آراء
الجمعة ٢٠ يناير ٢٠١٢
بيئة العمل تصنع الفارق في أداء الموظف. الإنسان المبدع في بيئة بيروقراطية كئيبة، تقتل الإبداع ولا تسمح بالخروج عن النص البليد، لابد أن يتأثر سريعاً بتلك البيئة ويصبح جزءاً منها. الإبداع ليس فقط قدرات فردية. إنه أيضاً “بيئة” تشكل ما يشبه “الحاضنة” التي تهيئ السبل والإمكانات للفرد كي يمارس إبداعاته ويترجمها إلى منتج. ولذلك فإن من أخطر أشكال “إحباطات” المبدع أن نضعه في غير بيئته ونحاصره بكل عوائق التميز البيروقراطية. يخبرني مسؤول مهم في الرياض أنه، وبعد أن عجز عن خلق مناخ إبداعي في مؤسسته الحكومية، بسبب البيئة المقيدة وعدم القدرة –نظامياً– على القفز في قراراته على عقد بيروقراطية مترسخة في العمل الحكومي، صار يتردد في قبول القدرات الشابة المبدعة حينما تقدم على وظيفة في مؤسسته. قال إنه يوجهها لمؤسسات أخرى في القطاع الخاص وشبه الحكومي كي تجد بيئتها الملائمة للإبداع والتميز. الإنسان غالباً ابن بيئته. البيئة الخاملة لا تنجب أفراداً مبدعين، والمبدعون في بيئة تحارب الإبداع أو لا تشجعه يفقدون –مع الوقت– تميزهم وإبداعهم؛ ولهذا احترمت كثيراً ذلك المسؤول الذي يحيل المتقدمين الجدد لوظيفة في مؤسسته، من المتميزين جداً، إلى مؤسسات أخرى لديها بيئة أفضل لتنمية وتنفيذ أفكار خلاقة وخارجهة عن دائرة الروتين القاتلة. للأسف، في عالمنا العربي تنتشر المؤسسات الخانقة للتميز والإبداع. ويكثر المسؤولون الذين يحاربون الموظف المبدع…
آراء
الخميس ١٩ يناير ٢٠١٢
غداً الجمعة، تنطلق في الإمارات حملة تطوعية لتنظيف الصحراء. بدأت الفكرة بتغريدة -عبر تويتر- للشيخ عبدالله بن زايد قبل أيام وخلال ساعات أصبحت حديث المجالس في الإمارات وخارجها. الفكرة هنا تتعدى الفعل إلى تأسيس ثقافة تشجع المجتمع على التطوع. إنها أيضاً مبادرة ترفع من مستوى “روح الفريق الواحد” عند شباب اجتمعوا على هدف محدد وقرروا طواعية تحقيقه. من مسؤوليتنا أن نشجع الأفكار التي تحث على العمل الجماعي والتطوعي. أتذكر أيام الدراسة في أمريكا كيف كان الطالب الأمريكي يحرص على أن يؤدي أعمالاً تطوعية قبل تخرجه من الجامعة، حتى ظننت أن العمل التطوعي من شروط التخرج. الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر كان يقود آلاف المتطوعين لبناء بيوت للفقراء في المدن والضواحي الأمريكية الفقيرة. وهناك مبادرات تطوعية لرعاية المسنين أو تدريب أطفال الأسر الفقيرة ناهيك عن تنظيف المنتزهات والميادين العامة. أفرح كثيراً وأنا أشاهد مجموعات شبابية في الخليج تحتفي بالتطوع وتبادر له. في جدة، أثناء كوارث السيول، لعبت فرق المتطوعين من الشباب، أولاداً وبنات، أدواراً مهمة في عمليات الإنقاذ والإسعاف والمساعدة. وفي الإمارات، لا تخلو فعالية من وجود طاقات شبابية متطوعة تسهم في التنظيم واستقبال الضيوف ومساندة المنظمين. وحينما نحتفي بمبادرات تدعم العمل التطوعي في المجتمع، فإننا في ذات الوقت نعيد إحياء مبدأ نبيل كان أجدادنا في الجزيرة العربية يؤمنون به في…
آراء
الخميس ١٩ يناير ٢٠١٢
بين حين وآخر تظهر إحدى إشكاليات الإلغاء على الساحة الثقافية. والإلغاء يكون عادة بعدم الاعتراف بوجود شرائح من النخب يجري الحديث عنهم في الكتابات والحوارات، كما في حالة إلغاء وجود الليبرالية أو الليبراليين التي تتكرر كل فترة.. أو إلغاء وجود مفكرين سعوديين أو مثقفين مؤثرين كما جاء في "ثقافة الوطن" منذ يومين. وجرت العادة أن يعود الجدل كلما حدث إلغاء.. فهل ننتظر جدلا جديدا حول "المثقف المؤثر" أو "المفكر السعودي"؟ ما يحدث من حراك ثقافي وجدل في دول "الاستقرار العربي" يمثل حالة صحية، فالمثقف فيها - أيا كان تياره - ما زال يظهر في صدارة المشهد، وإن أنكر البعض ذلك في حوار أو محاضرة، فالإنكار المتداخل مع الإلغاء ليس إلا جزءا من الحراك، لأنه يثير الراكد، ويعيد الجدل الذي تتناقله وسائل الإعلام، ما يؤكد على أن المثقف هو المحور، ورؤيته هي التي تواجه الرؤى الأخرى، بحثا عن إثبات حالة ما.. ومع استمرار الجدل، تزداد معارف المتجادلين والمتابعين ثراء. في حالة معكوسة، ثمة دول تقوقعت نخبها منذ زارها "الربيع العربي" وغاب عنها جدل المثقفين الذين تراجعوا وتركوا صدارة المشهد للشباب.. ونجد هنا أيضا حالة لـ"الإلغاء"، لكنه إلغاء من نوع مختلف وغير متعمد.. فالشباب صنعوا التغيير يوم عجزت عنه النخب.. والنخب لم يغادرها الذهول بعد. عندما يلغى قانون ما تم ترسيخه كثقافة…
آراء
الأربعاء ١٨ يناير ٢٠١٢
لأن تويتر أصبح اليوم «حديث المجالس» وحالة «إدمان» عند بعضنا، فهنا جملة سريعة من «التجارب» لعلها تفيد بعض القادمين حديثاً إلى هذا العالم الساحر! الدرس الأول أن تدرك أن تويتر ليس من تلك المنتديات التي نجومها عادة من مرتدي «برقع» الإسم المستعار. لا يليق بك – وأنت في حضرة المحترمين – أن ترتدي برقعك لتخفي هويتك و أنت تمارس «الصراخ» من وراء حجاب. تذكر أيضاً أن «الشتيمة» ليست من باب حرية التعبير وفي بلدان كثيرة يعاقب عليها القانون. و حينما نتجاوز معضلة «البرقع» نأتي إلى مسألة ثانية. لا تتوقع من كل مستخدم لتويتر أن تكون أنت شغله الشاغل. لا تبتئس إن لم يرد عليك نجماً من نجوم تويتر فقد يكون انشغل عنك في إجتماعاته الوظيفية أو ارتباطاته الأسرية أو ضاع سؤالك في زحمة الأسئلة. و لا تستغرب حينما «يمزح» نجوم تويتر مع أصدقائهم ومتابعيهم فهم –مثلك – أناس يضحكون و يمزحون، يصيبون ويخطئون. واحدة من ثمار شبكات التواصل الاجتماعي أنها كسرت الحواجز بين كثير من المسؤولين الكبار وشباب مجتمعهم وسهلت التواصل مع نجوم المجتمع من دعاة وكتاب ورجال أعمال. أما إن كنت من «علية القوم» فعليك –أولاً – أن تعلق «البشت» جانباً وتهيئ نفسك لسماع ما لم تسمعه في حياتك من نقد وسخرية. ستستقبلك الأسئلة الحادة عن مشروعاتك المتأخرة ووعودك…
آراء
الثلاثاء ١٧ يناير ٢٠١٢
في زمن “التصنيفات” التي تستخدم عادة لإلهاء الناس عن القضايا الحقيقية، أستغرب كيف لا يصنف كل معجب بثقافة الشرق بـ”التشريقي”؟، أنا أعرف “تشريقيين” حولي إعجابهم بالشرق أكثر من إعجاب “التغريبيين” بالغرب. التغريبي -حسب التصنيف- يعجب بثقافة الغرب ويسعى لتغريب المجتمع على حساب ثقافته الأصلية. فماذا عن التشريقي إذن؟ ما الفارق بين المعجب بالهامبورقر الأمريكي وآخر معجب بالسوشي الياباني؟، لماذا يدعى الأول بـ”تغريبي” ولا يدعى الثاني بـ”تشريقي”؟ وأعداد المسافرين من منطقتنا إلى بلاد الشرق قد تزيد عن أعداد المسافرين إلى الغرب. لماذا نخاف من “التغريبيين” أكثر من “التشريقيين”؟، وبما أنني من الفئة التي مرت بكل التصنيفات، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، فإنني أرجو من المنشغليين بتصنيف الناس أن يضيفوا إلى القائمة تصنيفا جديدا هو “تشريقي”! الحقيقة أننا نشغل أنفسنا ومن حولنا -بوعي أو بدونه- بلعبة “التصنيفات” البليدة في وقت يبحث فيه المجتمع عمن يناقش قضاياه الحقيقية. كن ما شئت، إسلامياً أو ليبرالياً أو تغريبياً أو تشريقياً ولكن لا تشغلنا بمعاركك المزيفة والناس منشغلون بقضايا التنمية وهموم البطالة وأسئلة “الميزانية”!، مجتمعاتنا اليوم صارت أكثر وعياً من تلك الدوائر التي أرادت لنفسها التقوقع في جدالات عابرة على حساب التحديات الحقيقية خصوصاً تلك التي تمس اهتمامات الناس المباشرة في التعليم والاقتصاد والإدارة. بل إن جدالات “النخبة الثقافية”، بكل تياراتها و”تصنيفاتها” تؤسس لحالة من…
آراء
الثلاثاء ١٧ يناير ٢٠١٢
بقلم: ياسر حارب يَسْتَهِلُّ توماس فريدمان كتابه «العالم مُسطّح» بقصته، عندما كان يلعب الغولف في إحدى الملاعب الهندية، ثم ينتقل تدريجياً إلى فحوى الكتاب بسلاسة ويُسْر عن طريق ضرب الأمثال والاستشهاد بالوقائع البسيطة، ولا يهم إن كنا نختلف أو نتفق مع فكره، إلا أنه يبقى أحد أشهر الصحفيين في العالم؛ لبساطة أسلوبه ولبعده عن النخبوية. وعند قراءتي لمجلة التايم، وهي المجلة الأمريكية الوحيدة التي أقرأها، أجد في تقاريرها ومقالاتها بساطة مشابهة، تتميز بوضوح اللغة وبعدها عن التّقْعير، إلى جانب القصص التي تُقرب المعنى إلى أكبر شريحة من القُرّاء. فلم يعد هناك مكان في عالم اليوم الذي تقوده وسائل الإعلام الحديثة -التي صَنعت أنساقاً جديدة في العالم- للأرستقراطية الفكرية؛ لسبب واحد فقط: وهو البساطة. ولم تعد النخب قادرة على صناعة الرأي العام أو حتى تحريكه، وصارت تغريدة واحدة على تويتر تثير جدلاً واسعاً في المجتمع، وأحياناً، تدور بسببها صراعات ومناوشات فكرية واجتماعية أكثر من مقالة رصينة لأستاذ جامعي معروف. ليس هذا تقليلاً من شأن الكتابات والأطروحات العلمية، لكنني أستعرض الواقع. وقبل مدة قصيرة ظهرت مجموعة من الشباب السعوديين المبدعين الذين استوعبوا هذه الفكرة، فبدأوا يحاكون المجتمع وينتقدون المظاهر السلبية فيه عن طريق تصوير مشاهد كوميدية قصيرة، وعرضها على يوتيوب، كبرنامج (على الطاير) و(لا يكثر) و(إيش اللّي) وأخيراً البرنامج الذي أخذ بُعداً…
آراء
الإثنين ١٦ يناير ٢٠١٢
من أظرف أشكال الكذب في الخطاب السوري الرسمي أن أغلب المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام في سورية ليست سوى “تمثيلية” تجري فصولها في مدينة تركية ضمن “المؤامرة العالمية” ضد سورية. قال محدثي السوري: لا تصدق ما تشاهده عبر الجزيرة والعربية. وأوصاني – مخلصاً – أن أشاهد قناة الدنيا السورية “فهي الوحيدة التي تنقل الواقع”! ولم أتمالك نفسي مستغرباً: يا ساتر! محدثي الطيب ليس موظفاً رسمياً في الإعلام السوري، بل إنه من ضحايا سوء الحالة السورية التي دفعته – مثل ملايين سوريين غيره – للهجرة والتشرد. آلة “التضليل” السورية تلعب على وتر “المؤامرة” التي يتلقفها السوري البسيط وأمثاله من ضحايا نظرية المؤامرة المتجذرة في العقل العربي. أقسم صاحبي أن الجيش السوري لم يطلق رصاصة واحدة ضد مواطن سوري. سألته عن مشاهد التعذيب والنحر ضد المتظاهرين السوريين، فأجاب: إنها المعارضة تعتدي على الضباط ثم ترتدي زيهم العسكري من أجل تشويه صورة الجيش والنظام. سألته: كيف عرفت؟ عاد وسأل: ألا تشاهد قناة الدنيا؟ من أشد حالات البؤس أن يدافع المظلوم عن ظالمه أو يبحث الضحية عن أعذار لجلاده. تلك الحالة لم تأت بين يوم وليلة، إنها “مشروع” أسس له ورعاه نظام القمع السوري منذ عقود وأنتج أجيالاً ربما لو سألت بعضها: من ربك؟ لأجاب: بشار! ثم هبت رياح “الربيع” فكسر الإنسان حاجز الخوف داخله…
آراء
الأحد ١٥ يناير ٢٠١٢
نحن فعلاً نكتب في زمن مختلف ولقارئ مختلف! انكسر الحاجز بين الكاتب والقارئ، بين الفنان ومعجبيه، بين المعروف وغير المعروف. هكذا أسهمت قنوات التواصل الاجتماعي في هدم جدران برلين بين الناس داخل المجتمع الواحد. إلى قريب، كان الكاتب ينثر أفكاره من علو، كأنه سيد قومه، يأمر فيطاع، يقول فتهتز الرؤوس أمامه معبرة عن استجابتها وتأييدها أو كأنها تقول: “سم .. طال عمرك”! ذلك زمن قد ولى. انتفت تلك “الفوقية” التي استمتع بها المثقف طويلاً. اليوم لم يعد بإمكانك أن تكتب من برج عاجي وتعتقد أن الناس تقرؤك ولا تناقشك، تستقبل ولا ترسل! إنهم معك، حولك، يقرؤونك ويعلقون عليك في ذات اللحظة ويختلفون صراحة معك بل ويُسفهون برأيك إن لم يرق لهم. لم يعد بوسعك أن تعزل نفسك عن الناس في مجتمعك وتكتب كما لو كنت –طال عمرك– تعطي توجيهاتك أو تصدر أوامرك! وهكذا لكي تصل اليوم للناس لابد أن تخاطبها عبر منابرها الجديدة، تلك التي تتيح التفاعل المباشر معك والاختلاف الصريح معك. تلك حقيقة. وليس لك بد من الاعتراف بها وبالتالي التعاطي معها. لعلك لم تكن –في الأيام الخوالي– معتاداً على قراءة الرأي الذي يختلف معك، وكنت تظن في نفسك ظن المعلم الذي يعطي طلابه دروساً لا تناقش أو تساءل. لكنك اليوم تخاطب جيلاً يستطيع سريعاً أن يرد عليك ويختلف…
آراء
الأحد ١٥ يناير ٢٠١٢
من أظرف أشكال الكذب في الخطاب السوري الرسمي أن أغلب المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام في سورية ليست سوى “تمثيلية” تجري فصولها في مدينة تركية ضمن “المؤامرة العالمية” ضد سورية. قال محدثي السوري: لا تصدق ما تشاهده عبر الجزيرة والعربية. وأوصاني – مخلصاً – أن أشاهد قناة الدنيا السورية “فهي الوحيدة التي تنقل الواقع”! ولم أتمالك نفسي مستغرباً: يا ساتر! محدثي الطيب ليس موظفاً رسمياً في الإعلام السوري، بل إنه من ضحايا سوء الحالة السورية التي دفعته – مثل ملايين سوريين غيره – للهجرة والتشرد. آلة “التضليل” السورية تلعب على وتر “المؤامرة” التي يتلقفها السوري البسيط وأمثاله من ضحايا نظرية المؤامرة المتجذرة في العقل العربي. أقسم صاحبي أن الجيش السوري لم يطلق رصاصة واحدة ضد مواطن سوري. سألته عن مشاهد التعذيب والنحر ضد المتظاهرين السوريين، فأجاب: إنها المعارضة تعتدي على الضباط ثم ترتدي زيهم العسكري من أجل تشويه صورة الجيش والنظام. سألته: كيف عرفت؟ عاد وسأل: ألا تشاهد قناة الدنيا؟ من أشد حالات البؤس أن يدافع المظلوم عن ظالمه أو يبحث الضحية عن أعذار لجلاده. تلك الحالة لم تأت بين يوم وليلة، إنها “مشروع” أسس له ورعاه نظام القمع السوري منذ عقود وأنتج أجيالاً ربما لو سألت بعضها: من ربك؟ لأجاب: بشار! ثم هبت رياح “الربيع” فكسر الإنسان حاجز الخوف داخله…
آراء
الأحد ١٥ يناير ٢٠١٢
في زمن “التصنيفات” التي تستخدم عادة لإلهاء الناس عن القضايا الحقيقية، أستغرب كيف لا يصنف كل معجب بثقافة الشرق بـ”التشريقي”؟، أنا أعرف “تشريقيين” حولي إعجابهم بالشرق أكثر من إعجاب “التغريبيين” بالغرب. التغريبي -حسب التصنيف- يعجب بثقافة الغرب ويسعى لتغريب المجتمع على حساب ثقافته الأصلية. فماذا عن التشريقي إذن؟ ما الفارق بين المعجب بالهامبورقر الأمريكي وآخر معجب بالسوشي الياباني؟، لماذا يدعى الأول بـ”تغريبي” ولا يدعى الثاني بـ”تشريقي”؟ وأعداد المسافرين من منطقتنا إلى بلاد الشرق قد تزيد عن أعداد المسافرين إلى الغرب. لماذا نخاف من “التغريبيين” أكثر من “التشريقيين”؟، وبما أنني من الفئة التي مرت بكل التصنيفات، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، فإنني أرجو من المنشغليين بتصنيف الناس أن يضيفوا إلى القائمة تصنيفا جديدا هو “تشريقي”! الحقيقة أننا نشغل أنفسنا ومن حولنا -بوعي أو بدونه- بلعبة “التصنيفات” البليدة في وقت يبحث فيه المجتمع عمن يناقش قضاياه الحقيقية. كن ما شئت، إسلامياً أو ليبرالياً أو تغريبياً أو تشريقياً ولكن لا تشغلنا بمعاركك المزيفة والناس منشغلون بقضايا التنمية وهموم البطالة وأسئلة “الميزانية”!، مجتمعاتنا اليوم صارت أكثر وعياً من تلك الدوائر التي أرادت لنفسها التقوقع في جدالات عابرة على حساب التحديات الحقيقية خصوصاً تلك التي تمس اهتمامات الناس المباشرة في التعليم والاقتصاد والإدارة. بل إن جدالات “النخبة الثقافية”، بكل تياراتها و”تصنيفاتها” تؤسس لحالة من…
آراء
الأحد ١٥ يناير ٢٠١٢
على الرغم من أن الأفلام المصرية لم تقدم شخصية المتدين أو الشيخ أو الإخواني أو حتى المأذون بصورة إيجابية، إلا أن تصدر الإخوان المسلمين للمشهد السياسي في مصر قد يقلب المعادلة، فنرى تغييرا في "الكاركتر" النمطي الذي ألفنا فيه شخصا ملتحيا يتحدث بالفصحى، للدلالة على المتدين بغض النظر عن توجهه الفكري، ففي مصر تتشعب الانتماءات إلى الإخوان المسلمين والسلفيين والصوفيين وهناك جماعات متشددة وهناك شيوخ أزهريون ومتدينون عاديون. أما دراميا ففي بعض الأحيان يتم الالتفات لذلك التنوع بحيث يتم التحديد، وأحيانا يكتفى باللحية واللغة الفصحى. كثيرة هي الحالات المقنعة والأخرى غير المقنعة دراميا التي شاهدناها من تلك الشخصيات.. لكن المعادلة قد تختلف في المستقبل بعد زيارة نقيب الممثلين في مصر أشرف عبدالغفور للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع، تلك الجماعة التي كانت محظورة وتعرض رموزها القدامى للاعتقال والنفي وبعضهم للإعدام، لكنها بعد سقوط النظام وسيطرتها بالانتخابات الأخيرة على ما يقرب من نصف مقاعد مجلس الشعب المصري صار يحسب لها ألف حساب. ولعل هذا ما قاد عبدالغفور إلى زيارة مرشدها ليظهر كأنه يخطب ودها، الأمر الذي يترك أكثر من تساؤل، فهل يتدخل الإخوان مستقبلا في ما يجوز وما لا يجوز في الفن كما كان يفعل بعض مشايخ الأزهر؟ ويختفي من الأفلام ما كنا نراه من مشاهد يتهم فيها المعتقلون…
آراء
السبت ١٤ يناير ٢٠١٢
جلست قبل أيام مع طلاب جامعة في دبي وتأكدت أكثر أن المعرفة لا تقاس بالأعمار وإنما بالتجارب. “جيل الإنترنت” أكثر انفتاحاً على العالم من الأجيال التي سبقته. أدوات المعرفة و”مفاتيحها” بين أيديهم. إنهم لا يحتاجون تأشيرة دخول من أجل الاطلاع على معارف الآخرين وتجاربهم. الأهم من قدرتهم على معرفة ما يحدث في العالم، من حراك اقتصادي وتقني وثقافي، إنهم اليوم قادرون على التواصل الإيجابي فيما بينهم. منظومة “قيم” جديدة تتشكل وفقاً لتجاربهم. معايير “الصح” و”الخطأ” لديهم ليست بالضرورة هي ذاتها تلك التي تحتكم لها الأجيال السابقة. الأبناء اليوم –في حالات كثيرة– هم من يُعلم الآباء ويشرح لهم متغيرات الزمن وتحولاته! أنا شديد الحرص على الالتقاء كثيراً بطلاب الجامعات ومن يصغرهم. دائماً أكتشف معهم ومن خلالهم أننا أمام أجيال مقبلة تبدو أكثر تصالحاً مع ذواتها وأكثر انفتاحاً على لغة العصر، وأقدر على التواصل مع أقرانهم من كل بقاع الأرض. أتعلم منهم أكثر مما يتعلمون مني. ومن خلالهم أستطيع قراءة بعض ملامح المستقبل. والأجيال المقبلة غالباً ستتعاطى بكثير من الأسئلة المهمة مع كثير من المفاهيم، التي نتعامل معها نحن كما لو كانت “مقدساً” لا يمكن المساس به. هذه الأجيال لن تكون أسيرة “الوصاية الأبوية” في نظرتها لنفسها وللعالم من حولها. ولهذا هي ضرورة –ملحة جداً– أن تتاح منابر التواصل والحوار المتكافئ بين…