مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

بلاد بها العيد رنّة حزنٍ

آراء

على الرغم من أن بيته الشهير عن العيد صار مكرورا لدرجة الملل من كثر استخدامه، إلا أن المتنبي كان على حق فيه، ومن يتابع المشهد الدموي في سوريا يدرك ذلك. فالشعب ينتظر “التجديد”، لأنه ثار ضد “ما مضى”.

كتبت ذات يوم في “الوطن” منذ خمس سنين أن الظروف جعلت من المتنبي شخصا “نكديا” ما أطلق براكين الحزن لديه، وعبر مقدرته الشعرية ترسخ ذلك الحزن في مساحات واسعة من الحضور اللحظي لدى كل الأجيال التي جاءت بعده… وبعد مشاهد الحزن السوري لا عتب على أي شخص إن تقمص حال المتنبي في الحزن، فالألم أكبر من أن يوصف والوجع يحتاج عقودا ليتزحزح قليلا. أما الدمار، فالأمل كبير بأن يترك “الطاغية” شيئا يرتكز عليه الجيل الجديد ليبدأ مرحلة البناء.

كلما اقترب العيد يبدأ بعض الكتاب بانتقاد من اختزلوا العيد برسالة جوال يهنئون فيها الأقارب والأصدقاء، والطريف أن معظم هؤلاء يمارس الطقس نفسه باختزال العيد. أما المؤلم فهو أن الطاغية هناك يقطع الاتصالات، فلا يستطيع أحد أن يتواصل مع من يحب سواء كان مغتربا أم مقيما داخل وطن لا يمتلك القدرة داخله على زيارة المنزل المجاور لئلا تنهي حياته رصاصة قناص، أو برميل متفجر.

ما بين مفرقعات كم فرح بها الأطفال أيام العيد، وبين قنابلهم ثمة حكاية. فالانفجارات موجودة هنا وهناك، غير أن الأولى تحمل البهجة، والأخرى لا تصنع سوى الموت من أجل بقاء الطاغية.

بلاد بها العيد رنّة حزنٍ
وثورة شعب لديهِ:
“يكون وألا يكون”، فتلك هي المسألهْ
يودّع أبناءه كل يومٍ
يدثرهم بالشهادة ثم يقوم ليرسم ماذا يريدُ
يواجه بالصوت طلقات غدرٍ
ويسكب ملحمة الموت
يهزم إصرارُه القنبلهْ
بلاد هي الخير ينهبها الظل والليل والقحطُ
هبت لتصنع من دفئها النورَ
تمسح عتمتها بالجمالِ
فكل الطغاة سيهوون، والشعب يبقى
وتبقى البلاد التي كم نحبُّ
تفيض كماءٍ يساقي رؤى المرحلهْ
هو الحلم نرقبه بعد حزنٍ
فكم مرّ عيدٌ…
ومر… ومرّ…
ولا شيء غير الدمارِ
يعرشُ فوق جموعٍ تعِدُّ لطاغيةٍ مقصلهْ
بلاد تريد النهايةَ
كي يُسعدَ العيد أطفالها بدل الموتِ
تبحث عن لوحة الحبِّ
تفرش أرض النقاءِ
تتوّجها بالعطاءِ
فتسري المحبةُ سنبلةً سنبلهْ

المصدر: الوطن اون لاين