آراء

آراء

وأخيراً.. كاشغري ينشد قصيدة التوبة

الأحد ٢٦ أغسطس ٢٠١٢

حمزة كاشغري شاب سعودي صغير، من عائلة معروفة في الحجاز بتدينها وحبها لأعمال الخير، وقامت والدته بتربيته على الخير وحضور حلقات القرآن الكريم، ولم تدر المسكينة أنّ ابنها سيكون أحد ضحايا آلات العصر الحديثة، بل ضحيّة أمّة تنكَّر بعض أهلها لدينهم وأمجادهم، وجهلوا حقيقة الإسلام التي حثّت الأجيال الإسلامية الأولى على العلم والأبحاث والمخترعات، وكانوا أسياد العلم لقرون طويلة، وليس لهم دافع إلا دينهم وحب رسولهم صلى الله عليه وسلم، فأناروا الدنيا باكتشافاتهم التي قامت عليها كل مخترعات العصر الحديث، ثم لمّا ابتعد المسلمون عن جوهر دينهم وروحه التي خُلقت لقيادة الناس وهدايتهم، سقطت مراتبهم من علٍ، وهووا في قاع سحيق من الجهل والذلّ، فتلقّف الغرب كلَّ ما سطّره علماؤنا في شتى العلوم، وترجموه ونقّحوه، وبنوا عليها علومهم، أما نحن فتركونا نهوي إلى المجهول، ولم يكتفوا بذلك، بل غزوا بلادنا، وقضوا على كل أحلامنا لكي لا تقوم لنا قائمة بعد ذلك، وأرادوا أن نبقى أبعد الخلق عن الفهم الحقيقي لديننا الذي هو أساس أمجادنا كلها، ولم تكن لنا من قبله من أمجاد. لقد نشأ جيلٌ من أبناء المسلمين وقد غرتهم بهرجة الغرب وحضارته، وفكّروا ثم قدّروا، وظنوا أنّ الغرب لم يبنِ حضارته الغالبة إلا بتحرره من المسيحية، ومن كفره بالله جلّ وعلا، وتفننه في الاستهزاء بكل رموزه الدينية، فشمّر هؤلاء…

آراء

الابتسامة جواز سفر

الأحد ٢٦ أغسطس ٢٠١٢

بملامح يعلوها جليد من التبلد واللامبالاة ونوع من الغلظة، قال الشاب خلف مكتب الهجرة بالمطار حين وصل دوري لختم جواز سفري قادمة لحضن بلادي: تعالي! حينها تسارع تدفق الدم في عروقي بسرعة فائقة، وتسارعت دقات قلبي، وتزايد نبضي واحتقان وجهي، وربكة أطرافي، أسلوبه كان مفاجئاً ليس لأني لا أستحق مثل تلك المعاملة، بل لأن بلادي لا تستحق تعاملًا كهذا في واجهة منافذها، وهي التي تستقبل كل ضيوفها. تصرف يحمل طاقة سلبية يبعثها مثل هذا "الاستقبال" خاصة من موظفين من أبنائها الشباب الذين يعملون في الجوازات، والذين أغلبهم في مقتبل العمر والنشاط والحيوية، ويفترض فيهم التطلع نحو الأمل وحب الحياة وتقديم صورة تعكس الواجهة الحضارية لوطننا. حين تبدأ صباحك بابتسامة، وبالتواصل مع من تحب، يصبح يومك كما تحب، فقلوبنا بحاجة دوماً لقلب يحيط بنا وكفه وابتسامته التي تستدعيها ابتسامتنا في وجهه، ولا يمكن أن يعيش الإنسان وحيداً، وهو الاجتماعي بطبعه، ولا يكسب قلوب من حوله إلا بتلك الرسالة التي تبعثها "الساحرة" الابتسامة، وهي الخطاب واللغة الوحيدان اللذان يجيدهما العالم، كل العالم ولا تحتاج الابتسامة إلى علم وترجمة. شبابنا، الذين يمثلوننا عند مداخل البلاد ومخارجها، أكفاء لذلك، وهم دوماً عند حسن ظن قيادتهم ومجتمعهم، ولكن - ودون تعميم- بحكم تجربة بعضهم القليلة في الحياة، وهم في مقتبل العمر، يحتاجون إلى تكثيف تدريبهم…

آراء

ما أظن أن تبيد هذه أبدا

الأحد ٢٦ أغسطس ٢٠١٢

من يصنع الظالم ؟ تبادر إلى ذهني هذا السؤال و قد جمعتنا صلاة جماعة أنا و صديقي مع مديره الذي يشتكي الجميع من أخلاقه و ظلمه , و رغم هذه الصفات السيئة كان حريصا على أداء صلاته في المسجد بصفه يوميه , بالإضافة إلى نصح و نقد المقصرين عن أداء الصلاة في أوقاتها , وودت حينها مناقشته في العلاقة مابين السلوك السيئ و العبادة , لكن صديقي منعني خوفا علي و على منصبه . الأخلاق ليست في دور العبادة فقط ! و العدل ليس فقط عند الزواج بأكثر من واحده, العمل المهني و الإداري يتطلب أخلاقيات حقيقة خالصة غيرة مشوه لا تتغير بتغير الظروف و المناسبات. المدير الصادق و العادل في المسجد أو في البيت لابد أن يكون صادقا و عادلا أيضا في مجال عمله و مع الموظفين. ألأقنعة التي يلبسها البعض في مجال العمل الإداري, لابد أن تتساقط يوما و ينكشف معها الوجه الحقيقي للفرد. هذا التناقض يبرز في بعض المؤسسات حيث لا يتم تطبيق المنهج الأخلاقي في التعامل و تضيع حقوق الموظفين و يتم التحامل و التجامل على الأشخاص بأسم العمل و يصبح الظلم موظفا موجودا في الدوام الصباحي و المسائي مع الموظفين . و للأسف نجد أنه من خلال تجارب حية و واقعية أنه غالبا ما يربح…

آراء

مدينة «تويتر» الفاضلة!

الأحد ٢٦ أغسطس ٢٠١٢

كما يوجد مهرجون شتامون في تويتر، يوجد من يمكن تسميتهم بـ«فلاسفة» تويتر في الحكمة والأخلاق والإلهام. ولأنك تعرف بعضهم جيداً، وتعرف الفجوة المهولة بين واقعهم وبين ما ينصحون به الناس، تكاد تشك أن حساباتهم في تويتر مؤجرة لغيرهم. معقولة: من يحترف النميمة والكذب يكتب عن الأخلاق والصدق؟ معقولة: من يخرج من تجربة فاشلة لأخرى فاشلة يكتب عن أسرار النجاح وأسبابه؟ معقولة: من يحترف النفاق في مجالس علية القوم يطالب بالنقد والحقوق ومؤسسات المجتمع المدني؟ معقولة: من يُعرف الناس من حوله وفق مذاهبهم وتوجهاتهم الفكرية ينصح بنبذ الطائفية والبعد عن التصنيفات الفكرية؟ أعرف أننا نعيش في مجتمعات سادت فيها «الازدواجية» طويلاً، وما من أحد منا بريء منها، ولكنني أستغرب كثيراً كيف انقسمنا على «تويتر» كما لو أننا ننتمي لمدينتين: مدينة الشر ومدينة الخير. فإما تقرأ لغة شاتمة مكفرة محرضة تخّون الجميع وتتهم المختلف في الرأي بالعمالة والخيانة أو لغة على النقيض قوامها المحبة والتسامح ويقدم صاحبها خده الأيسر لمن يصفع خده الأيمن. لي صديق يقرأ عليّ من وقت لآخر بعض تغريدات من يعرفهم عن قرب ثم يعلق ساخراً: بلاش بكش! قال لي إن هؤلاء الأشبه بالملائكة في تغريداتهم الجميلة هم -في واقعهم- نقيض ما يكتبون. يكتبون ما لا يفعلون، وينصحون الناس بما لا يفعلون. لكنني -على الرغم من هذه السخرية- أفهم…

آراء

«لحوم العلماء مسمومة» قيلت للرد على السلفية

السبت ٢٥ أغسطس ٢٠١٢

كم واحد منكم جاوبه بعبارة «لحوم العلماء مسمومة»؟ وكم واحد منكم استخدم هذه العبارة في معرض النقاش والجدل؟ وكم مرة قارئي العزيز قرأت هذه العبارة في سياق تبكيت خصم وإغلاق نقاش؟ بالنسبة لي، مرت علي هذه العبارة كثيراً، خاصة في حالتها الأخيرة حيث أقرأ لشخص يريد أن يلجم خصماً فيسل عليه هذه العبارة ليس لمحق حجة خصمه فقط بل وحتى لإلغاء مشروعية الخصم في نقد هذا الشيخ أو ذاك. لكن هل تعلم عزيزي القارئ أن هذه المقولة شائعة جداً ولو سألت عنها الجهبذ قوقل لجمع لك مليوناً وسبعمائة ألف صفحة كُتبت فيها هذه المقولة. بقي أن تعلم أن هذه المقولة إنما قيلت في سياق الدفاع عن إمام الأشاعرة ضد منتقديه، الذين من بينهم أهل الحديث، أي السلفية بلغة عصرنا هذا. فأول من أتى بالعبارة وركبَها هو الحافظ ابن عساكر (من علماء القرن السادس الهجري وصاحب المصنف المشهور «تاريخ دمشق»). وقد وردت في كتابه «تبيين كذب المفترى فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري» بالنص التالي: «واعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء رحمة الله عليهم مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة» (ص 29). والمُخاطب هنا ليس شخصا بعينه بل القارئ بشكل عام. وقد ألف ابن عساكر الكتاب المذكور للذب…

آراء

إلى عقلاء تويتر

السبت ٢٥ أغسطس ٢٠١٢

قرأتُ تغريدة للدكتور عبدالله الغذامي يشكو فيها من الشتم الذي ينهال عليه في تويتر، ثم قرأتُ شيئاً شبيهاً لكُتّاب وعلماء دين ومثقفين ومشاهير وغير مشاهير، حيث بدا أنهم جميعاً يتعرضون لموجات من الإرهاب الفكري ومحاكم التفتيش الإلكترونية التي يُطلب منهم فيها أن يُبيّنوا مذهبهم ومعتقدهم وانتماءهم وميولهم، وإن تبين أنهم يخالفون المفتشين؛ يُحكم عليهم بالتشهير وبأيام من القذف والشتم والاتهامات الباطلة. وكلما جلستُ في مجلس وجدت أن مُعظم الأحاديث التي تدور فيه لا تخرج عن نقد الصراعات المنتشرة في تويتر والشكوى منها، حيث يتفق الكل على أنها أصبحت مؤذية، وغير منطقية، وصار شتم الناس فيه عملاً مستساغاً وسهلاً، بل ومرغوباً لدى فئات من الناس. ثم يُجمع الجالسون في نهاية الحديث على أن تويتر لم يعد كما كان؛ مكاناً لتبادل الحِكَم والمعلومات والتواصل الاجتماعي. حيث تحول إلى بؤرة للمهاترات السياسية، والصراعات الطائفية. ولكن علينا ألا نتفاجأ بهذه التغيرات، فلو نظرت حولك فلن تجد من يقرأ في شيء غير السياسة، إلا مَن رحم ربك، فمعظم الناس لا تفوته قراءة مجلة سياسية من المجلات المشهورة، وعندما تقف إلى جانب أحدهم في المكتبة وتراه ينتقي المجلات السياسية، فإنك نادراً ما تجده يلتفت إلى مجلات العلوم، أو التقنية، أو غيرها. كنت مرة مع صديق وبدأ يُكدّس المجلات السياسية فوق بعضها، فأخذتُ مجلة الناشيونال جيوجرافيك العربية،…

آراء

«نعمة السعوديين» وتآكل الطبقة الوسطى

السبت ٢٥ أغسطس ٢٠١٢

مضى العيد بأفراحه وابتساماته وحان الوقت للحديث عن أتراح الحياة وصعوباتها، مثل تآكل الطبقة الوسطى في السعودية. صحيفة «الشرق» السعودية، ألقت بهذه القنبلة في نهاية تموز (يوليو) الماضي، مستندة إلى دراسة أعدها أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك فهد بالظهران الدكتور عبدالوهاب القحطاني، وتلقفها أكثر من كاتب ومحلل ليعلق عليها بعد ذلك. ربما الدراسة مبالَغ فيها، فكيف تتآكل الطبقة الوسطى في بلد نفطي ثري كالسعودية؟ طرح السؤال الزميل جميل الذيابي في مقال نشر هنا قبل أسابيع قليلة معلقاً على الدراسة، ولكنه لم يتلقّ جواباً من وزارة الاقتصاد والتخطيط المنوط بها التعليق على أمر جلل كهذا، بل إنها لم تعلق على الدراسة الأصلية التي تقول إن الطبقة الوسطى تضاءلت بنسبة 30 في المئة، بينما يفترض أن تكون على الأقل 60 في المئة من المجتمع، ليكون مجتمعاً صحيحاً، وكلما زادت تحسن الوضع الاقتصادي للمجتمع، كما يقول الخبراء، لأن الطبقة الوسطى هي أساس الدورة الاقتصادية، فهي دافعة الضرائب الأكبر، التي تشكل الإيراد الأول، إن لم يكن الوحيد لموارد الدولة ذات الاقتصاد الطبيعي. ولكننا في السعودية لا ندفع ضرائب، فهل لهذا السبب لم تهتم وزارة الاقتصاد والتخطيط بالتعليق على الدراسة؟ ولكن الطبقة الوسطى هي المحرك الأساسي للإنفاق، كما أنها تمثل الطبقة العاملة والمشغلة أيضاً، وستصبح عبئاً على الدولة في حال انتقالها من موقع «الوسطى» إلى الفقيرة،…

آراء

الإخوان والنزول إلى الواقع

السبت ٢٥ أغسطس ٢٠١٢

كل التناقضات في كلام – و وعود – «الإخوان» ما قبل الفوز بالرئاسة في مصر و ما بعده تصب في مصلحة فكرة «أنسنة السياسة» في الخطاب الديني. فلعبة السياسة لا يمكنها أن تتعايش مع الفكرة المثالية لمن يمارس السياسة باسم الدين. النظرية شيء و الواقع شيء آخر. و لو قرأ إخوان مصر تجربة إخوانهم في تركيا لربما أدركوا أن النجاح سياساً يأتي أولاً عبر احترام الأدوات التي مكنتهم للوصول للسلطة. فلا يمكنك أن تُحرّم على الآخرين طلب قروض من مؤسسة دولية و تحلله لنفسك. و من غير المقبول سياسيا وأخلاقياً أن تمارس ما كنت تعاني منه في الأمس القريب من تضييق على حرية التعبير و سجن الصحفيين ومعاقبة كل من ينتقد رموز السلطة. فوز الإخوان في مصر هو فرصة لهم لإثبات صدق وعودهم قبل الانتصار و هو أيضاً فرصة للشعوب العربية كي تختبر مقدرة الإخوان على الوفاء بالوعود السابقة. في الأخير، خاصة في عالمنا العربي، ينجح من يقدم مشاريع التنمية على «الأيديلوجيا» و على الكلام الكبير الذي لن يسهم في رصف شارع أو فتح مدرسة. و هنا نعود للجدل الإيجابي حول من يسبق من: التنمية أم الديموقراطية. المهم هنا أن تكتمل دائرة التجارب السياسية في العالم العربي و بعدها يقرر المواطن العربي – إن أمكنه – أي الطرق أسلم و…

آراء

مرتزقة الإعلام

الجمعة ٢٤ أغسطس ٢٠١٢

ما من مهنة إلا ويوجد فيها مرتزقة يمارسونها للتسلق والكسب غير المشروع، ولا يهمهم من أجل ذلك النهج الذي يسلكونه.. لكن مرتزقة الإعلام هم الأسوأ من بين أنواع المرتزقة، خاصة إن ارتبط الأمر بقضايا الشعوب وحرياتها وإجرام الأنظمة بحق مواطنيها.. هنا تظهر الحقائق جلية لا مجال لأي لبس فيها، لأن المرتزق يمارس أقذر السلوكيات من تزوير ومخالفة ضمير وقلب معلومات وإخفاء غيرها، وتشويه أشخاص مخلصين جيدين، ورفع نقيضهم من الرديئين والقتلة إلى مراتب النزاهة والبراءة. وإذا كانت الحالة حربا بين الحق والباطل، يظهر الباطل منتصرا دائما عند مرتزقة الإعلام، فيما الحق هو المهزوم لديهم. حالات مرتزقة الإعلام برزت بوضوح بعد بدء أحداث الربيع العربي، وأكثر حالاتها شهرة قيام معمر القذافي قبل مقتله بدفع الملايين لـ"مرتزق" كي يؤسس فضائية تدافع عن "العقيد" وتبرز عظمته وتهاجم خصومه، ولأن كل الأمكنة لا تستضيف تلك الفضائية لم يجد صاحبها بدلا عن رعاية النظام السوري لها فأطلقها من دمشق. ثمة حالة أخرى أكثر حداثة من السابقة، وهي حالة إعلامي أرفق مغادرته لقناة "الجزيرة" بجعجعة ظهر طحينها لاحقا عبر قناة "الميادين" الفضائية، ومن خلال أسلوب القناة في تغطياتها للأحداث السورية وأخبار حزب الله يمكن بسهولة الوصول إلى أن ثمة مرتزقا إعلاميا يتكسب من النظام السوري والموالين له في لبنان، وإلا فما معنى أن كاميرا "الميادين" ترافق…

آراء

“العربية” و”الجزيرة”.. السلاح العربي الحديث

الجمعة ٢٤ أغسطس ٢٠١٢

عندما يُسمى الإعلام بالسلطة الرابعة فهي سلطة حقيقية فعلاً ولها قوة لا يُستهان بها، فالإعلام من يصنع الرأي العام وربما يُجيّش الناس أو يُهدّئهم على أي موضوع قد يشغل الناس. وقد كان العرب في مرحلة سابقة لا صوت لهم، ولم يكن يعلم العالم عن الكثير من قضاياهم إلا من ندر، بسبب ضعف آلتهم الإعلامية وقوة آلة أعدائهم. رأينا كيف عملت الآلة الإعلامية العربية في حروب إسرائيل مع الفلسطينيين وإبراز الوحشية الإسرائيلية، وكيف أنها شكلت جيشا غير مرئي ضد إسرائيل، وأُرغِمت الأخيرة لإيقاف الحرب عدة مرات جراء تكلفتها السياسية الدولية. ثم رأينا ما قامت به قناة الجزيرة في أفغانستان بعد غزو الأمريكان لها، من إبراز لآثار القصف الأمريكي المدمر، الذي كثيرا ما كان لا يُراعي المدنيين! ودفع المراسلون للقناة دماءهم جراء تلك السياسة، حتى وصل الأمر إلى ضرب القناة بالطائرات عدة مرات في كابل وبغداد، واعتقال أحد مراسليها لسنوات طويلة مع المتهمين بالإرهاب دون أدنى ذنب! ولو لم يكن خلفه آلة إعلامية قوية لربما أعدِم أو تُرك في المعتقل بقية حياته! وفي الحقيقة أن أهم القنوات العربية - والحديث هنا عن القنوات المهتمة بالجانب السياسي فقط - هما قناتا العربية والجزيرة، اللتان حققتا نتائج ضخمة في أداء دورهما على الصعيدينِ الدولي والإقليمي. فقد وقعت العربية تحت العديد من الانتقادات من قبل…

آراء

لماذا دبي؟

الجمعة ٢٤ أغسطس ٢٠١٢

شهد منفذ البطحاء الحدودي – بين المملكة و دولة الإمارات – زحاماً شديداً خلال الأيام القليلة الماضية. عشرات الآلاف من السعوديين قضوا إجازة العيد في الإمارات. و في الطريق بين أبو ظبي و دبي تشاهد عشرات السيارات السعودية والبحرينية والقطرية والكويتية والعمانية. كيف نجحت الإمارات في استقطاب عشرات الآلاف من السواح الخليجيين في الوقت الذي لا يختلف فيه طقسها عن بقية دول الخليج؟ المسألة – في ظني – أبعد من توفر الخدمات الترفيهية المبهرة مثل المولات و دور السينما و ملاهي الأطفال. إنها منظومة متكاملة من الخدمات تشمل الأمن و الطرق و أريحية التعامل و ذلك الشعور المهم بالحرية من عيون الفضوليين التي تراقب حركتك. في أسواق دبي، مثلاً، تندمج الغترة أو العباءة الخليجية مع آلاف المتسوقين من أوروبا وآسيا و كل يعرف حدوده. لا توجد تجربة خليجية مثالية. ما من تجربة إلا ولها بعض السلبيات مثلما لها من إيجابيات. لكن قدرة دبي – كنموذج مختلف – في صناعة اقتصاد من مقوماته الأساسية السياحة هي تجربة مهمة جديرة بالدراسة. يخبرني أصدقائي من أهل دبي، و بعضهم من كبار تجارها، أن دبي تحررت مبكراً من فكرة الاعتماد على النفط كمصدر أساسي لاقتصادها – لأنها لا تملك إلا قليله – مما ساعدها أن تستثمر في مقوماتها الاقتصادية الأساسية. هذه العقلية التجارية السائدة…

آراء

أوطان من ورق!

الخميس ٢٣ أغسطس ٢٠١٢

لو نتأمل في قصة ليبيا على مدى الأربعين سنة الماضية لرأينا الخسارة في أجلّ صورها. أربعة عقود من عمر دولة نفطية مهمة ضاعت سدى. عشرات الآلاف من المؤهلين شُردوا من ليبيا. عشرات المليارات أهدرت على مغامرات سياسية حمقى لرجل يمارس الجنون أكثر من السياسة. ومن زار ليبيا يأسف لغياب شبه كامل لمقومات التنمية. بل إن مستوصفاً في قرية تونسية يفوق أكبر مستشفى في ليبيا في الإمكانات والخدمات. تلك قصة واحدة في العالم العربي. ماذا عن القصص الأخرى؟ هل يُعقل أن تكون التنمية في بلد فقير مثل الأردن أفضل كثيراً من بلدان نفطية مثل العراق وليبيا؟ كيف تهدر موارد الأوطان في حماقات سياسية أو بفعل الفساد المستشري وتعيين الفاشلين في مواقع قيادية تدمر ولا تبني؟ لا فرق بين «مسؤول» فاسد وآخر غير مؤهل! النتيجة غالباً واحدة: كلاهما يهدم ولا يبني! انظر في خارطة البؤس العربي وتأمل حال التنمية في عالمنا. والتنمية التي أعنيها هنا لا تقتصر فقط على بناء الطرقات والمطارات وتأهيل المستشفيات بالخبرات وتطوير الإمكانات، ولكنها تشمل أيضاً بناء المؤسسات الرقابية والقانونية، ما يسهم في بناء الدولة العصرية ذات الاقتصاد المتين والقوة العسكرية الضرورية. مع الأسف الشديد، تنفق ميزانيات ضخمة في غير وجهها الصحيح، هذا فوق الأرقام الفلكية التي تختفي من الميزانيات أو لا تدخل أصلاً في بنود ميزانيات الدولة!…