آراء
الجمعة ٠٣ يوليو ٢٠١٥
تطرح مواجهة مفاعيل التفجير الإرهابي الذي استهدف الكويت الجمعة الماضية أهمية التماسك الداخلي في أي دولة تتعرض لجنون التكفيريين، لا سيما تلك الدول، مثل الكويت، التي يستهدف هؤلاء بجرائمهم التسبب بفتنة فيها نتيجة قدر من التنوع السياسي والمذهبي الذي تتميز به، والذي ساهم في جعلها نموذجاً ديموقراطياً متقدماً بين دول الخليج، فأرست بحكم انفتاح قيادتها ودينامية المجتمع تقاليد ممارسة سياسية منفتحة. وعلى رغم العثرات التي شابت هذه الممارسة في السنوات الأخيرة، فإن قدرة المجتمع على الصمود إزاء رياح الفتنة، كانت مشحونة بالشعور الدائم بالحاجة الى حماية الوحدة الوطنية الذي عُجن الكويتيون به في أخطر أزمة وجودية واجهوها في تاريخهم عند اجتياح صدام حسين بلدهم عام 1990. لا ينتقص الحديث عن الكويت في مواجهة تفجير مسجد الإمام الصادق من أخطار ما واجهته تونس، وتواجهه مصر هذه الأيام من مفاعيل انتشار الإرهاب وتوسعه في الإقليم، وعودته للظهور في فرنسا... إضافة الى المملكة العربية السعودية. فالهدف المزدوج لهذا الإرهاب إبقاء حال عدم الاستقرار مسيطرة والتسبب بفتنة مذهبية. إلا أن استهداف الكويت يشكل نقلة نوعية، تشي، بعد التفجيرات ضد مواقع شيعية في السعودية، بأن هناك نية لجعل تقويض الاستقرار وتعميم الفتنة السنية - الشيعية، فعل الأواني المستطرقة التي تعبر منها هذه الفتنة حدود هذه الدول في إطار ما يشهده الإقليم من تفتيت. وما تعرضت…
آراء
الخميس ٠٢ يوليو ٢٠١٥
لعبت الطبقة الوسطى في المجتمع الإيراني دورا بارزا في إنجاح ثورة 1979، فقد تضامنت مع بقية شرائح المجتمع الإيراني خلال سبعينات القرن الماضي وساهمت في قيادة المجتمع نحو الإطاحة بالنظام وتحريك الطبقة المثقفة من أساتذة وطلاب الجامعات والنخب الفكرية. لقد ساهمت طبقة البازار (التجار) في ذلك أيضا من خلال دعم المتظاهرين ورجال الدين بالأموال، وكذلك أعلنوا في أكثر من مناسبة إضرابا شاملا شل الحركة التجارية والحياة العامة في البلاد مما شكّل ضغطا كبيرا على نظام الشاه الأمر الذي ساهم، إضافة إلى عدة جوانب أخرى، في إسقاط النظام الملكي في إيران. بعد الثورة، أدرك النظام الجديد مدى قوة هذه الطبقة وخطورتها والتهديد الذي تشكله على استمرار نظام الجمهورية الإسلامية وبخاصة في ظل عدم الوفاء بالتعهدات والوعود التي قطعها النظام على نفسه خلال الثورة وبعدها. عمل النظام الحاكم بشكل منظم على انحسار وتفتيت هذه الطبقة منذ انتصار الثورة وازداد اليقين بضرورة التخلص منها بعد الأحداث التي أعقبت نتائج انتخابات 2009 التي منحت الرئيس أحمدي نجاد دورة ثانية كرئيس للبلاد على حساب زعيمي الحركة الخضراء مير حسين موسوي ومهدي كروبي اللذين لا يزالان يقبعان قيد الإقامة الجبرية، حيث نجح المؤيدون للحركة الخضراء في كسب هذه الطبقة بشكل ملفت ونظم التجار إضرابا عاما خاصة في السوق الكبير (بازار بزرگ) في طهران وسيّروا مظاهرات ومسيرات…
آراء
الخميس ٠٢ يوليو ٢٠١٥
الشباب هم الأكثرية في السعودية، لكنهم غير موجودين في خطاب الإعلام. ما زال الإعلام السعودي يخاطب كبار السن، ويديره كهول. صحيح أن وزير الإعلام، عادل الطريفي، ينتمي إلى جيل الشباب، فضلاً عن وصول عدد منهم إلى مراكز قيادية في قنوات بارزة، وصحف مرموقة، لكن هذا ليس كافياً. لا بد أن تتساوى نسبة الشباب في قيادة الإعلام مع نسبتهم في تعداد السكان. الإعلام التقليدي يمكن أن ينافس الإعلام الجديد، إذا تغيَّر مضمونه، وأصبح شاباً يلبّي رغبات الأكثرية من الجمهور، لذلك فإن انصراف الشباب عن متابعة الصحف المحلية وقنوات التلفزيون الرسمية، سببه غيابهم عن قيادتها، وضعف تأثيرهم في تحديد مضمونها وتوجهاتها. ومَنْ يتابع بعض الإذاعات السعودية الخاصة، سيجد أن شعبيتها في تزايد، بسبب اهتمامها ببرامج الشباب وقضاياهم، وإعطائهم فرصة في إدارتها. الصحف في السعودية ليست ملكية عامة، لكن ظل وزارة الإعلام عليها تسبَّب لسنوات، ولا يزال، في أخذ كل ما ينشر في الصحف السعودية على أنه تعبير عن رأي الحكومة، وهذا غير دقيق في التفاصيل، وغير صحيح بالمجمل. ولكن طالما أن وزارة الإعلام تمارس هذا الدور، فإنها مطالبة بالانحياز إلى الشباب، ودفع الصحف إلى اختيار شباب لقيادتها، وتقريب مضمونها إلى اهتمامات الأكثرية من السعوديين وهم فئة الشباب، فضلاً عن إعطاء المرأة دوراً في قيادة وسائل الإعلام، وإتاحة المجال لها في إدارة القنوات…
آراء
الخميس ٠٢ يوليو ٢٠١٥
على الرغم من تحوّل الثورة الإسلامية الإيرانية – ظاهرياً - من الحالة الثورية، حالة الحراك المتأسلم الغاضب، إلى حالة الدولة بكل ما يستلزمه ذلك من اشتراطات عملية؛ إلا أنها لا تزال تمارس مهامها السيادية وكأنها حركة معارضة ثورية تُناضل للوصول إلى السيطرة على المجتمع من خلال السيطرة على مؤسسات الحكم. ولعل هذا هو سبب بقائها في حالة غضب واعتراض وقفز على مسلمات الدولة القطرية. وإذا كان أوليفيه روا يؤكد أن "الإسلاموية هي خطاب احتجاج، وتكيّف، أي أنها، بالتالي، خطاب انتقالي. فثمة مسلمون سعداء، ولكن ما من إسلاموي واحد سعيد"(تجربة الإسلام السياسي، أوليفيه، 189)؛ فالواقع أن حكومة إيران لا تزال حركة احتجاج، لا تزال تحكم وكأنها تعيش مرحلة انتقالية لا تنتهي، ولا أحد ينكر أنها غير سيعدة بواقعها؛ على الرغم من كل ما تحقق لها من هيمنة قلّ نظيرها في الداخل الإيراني، فضلاً عن التقدير الذي حظيت به من لدن حركات التأسلم، على الأقل في سنواتها الأولى. إن إيران تجسّد واقع الإسلامويات التي لم - ولن - يقف تطلعها السلطوي عند حدود السيطرة على الدولة القطرية. طموح الإسلامويات يتسع باتساع هذا العالم كله. هذا ما أكده الخميني، وطالقاني، ومن قبلهما البنا، وسيد قطب، ومحمد قطب الذي كان كلامه عن (قيادة العالم) لازمة من لوازم خطابه في كل مراحله الفكرية. أي ان…
آراء
الخميس ٠٢ يوليو ٢٠١٥
عندما يتحدث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي عن رؤيته للمستقبل حول قضية ما، فهذا يعني أن هناك إنجازاً وتحولًا كبيراً قادماً على الطريق، ففي رسالته الأخيرة تحدث عن رؤية جديدة لا تقتصر على دولة الإمارات هذه المرة، وإنما امتدت لتشمل دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية بشكل عام، مما يعني أنها تأخذ بعين الاعتبار التطورات والمستجدات الطارئة في المنطقة وفي العلاقات الدولية. تحدث سموه عن اقتصاد الإمارات في عام 2014 الذي اعتبر الأقوى بحجم ناتج محلي بلغ 1,47 تريليون درهم وبتغير هيكلي استحوذت فيه القطاعات غير النفطية على 68,6% من الناتج المحلي الإجمالي، داعياً إلى العمل على رفع هذه النسبة إلى 80% بحلول عام 2021 وهي مناسبة عزيزة علينا جميعاً تتمثل في احتفال الدولة باليوبيل الذهبي لليوم الوطني لتأسيس الدولة بقيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه. وإضافة إلى ذلك دعا سموه إلى اتخاذ خطوات جدية لتحقيق تكامل اقتصادي خليجي لضمان الاستقرار، رابطاً ذلك بمستقبل المنطقة العربية بكاملها لتحقيق نهضة تنموية واقتصادية تقودها دول الخليج مجتمعة مع الأشقاء والأصدقاء. وتحمل رؤية محمد بن راشد الكثير من النظرة الشاملة للمستقبل التي يمكن من خلالها تغيير وضع البلدان العربية ووضعها إلى جانب البلدان المتقدمة وحل العديد…
آراء
الأربعاء ٠١ يوليو ٢٠١٥
كشف التفجيرات التي تعرض لها جامع الإمام الصادق في منطقة الصوابر في الكويت مؤخراً ومن قبله جامع العنود في الدمام بالسعودية وجامع بلدة «القديح» في مايو المنصرم وحسينية قرية «الدالوة» العام الماضي، أن التخطيط لإشعال الإحتراب الاهلي في دول الخليج قد قطع شوطاً بعيداً. كما ان ردود الفعل التي تلت هذه الاعمال الارهابية ماتزال في غالبها (عدا القليل منها) تراوح في نفس منطق ومرجعيات هذا الإحتراب الذي مازال يسمم الحياة اليومية بشكل مستتر وموارب لكنه ثقيل الوطأة وأخطر ما فيه انه يمكن ان ينفجر بشكل غير متوقع مع تكرار اعمال إجرامية من هذا النوع وتوالي سقوط الضحايا الأبرياء ونفاد الصبر. ابرز ما كشفت عنه هذه التفجيرات هو الحاجة لمراجعة عميقة وأمينة لجملة من المفاهيم الرائجة التي تعيد في مجملها إنتاج خطاب الاحتراب الطائفي نفسه: «هم ونحن».. ضياع قيم «المواطنة»: رغم ردة الفعل الايجابية بعد تفجير مسجد العنود في الدمام اوائل يونيو وجامع الصادق في 26 منه المتمثلة في الصلوات المشتركة بين السنة والشيعة في المساجد الشيعية كبادرة تضامن بين مواطني بلد واحد، فان هذه المبادرات التي جاءت بدوافع حس إنساني بالدرجة الاولى، يتعين تطويرها لا لمزيد من الصلوات فحسب ونبذ منطق التكفير من الجميع، بل بتطوير مفهوم «المواطنة» الجامع بالدرجة الاولى. إعادة الاعتبار لقيم المواطنة هي عملية إعادة بناء بالأحرى…
آراء
الأربعاء ٠١ يوليو ٢٠١٥
كل شيء في صلاة التراويح كان على أفضل حال، المسجد الفخم بأعمدته الرخامية والثريات المتدلية من قبابه والزخارف المزينة للمحراب، كل شيء سار وفق المعتاد حتى وصلنا إلى دعاء القنوت، ولأول مرة في حياتي؛ انتبهت لدعاء الإمام «اللهم أذل الشرك والمشركين»، دارت حينها أسئلة في رأسي لماذا الدعاء على المشركين بالذلة، وهل فعلاً سنستفيد إن أذلهم الله تعالى، أم أن عزتنا نحن المسلمين لا تتحقق إلا بذل غيرنا، أوَليست رسالة الإسلام ــ كما ندّعي ــ هي إعلاء قيم الإنسانية ونشر الهدى، أم رسالته عبر مكبرات صوت المساجد هي إظهارنا الرغبة في إذلال الناس وصدهم عنا؟ دع عنك كل هذا، واسأل نفسك كيف يكون حال من أمضى سنوات يردد كلمة «آمين» خلف هذا الدعاء، ألن يتبرمج داخلياً ليفرح في كل مصيبة تحل بغير المسلمين، وقد يتعدى الأمر ذلك ويمارس إذلالهم متى استطاع لذلك سبيلا. ولأنني لست مختصاً بالعلم الشرعي، ولأن البعض لا تروق له فتاوى الشؤون الإسلامية والأوقاف، عدت لفتوى من موقع الإسلام سؤال وجواب، ذي المنهج السلفي المأصل، فكان السؤال عن مدى صحة الدعاء «اللهم أذل الشرك والمشركين»، والإجابة كانت أن هذا الدعاء لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه، أو ممن خلَفهم، وإنما اعتاد الدعاء به بعض الأئمة في القنوت، وانتهت الفتوى بعبارة…
آراء
الأربعاء ٠١ يوليو ٢٠١٥
في يوم الجمعة المباركة، وفي شهر رمضان المعظم، وفي بيت من بيوت الله تعالى، وفي أثناء صلاة الجمعة والإمام يتلو آيات الله تعالى وقبل الركعة الأخيرة، دخل شيطان داعشي المسجدَ واخترق الصفوف صارخاً: «أريد اللحاق بالإفطار مع الرسول.. الله أكبر». وفجّر نفسه في المصلين الصائمين لتهتز أركان المسجد ويسقط جزء كبير من السقف على المصلين ويودي بحياة 27 شخصاً ذهبوا شهداء، ويسقط 227 جريحاً من غير ذنب! شياطين الجن مصفدون بالأغلال في رمضان، لكن شياطين «داعش» يعيثون في الأرض فساداً ويستهدفون بيوت الله تعالى ويسفكون دماء المسلمين في نهار رمضان، من دون أي اعتبار لحرمة الشهر أو حرمة المسجد أو حرمة النفس المعصومة. لقد بلغ بهم الغلو في الإجرام والوحشية أنهم استقبلوا الشهر الفضيل بعملية إعدام جماعية في الموصل، وركزوا على استهداف المساجد ومساجد الشيعة بالتحديد بدءاً بمسجد الإمام علي في القديح بالقطيف في 22 مايو الماضي، حيث سقط 21 شهيداً و81 جريحاً، ثم مسجد الإمام الحسين بحي العنود بالدمام في 29 مايو الماضي، حيث سقط 4 شهداء و4 جرحى. وفي 17 يونيو الماضي تبنّى التنظيم سلسلة من التفجيرات ضد مساجد للشيعة في صنعاء أسفرت عن قتل 31 وإصابة العشرات، ومؤخراً تسلل شيطانهم إلى مسجد الإمام الصادق بالكويت والناس في صلاتهم، ففجر ودمر. هؤلاء طبع الله على قلوبهم وقال فيهم:…
آراء
الأربعاء ٠١ يوليو ٢٠١٥
من صالح الإسلام، ومن صالح المسلمين في الغرب، أن تكون هناك إجراءات مشددة وقاسية تشريعية وأمنية ضد الجماعات المتطرفة، حتى لو لم يرتكبوا أعمال عنف. إنها الطريق الوحيد لإنقاذ ملايين المسلمين وحماية الإسلام من أهله الذين شوهوه. عندما تتخذ الحكومات الغربية مواقف صارمة بطرد الدعاة المتطرفين، أو إغلاق جمعيات، أو ملاحقة جماعات دينية، فإنها بذلك تحمي المسلمين من متطرفيهم، وتحميهم أيضا من غضب الأغلبية غير المسلمة التي لم تعد تقبل سكوت حكوماتها على الرعب الذي بثه «داعش» والمتطرفون بشكل عام. علينا ألا ننظر إليه كعمل عنصري، رغم وجود العنصرية هناك، ولا أن نقلل من حجم الصدام المتوقع مع المجتمع في الغرب، الذي صار يتجه إلى المزيد من العداء والكراهية للمسلمين نتيجة الأعمال البشعة التي يرتكبها مسلمون باسم الإسلام. المعركة هناك متعددة الجبهات، ففي الساحة الفرنسية يقدر عدد المسلمين بنحو خمسة ملايين، وفرنسا أكثر بلد أوروبي تعرض لاعتداءات تنظيمات إرهابية تحمل اسم الإسلام مثل «داعش». وفرنسا، مثل بريطانيا والدنمارك وألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية، وجدت نفسها عند التعامل مع المسلمين في إشكالات متعددة، دينية وأمنية وسياسية وبالطبع قانونية. ولأن الخطر ثقافي وأمني في وقت واحد، لا بد أن تُمارس الدولة سلطتها لحماية المجتمع الكبير، فكيف يمكن لها أن تطرد المتطرفين إذا كانوا مواطنين؟ وكيف تستطيع أن تبعد المقيمين إقامة شرعية إذا…
آراء
الأربعاء ٠١ يوليو ٢٠١٥
ربما ننشغل كثيرا في البحث عن كلمات مناسبة لإدانة المجزرة التي ارتكبها تنظيم داعش في مسجد الإمام الصادق في الكويت. وعلى أي حال فقد فعلنا شيئا كهذا بعد الحادث المماثل في الأحساء قبل تسعة أشهر، ثم في القطيف والدمام. حقيقة الأمر أن بعضنا يضع يده على قلبه خائفا من أن تأتي الجمعة التالية بمجزرة مماثلة في مسجد ما، في هذه المدينة أو تلك. بعض المتحدثين قال: إن «داعش» بدأ للتو في استهداف المجتمعات الخليجية. وهذا تقدير غير دقيق، فقد حاول سابقا، وحاول تكرارا. ونحمد الله أن مجتمعات الخليج وحكوماتها ما زالت مصممة على مقاومة هذا الوحش الأعمى. أظن أن الهدف المباشر لتنظيم داعش هو التشكيك في قدرة النظام الاجتماعي على الصمود أمام العواصف الصغيرة. وهذا تمهيد ضروري كي يتخلى الجمهور عن إيمانه بالنظام العام والجماعة الوطنية، ويستبدل بها مبدأ «حارة كل من ايدو الو» حسب تعبير دريد لحام في واحدة من مسرحياته القديمة. هذه الحارة مثال لمجتمع مفكك يأخذ أعضاؤه حقهم بعضلاتهم وليس بالقانون، ويحكمه حملة السلاح وليس الإجماع الوطني أو الإرادة العامة، كما هو شأن الدول الحديثة والمجتمعات المتمدنة. بعد عام كامل من إعلان «داعش» دولته المزعومة في الموصل، لم يعد ثمة شك في أن الدماء والخراب هي الوعد الوحيد لهذا التنظيم المتوحش. لا زلت واثقا أن مجتمعات الخليج…
آراء
الثلاثاء ٣٠ يونيو ٢٠١٥
نشرت مجلة أمريكان إنترست في 4 يناير 2015 مقالا بعنوان "القوى السبع العظمى" The Seven Great Powers، قامت فيه بوضع قائمة لأكبر سبع قوى عظمى في العالم، وكانت المفاجأة اختيار المجلة للسعودية ضمن القائمة (رقم 7 خلف الولايات المتحدة، ألمانيا، الصين، اليابان، روسيا، الهند على التوالي). ويعد مثل هذا الاختيار أمرا لافتا، خاصة أنها مجلة رصينة نجحت في استكتاب عدد لا بأس به من كبار المفكرين والمحللين، وإن كانت مجلة تنحو في خطها التحريري نحو آراء التيار المحافظ واليميني بشكل واضح. المجلة في معرض شرحها لهذا الاختيار بررت بالقول: إن القوى العظمى تظهر من خلال الإنجازات، فهناك دول في العالم أكبر مساحة وأكثر كثافة سكانيا وأقوى عسكريا ومتقدمة تقنيا عن السعودية، لكنها لا تملك قدرة المملكة على تغيير موازين القوة الجيوسياسية في محيطها أو التأثير على الاقتصاد العالمي، بنفس الشكل الذي قامت به المملكة. ويعلل المقال بأن السعودية صدمت العالم عام 2013 بدعمها لثورة 30 يونيو في مصر ونجاحها منفردة في تغيير دفة التوجه الغربي نحو الوضع المصري في حينها، ثم في عام 2014 فاجأت السعودية العالم مرة أخرى بهندستها السياسية والاقتصادية عقب انخفاض أسعار النفط العالمي، ولأن تقوم دولة بهاتين المسألتين في غضون عامين مع ما لحق الأمر من تبعات جيوسياسية يجعل المملكة بلا شك لاعبا ذا ثقل على…
آراء
الثلاثاء ٣٠ يونيو ٢٠١٥
كيف سُتكتب في المُستقبل حقبة التاريخ المعاصر التي نحياها الآن؟ وأي الروايات ستكون هي السائدة؟ إذا كنا نحن الناس الذين نعيش هذه الحقبة ونتابعها يومياً، وننعم بوسائل إعلام وتغطيات لم تكن موجودة سابقاً، نقرأ الشيء ونقيضه، ونرى "حقائق" ثم نقرأ "تفسيرات" لا علاقة ببعضها بعضا، وكأن "الحقائق" تحدث في كوكب آخر. لنتخيل مثلاً أن طالباً يدرس التاريخ في الجامعة سنة 2200 يريد أن ينجز بحثاً عن التحولات الإقليمية في المنطقة العربية بين سنوات 2010 و2020، فماذا سيجد على رفوف المكتبة (... الإلكترونية غالباً!). سيجد كتب "تاريخ" متنوعة المنطلقات يركز كل منها على جانب أو جوانب مُختارة من الأحداث التي وقعت في تلك الفترة، ويخلص كل منها إلى خلاصات مختلفة. سيجد كتاب المؤرخ الشهير "سين" وفيه سيقرأ أن حقبة 2010 -2020 شهدت قيام حرب كونية على مجموعة الدول والحركات التي كانت تقود "المقاومة"، وأن تلك الحرب تم التمهيد لها بما سُمي حينها "الربيع العربي"، والذي كان الهدف منه، كما تم "انكشاف" ذلك لاحقاً، اسقاط نظام المقاومة في سوريا، ومحاصرة نظام المقاومة في إيران. سيحشد المؤرخ فلان شواهد و"حقائق" عديدة، أهمها انبعاث "الحركات التكفيرية" التي استهدفت الشيعة وأرادت إثارة حرب طائفية إقليمية، كما ويسلط الضوء على تفسيرات مُنتقاة تؤيد وتدعم وجهة نظره. وبالتأكيد سيكون من ضمن تلك الشواهد، مثلاً، اقتباسات كثيرة لمسؤولين…