آراء

آراء

هل هناك إسلام وسطي؟

الإثنين ٢٢ يونيو ٢٠١٥

علق متهكماً؛ أحد الألمان المفاوضين في تنفيذ عقد حكومي عند عبارة: تسليم المشروع وفق مواصفات عالية، بالسؤال: ما المقصود بكلمة عالية في العقد؟ وأشار بيده إلى مستوى الأرض، وقال: هل هذا هو المستوى العالي؟! ثم رفع يده إلى الأعلى، وقال أم هذا هو المستوى العالي؟! ثم أوضح أن صفة «عالي» ما هي إلا عبارة مطاطية، لا يمكن للطرفين المورد والمستهلك النظر إليها وتعريفها بالطريقة نفسها. يتبادر إلى ذهني المثال نفسه في كل مرة أسمع فيها مصطلح «الإسلام الوسطي»، فأسأل نفسي: إلى أي درجة هو وسطي؟ سيقول البعض إن صفة «وسط» يحددها النص الديني المقدس الثابت الصحيح الذي يُزكي الوسطية ويمتدح الاعتدال، ولا مشكلة إطلاقاً من الأخذ بهذا النص والامتثال له، لكن وفق أي فهم للنص سأتوافق معك؟ الفهم الذي يقرره عقلي أم عقلك أم عقل العالم الشرعي الذي تتبعه؟! كأننا خرجنا أنا وأنت من جدالنا حول ظرف المكان «وسط» إلى ظرف أكثر تعقيداً يرتبط بفهم النص وتأويله. لنبدأ من خط البداية؛ الإسلام في قلوبنا جميعاً هو رمز الجمال والاستقامة؛ فهل ستعتبر تعلقي المبالغ في الجمال تطرفاً؟ أم هل ستعتبر تمسكي الشديد بالاستقامة غلواً؟ إذا كانت إجابتك بأن التعلق بالجمال الروحاني والتمسك بالنهج تحده درجة المعقول والممكن، فكأننا مرة أخرى خرجنا أنا وأنت من تعريف صفة «وسطي»، ودخلنا في مأزق جديد…

آراء

خضوع الفقيه.. وتسييس الدين!

الإثنين ٢٢ يونيو ٢٠١٥

«ما استل سيف في الإسلام مثل ما استل على الإمامة»، هكذا قال الشهرستاني، كما يقتبس وجيه كوثراني في كتابه «الفقيه والسلطان: جدلية الدين والسياسة في تجربتين تاريخيتين، العثمانية والصفوية». ويمكن ببساطة افتكاك مقولة الشهرستاني من سياقها الخاص بإعادة صوغها كالتالي: «ما استل سيف في تاريخ البشر مثل ما استل على الحكم». أُس مسألة السياسة واجتماع البشر، إذن، وجذرها المُتحفز للتفجر يكمن في السلطة والسلطان. ليس هذا حصراً في فضاءات العرب والمسلمين بل هو ديدن البشرية على اختلاف شعوبها وأديانها وثقافاتها. ظلت السلطة هي المغرية الدامية والمُدمية، من أجلها وفي سبيل السيطرة عليها قامت حروب وأبيدت جماعات وأُهلكت دول وأمصار. إذا تم الوصول إلى صيغة ما يمكن عبرها إدارة الصراع سلمياً على السلطة، عندها تنحسر الصراعات وينخفض منسوب الدم، وبدون ذلك فإن دورة العنف لن تهدأ. بيد أن جوهر ذلك الصراع يدور حول خلاصة واحدة، ظل المهمومون بالسياسة من ثيوسيدس إلى الماوردي وصولا إلى ميكافيلي وهوبز يكررونها: كل الوسائل مشروعة في سبيل السلطة. وفي قلب تلك القصة يقع الفصل الأكثر إثارة وهو أن السلطان، وحتى يومنا هذا، لم يجد وسيلة أكثر نفاذاً وفعالية من الدين لتوظيفه في الاستحواذ على السلطة. في كل ديانات وسياسات العالم، انهمك السلطان في السيطرة على المعتقد ليقول لعامة الناس إنه حامي ذلك المُعتقد، وإنه الممثل الشرعي…

آراء

رمضانك ورمضانهم

الإثنين ٢٢ يونيو ٢٠١٥

كل إنسان يصوغ رمضانه بالطريقة التي يراها. هناك من يرسم صورة مثالية، تخالف الواقع. لكن مثل هذا الإنسان، لا يمكن الاعتداد برأيه، لأنه يتجمل. وهناك من يتوخى أن يكون واقعه أفضل، ويضع جملة من الأمور التي تساعد على ذلك. وهذا التغيير قد لا يكون كبيرا، المهم أن يكون تغييرا قابلا للتنفيذ. والكلام هنا يدخل في باب السلوكيات والممارسات. إن المبادرات الإيجابية في رمضان تبدأ من الذات، وتصبح أكثر تميزا، عندما تركز على بناء هذه الذات وتهذيبها. كن صادقا في كل حالاتك، أن تكون جميلا، لا يعني أن يتضاد جمالك مع الواقع من حولك. حتى تضفي على هذا الواقع مزيدا من الجمال: كن أنت مرآة هذا الواقع، ولا تجعل الواقع مرآتك. فعلك هذا يحقق لك انتقاء ما يناسبك وغض الطرف عن أي شيء لا يروق لك. عندما تجد شيئا مستفزا لك، سواء كان سلوكا أو حتى إنسانا، عليك أن تتجنبه بشكل كامل، إذ لا جدوى في التعامل مع أوضاع تحمل تجاهها مشاعر سلبية. من المعلوم للجميع أن لغة الخطاب في رمضان، ينبغي أن تكون ألطف وأجمل وأصدق. والبيئة النفسية والبدنية يفترض أن تحفز على ذلك. لكن واقعيا البعض لا يستطيع كبح جماح غضبه، وهذه مهارة من الممكن أن تكون بيئة رمضان دافعا قويا لتحقيقها. صحيح أن هناك صعوبات تكتنف ذلك، لكن…

آراء

الانتحار الفكري

الإثنين ٢٢ يونيو ٢٠١٥

ظهر في ثقافتنا العربية على مدى قرون ظاهرة يمكن تسميتها بـ"الانتحار الفكري" يشعر فيها الفرد بأنه معزول عن بقية العالم، لا يستطيع فعل شيء إزاء التغيرات الحضارية والثقافية المعاصرة، مما يدفعه للزج بنفسه في أتون فكر التطرف الذي يعتقد أنه بالانتماء إليه يستطيع مواجهة تلك التغيرات باختيار "رمزية" ما توضع موضع العدو المخيف. ولأن الركون إلى مبدأ الوصاية الفكرية هو بمثابة الركون إلى انتماء أكبر مطمئن، فإن كل الثقافات التي مرت بتغيرات أدت إلى نتائج حاسمة في تاريخها كان الصراع فيها أساسيا بين قوى النور وقوى الظلام، أو بعبارة أخرى: بين العقل والكهنوت؛ ولذلك تثار فكرة وجود العدو الأزلي بهدف إقناع المتحمسين بفكرة صناعة العدو بانعدام الثقة في جدوى التعايش في ظل التعددية الفكرية والاختلاف الثقافي، وتصوير ذلك بأنه خطر مستمر يهدد الوجود والهوية. ولذلك، فإن تسليم الفرد عقله إلى الفكر الوصائي هو انتحار فكري يودي به في النهاية إلى الموت المادي أو المعنوي، فمن يرضى لنفسه أن يكون تابعا للفكر الوصائي، فإنه في الأخير سيُقابل بعدم التقدير، لا سيما إذا كان من النوع الذي يكون قابلا للاستخدام مرة واحدة، كما هو حال بعض شبابنا اليوم المحصور في قبضة الإرهاب. ويبدأ الانتحار الفكري من خلال "التسليم" و"الوثوقية" المؤديان إلى الطاعة العمياء من دون أي شك أو نقاش، وبالتالي يصبح العقل…

آراء

سخرية «سيلفي» موجعة

الإثنين ٢٢ يونيو ٢٠١٥

في كل عام يتكرر الهجوم على الفنون الساخرة من دعاة ووعّاظ، استناداً إلى النَّهي الوارد في القرآن الكريم عن السخرية من الآخرين، وهو استدلال غير صحيح. السخرية في الفن لا تهاجم الأشخاص لذواتهم، ولا قيم المجتمع كما يدّعي هؤلاء، بل تهاجم الخطاب الذي يتّحدث عن هذه القيم على نحو مزيف، أو يقدِّس الأشخاص، ويُنزلهم منازل القِيَم، فضلاً عن أن السخرية في الدراما أصبحت أحد قوالب النقد، وتولد من عدم الرضا عن وضع معين. وكلما تخلّت السخرية عن المنطق لمصلحة كلمة أو موقف زاد إبداعها، وهي تميل بطبيعتها إلى السلبية المطلقة، ولا تكترث بالتوازن. لكن هناك من يحاول تعريفها على طريقة المعاجم بأنها تعني التسخير والتذليل، والقهر. والصحيح أنها إظهار الواقع بعكس ما يقال عنه، وهي لا تختلف عن «النكتة»، بمعنى أنها تصل إلى نتائج غير متوقعة. ولهذا فإن تحريمها استناداً إلى الآية الكريمة «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ»، هو تعسُّف في التفسير والحكم. بعض «المحتسبين» عاود ترديد الحُجج ذاتها حول تحريم السخرية في الفن، بعد بداية عرض مسلسل «سيلفي» الذي حظي بحفلة شتيمة تعتبر سابقة، وأصبح بطله ناصر القصبي، ومؤلّفه خلف الحربي، معرَّضَيْن للتكفير، والتهديد بالقتل. التكفير ليس جديداً، وخلال أعوام ماضية صدرت فتوى مماثلة ضد مسلسل «طاش ما طاش». لكن…

آراء

هذا كثير يا مجمع الفقه!

الأحد ٢١ يونيو ٢٠١٥

كنت قد كتبت بتاريخ 27/8/1431 مقالا هنا بعنوان "المفطِّرات بين الحسم والتأجيل" وبعد ذلك كتبت بتاريخ 3/9/1433 مقالا بعنوان "المفطرات الدوائية مرة أخرى" ثم كتبت بتاريخ 19/9/1434 مقالا بعنوان "يا مجمع الفقه.. إن نسيتم فالناس لا تنسى" القاسم المشترك بين كل المقالات السابقة هو ما يكثر السؤال عنه في شهر رمضان المبارك من حكم (المفطرات في مجال التداوي).. ما دعاني للتكرار القديم، والتأكيد الحالي هو أنه في عام 1418 وفي الدورة العاشرة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي ـ وهو غير المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي المنعقدة بمدينة جدة- قرر المجتمعون فيها بعضا مما لا يعتبر من المفطرات، وأجلوا حينها إصدار قرار في بعض المفطرات الدوائية؛ للحاجة إلى مزيد من البحث والدراسة عن أثرها على الصوم. وفي كل مرة يعقد المجمع الموقر فيها دورته لا يفتح هذا الموضوع أبدا، حتى جاءت الدورة الثامنة عشرة التي عقدت عام 1428 وقرر المجمع وبصريح العبارة تأجيل النظر فيما أجل سابقا، ثم عقد المجمع الدور التاسعة عشرة عام 1430، ثم الدورة العشرين عام 1433، ثم الدورة الحادية والعشرين عام 1435، ثم الدورة الأخيرة ـ الثانية والعشرين ـ قبل شهرين في الكويت، ولم يفتح الموضوع مطلقا، بل إن كل القرارات تأتي خالية من الإشارة إلى هذا الموضوع الحيوي المهم. بالله عليكم…

آراء

هل آن الأوان لحل مجلس الشورى السعودي؟

الأحد ٢١ يونيو ٢٠١٥

لدينا مثل شعبي في السعودية يقول: «يا من شرى له من حلاله عِلّه»، والمقصود بذلك حالة الندم التي تصيب المرء عندما يقدم على شراء سلعة أو فكرة، ثم تكون سبباً في تعاسته ومرضه. ما يمارسه مجلس الشورى أخيراً من سلوك حيال المشاريع التطويرية المطلوبة في بلادنا؛ أقل ما يقال عنه إنه تطبيق واقعي على المثل أعلاه. بالأمس القريب، وبعد جلسة حافلة بالهرج والمرج بما يشبه ما يحدث بمجالس الشعب في بعض الدول المتخلفة والقريبة منا، تم وأد مشروع قانون يفترض أن يعزز أحد أهم مواد النظام الأساسي للحكم، المتعلقة بالوحدة الوطنية ويحدد عقوباتها. أيضاً وقبل أشهر عدة، وبعد عام ونصف العام من الأخذ والرد تم حفظ مسودة مشروع قانون يجرم التحرشات الجنسية في الأماكن العامة وأماكن العمل في المملكة، ويضع العقوبات الرادعة للمتحرشين، وما أحوج بلادنا ومستقبلنا إلى مثل هذا التقنين وغيره. صفق الأعضاء المعارضون لمناقشة قانون تجريم الطائفية في نهاية الجلسة، على رغم أن جميع الخطابات التي ألقاها خادم الحرمين الشريفين أخيراً تضمنت موضوع الطائفية بوضوح لا يقبل الجدل، وحذرت من الانزلاق وراء شعارات البعض، التي تدعو لها بما تفضي إليه من تمزيق لوحدة الوطن. ليت المعارضون في المجلس لمثل هذه المشاريع أو المسودات لديهم من الأسباب ما يقنعنا ويقنع القيادة برفضهم، لهانت الأمور. الكارثة بالفعل هي عدم وجود…

آراء

قطع رأس القصبي !

الأحد ٢١ يونيو ٢٠١٥

لم تكن ردة فعل «الدواعش» على حلقة الفنان ناصر القصبي أمس والتهديد بقطع رأسه مفاجئة لأحد، فهم متخصصون بفصل الرقاب، والموت بضاعتهم الوحيدة، لكن المفاجأة كانت اعتبار البعض ما قام به القصبي إساءة للدين والمتدينين، فهل دواعش حلقة «سلفي» أمس يمثلون الدين الإسلامي أو المسلمين ؟! حلقة الأمس كشفت تناقضات الكثير ممن انتقدوا دائما في وسائل التواصل الاجتماعي «داعش» واعتبروهم من الخوارج المارقين، لكنهم في نفس الوقت لم يقبلوا قيام الفنان ناصر القصبي بعرض الحالة الداعشية على الشاشة واعتبروا ذلك مساسا بالدين والتدين! عرضت حالة التناقض هذه على صديق بارز في طلب العلم الشرعي، ففسرها بأن الجمهور وقع تحت تأثير الحلقة السابقة التي أساء فيها الفنان لصورة المتدينين بكل سماجة، وأن المجتمع يدفع ثمن محاولة إعادته إلى حالة الصراع الأيدلوجي! أبرز ما كشفته حلقة دواعش «سلفي» أمس هو إشكالية أن يكون الفرد محكوما بسلوك الجمع، فناصر القصبي الأب الذي لحق بابنه الجهادي ليسترده، وجد نفسه ينساق مجبرا في تيار الجماعة التكفيرية ليمارس نفس السلوك الذي يرفضه في داخله، وهذا برأيي ما يعاني منه الكثير من الشباب الذين هجروا أسرهم وأوطانهم للالتحاق بالجماعات الجهادية ليكتشفوا في النهاية واقعا مختلفا لم يملكوا قدرة التمرد عليه أو الهرب منه ! «داعش» لا تأسر أعداءها لتقتلهم، بل إنها تأسر أفرادها لتحولهم إلى القتلة !…

آراء

عندما يرفض «الشورى» حماية الوطنية!

الأحد ٢١ يونيو ٢٠١٥

لا تزال الأصوات المستنكرة تتحدث عن صدمتها من نتائج التصويت في مجلس الشورى السعودي الذي رفضت أغلبيته مشروع نظام حماية الوحدة الوطنية الذي تقدم به عدد من أعضاء المجلس. كيف وببساطة، وسرعة، يرفض المجلس دراسة مشروع النظام رغم الخطر الصريح والداهم جراء انتشار دعوات الطائفية والعنصرية المختلفة التي دمرت دولاً مجاورة مثل العراق وسوريا واليمن، وتنتشر في فضاء المنطقة الإعلامي والديني والاجتماعي عمومًا؟! والسعودية لا تعيش في فلك وحدها، بل مهددة بنفس الفيروسات الخطيرة، والهجمات التحريضية عليها عبرت الحدود من قوى مختلفة، وبعضها ارتكب جرائم ذات أهداف طائفية في مسجدين في شرق السعودية. والذين لا يشعرون بالمشكلة ولا يَرَوْن الخطر لا يستحقون المكانة الكبيرة التي منحوا إياها. الأكيد أنهم لا يصوتون بالرفض كرهًا في التعايش والوحدة والوطنية، بل لأنهم يستهينون بما يحدث، لا يشعرون بالخطر الذي يحدق ببلادهم. وبينهم من أكد تأييده للمقترح لكنه يرى أن «النظام الأساسي للحكم» يعالج هذه المشكلة ويتحدث عنها بصراحة في إحدى مواده: «تعزيز الوِحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي إلى الفرقة والفتنة والانقسام». لكنّ مقدمي القرار يدركون أن مبادئ نظام الحكم صريحة ويرون ضرورة كتابة قانون يحدد المسؤوليات والواجبات لهذا المبدأ العام. أعضاء المجلس الذين قدموا مشروعهم لا شك أنهم أكثر شعورًا بالمشكلة، وأكثر حرصًا على مواجهة الخطر، بخلاف الذين يظنون أن…

آراء

أما آن أوان «الملاذات الآمنة» في المنطقة؟

الأحد ٢١ يونيو ٢٠١٥

الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية لا تحل نفسها بنفسها، ولا تذوب أو تتحلل بمرور الزمن، بل تحتاج إلى الصدق مع النفس ومع الآخرين، واتخاذ الخطوات العملية الشجاعة الكفيلة بتغيير واقع مرفوض. ولدى التفكير في سياسة الرئيس باراك أوباما إزاء منطقتنا تذكرت المقولة الشهيرة للسياسي الأميركي الراحل هنري كلاي: «سيدي، أفضل أن أكون على صواب من أن أكون رئيسًا». اليوم بالإمكان اختصار مقاربات واشنطن في العراق وسوريا ولبنان بما يلي: في العراق، دعم السلطة التي تعاون غزو 2003 والتمدّد الإيراني في تنصيبها. وفي سوريا، تجاهل المآسي و«الخطوط الحمراء» بعد مرور 4 سنوات و3 أشهر من الانتفاضة الشعبية. وفي لبنان، القبول الضمني بهيمنة حزب الله على مقدّرات البلاد في أعقاب صيغة القرار الدولي 1701 «التحييدية» عن حدود إسرائيل. في الحالات الثلاث كان وراء المقاربات الأميركية التحمّس المطلق للتفاهم مع إيران، والاستفادة من وجود حالة «داعشية» متطرّفة تبرّر هذا التفاهم، ومن ثم تطويره إلى تحالف كامل. هذه القراءة تختلف ظاهريًا عن مضمون تقرير وزارة الخارجية الأميركية السنوي عن الإرهاب في العالم عن عام 2014، الذي نشر بالأمس، وبالأخص إزاء إيران وبعض أتباعها في المنطقة؛ إذ وردت في التقرير اتهامات، بل إدانات، لحزب الله اللبناني على ما يفعله داخل لبنان وخارجه، وتوّجت بوصف الحزب بـ«التنظيم الإرهابي الأبرز والأقوى في لبنان»، واتهامه بأنه تسبب باستثارة ردّات…

آراء

الروس قادمون إلى السعودية

السبت ٢٠ يونيو ٢٠١٥

الأسبوع الماضي كنتُ مشاركًا في ندوة مغلقة في «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» في العاصمة الأميركيّة، وجلها كان عن أزمات سوريا والعراق واليمن. وهيمن موضوع الاتفاق النووي الوشيك بين واشنطن وطهران وتبعاته على النقاش، وأن الاتفاق يمثل نقطة تحول سياسية مهمة. وكان هُنَاك من تحدث متسائلاً عن ردود الفعل، ومآلاته المحتملة، السياسية والعسكرية. وتوقع البعض أن يستفز الاتفاق دولاً في المنطقة ويدفعها لبدء مشروعها النووي، و«لن تتوقف حتى تحصل ما حصلت عليه إيران في الاتفاق». وهذا يفسر الاهتمام الكبير بزيارة ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى روسيا. فقد اتضح من خلال زيارته أن السعودية قررت دخول النادي النووي، ببناء 16 مفاعلاً نوويًا، ومنحت روسيا الدور الأكبر في تشغيلها. طبعًا، هذا لا يعني أنه توجه للتسلح العسكري، لكنه يعني أن الرياض حسمت أمرها سريعًا وقررت أن تدخل المجال النووي، وكان وزير التعليم السعودي قبل شهر قد وقع على ابتعاث ألف طالب لدراسة تقنية الطاقة، بما فيها النوويّة. وفي رأيي، أن أهم ملامح الزيارة الرسمية لولي ولي العهد السعودي، أنها تخرج على الخط التقليدي؛ فهي تتم في وقت شرعت فيه الولايات المتحدة، وحلفاؤها الأوروبيون، بمقاطعة روسيا اقتصاديًا عقوبة لَها على أحداث أوكرانيا. الحكومة السعودية هذه المرة، وعلى غير العادة، قررت العكس، تنشيط علاقاتها مع موسكو، وتوسيع تجارتها معها، وتوقيع…

آراء

لم يهزموا.. لكن أرواحهم نفرت

السبت ٢٠ يونيو ٢٠١٥

قبل أيام، تداول ناشطون مصريون خبر انتحار عازفة الناي والناشطة المصرية ندى سلامة. بعد ساعات نشرت ندى تعليقاً في حسابها بموقع «فيسبوك» تنفي خبر موتها، لكنها تحدثت عن محاولتها الانتحار مرات عدة خلال الأيام السابقة. كان التعليق طويلاً، ومحبطاً، ويائساً. لم يحمل ملامح واضحة شخصية أو سياسية. وقد كانت ندى قد ودعت صديقةً لها قبل عام، منتحرة. هي زينب المهدي، ولزينب قصة أقسى. زينب المهدي انتحرت في نوفمبر 2014. ولانتحارها قصة محبطة أشار إليها فهمي هويدي في مقالة نشرت في صحيفة الشروق في ذلك الوقت بعنوان: (أجراس انتحار زينب المهدي). فزينب – كما يسرد هويدي – كانت من نشطاء يناير، التي بعد فشل الثورة، قامت بتتبع ظاهرة مرعبة وجديدة في مصر تتلخص في اختطاف الناشطات المصريات واختفائهن لأيام في ظروف غامضة، ثم الإفراج عنهن في حال يرثى لها. سرد هويدي أسماء ناشطات تم اختطافهن، ثم تم إطلاق سراحهن، من دون أن يبالي بحالهن أحد. اختطاف الناشطين لم يكن حادثة معزولة بطبيعة الحال، فنشطاء ثورة يناير تفرقت بهم السبل إما خارج مصر، أو في سجونها، أو بالعمل داخل مصر في ظروف صعبة للغاية. كانت زينب تحاول تتبع ملف الفتيات المختطفات. لكنها انهارت، وقررت إنهاء كل شيء، وأرسلت لأحد زملائها رسالة تعبر عن إحباطها وثقل الملف الذي تحمل، كتبت زينب «تعبت.. استهلكت..…