فهد الدغيثر
فهد الدغيثر
كاتب سعودي

تآمر حكومتي السعودية والإمارات ضد شعبيهما !

آراء

في بلادي ومنطقة الخليج عموماً يعجب المرء من سيطرة المواضيع المثيرة ومعظمها عموماً سخيفة وتافهة، سيطرتها على المشهد العام، سواء في الصحف أم في مواقع التواصل الاجتماعي وتجاهل الأعمال التنموية الكبيرة الرائعة.

والمثير للدهشة أن معظم الإثارة تصب بشكل مباشر نحو دولتين محوريتين في الخليج، إضافة إلى مصر طبعاً. السعودية والإمارات تحديداً تنال نصيب الأسد من الازدراء والاستهتار بل وحتى التخوين بواسطة أسماء محسوبة على بعض الجماعات الإسلامية المسيسة أو تلك المتعاطفة مع ما يسمى «الجهاديون» في سورية وغيرها.

معظم هؤلاء مع الأسف من أبناء المملكة ومنهم أكاديميون وأكاديميات، إضافة إلى مجموعات تائهة تشتت في دويلات عدة. السؤال: هل تستحق السعودية والإمارات كل هذا؟ هل هي دول خائنة عميلة متآمرة كما يرددون؟

دعونا من باب التذكير فقط، نستعرض ما الذي يجري حقيقة على الأرض في هاتين الدولتين، ونشهد على حجم الخيانة والتآمر.

في المملكة ومن بين العديد من المشاريع الأخرى، يجري حالياً تنفيذ 132 مستشفى جديداً بمناطق المملكة بطاقة سريرية تبلغ 33750 سريراً، إلى جانب خمس مدن طبية بمختلف مناطق المملكة بسعة سريريةً إجمالية تبلغ 6200 سرير. تم خلال العام المالي الحالي تسلم 16 مستشفى جديداً بمختلف مناطق المملكة بطاقة سريرية تبلغ 3700 سرير. هذا غير المراكز المخصصة للرعاية الصحية الأولية والأصغر حجماً، ولكنها أضعاف عدد تلك المستشفيات والمدن الطبية.

في قطاع التعليم بلغ ما خُصص لقطاع التعليمين العام والتعليم العالي وتدريب القوى العاملة نحو 210 بلايين ريال في الموازنة الحالية فقط، وهذا المبلغ يمثل نسبة 25 في المئة من إجمالي النفقات المعتمدة بها. تضمنت هذه الموازنة أيضاً مشاريع لإنشاء 465 مدرسة جديدة للبنين والبنات في جميع المناطق بقيمة تصل إلى ثلاثة بلايين ريال، إضافة إلى المدارس الجاري تنفيذها حالياً البالغ عددها 1544 مدرسة، وتم هذا العام تسلم 494 مدرسة جديدة. كما اعتمدت مشاريع لتأهيل 1500 مدرسة للبنين والبنات ولأعمال ترميمات المباني التعليمية بمختلف المناطق، وإضافة فصول دراسية وتجهيز وتأثيث المدارس والمختبرات المدرسية وتجهيزها بالوسائل التعليمية ومعامل وأجهزة الحاسب الآلي بتكاليف تزيد على بليوني ريال. وتضمنت الموازنة أيضاً اعتماد النفقات اللازمة لاستكمال تأهيل كليات البنات في عدد من الجامعات تبلغ تكاليفها ثلاثة بلايين ريال، واعتماد النفقات اللازمة لافتتاح ثمان كليات جديدة. هذا غير جامعة الأميرة نورة العملاقة بكل القياسات.

وصل عدد المُبتعثين من الطلبة والطالبات الدارسين في الخارج ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي 185 ألف طالب وطالبة مع مرافقيهم بنفقات سنوية تقارب 22 بليون ريال.

قبل شهرين تقريباً أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالعمل على بناء 11 ملعباً رياضياً في 11 مدينة سعودية على غرار ما تم إنجازه في مدينة الملك عبدالله الرياضية في مدينة جدة، إذ تم افتتاح إستاد الجوهرة الرائع الذي يحمل اسم الملك عبدالله.

هذا خلافاً عن مشروع الملك عبدالله لأمن الحدود وهو ما تم الإعلان عنه أول من أمس، إلى جانب ما يحدث في مدينة وعد الشمال الواعدة وتوسعة المطارات وبناء مترو الرياض بكل ملحقاته، والذي يعتبر الأضخم تحت الإنشاء عالمياً. وبمناسبة الحديث عن المترو أدعوكم إلى مشاهدة بعض المقاطع في «يوتيوب» عن خطة العمل وهندسة التنفيذ. أعمال لم يخطر ببالي أن أشاهدها في مدننا. هذا مع ملاحظة أن هذا المشروع هو الأول فقط وستتبعه مشاريع مماثلة في مدن رئيسة أخرى. ماذا عن توسعة الحرمين وما ستتمخض عنه بعد الانتهاء من طاقات استيعابية هائلة، وهذا يراه القاصي والداني من زوار الأماكن المقدسة.

في الإمارات وتحديداً أبوظبي يجري العمل على تشييد ميناء خليفة ومدينة خليفة الصناعية «كيزاد» اللذين يشكلان مشروعاً عملاقاً بكل المقاييس بموازنة مرصودة لإنجاز المرحلة الأولى فقط من المشروع بلغت 26,2 بليون درهم، وهو ما يجعله أضخم مشروع بنية تحتية في أبوظبي.يذكر أن شركات محلية ودولية كبيرة تشارك في إنجاز المشروع.

قبل عام تم افتتاح متحف اللوفر هناك ويتم بناء المستشفيات والجامعات هناك بوتيرة سريعة جداً وإنفاق مالي هائل. بعد عام ونصف العام سيبدأ تنفيذ مشروع مترو أبو ظبي العملاق والذي تبلغ أطواله ١٣٥ كيلومتراً وكما هي الحال في مترو الرياض، فسيصبح هذا المشروع تحفة هندسية متقدمة جداً في تصميمها وعملها وإدارتها.

أما في لؤلؤة الخليج دبي فالعمل يمضي هذه الأيام على قدم وساق في مشاريع ضخمة، أهمها مشروع مدينة محمد بن راشد التي ستضم مراكز عالمية للترفيه والتسوق والتعليم والابتكار. أخيراً فاجأتنا شركة إعمار العملاقة عن نيتها طرح الشركة المملوكة لها «إعمار مولز» في السوق المالي وإتاحة ١٥ في المئة من أسهمها للاكتتاب العام وتقدر قيمة هذه الشركة بأربعين بليون درهم، وهي المالكة لمول دبي الذي بلغ عدد زائريه ١٠٣ ملايين زائر في عام ٢٠١٣، بينما وصل إجمالي مبيعات المتاجر للفترة نفسها أكثر من 15 بليون درهم إماراتي. لن أتناول في هذه العجالة مطارات دبي وطيران الإمارات وسياحة المؤتمرات والمعارض التي جعلت من دبي قبلة لها. قرأت تغريدة أثناء كتابتي هذه المقالة تلخص ما أريد الوصول إليه وقد وضعها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في حسابه الخاص، تقول: «في التقرير الذي يقيم 144 دولة تقدمت الإمارات في 78 مؤشراً تنموياً واقتصادياً واجتماعياً خلال عام واحد فقط. التراجع ليس أحد خياراتنا في الحكومة».

هذه لمحات سريعة عما يحدث في المملكة والإمارات. أستطيع الجزم بأن المبالغ التي أنفقت في هاتين الدولتين في السنوات العشر الأخيرة ربما تضاهي ما تم إنفاقه على إعادة بناء أوروبا واليابان بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

هنا أتساءل: هل هذا سلوك أنظمة خائنة متآمرة على شعوبها؟ الآن هل عرفنا لماذا لا يتوقف الهجوم على هاتين الدولتين من المفلسين؟ وهل عرفنا اليوم لماذا يتعمد بعض «المثقفين» ممن يتاجر بولائه إلى الغير مع الأسف إلى تجاهل الحديث عن هذه الورشة الهائلة ولا يتوقف عن التخوين وكيل التهم؟

كلمة موجزة لحكومتينا في المملكة والإمارات. زمن حسن النوايا ولى وذهب مع الريح. أسسوا لدولة القانون وقللوا الهدر في المياه وحافظوا على استخدام الطاقة ونوعوا مصادرها. استمروا في اختيار القدرات المناسبة والأمينة من أبناء البلاد ومن خارجها، للمضي في البناء وحاسبوهم بقدر إنجازاتهم. طبقوا العقوبات على كل من يزايد على إسلامنا النقي ويسعى من خلال ذلك أو يحاول السعي لشق الصف وتدمير الممتلكات والمكتسبات. ما تم إنجازه وما سيأتي أمانة في الأعناق ولا يفترض أن نتفق مع أي مبررات تهدف للنيل منه.

وكلمة أخيرة لشباب بلادنا وشباب الإمارات، تجاهلوا تلك الأبواق وكأنها لم تكن. وأذكركم أن ما يجري تشييده على الأرض من بناء للإنسان وللبنى التحتية يعتبر في ضخامته تاريخياً وغير مسبوق ولن يحظى بمشاهدته جيل آخر غير جيلكم، ولذا فأنتم شهود الله في أرضه. كما وأهيب بهؤلاء الشبان والشابات اغتنام الفرصة والمشاركة في البناء بأي وظيفة ومستوى. ملامستكم ولو لطوبة واحدة أو لقطعة بلاط أو زجاج أو توصيل سلك كهربائي بآخر أو تعبيد متر مربع من طريق سيعطر سيركم الذاتية. مستقبلاً، سيرفع أبناؤكم وأحفادكم صوركم وهذه السير الذاتية في براويز مزخرفة فوق رؤوسهم فخراً وزهواً. كيف لا وهذه المشاريع فضلاً عن جمالها وقوتها ومتانتها وتميزها، هي أصلاً لكم ومن أجلكم وضماناً لمستقبلكم ولن تغادر أماكنها التي شيدت فوقها أبداً.

المصدر: الحياة
http://www.alhayat.com/Opinion/Fahad-Al-Dgheter/4484347