آراء
الأحد ١٧ فبراير ٢٠١٣
كتبت هنا مقالتين عبارة عن رسائل وجهتها لأمير المنطقة الشرقية الجديد الأمير سعود بن نايف، وأعود اليوم لأكتب رسالة ثالثة عطفا على ما سمعته من سكان المنطقة في أول يوم باشر فيه الأمير عمله، فقد لاحظ سكان المنطقة أن الأمير أثناء توجهه لمبنى الإمارة بالدمام توقف عند إشارات المرور، وقد لاقت هذه الخطوة استحسان السكان، ولهذا تناقلوها فيما بينهم على أنها بداية موفقة للأمير، ومؤشر جيد لنوع العلاقة التي ستكون بينه وبين سكان المنطقة. وفي ظني أن في وقوف الأمير عند إشارات المرور- ما لم يكن في ذلك موانع أمنية واحتياطية - فوائد ليس فقط في جانب التواضع كما يرى البعض، بل إن الجانب الأهم وفق ما أرى، أن في وقوف الأمير عند إشارات المرور، أنه سيرى بعينيه وبشكل يومي الكثير مما ينبغي أن يراه الحاكم الإداري عن المدينة وسكانها وحالها في جانبها السلبي والإيجابي، وهو ما لا يمكن الوقوف عليه والالتفات إليه لو كان موكب الأمير يسير بسرعة مخترقا الشوارع وإشارات المرور في كل الطرق التي يسلكها. عند وقوف الأمير عند إشارات المرور سيرى على سبيل المثال لا الحصر معاناة الناس مع الزحمة في بعض الطرقات، وعند بعض التقاطعات إلى درجة أن بعض الإشارات تفتح وتغلق لأربع وخمس مرات، ولم يتمكن سالكو الطريق من تجاوز ذلك التقاطع، وليكتشف سموه…
آراء
الأحد ١٧ فبراير ٢٠١٣
لكل مكان جمالياته وتاريخه وموروثاته التي تعبر عن مراحل تطوره الحضاري والثقافي، وحين يزور أي مهتم أو سائح هذا المكان فإنه يوثق بعدسته وأوراقه وذاكرته كثيراً من تفاصيل الحياة، خاصة السابقة منها، فالقديم ربما يستهوي المرء أحياناً مثلما يجذبه الحاضر. يشدني الكاتب في «الرؤية» والمدوّن عبداللـه المهيري بمشاهداته الدقيقة، ومن آخرها إشارته في مقال «بنكهة الرقص الشرقي» إلى شركات سياحية تأخذ السياح إلى الصحراء ليركبوا الجمال ويستمتعوا بفاصل من الرقص الشرقي، متسائلاً عن الصورة التي تقدمها شركات السياحة والفنادق عن الإمارات للسياح. وهو التساؤل ذاته الذي طرحتُه يوم تورطت مع العائلة برحلة «سفاري»، فلا شيء سوى الجِمال والحنّاء له ارتباط بالمكان وما عدا ذلك فلا يتجاوز الترفيه والترويح عن النفس ومشاهدة يمكن أن يلقاها المرء في مكان آخر. فلا صعود سيارة الدفع الرباعي على المرتفعات الرملية من التراث، ولا فاصل الرقص الشرقي أو رقصة التنورة .. ومثلها التزلج على الرمال وتدخين الشيشة .. حتى المأكولات الشعبية تغيب ليحضر الشواء والتبولة والحمص والفلافل .. أما السياح الأجانب فتجدهم منبهرين يصورون الطقوس التي يرونها، وهم حين يعودون إلى بلادهم سيعرضونها لأهاليهم وأصحابهم على أنها من الإمارات، وهنا يكمن الخلل في نسبة أشياء إلى غير أهلها، فالرقص الشعبي موجود وفيه «العيالة» و«الحربية» و«الرزفة» و«الليوا» و«اليولة» وغيرها .. لكنه لم يكن رقصاً شرقياً أبداً،…
آراء
الأحد ١٧ فبراير ٢٠١٣
رجل الدين الإيراني مهدي طائب يقول إن سوريا هي المحافظة الإيرانية الــ ( 35 ). أتمنى في هذه اللحظة أن أرى وجوه الوفد الأردني الذين دثروا طاغية الشام بالعباءة السوداء قبل أيام على أساس أنه الرئيس العروبي الصامد والمقاوم! بعد هذا التصريح ــ القنبلة ــ يستحق بشار أن يلبس الطرحة النسائية وليس العباءة العربية نظير ما قام به ضد شعبه من قتل وتدمير، ولا أظن أن من قدموها له يعرفون كثيرا عن العباءة العربية الأصيلة التي لا يرتديها ــ في العادة ــ إلا الفرسان والشيوخ النبلاء في بادية الشام، وليس أشباه الرجال أو طغاتهم. ليست مفاجأة أن تكون سوريا العظيمة محافظة إيرانية في عهد بشار؛ بل المفاجأة ألا تكون. ما تم عبر سنين طويلة يؤكد أن سوريا في هذه العهد الكارثي لم تكن غير حديقة خلفية لإيران؛ مثلها مثل الضاحية الجنوبية في لبنان ومثل صعدة في اليمن، وأن من يتخذ القرار في كل هذه الأماكن المنكوبة هم الملالي.. لكن إذا كان بشار بكل جوقته الإعلامية وأمجاده النضالية العظيمة هو في نهاية الأمر مجرد محافظ بائس في نظر الإيرانيين؛ فماذا يمكن أن يقوله الإيرانيون عن نصر الله وعن الحوثيين؟ طبعاً أسوأ من ذلك بكثير. المؤلم أن العرب المرتبطين بإيران لا يعرفون شيئاً عن التاريخ والشرف، وحتى لو جعلتهم إيران حراساً لملاه…
آراء
السبت ١٦ فبراير ٢٠١٣
ما يقترب من العامين وهذه الزاوية تهتم بالأزمات خصوصا السياسية، أحاول فيها ما استطعت الذب عن الوطن.. أصبت وأخطأت.. تحمست وتأنيت.. ولكنه الوطن.. تفداه الروح حتى آخر نفس. لم أرتبك وأنا أكتب مثل اليوم، فالقلم يمسكه أب.. يعرف معنى الابن والابنة.. ويالها من عاطفة تملأ الأرض طاقة. من مفاخر الوطن الجراح عبدالله الربيعة الذي شرفنا عندما أصبحت الرياض عاصمة فصل التوائم ـ أعقد العمليات ـ لا شك في ذلك.. ترصد السعودية أضخم الميزانيات لصحة المواطن، تتعدى ميزانيات لدول تماثلنا في عدد السكان، وننظر بإعجاب لخطط وزارة الصحة في الوصول للمعدل العالمي للأسرة (3,5 ـ 7) لكل ألف. لكن كل هذا يتبخر عندما نسمع ما حدث لريهام حكمي.. أن تخطئ في "عملية" أو "بنج" فذاك مع فداحته يحدث في كل دول العالم، لكن أن تنقل دما ملوثا لطفلة فهذه أزمة كبرى للمملكة. ليس المهم مهنة الأب أو مكانه.. كبر أو صغر.. أذاع قصته وطالب بحقه أو سكت.. إنه مواطن سعودي له حقوقه، والمهم كيف يتعامل مع الأزمة، أين المؤتمر الصحفي اليومي لقيادات الصحة ليشرحوا للمجتمع تطورات القضية، وماذا سيكون عقاب المذنب..؟ هي ليست قضية فساد تتعلق بالسكن أو التعليم.. إنها الحياة.. ثم من المسؤول عن حساب وزارة الصحة في "تويتر"؟ كيف يبشرنا أن الموضوع محل الاهتمام وأن قيادات وزارة الصحة سافرت…
آراء
السبت ١٦ فبراير ٢٠١٣
لميخائيل نعيمة رواية جميلة عنوانها «اليوم الأخير»، تحكي قصة رجل يسمع في منامه صوتاً يقول له «قم ودّع اليوم الأخير!» فيستفيق فزعاً متسائلاً عن مصدر ذلك الصوت. ويدرك بعد قليل بأن أمامه أربعا وعشرين ساعة قبل أن يموت، فيتذكر الأشياء المهمة التي عليه إنهاؤها قبل الرحيل، ويتساءل، طوال القصة، عن مغزى الحياة والموت. وبينما هو كذلك تدخل عليه خادمته وتسأله عن سبب تغير حاله، وفي خضم حوارهما الوجودي يسألها «أم زيدان، أتعرفين ما هو الموت؟» فترد عليه «الموت هو الموت يا ابني. ما هذا السؤال؟» فيسأل «أتحبين الموت؟» فتقول «ومن يحبّه؟ لا كان الموت.» ثم يسألها «أتحبين الله؟» فتقول مستنكرة ومأكّدة «ومن لا يحب الله؟ المجد لاسمه» فيباغتها بسؤال فلسفي، لكونه أستاذاً في الفلسفة «والله هو الذي ابتلانا بالموت. فكيف تحبّينه وتكرهين الموت؟» فيوقعها في حيرة لم تخرج منها إلا باعتراف إنساني محض «مَن أنا يا بني لأفهم إرادة الله سبحانه وتعالى؟ أنا أمّ زيدان لا أكثر ولا أقل.» ولا شك بأن سؤاله وإجابة أم زيدان هما تجسيد لصراع وجودي ظل يؤرق الناس والفلاسفة لآلاف السنين. فمع مرور الزمن واتساع المعرفة، كثرت الأسئلة حول الحياة والموت، إلا أن الإجابات تزداد شحّا وسطحية، حتى قال الفيلسوف الهندي أوشو: «إن الحياة ليست مشكلة تُحَلَّ، بل لُغزٌ يُعاش.» فكل تساؤلات الإنسان، حسب قوله،…
آراء
السبت ١٦ فبراير ٢٠١٣
(1) ..لا جديد، فرهام حكمي، ضحية إهمال الطاقم الطبي بمستشفى جازان العام؛ من خلال نقل دم ملوث بمرض نقص المناعة المكتسب "الإيدز" لها، إحدى صور (اللا مبالاة)، ونسخة مكررة من مآسي (اللا حقوق).. تُدمر حياتها بالكامل، والحل "باختصار" تكوين (لجنة) ومتابعة (معا.. ليه)! (2) بحسب "العربية نت" فقد أعلن برشلونة عن سنّ نظام جديد في تاريخ كرة القدم، تحت مسمى "الوفاء"، والذي يتم من خلاله اعتماد راتب تقاعدي مدى الحياة لأي لاعب يدافع عن ألوان الفريق لمدة 15 عاماً في خطوة تاريخية غير مسبوقة.. لذا، أعتذر من جيل ماجد عبدالله ويوسف الثنيان وأصدقائهم المنسيين على قارعة الحياة، بعد أن منحونا كل "الحياة" الخاصة بهم، وأقول: ".. ولا بلاش"! (3) مبارك للمتميزين في "هاشتاق السعودية" "المليونية" والنجاحات المحققة مؤخرًا، والذين يعتبرون من المؤسسين لمدرسة الصحافة "التويترية" الحديثة، فالسبق/ والدقة / وصحة المصادر وقوتها أثبتت يومًا بعد آخر مدى العمل الجبار خلف التميز، شخصيًا.. أعتمد على "الحساب" كمصدر معلومة، ونبض شارع، وصوت (مواطن)! (4) باسمي، وباسم الشباب، ، وباسم المنتمين لهذا الوطن، وباسم الوطن نفسه، أتحدث إلى "هيئة مكافحة الفساد"، وأقول إن (طموحنا) أكبر من "معاينة مدرسة ابتدائية"، أو "نصيحة أقلام"، و"أهمس" لهم قائلا: هناك "مليارات" تختلس، وأرواح تزهق، وموظفون امتلكوا قصورًا في دول خارجية بعد أن كانوا من الـ70% الذين لا…
آراء
السبت ١٦ فبراير ٢٠١٣
ما زلت في رحاب الفيلم التسجيلي «كوماندنغ هايتس» الذي كتبت عنه مقالة الأسبوع الماضي، وقيل إنه الفيلم المفضل عند النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وكثيراً ما يهديه لأصدقائه. لم أحصل على هديتي منه، وإنما شاهدته على «يوتيوب»، وأتمنى أن يشتري الأمير مقرن حقوقه ويهديه للتلفزيون السعودي، ثم يجري حواراً حوله مع بضعة اقتصاديين سعوديين، وأقترح محورين للحوار بعد عرض ساعات الفيلم الست هما: «كم يبعد الاقتصاد السعودي الذي نعرف جميعاً أنه اقتصاد مختلط، عن اقتصاد السوق الكامل والذي ثبت أنه النموذج الأفضل والأنجح؟»، والمحور الثاني: «لو بُعث الاقتصادي الأميركي الشهير ملتون فريدمان من قبره - الأفضل أن نبحث عن أحد تلامذته وهم كثر، وربما يكون أحدهم سعودياً - وطلبنا منه تقديم وصفة لإصلاح الاقتصاد السعودي مثلما فعل في دول عدة، فما هو قائل؟». من الضروري والمفيد أن نغيّر كل المواضيع التي تشغلنا ونضيّع بها أوقاتنا وجهدنا، وتستعر بها خلافاتنا وفرقتنا، إلى الاقتصاد، ثم الاقتصاد ثم الاقتصاد، ليس في السعودية وحدها، بل في مصر وتونس وكل دولة عربية تريد أن تحول ربيع العرب إلى نعمة تنهض بها، لا نقمة تفتك بها أو فرصة تضيعها. بداية الحديث في الاقتصاد تكون بتعريف وتوصيف حال البلد اقتصادياً، فـ «كوماندنغ هايتس» يقوم على نظرية أن معركة الأفكار الاقتصادية حسمت لصالح…
آراء
السبت ١٦ فبراير ٢٠١٣
انتهزت وجودي في الرياض ليومين فذهبت لتجديد بطاقتي المدنية في دائرة الأحوال. ركبت السيارة الساعة السابعة والربع صباحاً، لكني لم أصـل إلـى دائرة الأحـوال إلا الساعة التاسعة، أي بعد ساعتين إلا ربعاً، بسبب الاختناق المروري. كنت أشاهد الشوارع وأرثي لحال الموظفين في مشوارهم اليومي، الذين دهمتهم الثامنة وهم لا يزالون عالقين فوق جسر أو في نفق أو في الطريق السريع الذي يمشي السير فيه كالسلحفاة، وأكاد أسمعهم يعتذرون عن التأخير «زحمة» كما في الأفلام المصرية، ظننت أنها هي ساعة «rush hour» الشهيرة في المدن الحديثة ساعة خروج الموظفين والطلاب إلى مدارسهم، لكنني حين خرجت الثامنة مساء وجدت حالة الاختناق نفسها، وحين خرجت إلى المطار الساعة 12 ظهراً كانت الزحمة، هي هي. الإحصاءات تقول إن ربع السعوديين مصاب بمرض ارتفاع الضغط، لكنني أظن أن هناك ربعاً آخر مؤهلاً للإصابة بعد أن شاهدت فن القتال المروري الذي تتسبب به هذه الزحمة، فقد أدى غياب سيارات المرور وشرطي المرور ورقابة «ساهر» التي تعتمد على سيارة تتنقل بها، لا إشارات ثابتة تعمل على مدار الساعة، وغياب وسائل النقل العام غياباً كاملاً، إلى أن اضطر كل راجل أن يتخذ من السيارة وسيلة نقل. وفي غياب شرطي المرور لا يضبط الناس أخلاقهم، ووفق ما شاهدت يمكن أن تعرف أننا نعيش أزمة أخلاق مرورية هائلة، تسببت في…
آراء
السبت ١٦ فبراير ٢٠١٣
تحتل كل من العلوم والتقنية مكانة مركزية في المجتمعات المعاصرة. ولذا، فإن الدراسات الاجتماعية للعلوم والتقنية، التي تبحث التأثيرات المتبادلة بينهما والمجتمع، تحوّلت اتجاهاً جديداً في الدراسات البينية وأيضاً في التنظيم الجامعي. وبات يُعرف هذا الاتجاه بـ»العلوم والتقنية في المجتمع» Science and Technology in Society، الذي أصبح يُعرف اختصاراً بـSTS، وتركز على كيفية تأثير القيم الاجتماعية والثقافية في البحث العلمي من ناحية والاختراعات التقنية من ناحية أخرى. فيما يخص البُعد المعرفي، يدمج هذا الاتجاه مداخل مختلفة من فروع العلوم الاجتماعية، مثل علم الاجتماع والتاريخ والقانون والفلسفة والتربية، لدراسة العلوم والتقنية في المجتمع. أما فيما يخص التنظيم المؤسسي، فإن بعض الجامعات أنشأت مراكز بنفس المسمى أعلاه، أي STS. وتختلف أهداف وطرق تنظيم هذه المراكز، فبينما تبقى مراكز دراسات فقط في بعض الجامعات، فإنها في جامعات أخرى تحولت لأقسام أكاديمية بدأت بمنح درجة البكالوريوس، ثم تطورت لمنح درجتي الماجستير والدكتوراة، كما في جامعة فيرجينا تك مثلاً. ويقدر اليوم عدد الجامعات التي تمنح درجة البكالوريوس في هذا التخصص بثلاثين جامعة في مختلف أقطار العالم، ونصف هذا العدد يمنح درجة في الدراسات العليا. وفي مجتمعنا المحلي، فإن الدراسات الاجتماعية لكل من العلوم والتقنية أضحت شأناً مُلحاً. فنحن نحتاج أن نتأمل في كيفيات تنظيمنا المؤسسي للعلم من ناحية والأبعاد المجتمعية (من قيم وثقافة وترتيبات)، التي…
آراء
الجمعة ١٥ فبراير ٢٠١٣
أدبياً على الأقل يُعد الوزير -أي وزير- معنياً بكل خطأ كبير يحدث في الوزارة التي يُشرف عليها، فما بالكم حينما يؤدي هذا الخطأ إلى كارثة إنسانية كنقل دم ملوث بالإيدز إلى طفلة في الثانية عشرة من عمرها؟ كل ذنبها أنها وقعت ضحية لمجموعة من المستهترين الذين لا يبالون بصحة الناس. طبعاً حصل هذا نتيجة إهمال كادر طبي في مستشفى جازان العام. صحة جازان -كالعادة- قدمت اعتذاراً تافهاً لذوي الطفلة، وهددت المتسبب بأقصى العقوبات، وشكلت لجنة عاجلة وأمرت بإجراء التحقيقات الفورية، وهي أسطوانة مشروخة مثلها مثل غيرها، وقد تعود عليها مستشفى جازان العام مثلما تعودت عليها مستشفيات كثيرة -بكل أسف- بعد كل مصيبة. لكن هذه المرة الخطأ فادح جداً، وهو يتجاوز نسيان مقص أو شاش في بطن مريض أو قطع شريان بالغلط يمكن تلافيه بتدخل جراحي سريع؛ بمعنى آخر هو خطأ يستحق أن يتحمله وزير الصحة شخصياً ولا أحد سواه. أنا لا أدعو هنا لتقليد أحد في الشرق أو في الغرب؛ بقدر ما أتمنى أن يأتي اليوم الذي يتحمل فيه الوزراء أخطاء وزاراتهم بشكل مباشر وواضح وصريح؛ حتى يعرفوا ما معنى المتابعة والتدقيق فيما يشرفون عليه، وحتى يشعر الوزراء الآخرون بأنه لا حصانة لمن يُخطئ أو يُهمل، وهذا لا دخل له بنجاح وزير الصحة المهني بتاتاً؛ أنا أتكلم هنا عن خطأ…
آراء
الجمعة ١٥ فبراير ٢٠١٣
تفحيط وتدخين وتحشيش وخمر ومخدرات و"بويات"، وسرقات، وجرائم، ومرضى نفسيون،.. وبعدين؟. التوسع في المستشفيات النفسية والسجون أو تغليظ العقوبات، أو زيادة دوريات الشرطة ودوريات الهيئة لن يخفي ولن يحد من تلك الظواهر التي باتت عناوين رئيسية في إعلامنا المحلي اليومي. ذات يوم كان يمنع نشر وتناول مثل هذا، ممنوع حتى التلميح بذلك، ودفعنا ثمن تلك السياسة الإعلامية الخاطئة. كان الابن يعاني في بيته من جراء ما يتعاطى من المخدرات وكانت الأسرة تبحث عن "مطوع" ليظهر "الجني" المتلبس بالابن لعدم معرفتها بالمخدرات ولعدم معرفة "المطوع" نفسه بالمخدرات. بعد فوات الأوان، بات العلاج صعبا، وهكذا دفعنا ثمن نفي حالة كنا نعيشها لكننا كنا نكابر ونرفض الاعتراف بها. تتكرر الآن الحالة في غير المخدرات، بين الشباب والشابات على وجه الخصوص، والفرق أن ما كان ممنوعا تناوله إعلاميا بات مباحا، وهو البطل الرئيس في كافة وسائل إعلامنا بالصوت والصورة، بل بات المتحدث الرسمي في هذه الدائرة أو تلك الوزارة هو من يزود وسائل الإعلام أولا بأول بكافة تفاصيل تلك الحالات والحوادث باختلاف أنواعها وبشاعتها وعددها، لكن هذه الحرية لم تعد كافية، نعم هي خلقت وعيا ومعرفة وإدراكا بما يدور حولنا وبما نعاني منه، لكننا ما زلنا نستعرض المرض ونشخصه ونحاول البحث عن أدوية ومسكنات لكننا أبدا لم نتطرق للوقاية. ما أود قوله إن العالم…
آراء
الجمعة ١٥ فبراير ٢٠١٣
أجرى الفيلسوف البارز يورغن هابرماس، حوارا مع الكاردينال جوزيف راتسينغر عام 2004 عن الإيمان والعقل. وفي عام 2005 وعلى أثر وفاة البابا يوحنا بولس الثاني، انتخب مجمع الكرادلة راتسينغر خلفا له فسمّى نفسه: بنديكتوس السادس عشر. وأشهر الذين سُمُّوا بهذا الاسم في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية كاهنان: بنديكتوس مؤسِّس الرهبانية البندكتية في القرن الثاني عشر الميلادي، وهي طائفةٌ شديدة التقشف - وبنديكتوس الخامس عشر، الذي كان بابا روما في الحرب العالمية الأولى، واشتهر بإعطاء كلّ ما تملك الكنيسة لخدمة فقراء ومُصابي تلك الحرب. وقد سأل بيتر سيفالد، كاتب سيرة البابا الجديد وصديقه الفيلسوف هابرماس عن الفروق بين شخصيتي الرجلين: بنديكتوس ويوحنا بولس من وجهة نظره، فقال بعد تردُّد: أمّا راتسينغر فتشغله مسألة الإيمان، واستعادة «روح الكنيسة» من طريق الالتزام بالتقاليد المسيحية العريقة، وأما يوحنا بولس فإنه يريد تغيير العالم! وعلى اختلاف شخصيتيهما؛ فإنّ يوحنا بولس الثاني، عندما أراد الانطلاق لتغيير العالم (من بولندا وحركة التضامُن، وشعار: الإيمان والحرية)، عيّن الكاردينال الألماني راتسينغر رئيسا لمجمع الإيمان، أي أنه ائتمنه على «استقامة العقيدة» في الكنيسة، وانصرف هو لهدم الشيوعية بالاشتراك مع رونالد ريغان والولايات المتحدة والإنجيليات الجديدة. وفعل البابا بنديكتوس عكس ذلك تماما: انكمش على نفسه، وانصرف إلى جمع «الخراف الضالة»، واعتبر أنّ خلاص الكنيسة من الدنيوية الهائلة والمتصاعدة، والعلمانيات، وإنجيليات البروتستانت، وتكاثر…