ياسر الغسلان
ياسر الغسلان
كاتب و مدون سعودي

ترويج الإجرام!

آراء

ليس لدي شك في أن تنظيم “داعش” الإرهابي قرر منذ أن بدأ في عمله الإجرامي أن يتواصل مع محيطه بالوسائل غير التقليدية، فاعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت بالعموم على بث سمومه الفكرية وخطابه السياسي، إضافة إلى إيصال رسالته الترهيبية عبر بث مقاطع حرق الجثث الحية ـ كما فعلوا في الطيار الأردني ـ وقطع الرؤوس ونحر الرقاب كما فعلوا في مئات المسلمين، وهي رسائل أصبحت مادة خبرية أبعد ما يمكن تسميتها بالمهمة من الناحية الإعلامية.

ونحن نشاهد الأخبار التي تنقل لنا عبر وسائل الإعلام جميعها التي تتحدث عن تلك الجرائم، نغفل أن نشرها في حد ذاته يعد من أهم أسباب دعم هذه الجماعة المجرمة والترويج لفكرها وأهدافها الدنيئة، إضافة إلى أننا نركب موجة تحقق لهم ما يخططون لها من أجل أن تتحول هذه الجرائم في الذهنية المجتمعية إلى أحداث مقبولة شعوريا، وهو ما تثبته الأعداد المتزايدة من المغرر بهم الذين خدعوا بهذه الجماعة، وقرروا الانضمام لها بعد أن زين لهم أن هذه الأعمال تعد من مظاهر تطبيق الشريعة، وأنها مقبولة دينيا وأخلاقيا إذا ما قورنت بما يقوم به أعداء الأمة من جيوش الشرق والغرب.

اليوم وقد أعيد تشكيل الحكومة في المملكة، ومع قدوم عدد كبير من الوزراء الشباب القريبين من هموم وتفكير المواطن وتحديدا في الأجهزة الإعلامية والإرشادية والتعليمية، فإن من المهم بمكان أن تكون هناك إعادة تقييم لماهية الجريمة الإعلامية، وذلك بفرض قوانين أكثر صرامة تحمي الشباب من الجنسين من الانجراف خلف العبث الإلكتروني المخيف.
شخصيا، أقف ضد الرقابة بكل أشكالها، ولكن في الوقت ذاته علينا أن ننظر إلى مسألة الترويج لهذه المقاطع عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإلكتروني بشكل أكثر واقعية وجدية، واعتبار المشاركة في الترويج لهذه المقاطع نوعا من الإساءة ربما غير المقصودة ولكن المفسدة للمتلقي وبالتالي المجتمع.

المخالفات المرورية لا تنم عن أن مقترفها إنسان سيئ بالضرورة، ولكن في الوقت ذاته هو خاضع لقانون عقابي يوازي المخالفة، فالغرامة المالية قد تكون أحيانا كافية في حين أن من يقطع الإشارة ويهدد حياة الناس جزاؤه السجن والغرامة مجتمعتين.

التوعية والعقاب أمران يجب أن يمضيا بالتوازي، خصوصا أن ضبط الفضاء الإلكتروني بشكل تام أمر قد يعدّ صعب التحقق، إلا أن تجاهل الخطر النفسي لهذه المقاطع واعتبار التنبيه منه أمر مبالغ فيه، ما هو إلا تجاهل لأزمة قد تغير خارطة شعور مجتمع بكامله.

المصدر: الوطن أون لاين
http://alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=24979