا، هذا ما يتبقى من الثوري في الروايات والأفلام السينمائية، وغالباً ما يتم تجاهل الدماء التي تسيل، والأبرياء الذين يقتلون، والعذابات التي يعانيها الشعوب؛ من أجل تحررهم. من هنا ترسَّخت صورة جيفارا كمقاوم للهيمنة الأميركية، من دون الخوض في تفاصيل مقاومته. الصورة السينمائية للمقاوم ليست ساخرة كلية، فهناك من يعتقد بعصمة «ما» للثوريين والمقاومين. هناك من يرى أي مقاومة لقوى مهيمنة هي بالضرورة نزيهة وعظيمة، ويجب أن يُنَاضَلَ من أجل الدفاع عنها وتلميع صورتها، حتى لو تلبست بكل أوصاف الرداءة، لكن الأحداث دائماً ما تخذل مثل تلك التصورات التي تحاول أن ترى الكون بشكل مبسط. كما أن هناك ثواراً ضد الاستبداد؛ يسعون لترسيخ استبدادهم وطغيانهم الخاص، هناك من يقاوم قوى الهيمنة لمصلحة هيمنة أخرى، أو مشاريع تقسيمية طائفية. هنا يكون الترجيح بين مشروعين سيئين لا بين مشروع جيد وآخر رديء. ففعل المقاومة لن يكون مرجحاً. كان أبو مصعب الزرقاوي في العراق مشروع مقاومة للمحتل الأميركي، لكن هذا المشروع – بعكس مقاومين آخرين – استثمر في الحرب الطائفية الأهلية العراقية. بالتأكيد لا يتحمل الزرقاوي وزر الحرب الأهلية في العراق…
آراء
السبت ٠٤ يوليو ٢٠١٥
في رمضان عادة يختفي من على شاشات الرادار الكويتي في الشأن العام التشنج السياسي المعتاد، ليحل محله التوافق الاجتماعي، مظهرًا عملية اجتماعية واسعة للتواصل الاجتماعي تنتعش في زيارة الأفراد والجماعات بعضهم بعضا للتبريك بالشهر الفضيل. هذا العام اختلف المشهد من جانبين؛ الأول أن الشأن السياسي حضر بامتياز بقتل عدد كبير من المصلين بلغ عددهم تسعة وعشرين شهيدًا، وجرح أكثر من مائتين من الأبرياء، جراء عمل متعصب من أشخاص يحملون (عرفوا أو لم يعرفوا) أجندة سياسية. المصاب جلل، حتى إن أحد الزملاء شبهه بكارثة الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 في الولايات المتحدة، أخذا بحجم المجتمع الكويتي. والجانب الثاني هو انتهاء الفكرة الشعبية القائلة إنه في رمضان تُقيد الشياطين، التي كان كبارنا يرددونها علينا ونحن صغار، فقد تبين أن الشياطين، على الأقل الإنسية منها، طليقة لم تقيد، بل وتقتل، بدليل ذلك العمل البربري في مسجد الإمام الصادق الجمعة 26 يونيو (حزيران) 2015. تفاعل المجتمع الكويتي كما تعود، فهناك أغلبية كويتية، بسبب الأوضاع الاجتماعية الجامعة، تشجب مثل هذا العمل الإرهابي، إلا أن كثيرين استغرقتهم التفاصيل الجانبية، مثل ما هو بروفايل الجاني نفسه؟ وتفاصيل حياته والمجموعة التي ساعدته على ذلك الفعل الشائن؟ وحجم التفجير؟ وهي تفاصيل تُعنى بالنظر إلى الشجرة وتترك النظر إلى الغابة، وهي فخ الكراهية البشع الذي يتسع بابه ليدخل الجميع…
آراء
الجمعة ٠٣ يوليو ٢٠١٥
مع تصاعد التهديدات الإرهابية التي تواجههم، يبدو المسؤولون والمحللون الغربيون في وضع صعب من حيث كيفية التعامل مع أمر يتعذر عليهم تفهمه وإدراكه تمامًا. أصدر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون توجيهاته إلى وسائل الإعلام البريطانية بعدم استخدام مصطلح «الدولة الإسلامية» للتعبير عن تنظيم «داعش» الإرهابي، كما أفاد بأن «الخلافة» استنادًا إلى ما يجري في مدينة الرقة السورية، لا يمكن وصفها بـ«الإسلامية». وعلى أقصى نهاية الطيف، يتحدث رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس عن «الفاشية الإسلامية» ويزعم أن الغرب في خضم «حرب حضارات» مع الإسلام. يواصل كاميرون السياسة التي أرسى مبادئها سلفه توني بلير خلال الأيام الأولى للهجمات الإسلامية على بريطانيا. كان على بلير أن يعلن أنه على الرغم من أن الهجمات لا علاقة لها بدين الإسلام، فإنه وجه الدعوة إلى «زعماء المجتمع المسلم» للحضور إلى مقر الحكومة في «داونينغ ستريت» لمناقشة «ما ينبغي القيام به». بالنسبة للسيد فالس، يبدو أنه تناسى أن الإسلام، على الرغم من أنه واحد من عدة حضارات، ومن بينها الحضارة الأوروبية ذاتها، فهو دين وليس حضارة في حد ذاتها. كما أنه يتناسى أن الحضارات، حتى في ذروة الندية والتنافس، لا تقوم بشن الحروب، بل تقوم بذلك الحركات السياسية والدول. والمهم في ذلك السياق هو إدراك ما نتعامل معه على أرض الواقع، وبمزيد من الأهمية عدم إساءة فهم…
آراء
الجمعة ٠٣ يوليو ٢٠١٥
ما الذي دفع شابا في مقتبل العمر إلى ترك أهله ووطنه وحياته الرغيدة والسفر إلى دولة مجاورة لتفجير نفسه في مصلين صائمين لا يعرفهم فيقتل ويصيب العشرات؟ السؤال كان الأهم بين أسئلة عدة فجرتها جريمة الانتحاري السعودي فهد القباع مفجر مسجد الصادق في الكويت يوم الجمعة الماضي، ولعل كثيرا من الأطروحات والتحليلات والتفسيرات التي قدمها كتاب ومحللون سعوديون قد طرحت أجوبة ناجعة عن هذا التساؤل وغيره. غير أن بعضهم، في سياق تحليله وتفسيره للحادثة الإرهابية المشار إليها تحدث بمسحة يختلط فيها جلد الذات بالتشاؤم، عما يمكن تسميته "طابور الانتحاريين السعوديين" محملا المجتمع مسؤولية تزايد عدد الانتحاريين والمتطرفين السعوديين، وتحديدا ممن هم دون سن الثلاثين، والحقيقة أن هذه الرؤية ليست منصفة ولا تحمل توصيفا دقيقا لواقع المجتمع الذي نعيش فيه. وتقديري أن مجتمعنا على الرغم من خصوصته وتمايزه عن مجتمعات أخرى من حولنا إلا أنه –بالقطع- ليس مسؤولا عن تطرف بعض أبنائه، فقد وفر لهم الرعاية والاحتضان والإمكانات تماما كغيرهم من الأسوياء، صحيح أن المتطرفين السعوديين هم طبقة مميزة في التنظيمات الإرهابية، لا سيما "داعش" إلا أن هناك جنسيات عربية وأجنبية أخرى من بينها جنسيات لدول أوروبية، حيث المدنية والحداثة والتنوير والمجتمعات المفتوحة! وبالطبع، فإن ما سبق ليس دعوة إلى عدم وضع الأصابع على الجرح وتحديد العلاج، فقد كتبت في هذه…
آراء
الجمعة ٠٣ يوليو ٢٠١٥
لو يتوقف العرض قليلا، لو ينتهي الفيلم البوليسي، العنف، الرعب، الإثارة، لو تنتهي المسرحية، لو يصفق الجمهور لهذا العرض المسرحي التراجيدي الفادح. يغلق الستار ويقف الممثلون على المسرح، ينحنون ويصفق الجمهور طويلا لمشهد طويل طويل عاشوه بمشاعر مختلطة. يمسك الجميع بأيدي بعضهم بعضا في تحية للجمهور الهلامي. لو تنتهي الحكاية الدرامية التي أهلكت مشاعرنا في مشاهدها. يضحك الجميع. يقهقه الممثلون على أدائهم المخيف. يقف الانتحاري ويلملم شتات جسده. يربت المخرج على كتفه بأن أداءه كان ممتازا، فيقهقه فريق الدواعش في المشهد، ويأتي فريق العمل لإزالة الديكور الإجرامي. لو يقوم الموتى وهم يتمغّطون، يمسحون دماءهم المزيفة وجروح المكياج، ثم يتبادلون الضحكات على مشهدهم التمثيلي المرهق. لو يستلقي ممثلا المذهبين على ظهريهما من الضحك، على مشاهدهما التي يعيدها مهندس الصورة بسخرية. لو يتوقف كل المتحاربين مع انتهاء المشهد بفاصل قهوة، يشتاقون فيه لأصدقائهم الواقعيين مثلا، هم الذين يؤدون دورهم على المسرح كإخونجية وحوثيين وميليشيات وإرهابيين وعملاء. لو تعاد اللقطات المصورة ونحن نلتهم رطلا من الفشار ونشرب الكولا. لو يعاد مشهد النقاش النووي والمشكلات والحروب، ويضحك الجميع على سيناريو المنطقة. لو يجلس السياسيون وتجار الدين في مقهى قريب من المسرح يناقشون العرض التمثيلي بسخرية طيبة. لو توضع العمائم والأشمغة على شماعة القاعة، ويحكّون رؤوسهم براحة بعد طول المشهد التمثيلي. لو يقول الواحد للآخر:…