عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

«أكذب من سهيل»!

آراء

حب العرب للتشهير بالآخرين ليس ميزة حصلوا عليها من العصر الحديث، ومن اختلاطهم بالشعوب التي قاموا «بفتحها» عبر التاريخ، لكنها ميزة مدمجة في الشخصية العربية، لذا فأمثالنا الشعبية تمتلأ بأسماء لأناس تم إسقاط سمعتهم إلى غير رجعة، كقولهم: «أبخل من مادر»، أو «أجبن من صافر»، أو «أسرق من ذبابة»، و«أكذب من يلمع».. ستقول لي: أنا لم أسمع بهذه الأسماء في التراث العربي، وبالطبع أنت لم ولن تسمع بها، لأنها أصبحت «إكسبايرد».. سمعتها انتهت، إلا أنني أرشح النجم «سهيل»، ليحل محل صديقه «يلمع» في المثل الخاص بالكذب! فنقول: «أكذب من سهيل»!

النجم «سهيل»، محبوب وكبير الشعبية لدينا، بسبب ما يروى عن اقتراب تغير الجو عند تشريف «حضرته».. قالت القبة السماوية في الشارقة، وهي الجهة الأكثر شعبية في خمسة مواسم رئيسة سنوياً، على الرغم من انتظارها مبنى جديداً حتى تاريخه: إن «(سهيل) قد ظهر وخرج من السرداب السماوي، الذي كان به، في يوم 24 أغسطس الماضي»، أي أنك تقرأ هذا الكلام بعد ظهوره بأكثر من أسبوعين رسمياً.. إلا أننا في كل يوم لازلنا نحس بأن «المحرار» يمشي في اتجاه عكسي.. يوم أمس تحديداً كان يوماً أسطورياً قرأت فيه سيارتي درجة 45 مئوية في الظل!

تذكرني أرقام درجات الحرارة مرة أخرى بعناصر الشخصية العربية، ففي التسعينات حينما كان الخلاف يدب بين عاصمتين عربيتين، كان التلفزيون الرسمي لهما لا يذكر درجات الحرارة في العاصمة الأخرى، كأن عدم ذكر الحرارة في تلك العاصمة سيقصمهم ويزيد درجات الحرارة لديهم.. تطبيق طقسي بامتياز لمقولة الأطفال: «زعلان منك لا تكلمني»! ولله في خلقه شؤون! على كل حال دارت الأيام، وتوحدت الدولتان تحت الراية المرعبة التي لا تخفى عليكم! ولم تكن الأمور لتؤول إلى هذا الحد لو أن الأطفال كانوا أكثر مسؤولية، حينما كانت راياتهم هي المرعبة!

طريقة، وتكنيك آخر يستخدم عند الخصام العربي العربي حصراً، وهو: نقل معلومات مشوهة إلى الطرف الثالث، فحينما يأتي كاتب عربي، تم تكريمه عشرات المرات في دول الخليج، ويقول في كتبه المترجمة إلى لغات عدة، إن الخليج هو أكبر سوق للأقلام الفاخرة في العالم، لأنها الطريقة الوحيدة لدى شعوب «اللبس الواحد»، لمعرفة المستوى الاجتماعي للشخص، فهل ستلومونني إذا شتمته، وسألته: أين تذهب بقية وسائل إظهار المكانة الكثيرة التي يتمتع بها شبابنا، والتي أرهقت الشرطة البريطانية والفرنسية والإسبانية، وتملأ صورها وسائل الإعلام؟!

الجو حار وخانق.. والهاربون إلى الخارج يشوهون السمعة بلامبالاة.. والمعتصمون في الداخل مضطرون إلى تصديق ما ينشر «بشفافية» في وسائل الإعلام عن درجة الحرارة وحركات «سهيل»، ويحاولون مع كل هذا العذاب تحليل معالم الشخصية العربية، أثناء الخلاف العربي العربي..!

المصدر: الإمارات اليوم

http://www.emaratalyoum.com/opinion/2014-09-09-1.708081