فواز العلمي
فواز العلمي
- ولد في مكة المكرمة، حصل على البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في فيزياء الطاقة من بريطانيا، وعلى دبلوم العلوم الاقتصادية من جامعة ستانفورد بأمريكا. - تقلد عدة مناصب أخرها وكيلاً لوزارة التجارة والصناعة، عضو العديد من المجالس والهيئات. - ألف كتاب عن العولمة، وترجم اتفاقات المنظمة إلى اللغة العربية. - يعمل حالياً مستشاراً خاصاً في القطاعين الحكومي والخاص.

اتحاد الخليج فرصة قد لا تعوض

آراء

دعواتنا لدولة قطر بالهداية والعودة إلى الصف الخليجي آمنة مطمئنة لا تقل في حدتها عن دعواتنا لتحقيق قطر المزيد من الرفاهية لمواطنيها، وتنفيذ الكثير من مشاريعها التنموية لخدمة أجيالها.
فليس المهم أن تتربع قطر على المرتبة الـ15 كأفضل دول المعمورة لإقامة المشاريع الاقتصادية.

وليس المهم أن تحقق قطر المركز الأول عالميا في معدل التوفير من الناتج المحلي الإجمالي الذي فاق 7%، أو المرتبة الأولى عربيا والـ30 دوليا في مؤشر الشفافية ومحاربة الفساد وتقنية المعلومات، أو المركز الـ13 عالميا والأول عربيا في قدراتها التنافسيّة على جذب الاستثمار الأجنبي.

كما ليس من المهم أن تتبوأ قطر مركزها الأول بين الدول الخليجية كأسرع الاقتصاديات نموا بنسبة 6%، وأن ترتفع مساهمة قطاعها النفطي بنسبة 46% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري، وأن تحقق قطاعات الخدمات المالية والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال نموا بنسبة 9% سنويا، لتمنحها مؤسسات التصنيف السيادية أعلى المراتب الدولية بين الأسواق الناشئة، لتصنف قطر في المرتبة الـ13 ضمن الدول الأكثر تنافسية في العالم والأولى في الشرق الأوسط.

الأهم من التفوق في هذه المراتب، هو أن تحتل دولة قطر مركزها المميز بين الدول الخليجية في نصرة أشقائها لدعم مواقفهم الموحدة، وتحقيق أهدافهم المشتركة. فدولة قطر وصل عدد سكانها خلال العام الجاري إلى 2 مليون نسمة، لا يتجاوز عدد القطرين منهم 300 ألف مواطن، لتصبح قطر اليوم في أمس الحاجة إلى الدول الخليجية الأخرى، نظرا لما يتربص بالمنطقة من تحديات خطيرة. وأسواق قطر التي تستورد 90% من احتياجاتها من الدول الخليجية تحتاج إلى توطيد علاقاتها مع أشقائها، وعدم التفريط في منافذها البرية الوحيدة عبر الحدود السعودية والإمارات.

وطيران قطر الذي حقق أفضل المراتب العالمية في الخدمات الجوية، وأع‍لى المراكز المتقدمة بين شركات الطيران الدولية يحتاج إلى الممرات الجوية الخليجية الآمنة لتسيير رحلاته وتنمية مصادر دخله.

النظام الأساس لمجلس التعاون الخليجي، حدد في مادته الأولى أساس تنظيم العمل المشترك، وأهداف تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين، وصولا إلى وحدتها وتوثيق الروابط بين شعوبها، ووضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين الاقتصادية والمالية والتجارية والتعليمية والصحية والتشريعية والإدارية والثقافية.

وإدراكا من الدول الخليجية بخصوصيتها، فقد أكدت الدول الأعضاء على ضرورة ارتباطها بعلاقات خاصة وسمات مشتركة وأنظمة متشابهة، أساسها العقيدة الإسلامية، وتقوم على مبدأ الأمن الجماعي المتكامل والمتكافل، معتمدة في ذلك على الله ثم على الإمكانات الذاتية للدول الأعضاء؛ بغرض الدفاع عن كيان ومقومات ومصالح هذه الدول وأراضيها وأجوائها ومياهها الإقليمية. لذا ليس من المعقول أن تخرج دولة قطر منفردة عن هذه الاتفاقية بإنشاء المكتب التجاري الإسرائيلي في عقر دارها، ودعم جماعة الإخوان تارة، وإنشاء محطة تلفزيونية فضائية تقوم على تقويض الهدف الخليجي الموحد وتشتيت العمل المشترك.

والاتفاقية الأمنية الموحدة الموقع عليها في مدينة الرياض بتاريخ 13 نوفمبر 2012 أكدت في مادتها الثانية على ضرورة التعاون بين الدول الخليجية لملاحقة الخارجين على القانون أو النظام، أو المطلوبين من الدول الأطراف، أيا كانت جنسياتهم.

كما أوضحت المادة الثالثة ضرورة قيام كل دولة خليجية باتخاذ الإجراءات القانونية عند تدخل مواطنيها أو المقيمين بها في الشؤون الداخلية لأي من الدول الخليجية الأخرى. فليس من المعقول أن تكون دولة قطر ملاذا آمنا للجماعات الإرهابية والأحزاب المارقة ورموز الأفكار الجهادية المضللة.

كما أن الاتفاقية الاقتصادية الموحدة الموقعة في نوفمبر 1981 تهدف إلى تحقيق العمل المشترك في المجال الاقتصادي، ورسم خطة العمل الاقتصادي المشترك، ومراحل التكامل والتعاون الاقتصادي بين دول المجلس، وتشكل نواة البرامج التكاملية، التي تم وضعها بشكل مفصل على مدى السنوات العشرين الأولى من قيام المجلس، لتشمل تحقيق المواطنة الاقتصادية لمواطني دول المجلس، وتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، وفق خطوات متدرجة، بدءا بإقامة منطقة التجارة الحرة، والاتحاد الجمركي، ثم استكمال السوق الخليجية المشتركة، وانتهاء بالاتحاد النقدي والاقتصادي. فليس من المعقول أن تنفرد دولة قطر بالتوقيع على 5 اتفاقيات للتجارة الحرة مع دول أخرى، وهي تعلم أن المادة 24 من اتفاقية “القات” والمادة 5 من اتفاقية “القاتس” في منظمة التجارة العالمية، تمنح الدول الأعضاء في مثل هذه الاتفاقيات مزايا تفوق ما لدى الدول الخليجية من مزايا في اتفاقيتها الاقتصادية الموحدة. كما أنه ليس من المعقول أن تقوم دولة قطر منفردة بتوقيع اتفاقية تسهيل التبادل التجاري مع إيران، واتفاقية تزويد إسرائيل بالغاز الطبيعي لمدد غير محدودة وبأسعار رمزية، إضافة إلى إقامة علاقات بين إسرائيل والخطوط الجوية القطرية وغيرها من الشركات القطرية، التي تقوم على تخفيض القيود المفروضة على المسافرين والسلع الواردة من إسرائيل، وإنشاء مزرعة متطورة في إسرائيل وقطر لإنتاج الألبان والأجبان ومنافسة المنتجات السعودية والإماراتية المماثلة. لذا على دولة قطر أن تراجع حساباتها، وتعود إلى كنف أشقائها الخليجيين قبل فوات الأوان، لأن الاتحاد الخليجي فرصة قوية قد لا تعوض.

المصدر: الوطن أون لاين
http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=22740