إذاعة «هنا الخليج العربي»

آراء

رحّب وزراء الإعلام في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بإطلاق إذاعة «هنا الخليج العربي» من مملكة البحرين اعتباراً من الأول من أكتوبر الحالي. وكانت الأمانة العامة «قطاع الشؤون الثقافية والإعلامية» قد رفعت المشروع المقترح من مملكة البحرين إلى الوزراء بعد أن أوصى مسؤولو الإذاعة في دول المجلس بتأسيس إذاعة دائمة لصوت مجلس التعاون، وكلفوا إذاعة البحرين بتقديم تصور شامل لتأسيس هذا الصوت من كافة الجوانب. وأوصى مسؤولو الإذاعة بأن يكون مضمون الإذاعة يشمل الطفل، بالإضافة إلى الجوانب السياحية وإمكانية تنسيق حملة إعلامية للترويج لها تشارك فيها إذاعات المجلس، على أن تحمل هذه الإذاعة الهوية الخليجية العربية لدول المجلس. وجاء في القرار الوزاري التأكيد على أهمية العناية ببرامج هذه الإذاعة تحقيقاً لأهداف استراتيجية العمل الإعلامي المشترك لدول المجلس.

ونحن كإعلاميين نود الإشادة بولادة هذا الصوت الخليجي، ونشكر الأمانة العامة وقسم الإذاعة في قطاع الشؤون الثقافية والإعلامية على كل المتابعات والمقترحات التي تمت مع الدول الأعضاء بهدف الوصول إلى هذا القرار. راجين لهذا الصوت كل التوفيق والنجاح.

وكان وزراء الإعلام في دول المجلس قد ثمنوا انطلاقة الإذاعة في الأول من أكتوبر الحالي واعتبروها تجسيداً للعمل الخليجي المشترك. وقد أوضح السيد علي محمد الرميحي رئيس هيئة شؤون الإعلام في مملكة البحرين أن هذه الإذاعة ستكون على ثلاث مراحل ابتداء من اليوم الأول من شهر أكتوبر وعلى التردد «7 .102إف إم» وتشمل المرحلة الأولى تحديد الهوية الخليجية لهذه الإذاعة وبث الأغاني والفواصل الوطنية والإعلانات الترويجية عن الإذاعة. والمرحلة الثانية تبدأ في شهر نوفمبر حتى نهاية العام وستكون المادة ثقافية وفنية وتاريخية واجتماعية مرسلة من إذاعات دول مجلس التعاون ومنتجة من قبل مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك، كما ستغطي الإذاعة احتفالات دول المجلس بأعيادها الوطنية. وأن المرحلة الثالثة ستكون مع بداية عام 2014 حيث البرامج المباشرة بمشاركة مذيعين موفدين من دول المجلس ومراسليها، وسيكون طاقم الإعداد والإخراج من مملكة البحرين. كما تم فتح حسابات على أدوات التواصل الاجتماعي كالتالي: تويترARGF_@Radio، فيسبوك Arabian Gulf Radio ، انستغرام Arabiangulfradio.

نحن نعتقد أن دول المجلس في حاجة إلى مثل هذه المشاريع المشتركة التي تؤكد وحدة المصير والانتماء، كما أنها تعزز التقارب الخليجي، كما أنها تشجع الفنانين والإعلاميين على المشاركة في هذه الإذاعة وهذا يخلق تنافساً إبداعياً نحو أداء إعلامي أفضل. لكننا نود التأكيد على أهمية أن يتواصل بث هذا الصوت، ولا يكون مثل سابقه «صوت مجلس التعاون» الذي لم يلق الاهتمام والمؤازرة من بعض دول المجلس ولم يعش طويلاً!؟ كما أنه من الحكمة الإشارة إلى المضامين البرامجية، التي لابد أن تعكس آمال وتطلعات شعب الخليج العربي، وذلك بالابتعاد عن «الرسميات السياسية»، وأن يكون صوتاً تقاربياً وحدوياً لشعب الخليج. وألاّ يتم الخلط بينه وبين المحطات الرسمية للدول الأعضاء، ما يمكن أن يكون «استنساخاً» غير حميد في كثير من الظروف. ومن الحكمة أن يساهم أصحاب الرؤى الإعلامية الناضجة في وضع خريطة البرامج الخاصة بهذا الصوت، دون الاعتماد على رؤى الموظفين الرسميين في إذاعات دول المجلس. ذلك أن الذين يسمعون نبض الشارع أكثر وضوحاً هم من خارج أسرة الإذاعة، وهم الذين يمتلكون تخصصات ومؤهلات متنوعة قد تثري تلك الخريطة، خصوصاً أن الجيل الجديد في الإذاعة ما زال يتلمس الطريق وتوجد ملاحظات و«هنات» على أداء بعض أفراد هذا الجيل.

كما أنه من المفيد عدم «الجنوح» كثيراً في التغني بمشاريع أو شعارات تكون بعيدة التحقيق، كما حدث مع «أنا الخليجي.. هذا طريجي، ومصيرنا واحد ودربنا واحد»، لأن الظروف التي تعيشها المنطقة اليوم وتعدد وسائل التقنية ونضوج العقول الخليجية تجعل هذه المرحلة أصعب من مرحلة «صوت مجلس التعاون» في الثمانينيات، وبالتالي فإن البرامج الترفيهية والأغاني متوفرة حالياً على محطات الـ «إف إم» الخليجية، وهذا يفرض أن تكون هنالك برامج جديدة وموجهة -في الأغلب- لفئة الشباب الذين يشكلون النسبة الأعلى في سكان دول المجلس وفي تفاعلهم مع الإعلام ومع أدوات التواصل الاجتماعي، تصل نسبة الشباب في مجال التواصل الاجتماعي إلى 77% من المتواصلين، وهذا يفرض أن يتواصلوا مع هذه الإذاعة، ومن الضروري أن تأخذ الإذاعة في الاعتبار أن تكون منبراً سياسياً يعبر عن رؤية أبناء المنطقة لقضاياهم والقضايا المحيطة بهم، وهذا يتطلب اهتماماً بعملية الإعداد البرامجي وحسن اختيار الضيوف للحديث في تلك البرامج. وهنا نؤكد على أهمية «الجدة» والتفاعل بين الإذاعة والجمهور، وأن تتسع الصدور لآراء المثقفين والمفكرين من أبناء دول المجلس، وألا يكون هذا الصوت بوقاً سياسياً يحتفي بالصوت الواحد دون بقية الأصوات. كما أود الإشارة -من ناحية مهنية- إلى ضرورة إعداد المذيعين لهذا الصوت، ذلك أن كثيرين منهم قد درجوا على المبالغة ورفع العقيرة وهم أمام المايكروفون وكأنهم في حرب، كما حدث في «صوت مجلس التعاون» السابق. ذلك أن الخطاب الإعلامي الناجح يجب أن يتعامل مع العقل لا العاطفة، كما أن الوقت هذا يختلف عما كان عليه الحال الإعلامية في الثمانينيات. وهذا يحتم تدريب المذيعين -حتى المشتغلين في إذاعات دول المجلس- نظرياً وعملياً، لاستيعاب مفهوم البث المشترك، وعلى حسن الأداء أمام المايكروفون. ذلك أننا نسمع هذه الأيام -وعلى مدى أكثر من عشر سنوات- من بعض محطات الـ «إف. إم» الخليجية كلمات وتصرفات لا يجب أن تخرج على الهواء، وتحت باب «التلقائية» يخرجون الإذاعة عن وقارها، ويتحول البث إلى «بلادة» بعضهم الذين ما إن يخرجوا عن النص حتى تظهر سطحيتهم وضيق أفقهم، بحيث يدلون بمعلومات خاطئة، أو يقول أحدهم: والله ما أدرى آنه مو متأكد.. أو تقول إحداهن: وي..نسيت اللي بأقوله؟ ثم تضحك ضحكات «بلهاء» ويضع المخرج الأغنية!. لذلك فإن تدريب طاقم المعدين والمذيعين لهذا الصوت الوليد أمر مهم جداً، لأن كثيرين وكثيرات من العاملات في المحطات الخليجية لم يتم تأهيلهم، وبعضهم دخل المجال حباً في الظهور والانتشار، وبعضهم ما زال منذ عشر سنوات «محلك سر»!.

كما نتمنى أن يتم الاتصال بالإعلاميين الخليجيين المؤهلين من الذين ابتعدوا عن الإذاعة أو أبعدوا للمشاركة في مرحلة تقييم الصوت، لأن التقييم من الجهات الرسمية سيكون محاطاً بـ «وقار» الرسمية ولربما المجاملة التي لن تفيد في عملية التقييم.
نتمنى لإذاعة «صوت الخليج العربي» كل النجاح، ونشيد بالمشروع مرة أخرى، ونؤكد على دورها في المرحلة المقبلة في تلاحم شعب الخليج.

المصدر: صحيفة الشرق