د.منصور أنور حبيب
د.منصور أنور حبيب
اختصاصي طب الاسرة والصحة المهنية

حركة وطن

آراء

هل سألت نفسك كم دقيقة تتحرك في اليوم؟ وهل المقصود من الحركة البدنية منها فقط؟ وما علاقتها بحراك الوطن؟

الحركة عند الطبيب هي الرياضة وعند الموظف الانتقال من طابق إلى آخر، وعند ربة البيت غسل الأواني. فالتعريف يختلف من بيئة لأخرى ومن منظور لآخر، لكن العامل المشترك هو تحريك الجسم.

الكون في حركة دائمة وكذلك خلايا أجسامنا في دوران مستمر. إذاً الحركة جزء لا يتجزاء من تفاصيل حياتنا اليومية ومن دونه تتوقف الحياة.

من الناحية العلمية بينت الدراسات المستفيضة أن ممارسة الحركة والنشاط البدني بجميع أنواعه يحفز الجسم لإفراز هرمونات ومواد تساعد على إعادة بناء الجسم بطريقة صحية وتجدد الخلايا التالفة، وهذا بدوره يقلل من احتمالية الإصابة بالأمراض المزمنة والخبيثة.

أما من الناحية النفسية فإن الحركة تحسن من المزاج وتقي من الإصابة بالاكتئاب والتوتر. ولا ننسى دور النشاط البدني في زيادة التركيز خلال اليوم، وهذا يزيد من إنتاجية الموظف في عمله وربة الأسرة في بيتها والطالب في مدرسته.

لكن ما هي الحركة الصحية؟ تأتي الرياضة والنشاط البدني كالجري والسباحة وركوب الخيل على قمة الهرم. وفي هذا لا نحتاج إلى إثبات الدراسات العلمية، فديننا الإسلامي حث على الرياضات المذكورة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة مارسوها.

ومن ثم تأتي الحركة اليومية من المشي وممارسة الأعمال المنزلية والمهنية كشريحة مهمة في قائمة الحركة الصحية. البعض قد يستصغر دور المشي في الاستراحات القصيرة أثناء العمل، لكن حتى هذه الدقائق تصب في مصلحة البدن وخصوصاً إذا أصبحت روتيناً يومياً في حياة الفرد.

لكن هل تأثير الحركة الإيجابي ينحصر في البدن فقط؟ الحراك الذهني والعقلي لا يقل أهمية أبداً. حيث أثبتت الكثير من الأبحاث الطبية التأثير الإيجابي العميق للنشاط البدني والحركة على النتاج الفكري والنفسي للفرد. فكل ما يؤثر في البدن بدوره يؤثر في الروح والعقل.

لكن لماذا التركيز الشديد على موضوع الحركة؟ الدخول إلى أي منزل يكون عن طريق الباب وهكذا هو الدخول إلى عالم الابتكار والإبداع يكون الدخول إليه عن طريق باب الحراك الذهني والعقلي، والذي يرتبط بحركة البدن اليومية والطاقة الإيجابية المتولدة منها.

وهنا سأذكر مثالاً واقعياً على ذلك، ألا وهو التجربة الفريدة من نوعها في العالم «دولة الإمارات العربية المتحدة». فمنذ تكوين الدولة وقبل ذلك بكثير كان شيوخنا الكرام في حركة دائمة لتأمين متطلبات الحياة الكريمة لشعب وساكني هذه الأرض الطيبة. والمتابع لحياة المؤسسين الشيخ زايد والشيخ راشد، طيب الله ثراهما، يجد أنهما كانا يتحركان من مشروع لآخر ومن قرية لأخرى ويتابعان شخصياً سير العمل..

إضافة لحركتهما في رياضاتهما اليومية. واستمر على هذا النهج الشيوخ الكرام في حلهم وترحالهم. ماذا كانت نتيجة هذه الحركة البدنية المستمرة؟ طاقة إيجابية لا تتوقف وإبداع في الأفكار وقهر للمستحيل وإزالته من قاموس حكامنا، تمخض عنه كل ما وصلت إليه الدولة من رقي وما ستصل إليه.

وها هي عشر سنوات مضت منذ أن حمل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، وأخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، علم الإمارات عالياً في شتى المحافل، وها هي حركتهما الميمونة تجوب شتى بقاع الدولة لكي تنثر خيرها وشحناتها الإيجابية على كل ما تقع عليه. واللطيف في الموضوع انتقال عدوى هذا الحراك الإيجابي لكل فرد وبيت وجهة عمل حتى أصبح الجميع مدمني «إيجابية».

إذاً في الحركة بركة للجسم في الابتعاد من الأسقام والآلام، وفي الحركة بركة للعقل في جذب الطاقة الإيجابية، وفي الحركة بركة في الرزق والعمل الجاد، وفي الحركة بركة الخير والنماء لدولة العشق الأبدي «الإمارات».

وكل عام وعلمنا بخير..

المصدر: البيان
http://www.albayan.ae/opinions/articles/2014-11-07-1.2238373