سعيد المظلوم
سعيد المظلوم
ضابط في شرطة دبي برتبة مقدم ، حاصل على درجة الدكتوراة من جامعة سالفورد بالمملكة المتحدة في إدارة التغيير وعلى درجة الماجستير في الإدارة العامة (MPA) من جامعة ولاية أوريجون بالولايات المتحدة الأمريكية، مهتم في مجال الجودة والتميز المؤسسي ، يعمل حالياً مديراً لمركز أبحاث التميز بالإدارة العامة للجودة الشاملة بشرطة دبي

إيلين ويست

آراء

في الفصل الأخير لي من برنامج ماجستير الإدارة العامة في جامعة بورتلاند (PSU) شدتني مادة بمجرد قراءتها على شاشة الحاسوب وهي (Organizational Change)، وتقدم المادة الدكتورة إيلين ويست، فقلت لماذا لا أسجّل فيها فهي ومن العنوان تبدو مغرية، لكن قبل التسجيل جاءني خاطر بأن أسأل وأستفسر ليس عن المادة، فقد وقعت في غرامها من أول نظرة، ولكن عن تلك المرأة الأمريكية التي سأكون تحت رحمة تقييمها ودرجاتها طوال فصل كامل، هل هي عنصرية .. وتكره العرب والمسلمين؟ سؤالي كان مشروعاً في ذلك الوقت وبعد سنتين فقط من أحداث سبتمبر المهولة!

ومن حسن حظي أني وجدت مجموعة من أصدقائي درسوا على يديها مواد أخرى، لكن من سوء الحظ اجتمعت كلمتهم على سوء نظرتها للعرب، وأغلب من درس عندها إما رسب وإما نجح ولكن على الحافة بمعنى «بالعافية»، بتقدير مقبول إن كثر وهذا في أحسن الحالات! (اكتشفت فيما بعد، أنها كانت تضبطهم وهم يغشون).

بعد الاستشارة رجعت إلى ربي واستخرت، ثم توكلت عليه وقدمت على المادة وبدأت دراستها، كما أحببتها من أول نظرة وأعجبت بالدكتورة Ellen من أول محاضرة، فقد تجاوزت الخمسين من العمر لكنها كانت جداً أنيقة، ليس فقط أنيقة الملبس والهندام فهي كذلك، ولكن أيضاً أنيقة الفكر وطريقة تقديم المادة، كنا نعيش ساعتين معها من دون ملل، لا أبالغ أنها أفضل ساعتين في ذلك اليوم، ولا أبالغ أكثر بالقول: لم أستمتع بمحاضرات دراسية أو دورات تدريبية طوال حياتي مثل متعة مادة Ellen West.

مرت السنون وانقطعت الأخبار، وانتقلنا للحياة في مانشستر، ويوماً جلست مع زوجتي تحدثني عن البرفيسور بيرسي – أفضل من يدرسها – في برنامج الماجستير في الإحصاء التطبيقي بجامعة سالفورد، تقول: هو راق في الحوار، راق في تقديم المعلومة، راق حتى في أسلوب كتابة الإيميل، فتذكرت حينها Ellen فقد كانت كذلك. بعد هذه الجلسة ذهبت مباشرة إلى اللابتوب وفتحت بريدي الإلكتروني وأرسلت لها رسالة على أمل أن تصلها بعد هذه السنوات، كتبت فيها: تذكرتكِ اليوم في حديث مع زوجتي حيث قلت لها إني لم أرَ في حياتي محاضرة مبدعة مثلك.

لم تمض إلا دقائق وجاءني الرد، كان ردها مفعماً بالسعادة والفرح وذكرتني بدمية الجمل التي أهديتها لها قبل سنوات، وكيف أنها لاتزال تضعها على مكتبها (كانت لنا عادة، بمجرد دخولنا مع العائلة للسوق الحرة في المطار ونحن مغادرون، أن نذهب لمحل التحف والهدايا التذكارية ونشتري لأصدقائنا ومدرسينا، أنا وزوجتي في الجامعة، وأبنائي في المدرسة).

ختمت Ellen West رسالتها بقولها: You Made My Day بمعنى رسالتك ستكون سبباً في سعادة يومي. تمعنت في ردها جيداً فقلت: يا سبحان الله إدخال السعادة في قلوب الآخرين لا يحتاج إلى عناء ومشقة، هي فقط «كلمة طيبة»! تنشر هذه المقالة يوم خميس، وقد يكون يوم عيد، أصدقكم القول بأني تعمدت كتابة هذا الموقف اليوم بالذات، فنحن بحاجة إلى الفرحة، وأرواحنا بحاجة أكثر إلى إدخال هذه الفرحة في قلوب الآخرين، تذكروا هذه المقولة جيداً:

For every minute you are angry you lose sixty seconds of happiness
(Ralph Waldo Emerson)

لا تسمح أبداً للغضب أو الحزن بأن يطرقا بابك، قل لهما: عفواً .. اليوم يوم عيد ..

وعيدكم بإذن الله «سعيد» ..!

المصدر: صحيفة الرؤية