الإمارات منارة وقيثارة

آراء

نتابع ما يحدث كما شعرنا بما قاساه أناس أقرب إلى القلب من شريانه إلى الوريد.

تابعنا ونحن نمتلئ بالفخر، لبلد أنعم الله عليه بقيادة وجدت نفسها في قلب الحدث العالمي وكأنها النجم في أحشاء السماء، وكأنها الضوء في بطن الظلام، ما إن رفع الحدث الجلل رأسه وأطل على رؤوس البسطاء والناس الذين ما زالوا في بطن العراء، يسومهم البرد القارس سوء عذاب، واليوم وهم في لظى الكارثة الأفظع في تاريخ المنطقة يواجهون زلزالاً هز المنازل، وأخشاب الفقر، والقتر، ورفع من منسوب غضبه، على الذين ما صحوا من كارثة التشرد، حتى باغتتهم الأرض وهي ترج أديمها رجاً، وتهز أديمها هزاً، ورغم المأساة إلا أننا عندما نتأمل المشهد، نرى الإمارات وهي تحمل على عاتقها مسؤولية إنسانية جسيمة، ولكن بفرح الأفذاذ سارت القوافل محملة بود الأشقاء، مفعمة بنعيم العشاق الذين ما تنام أعينهم وفي العالم فقير يئن، ويتيم يشكو فقد الأبوين، وأرملة الضعف والهوان، وثكلى تصرخ يا ولدي أين تنام أنت هذه الليلة، وغضب الطبيعة، هدم السقف على الرؤوس، ولا يزال العالم يغط تحت لحاف تشققات الضمير، لا يزال العالم ينأى بنفسه، ولا يقترب إلا من تصريحات المواساة الشفوية، ثم ينكب على إدارة الحروب، وإشعال معارك الكراهية.

نقولها من القلب شكراً أيتها الحبيبة الإمارات، فهذا تصرف النجباء، هذا سلوك النبلاء، هذه أخلاق عيال زايد ومن ورثوا ما بناه من قيم وأسسه من أخلاقيات، وشيده من سجايا.

أعلم أنه لا يجوز للإنسان أن يشكر نفسه، لأن الإمارات هي الجذر والروح، والقلب، واللسان، ولكن الحقيقة أن ما يحدث أمر مدهش، ولم يسبق لبلاد أن توسعت خيراً وجزلاً، وارتفعت هامات عطائها حتى عنان السماء، حتى أسمعت من به صمم، ومن أعمته الحقائق الكثيرة.

ما تقدمه الإمارات للعالم أجمع هو المطر الغزير الذي يعم الحشر والنشر، هو النعيم البشري، عندما يكون ببصمة إماراتية، وعندما يحمل علم الإمارات، مرفوعاً بسواعد سمر وعشق عرقها، ونهيم بأنفاسها، ونشعر بأننا امتلكنا الملكوت، ونحن نتابع هذا الفيض الإماراتي، نحن نقع في دائرة الضوء التي تسلط أشعتها عند أعطاف النجوم.

ما تقوم به الإمارات لهو البذل من نسق العدل، وهو الجزل من وشائج الفضل، هو كل هذا وأكثر لأن ما في الجعبة يبشر بخيرات تملأ الدنيا أملاً، وتكسو الوجود بما يؤكد أنه مهما اشتد الظلام، فلا بد من الشمس التي تطل من أحشاء السماء، لتملأ الأرض نوراً وحبوراً، ويفتح الصغار عيونهم، ليروا كيف الحب يفعل عندما يكون هو القانون، وهو الناموس الذي يحكم القلوب، يفتح الدروب إلى مسالك النعيم الأبدي.

هكذا يصبح العالم من دون تغضنات جبين عندما تبرز في السماء شمس اسمها الإمارات، وعندما تتجاوز الأفئدة كل ما يخطر على ضعفاء النفوس، وتقف حائلاً ما بين الكراهية وبين من يساموا بسفافيد الحقد.

لتكون الإمارات هي الرخاء الثقافي، وهي الترف الأخلاقي، هي الرفاهية الأخلاقية، والعالم يستقي من نبعها ما يجعلها مدرسة في القيم، أيقونة في الأخلاق، أسطورة في التعاطي مع الأحداث العالمية، وبناء على ذلك نشعر بأن العالم سيظل محافظاً على إنسانيته، طالما برزت في الوجود دولة ترى في الحب المنطقة التي تستظل تحت ظلها قلوب وجفت، وعقول ارتجفت، ونفوس عجفت، وأرواح عكفت على انتظار غد، ولم يأتِ بعد.

ستظل الإمارات المنارة، والقيثارة، وستظل الإمارات، الفكرة المجللة بالبأس الشديد في تحمل عواقب الأزمان، ومواجهة كوارثها بهبات رجال المواقف الصعبة، والسواعد النبيلة.

المصدر: الاتحاد