إدمان.. ولكن

آراء

عندما نسمع بكلمة إدمان يذهب تفكيرنا مباشرة وتتبادر إلى أذهاننا مسائل وصور الإدمان على المخدرات والمؤثرات العقلية، وغيرها من السلوكيات السلبية التي ترتبط بأفراد معينين، والتي تعمل الجهات المختصة على تخليصهم منها وإعادة تأهيلهم بالتعاون مع أسرهم ليعودوا عناصر نافعة ومفيدة لأنفسهم وذويهم ومجتمعهم. ولكننا نتحدث عن إدمان جديد اقتحم بيوتنا وسلب منا ومن أبنائنا تلك الروح الجميلة التي كانت تسود الأسر قبل ظهور هذا النوع من الإدمان، ونعني به إدمان الهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي، وبالأخص عند النشء وكذلك شرائح واسعة من الأباء والأمهات.

قبل أيام شهدت الولايات المتحدة قيام أكثر من 140 منطقة تعليمية وأكثر من 30 مدعياً عاماً برفع دعاوى ‏قضائية على شركات التواصل الاجتماعي.‏ كما شهدت رفض قاضية في محكمة اتحادية أميركية، «محاولات شركات وسائل تواصل ‏اجتماعي كبرى لإسقاط دعاوى قضائية على مستوى البلاد تتهمها بإغواء ملايين ‏الأطفال بشكل مخالف للقانون، ومن ثم إدمانهم على منصاتهم، مما يضر بصحتهم ‏العقلية».‏

و«أصدرت القاضية الأميركية إيفون جونزاليس روجرز في محكمة أوكلاند في ‏كاليفورنيا الحكم ضد شركة «ألفابيت»، التي تدير غوغل ويوتيوب، ومنصات «ميتا»، التي تدير فيسبوك وإنستغرام وشركة «بيتي دانز» المشغلة لتطبيق «تيك ‏توك» وشركة ‏«سناب» المشغلة لتطبيق «سناب تشات».‏

و«يشمل الحكم مئات من الدعاوى القضائية المرفوعة نيابة عن أطفال يقال إن ‏صحتهم الجسدية والعقلية والعاطفية تأثرت سلباً إثر استخدام وسائل التواصل ‏الاجتماعي، وإنهم عانوا من حالات قلق واكتئاب وفي بعض الأحيان الميل إلى ‏الانتحار».‏

ورفضت القاضية روجرز- بحسب الخبر الذي تناقلته وكلات الأنباء -«حُججاً تفيد بأن المدعى عليهم يتمتعون بحصانة قضائية بموجب ‏التعديل الأول للدستور الأميركي، وبند في قانون آداب الاتصالات الاتحادي الذي ‏يحمي شركات الإنترنت من إجراءات الطرف الثالث.‏ ورفضت بعض الادعاءات بأن منصات المدعى عليهم احتوت على عيوب في ‏التصميم».‏ و«تسعى الدعاوى القضائية أيضاً إلى الحصول على تعويضات لم يتم الكشف عنها ‏ووقف الممارسات غير المشروعة المزعومة للمدعى عليهم».‏

في مجتمعنا تعاني الأسر والمدارس من تأثيرات هذه الوسائل والمواقع على الطلاب والأبناء، وتحاول الحد منها أو ترشيد استخدامها ولكن النتائج ليست بالصورة المأمولة. ونحيي هنا الجهود الكبيرة التي تقوم بها وزارة الداخلية ومختلف الجهات والدوائر المعنية لتأمين استخدام الشبكة العنكبوتية، خاصة وأن الأمم المتحدة قد خصصت يوماً للإنترنت الآمن، وهو الثامن من فبراير سنويا، ولكنها جهود تركز على الحماية من «قراصنة المعلوماتية» وسرقة البيانات بينما إدمان المواقع أخطر وأكبر.

المصدر: الاتحاد