د. سليمان الهتلان

آراء

«الهتلان» و«عارف».. و«حديث العرب»

الخميس ٠٩ يناير ٢٠٢٥

الحوار الذي أجراه الإعلامي «سليمان الهتلان» مع المفكر السياسي الدكتور«نصر محمد عارف» لبرنامج «حديث العرب» على قناة سكاي نيوز ـ عربية قبل نهاية العام الفائت، وتحديدا في 27 ديسمبر الماضي، وحمل عنوان: «سوريا.. من الأسد إلى الجولاني وفشل مفهوم الدولة»، مهم ومثير للانتباه وللتفاعل الإيجابي معه، لجهة امتطاء المعرفة واتِّخاذها سبيلًا لإدراك مستجدات «لحظتنا العربية الراهنة»، وطنيًّا، وقوميًّا، وعالميًّا أيضا. أهمية الحوار تكمن في عمق الأسئلة التي طرحها الهتلان، وهو ينوب عنا ـ نخب، سياسيون، إعلاميون، وشعوب ـ دون أن يفقده ذلك خصوصيته الإعلامية والفكرية والبحثية، وهي بالتأكيد نتاج جهد بحثي متراكم تحرِّكُه تجربته على الصعيدين العربي والدولي من جهة، وقناعات منابعها شتى وكذلك مصابها من جهة ثانية. الهتلان في هذا الحوار يعيد بالنسبة لي ما سبق أن كتبت عنه في نوفمبر 2016م من أنه «يشكل اليوم في واقع الإعلام المرئي العربي، وتحديدا البرامج الحوارية، حالة من الاستقرار النسبي في مناخ عام يطغى فيه العنف على الحوار، والإقصاء على الاقتراب، والنكران على الاعتراف، والتيه على الرشاد». بهذا المعنى يمكن اعتبار الهتلان مختلفا لما هو سائد في الحالة الإعلامية العربية، نستشفّ ذلك من خلال التساؤلات الكبرى التي يطرحها على ضيوفه في برامجه، والتي تمثّل في الغالب إشكاليات يمكن التأسيس عليها أكاديميًّا ومعرفيًّا وسياسيًّا وثقافيًّا للخروج من الأزمة الراهنة، إذا نظر إليها…

آراء

نموذج إعلامى يُحتذى

الأحد ٠٥ فبراير ٢٠٢٣

سألتنى صحفية في استطلاعات نهاية 2022، عن أفضل مُحاوِر، وأفضل برنامج فكرى ثقافى؟ فكرت لوهلة، وقلت: محدودة للغاية البرامج الثقافية الجادة، رصينة الأداء، قد توجد بعض البرامج التي تشتبك مع قضايانا الفكرية الموروثة والمعاصرة بالفعل، لكنها عادة ما تميل للصخب، لوضْع المتلقى في مواجهات صارخة بين الرأى والرأى الآخَر، وإثارة الرأى العام، والصدام بين طرفَين لإشعال الحرائق والاستعراضات. وعلى عكس هذه الصورة تمامًا، يقدِّم د. سليمان الهتلان نموذجًا متفرِّدًا في برنامج «حديث العرب»، اسكاى نيوز عربية، مثقَّف عقلانى هادئ، صاحب رؤية، يَشعُر المتلقى في حواره أنه أمام إعلامى بدرجة مفكر. تمكَّن د. الهتلان من حشْد أعلامِ التنوير والعقلانية في حلقات برنامجه، حرص بكل الدأب والإصرار على المواجهة، استضاف أغلب العقول التي تقف ضد التيارات الرجعية المتسلِّفة، في حوار جادٍ، هدفه الأفكار لا الضجيج، يطرح معهم أكثر الأفكار عقلانية، وتطلُّعًا إلى المستقبل. يقدم برنامجه دفقاتِ حياة لأفكارهم، وتفسيراتهم واجتهاداتهم الفكرية، حين تُطرَح على المشهد العام، ضمن ثقافة الصورة والفضائيات، وهو ما يُزِيد من حضور وقوة تلك الأفكار، ويُخرِجها من بين صفحات الكتب للفضائيات. بقاء «حديث العرب»- طيلة هذه السنوات واستمراره، بالرغم من التهديدات التي وُجِّهت للمُحاوِر- دليلٌ على قوَّته وتحدِّيه الراسخ للرجعية، وإيمانه بمشروع فكرى يَستند إلى العقل والاعتدال، ينبذ التطرف وإقصاء الآخَر، يؤمن بالقدرات الفردية، كما يرى في التنمية حمايةً حقيقية…