آراء

آراء

جيل الفشل

الجمعة ١١ مايو ٢٠١٢

العالم المصري، فاروق الباز، لفت أنظار حضور منتدى الإعلام العربي -الذي اختتمت للتو فعالياته في دبي- بجرأته وواقعيته وهو يعترف أنه ينتمي لجيل الفشل. قال إن جيله فشل فشلاً ذريعاً وأن الأمل في جيل الشباب الراهن. ولم يقبل فاروق الباز ببعض الأعذار التي يمكن أن تُلتمس لجيله كدور الاستعمار في تخلف الأمة وانتشار الأمية وقتها إلى آخر قائمة الأعذار. قارن الباز بين حال الأمة أيام شبابه وحالها اليوم. ويا لها من نتيجة مؤسفة. فالتخلف الاقتصادي والتراجع التنموي وانتشار الجهل بكل ألوانه وأشكاله عناوين عريضة لراهن العالم العربي. الغريب أن يأتي هذا الاعتراف من رجل ناجح كان لكثيرين من أبناء جيلي ملهماً نحو العمل والاكتشاف. في ظني أن أبرز أسباب تخلف العالم العربي عن ركب النهضة الإنسانية المعاصرة هو تجاهل التنمية. تنمية الإنسان، من التعليم والصحة والبنى التحتية، أُغفلت في ظل الصراعات على السلطة. والسلطة عندنا قرينة التسلط و التملك و الاحتكار. وهي في العالم المتقدم تسمى «إدارة». أي أن وظيفتها الرئيسة إدارة شؤون البلد ومتى ما انتهى دورها جاءت «إدارة» جديدة وكان الله غفوراً رحيماً! أُغفل الإنسان -الفرد- وسط ضجيج الصراعات على السلطة. دُمر الإنسان -الفرد- بعد هيمنة الثقافة -المؤدلجة- التي تقمع الفرد إن فكر خارج صندوق المألوف أو تجرأ وتكلم في الممنوع. تراجعت التنمية لأن من خطط للمشروعات التنموية…

آراء

بين القارئ والإعلام التقليدي

الخميس ١٠ مايو ٢٠١٢

كثرت الأحاديث في الفترة الأخيرة عن أن الإعلام الإلكتروني سوف يتقدم على حساب الإعلام الورقي التقليدي الذي رأى بعض الدارسين والمهتمين أنه سوف يتراجع. غير أن الدراسات الميدانية لا تشير إلى تلك الفكرة، ومنها الإصدار الرابع لتقرير "نظرة على الإعلام العربي" الصادر حديثا عن نادي دبي للصحافة تحت عنوان "الإعلام العربي: الانكشاف والتحول" الذي لم يكن ثريا بالمعلومات فحسب، بل اتضح فيه الجهد البحثي الاستشرافي الذي يحلل النتائج ويقرأ الغد استنادا على متغيرات اتضحت معالمها. وفيما يتعلق بالمطبوعات توصل التقرير إلى أنه في حين أن الصحف في العالم تشهد انحدارا من ناحية التداول والإعلان، إلا أنها في المنطقة العربية ما زالت تجاري مختلف الظروف، إذ إن تداول الصحف أظهر بعض النمو بين عامي 2010 و 2011 وإن كان بدرجة أقل من السابق. كما ظهر نمو في سوق المجلات من حيث عددها عام 2011. والملاحظ أن بعض القطاعات مثل مجلات المرأة حافظت على قدرتها على استقطاب القراء برغم ظهور منافسين جدد. ويتحدث التقرير عن استعداد بعض دور النشر الرائدة للهجرة الرقمية والاستفادة من إمكانية الانتشار عبر خصائص إلكترونية محددة قوية التركيز. ورأى 76% من المشاركين في استطلاع للرأي أن استخدام الجمهور لوسائل الإعلام الجديد كمصدر للأخبار سوف يتزايد، مما يعني أهمية الالتفات لهذه الوسائل من قبل السياسيين وصناع القرار لتأمين وصول…

آراء

عبدالله بن زايد

الخميس ١٠ مايو ٢٠١٢

حينما استخدمت لقب «الشيخ» وأنا أكتب عن وزير خارجية الإمارات في تويتر رد علي طالباً أن أكتفي وأنا أخاطبه بـ«أبو فاطمة». في وقت قصير كسر الشيخ عبدالله ألف حاجز – بعضها وهمي – بينه وبين شباب بلاده.اقرأ تعليقاته على تويتر تجدها في الغالب تعليقات على تغريدات لشباب من الجنسين من بلاده، يشجع هذا و يرد التحية على ذاك، في لغة من التفاعل الإيجابي بين «الشيخ» وشباب وطنه. هكذا يمكن لمسؤول في مكانة عبد الله بن زايد أن يقترب أكثر من وعي الشباب في وطنه ومنطقته. وهذا ما بحت أصواتنا و نحن ننادي به منذ سنوات: ليقترب المسؤول العربي من شباب بلاده بدلاً من تلك الفوقية في التعامل وتجاهل وعي الشباب وهمومه وتطلعاته. لم يعد المسؤول في محيطنا اليوم بحاجة لــ «حاجب» بينه وبين هموم مواطنيه فقنوات التواصل المباشر كسرت تلك «الجدران» التي عزلت المسؤول طويلاً عن حقائق مجتمعه. ولكيلا يسقط «جدار برلين» العربي فوق رؤوسنا جميعاً، علينا أن نستثمر هذه النوافذ الواسعة من التواصل المفتوح والمباشر للاقتراب أكثر من هموم الناس وقضاياها ووعيها وتفكيرها. من هنا يأتي احتفائي بتجربة الشيخ عبد الله بن زايد في تويتر كما احتفيت أمس بتجربة الشيخ خالد آل خليفة و قبلهما – في أماكن أخرى – بتجربة الدكتور عبدالعزيز خوجة في تواصله مع الإعلاميين الشباب…

آراء

خالد آل خليفة

الأربعاء ٠٩ مايو ٢٠١٢

في بدايات استخدامي لتويتر، بدأت أتواصل مع الشيخ خالد آل خليفة، وزير خارجية البحرين. في البداية كنت حريصاً على التأكد أنني كنت فعلاً أتواصل مع الشيخ خالد آل خليفة نفسه. للأسف فبيننا من يفتري على الناس فيكتب باسم غيره ناهيك عن قائمة طويلة ممن يتبرقعون بالأسماء المستعارة و يوزعون الشتائم على أعلام في الفكر و السياسة و الثقافة. كانت المسألة سهلة إذ توجد علامة شهيرة أمام اسم الشيخ خالد تؤكد أن صاحب الحساب هو الشيخ نفسه. كنت أيضاً أبحث عن طريقة أخفي فيها فرحي برسالة الشيخ خالد لكيلا تتعارض مع المهنية و الحياد -شبه المستحيل- في عملنا الإعلامي. أعترف أنني أفرح حينما أجد مسؤولاً بحجم الشيخ خالد يتفاعل مع الإعلاميين و أصحاب الرأي خصوصاً أننا ننتمي لمنطقة ما زال فيها صاحب الرأي يشعر بالتهميش وسوء الظن. تمر الأيام و إذا بالشيخ خالد يصبح من نجوم الإعلام الجديد عبر حسابه النشط في تويتر. أكاد أجزم أن الشيخ خالد خدم بلاده إعلامياً في أشهر قليلة أكثر مما فعلت مؤسسات رسمية و شركات علاقات عامة داخل البحرين و خارجها على مدى سنوات. جاء الشيخ خالد إلى الإمارات قبل أشهر فحرص على أن يلتقي مباشرة بمجموعة من شباب الإمارات النشطين عبر تويتر. كان اللقاء، كما عرفت من أصدقاء، مفعماً بالصراحة و البساطة و الوضوح.…

آراء

بطالة العرب!

الثلاثاء ٠٨ مايو ٢٠١٢

قبل البارحة، أثناء الاحتفال بانطلاقة (سكاي نيوز عربية) في أبوظبي، أشار مدير القناة إلى أن أعداد المتقدمين لوظائف في القناة بلغ 24 ألفاً، فيما كان العدد المطلوب 400. إنه عدد كبير جداً في مجال إعلامي واحد يتطلب مهارات وخبرات تقنية خاصة. أدرك أن بعضهم ربما يعمل في مؤسسات إعلامية أخرى لكنه يبحث عن فرصة جديدة قد تكون أفضل. غير أن هذا لا يمنع أن يكون عدد كبير منهم ممن يعاني فعلاً من بطالة طال أمدها. نقرأ باستمرار عن الأعداد الكبيرة، تصل أحياناً بالآلاف، التي تتنافس على وظائف معلن عنها قد لا تتجاوز العشرين. وثمة دلائل كثيرة تشير إلى النفق المظلم الذي ينتظر شباب العالم العربي في السنوات المقبلة، البطالة! لم تعد الهجرة خارج حدود العالم العربي كفيلة بتوفير القليل من الفرص للمؤهلين من الشباب العربي أو للعمالة العربية. فأوروبا اليوم تعاني من مشكلات اقتصادية ضخمة زادت من ندرة الفرص الوظيفية الجيدة ورفعت نسب البطالة هناك. أين الحل؟ لا مخرج للعالم العربي من أزماته سوى بالتركيز الواعي والعملي والعلمي على قضايا التنمية. انشغلنا كثيراً بجدالاتنا السياسية على حساب التنمية الشاملة. بل بدأت كثير من البلدان العربية تفقد ميزاتها الاقتصادية في السياحة والزراعة والتصدير وإعادة التصدير بسبب الانشغال الطويل بالصراعات على السلطة والجدالات حولها. وكل ذلك نتيجة لغياب الرؤى الأشمل للتحديات الاقتصادية…

آراء

المجتمع الغاضب

الإثنين ٠٧ مايو ٢٠١٢

الغضب يعمي الأبصار. لا يمكنك أن تتخذ قراراً صحيحاً في لحظة غضب. ردات فعلك وأنت غاضب تأتي تلقائياً غاضبة، قس هذه الحالة الفردية على حالة مجتمع بأكمله، يتراكم الغضب، شيئاً فشيئاً، حتى يتمكن من المجتمع بأكمله فتصبح الأفعال ورداتها تحت سيطرة الغضب. انظر وتأمل ما يحدث في الشارع المصري اليوم. انظر وتأمل كيف يتعامل الناس في محيطنا مع الرأي المختلف ومع كل فكرة جديدة. في الشارع المصري سيطر الغضب ولم تعد «النكتة» المصرية قادرة على امتصاص غضب الناس وانفعالاتها. الفقر والإحباط وسوء الأحوال زادت من حدة الغضب العام فتاه الرأي العاقل وسط ضجيج الغضب الهادر ولم يجد له هناك مكاناً. وفي مجتمعنا القريب، يبدو الغضب سيد المشهد عند طرح فكرة جديدة أو في حالات الاختلاف في الفكر والرأي، الناس الغاضبة تقرأ الأفكار غاضبة وتكون ردات أفعالها غاضبة، بعضنا من شدة غضبه لا يكمل قراءة الفكرة فيدفعه غضبه لاختزال الفكرة في سطر عابر ينتقل منه إلى خلاصة خاطئة. اقرأ لغة التعامل مع الرأي المختلف لدى قطاع واسع من أبناء مجتمعنا: شتائم وتخوين وتكفير وتهديد، المجتمع الغاضب كلمة تدفعه نحو اليمين وأخرى تدفعه نحو اليسار. ولا أخطر من أن يسيطر الغضب على حراك المجتمع وانفعالاته؛ إذ يغيب صوت العقل ولا يجد له مكاناً وسط الجموع الغاضبة، لكن امتصاص غضب الناس لا يأتي…

آراء

شاعر القبيلة!

الأحد ٠٦ مايو ٢٠١٢

«شاعر القبيلة» همه الأول تمجيد القبيلة ومدح تاريخها وتحويل هزيمتها إلى انتصار. إنه لا يرى في قبيلته عيبا، بل من العيب أن يرى فيها عيبا. مهمته، في السلم، الثناء على كل حدث داخل قبيلته. وهو «مداح» لا يمل كيل المديح لشيخ قبيلته وأعيان القبيلة وأثريائها. أما في الحرب، فهو لسان سليط، شتام رداح، ضد من يجرؤ على كلمة نقد ضد قبيلته أو شيوخها. قبيلته دائماً على حق وهي دائماً رمز للفروسية والكرم والمجد. أما القبيلة الخصم فيكاد يجردها من أي قيمة إنسانية، ومن تاريخها وأمجادها. شاعر القبيلة غالباً نذير شر، يشعل الفتن بطول لسانه، متقلب في مواقفه، يرفعك للسماء إن أكرمته، ثم ينزلك منزلة البخلاء ومن بلا أصل أو فصل إن حرمته يوماً من «شرهة» أو «هدية». وإن اشتعلت حروب الكلام في محيطه، لبس خوذة المحارب وحمل «سيف» البذاءة وأطلق لسانه السليط في شتم القريب والبعيد، وفي التحريض والتهييج وقرع طبول الفتنة. شاعر القبيلة يعيش معنا إلى اليوم منذ تلك العهود التي نسميها بـ«الجاهلية». و«جاهلية» يومنا أشد فتكاً من مثيلاتها في غابر الأزمنة. فشاعر القبيلة اليوم يمتلك أدوات حرب وتحريض لم يمتلكها أقرانه فيما مضى. ففضائياتنا وصحفنا، ناهيك عن كل وسائل الإعلام الجديد، صارت منبراً لـ»شاعر» القبيلة خصوصاً وقت الخصومة التي ينتشي فيها وتتجلى عبرها إمكاناته الكبيرة في الشتيمة والكذب…

آراء

مساحة للرواد في مهرجان الفيلم السعودي

الأحد ٠٦ مايو ٢٠١٢

تشكل مبادرة قناة "روتانا أفلام" بإقامة مهرجان "الفيلم السعودي" الذي تبدأ عروضه بعد أيام منعطفا مهما في مسار السينما السعودية التي أخذت في السنوات الأخيرة تتحرك بسرعة معتمدة على جيل شاب أتقن لغة التكنولوجيا والعصر، واستخدم أحدث الوسائل لإنتاج أفلام انطلقت إلى المهرجانات الإقليمية والدولية، فيما لم يستطع المكان الذي أنجبهم أن يوفر لهم مساحة لعرض إبداعاتهم، لأن الممانعة مستمرة من قبل مجموعة تصر على البقاء خارج الزمن، وترفض إنشاء صالات عرض تستقطب الخبرات المحلية من جهة، وتحتضن الجمهور الذي يود مشاهدة الأفلام من جهة أخرى. لم يدرك الممانعون أن وسائل العرض باتت متاحة، ولم يعرفوا أن الأفكار لا تنضب. ولأنها لا تنضب جاءت فكرة إقامة مهرجان الفيلم السعودي على قناة فضائية.. وهكذا ينوي القائمون على المهرجان أن يحققوا الإنجاز والسبق عبر منح 13 جائزة للأفلام الفائزة من خلال لجنة تحكيم وجمهور يشارك في اختيار أفضل الأفلام في مجالاتها، وأفضل ممثل وممثلة ومونتاج وتصوير وسيناريو، ومؤثرات صوتية، وأفضل إخراج، بالإضافة إلى جائزتي لجنة التحكيم والجمهور. ليقترب المهرجان بأسلوب جوائزه من المهرجانات الدولية. إلى ذلك، يبث المهرجان رسالة مفادها أنه إذا صعب الوصول للجمهور عبر الصالات، فإن السينمائيين سوف يصلون إلى المتفرجين داخل السعودية في منازلهم بعد أن وصلوا إليهم عبر اليوتيوب. التجريب في السينما السعودية ليس جديدا، فهو بدأ منذ…

آراء

السعودية ومصر … والتحول من علاقات عمودية إلى أفقية

السبت ٠٥ مايو ٢٠١٢

ثَمة حقيقة مؤلمة في قصة المحامي المصري الشاب الذي اتُّهم بمحاولة تهريب عقاقير طبية للسعودية، هو أنه كاد أن يفرق بين السعودية ومصر، على رغم كل ما نقوله عن العلاقة الإستراتيجية الحتمية بين البلدين والتي يدركها أي طالب مبتدئ في الجيوسياسة. السبب أننا لم نكمل عملية التحول من النظام العربي القديم الذي انهار العام الماضي إلى النظام الجديد الذي لا يزال يتبلور من حولنا، ولا نزال نستخدم أدوات النظام القديم التي لم تعد صالحة لعلاج مشكلات النظام العربي الجديد، فالإعلام المصري مثلاً، وهو يحتفل بالحصول على حريته، لم يعرف كيف يستخدمها وفق ضوابط المسؤولية، فكان المؤجِّج للأزمة في حفلة مزايدة على الوطنية، وكاد أن ينافسه في ذلك بعض من الإعلام السعودي لولا أن الحكومة السعودية لفتت انتباه «إعلامها» إلى ضرورة ضبط النفس واتباع سياسة الدولة في الحكمة والصبر، حرصاً على علاقة استراتيجية لا يملك قادة البلدين اختيار غير العض عليها بالنواجذ. أما في مصر، فلقد فقدت الدولة الجديدة -التي لم تكتمل بنيتها بعدُ- السيطرةَ على الإعلام، وليس هذا عيباً وإنما ميزة وتطور طبيعي للمجتمعات وهي تمضي نحو الديموقراطية. في الماضي، كان يكفي اتصال من وزير الإعلام السعودي لنظيره المصري، أو العكس، لعتاب على مقال أو خبر، وخلال 5 دقائق يتم الاتصال بالكاتب أو المذيع ويوضع حد «للتجاوز» الذي سبب عتب…

آراء

العامِلُ المَنْسِيّ

السبت ٠٥ مايو ٢٠١٢

كنا جالسين في المطعم عندما أتى النادل بالطعام فشَكرهُ أحدنا وظل الباقون صامتين. وكلما أتى لنا بشيء، شَكَرَه مرة أخرى، حتى قال له أحد الحضور: «يكفي أن تشكره مرة واحدة» فرد عليه: «أنا أشكره لكي أشعر بالسعادة». صديقي هذا تنطبق عليه نتائج الدراسة التي قام بها البروفيسور ستيفن تويبر من جامعة كِنْت في أوهايو ونُشِرت السنة الماضي في دورية (دراسات السعادة). شملت الدراسة مجموعة من الطلبة، حيث قال في ملخّصها: «إذا أردتَ أن تشعر بسعادة مطلقة، فخذ خمس عشرة دقيقة من وقتك مرة واحدة في الأسبوع، لمدة ثلاثة أسابيع، واكتب رسالة شكرٍ وامتنانٍ إلى شخص ما». واشترط عليهم ألا تكون رسائل شكرهم مباشرة، كأن تكون شكراً على هدية، بل عليهم أن يعبروا عن امتنانهم للمواقف النبيلة للأشخاص الذين يشكرونهم، ويشرحوا لهم ما يشعرون به تجاههم بالتفصيل. وكانت النتيجة أن مستوى سعادة هؤلاء الأشخاص ورضاهم عن حياتهم كان يرتفع بعد كل رسالة يكتبونها، وفي المقابل، فإن بعض الذين كانوا يشعرون بالإحباط منهم بدأوا يشعرون بتحسّن أكبر، كلما كتبوا أكثر. إن الامتنان لغة لا تحتاج إلى كلمات، ومعانٍ لا تحتاج إلى تفسير، فالممتنون مؤمنون عرفوا أن أحد أسرار السعادة هو ألا يُغادروا هذه الدنيا إلا وهم راضون عن الآخرين، فما قيمة الحياة عندما نفارق فيها من نُحبّ دون أن نعبّر عن مدى…

آراء

مواطن «فوق العادة»!

السبت ٠٥ مايو ٢٠١٢

مع المواطن في دولنا الحق في المطالبة بتنمية اقتصادية وخدمات وتسهيلات ومشاركة في صنع القرار. معه الحق في طرح الأسئلة الملحة والمحرجة في أسباب الفساد وغياب الشفافية وهيمنة البيروقراطية، إلى آخر القائمة. في المقابل، هل يسأل المواطن الكريم في بلداننا نفسه عن دوره في إصلاح أحواله؟ أقابل كثيراً أناس يظنون أن المواطنة بمثابة «المصباح السحري» الذي يحقق كل الأحلام والأماني وأنت جالس أمام التلفزيون أو في مقهى «أرجيلة» على قارعة الرصيف. بعضنا يختزل التنمية بمعانيها الاقتصادية والاجتماعية الضخمة في القدرة المالية على استقدام مزيد من العمالة المنزلية وشراء أحدث الموديلات من الحقائب والسيارات والساعات. لا تفهمني خطأ. من حق الناس أن تفكر في تحسين طريقة حياتها وفي السفر والترفيه والرفاهية. لكننا معنيون بمواجهة حقائق القصور في فهمنا لمعاني المواطنة وما يترتب عليها من مسؤوليات والتزامات. عندي أن من «الوطنية» أن يعمل الفرد -مهما زادت ثروته أو علت مناصبه- على تطوير ذاته بالقراءة والتدريب وفهم آخر المنجزات. ومن الوطنية أن نسأل أنفسنا عما قدمناه لمحيطنا، من دائرة الأسرة الصغيرة إلى ما هو أبعد، من خدمة وعون وإسهام في مواجهة التحديات مهما كانت صغيرة. لماذا مواطننا يظن أن على حكومته أن تكون مثل «المربية» التي تؤكله وتشربه وتطبطب على ظهره حتى ينام؟ ومتى يؤمن الفرد في بلداننا أن من واجباته الوطنية الكبرى…

آراء

فلسفةُ الخلود في ملحمة جلجامش

الخميس ٠٣ مايو ٢٠١٢

من الأمور الحسنة في تاريخ بلاد الرافدين أنها حُكمت ذات زمن من قبل ملك آشوري مثقف هو آشوربانيبال (669 - 627 ق.م) ترك في نينوى بالعراق للأجيال اللاحقة ولعشاق الفكر والمعرفة مكتبةً ضخمةً اكتشفت عام 1853، تضم آلاف الألواح المكتوبة التي تؤرخ لزمنه وللعصور السابقة، ومنها 11 لوحا طينيا دُوّنت عليها ملحمة جلجامش بالخط المسماري باللغة الأكادية. في رحلة البحث عن سر الخلود، تكشف الملحمة السومرية التي تعدّ أقدمَ رواية أو مطوّلة شعرية كُتبت عن التفكير المتطور لإنسان الألف الثالث قبل الميلاد ورغبته الجارفة في التمسك بالحياة. قبل تلك الرحلة، أي بعد تغلب جلجامش ملك أوروك الذي يمثل الشر على إنكيدو الذي يمثل الخير، أبى الكاتب إلا أن يبث رسالة تقول إن الخير أقوى من الشر داخل الإنسان، ولذلك جعل جلجامش يصادق خصمه المهزوم، فتحولا إلى قوة جبارة، انتصر بها الكاتب على إرادة الآلهة "المصطنعة" بقتل مارد غابة الأرز والثور المجنح. ولأن كلَّ إنسان فان.. فقد بثّ الكاتب رسالة أخرى بعد بكائيات جلجامش وحزنه على موت إنكيدو، وهي كيفية اكتساب الخلود. ذلك الهاجس الذي سيطر على عقله إثر إدراكه أنه سيموت كصديقه، وما من مهرب إلا بـ"الخلود". طبقا للأسطورة، لم يكن أمامه سوى الوصول إلى (أوتونبشتم) وهو الإنسان الوحيد الذي حقّق الخلود مع زوجته بعد نجاتهما في حادثة الطوفان الشهيرة.…