حوارات ثقافية في الشارقة

منوعات

بحضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي رئيس جمعية الناشرين الإماراتيين، استضافت قاعة ملتقى الأدب بمركز إكسبو الشارقة مساء أمس الأول وضمن البرنامج الفكري المصاحب لمعرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الحادية والثلاثين، جلسة بعنوان: “علاقة المؤلف بالناشر” شارك بها جمال الشحي صاحب دار النشر الإماراتية : “ كُتّاب” ، ومحمد المزروعي مسئول قطاع النشر باتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وقدم للمشاركين الشاعر والإعلامي طلال سالم، وشهد الجلسة النقاشية لفيف من الإعلاميين والأدباء وأصحاب دور النشر المشاركين في معرض الشارقة الدولي للكتاب.

واستهل طلال سالم الجلسة بالإشارة إلى أهمية وجود دور نشر محلية تأخذ بيد المؤلفين الإماراتيين الشبان، وتحتضن تجاربهم الأولى، كي يواصلوا العطاء في عالم الكتابة، دون منح فرصة للإحباط المبكر كي يقضي على حماسهم ويضع العصا الغليظة في دولاب أحلامهم وتطلعاتهم الثقافية المتوهجة والمتقدة والمتوثبة.

وطرح سالم عدة تساؤلات أمام ضيفي الجلسة حول كيفية تطوير العلاقة بين المؤلف والناشر، وخلق مساحة من الجدل والحوار والنقاش الصحي الذي يمكن أن يثري العلاقة بينهما، ويدفع بصناعة النشر وبالكتابة أيضا نحو أفق التجويد والتجديد المطلوبان للوصول إلى صيغة احترافية تواكب ما يحدث في الحواضر الثقافية الكبرى في العالم.

وردا على هذه التساؤلات أشار جمال الشحي إلى أن دار النشر هي أول من أن يتم وضعه في قفص الاتهام عندما يتعلق الأمر بقلة التوزيع والبيع، بينما المؤلف يعتبر أيضا شريكا في الأزمة التي تمر بها صناعة النشر بشكل عام.
وأوضح الشحي أن الناشر لديه نظرة مختلفة للمخطوط ، مقارنة بنظرة المؤلف لها، لأن الناشر ــ كما أشار ــ يراقب مؤشرات سوق التوزيع، ولديه حساباته الخاصة حول الربح والخسارة، بينما كاتب المخطوطة أو مؤلف النص له هوى آخر يتعلق بالشهرة وتحقيق الذات وليس له علاقة بمستويات الخطر والمغامرة التي يخوضها الناشر، خصوصا عندما يتعلق الأمر بنشر مؤلفات الكتاب الشباب والجدد والمجهولين بالنسبة للقارئ.

وقال الشحي: “إن مشكلة التوزيع هي من أصعب المشاكل التي تواجه الناشر، لأنه يعتبر الوسيط الأساسي لإيصال الكتاب إلى شريحة واسعة من القراء، وأكد الشحي أن تجاوز هذه المشكلة يحتاج إلى فهم آلية التوزيع وكيفيه تسويق الكتاب والترويج له”.

بدوره أشار محمد المزروعي إلى أن معظم دور النشر في المنطقة تنظر للكتاب كبضاعة أو سلعة تجارية تحقق من خلاله هاش ربح يغطي تكاليف التصميم والطباعة وغيرها من مراحل إصدار الكتب والمؤلفات الورقية.

وقال المزروعي: “إن دور النشر في الوطن العربي، هي مثل المتعهد أو الوسيط الذي يربط بين الكاتب والقارئ، وهذا الفهم ــ كما قال ــ مغلوط ويحتاج لإعادة نظر حتى تكون دور النشر مستقلة بصلاحياتها المحددة لها وبأهدافها وسياساتها واستراتيجياتها الواضحة والمتعارف عليها في العمل الاحترافي لدور النشر الكبرى والمشهورة عالميا”.

وأوضح المزروعي أن التخصص أو التوجه المعروف لأي دار نشر هو الذي يمنحها قيمتها وشخصيتها وثقلها، مثل أن تكون هناك دار نشر متخصصة في الرواية، وأخرى متخصصة في كتب الأطفال، أو النقد والدراسات، وغيرها من التخصصات، وبالتالي ــ كما قال ــ ستتلاشى الأوهام المحيطة والرائجة حول أن دار النشر هي مكان لفعل كل شيء وطباعة وتوزيع وتسويق كل ما يرد إليها من مخطوطات باختلاف توجهاتها ومواضيعها.

وأكد المزروعي على أن الإعلام له دور كبير أيضا في ترسيخ هذه الأوهام المتعلقة بمعنى وماهية صناعة النشر، والتي تعيش في أزمة متكررة وتعاني من فوضى وتخبطات كبيرة في الوطن العربي.

واستعرض المزروعي بعض الحلول والمنافذ التي يمكن من خلالها تجاوز هذه الأزمة ومنها ــ كما قال ــ أن تكون هناك لجان لتحرير المادة المكتوبة ومناقشة الكاتب للوصول إلى صيغة نهائية ومرضية للطرفين قبل طبع المخطوطة، ومنها ــ كما أضاف ــ ترسيخ فكرة المؤسسة المتخصصة التي يمكن لها أن توائم بين شكل التصميم الخارجي والداخلي للكتاب، وبين فكرة ومضمون النص نفسه.

وأشار المزروعي إلى أن الوصول إلى الصيغة الاحترافية المتكاملة في صناعة النشر يمكن له أن يذلل الكثير من الصعوبات ومن سوء الفهم في العلاقة التبادلية بين الناشر والمؤلف، وأن تحقيق هذه الغاية يمكن أن يطيح بفكرة المغامرة أو ضربة الحظ عندما يطبع الناشر ألف نسخة للكاتب العربي مثلا، وينتظر ما يمكن أن تصنعه الصدف والأقدار مع هذه النسخ المكدسة على الأرفف وفي المخازن المغلقة على عتمتها وجهلها بآليات التسويق والترويج لكل كتاب ولكل كاتب على حدة.

المصدر: جريدة الاتحاد