مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

أن تصبح منبوذا

آراء

كم من الأعمال الأدبية سوف تؤرخ لمرحلة مرّة من تاريخ بعض الشعوب التي عانت وقاست صعوبة الحياة، فتشرّد من تشرّد وهُجّر من هُجّر، ومات الكثير تحت التعذيب أو في طريق اللجوء إلى دول وراء البحار وغيرها من معاناة لم يشهدها العالم من قبل.

تمارس بعض الأنظمة القمعية أفعالها ويدفع المواطن الضريبة من سمعته وراحته وحركته وتنقلاته.. وحتى من احترامه أمام العالم.. هذا هو باختصار واقع المواطن السوري اليوم الذي صار منبوذا من مختلف الدول في جميع القارات.. مواطن اضطرته ظروف الحرب إلى مغادرة وطنه بحثا عن عيش آمن له ولأسرته، وكم من عزيز ذل، وكريم أهين، وغني فقد ممتلكاته ليقبل بعمل لم يعتد عليه لا لشيء سوى أن يسد جوع أطفاله.

المنبوذون السوريون تخطوا حدود وطنهم، وانتشروا في الكرة الأرضية، ولم تعد الدول تقبل زيارتهم، وبلغ الأمر أن صار المقيمون في دول الخليج العربي وهم في وضع مالي ميسور لا يستطيعون استخراج تأشيرات سياحية إلى دول أوروبا.. فقط لأنهم سوريون.

وأعرف مقيما في دولة خليجية تقدم للحصول على تأشيرة ليزور إسبانيا مع عائلته وبرفقتهم العاملة في رحلة سياحية لاستحالة زيارة وطنهم في هذه الظروف، فمنحت السفارة الإسبانية التأشيرة للعاملة وحرمت جميع أفراد الأسرة منها لأسباب واهية، مثل عدم التأكد من إمكانية العودة، أو عدم القناعة بسبب الزيارة.. مع العلم أن البيانات المقدمة للعاملة هي ذاتها المقدمة لأفراد الأسرة، غير أن السفارة الإسبانية لم تستطع أن تقول لهم رفضناكم لأنكم سوريون، وخفنا أن تذهبوا ولا تعودوا، على الرغم من أن كل الأوراق المقدمة لا توحي بأن رب الأسرة يمكن أن يفعل ذلك، لكن الاحتياط الأوروبي واجب.

الحرب التي تدور رحاها في وطنهم لم تأكل الأخضر واليابس فقط، ولم تدمر ما هو هناك من مكان وإنسان، بل تجاوزت إلى المغتربين الذين فوق انشغال بالهم على بلدهم وأهاليهم فقد أضحوا بلا حول ولا قوة فهم سجناء في مكانهم، لا يستطيعون السفر لأنهم باتوا منبوذين، فالعقل المتحضر يعاقبهم على أفعال لم يرتكبوها، لذلك ثمة عذر لكل من مضى في أرجاء الأرض يبحث عن جنسية أخرى، لأنه لم يفقد الاحترام في وطنه فحسب، بل فقده حتى في تعامل الآخرين معه من الدول التي تعد نفسها متحضرة.

وعود على بدء، هناك حكايات كثيرة سوف تروى وتبقى شاهدا للأجيال المقبلة على ألم المرحلة، غير أن السؤال الأهم يبقى: متى تنتهي هذه المرحلة؟

المصدر: الوطن أون لاين