حورية بحر تسحر الأطفال في «أكواريوم باريس»

منوعات

زعانف المرأة الحورية - المرأة الحورية في أكواريوم باريس

بعد أن أنهت سنتها الجامعية، قررت الفرنسية كلير بوديه أن تتحول إلى حورية من حوريات البحر في استعراض تقدمه في «أكواريوم» باريس، حاليا. ومن يذهب للفرجة على هذه الشابة البالغة من العمر 25 عاما يتصورها فنانة راقصة أو سباحة أولمبية ولا يخطر في باله أنها تحمل شهادتي ماجستير وتعد لشهادة دكتوراه في الأحياء المائية.

تبرع كلير في استخدام الأصباغ وتعتمد على المؤثرات الضوئية وتدس نصفها السفلي في حلة مشغولة بالزعانف الفضية لكي تبدو للمتفرجين وكأنها حورية حقيقية.

ويسحر استعراضها الأطفال بشكل خاص لأنها تجسد لهم أجواء الحكايات المصورة والقصص التي ترويها لهم الأمهات قبل النوم. ورغم تماهيها مع الدور الذي تؤديه فإنها دائمة البحث عن أصباغ للوجه لا تتغير تحت الماء. أما ذيل السمكة الذي ترتديه فإنه مصنوع من السيليكون مع سحاب خفي لإغلاقه من الخلف.

يبدأ الاستعراض بشخصين يحملان الحورية ويلقيان بها في الحوض الأزرق الكبير المليء بالماء والطحالب والمرجان وصغار الأسماك. وحالما تصبح وسط الماء تبدأ كلير بالتراقص والالتفاف على نفسها والعوم مع الكائنات البحرية الموجودة في «الأكواريوم»، دون أن تستخدم قراصة لسد الأنف أو نظارة بلاستيكية للعينين. وترافق العرض موسيقى هادئة مستوحاة من ترددات الأمواج وصفير الرياح البحرية.

أبرز ما في الأمر هو أن الحورية تغطس وتبقى دقائق طوالا تحت الماء وهي تحبس أنفاسها.

وهناك غطاس يرافق الحورية حاملا أسطوانة الأوكسجين للطوارئ، يقبع في زاوية خفية من الحوض بحيث لا يراه المتفرجون. لكن وجوده ضروري لنجدة كلير بوديه عند الحاجة، أو الحورية الوهمية في حال تعرضها لوعكة أو قرصة من سمكة.

تركت كلير شعرها الأشقر طويلا بما يتناسب وصورة الشخصية الأسطورية المنطبعة في الأذهان. وهي تتمتع بقامة رشيقة وطويلة وقادرة على الانزلاق مثل سمكة كبيرة في الحوض الذي يبلغ عمقه 8 أمتار. وهناك زعانف تتماوج مع حركة قدميها خلال الاستعراض الذي يستمر 10 دقائق تقريبا. وهي تكرر الغطس 9 مرات تتراوح مدة كل منها بين 45 و60 ثانية. ورغم أن الإضاءة لا تسمح لها برؤية الجمهور فإنها تحييه وتبقي عينيها مفتوحتين تحت الماء لكي تتفادى الاصطدام ببعض السلاحف والأسماك الكبيرة الموجودة في الحوض، أي «الأكواريوم» الواقع في ساحة تروكاديرو في باريس، المطلة على برج «إيفل».

سبق لكلير بوديه أن قدمت عروضا في أحواض مائية صغيرة في النوادي الليلية وفي «أكواريوم» مدينة مرسيليا، جنوب البلاد، حيث تجرأت وسبحت بجوار دلافين وأسماك قرش صغيرة.

وهي ما زالت تواصل أبحاثها وتعد أطروحة في جامعة السوربون حول الأساطير والرموز الشهيرة في نتاجات شركة «ديزني». وما بين حياتها كأكاديمية وطالبة في الدراسات العليا وعروضها التي تقدمها للجمهور، تنزلق الدكتورة الفنانة بكل يسر دون أن تتنازل عن طرف من نشاطها لحساب الطرف الآخر.

إن مثالها هي فنانة الاستعراض الأميركية هانا فرازر، أشهر حورية تمارس فن التماهي مع مخلوق نصفه العلوي امرأة ونصفه السفلي سمكة. وهي كانت قد شاهدت فرازر، بالمصادفة، وقررت أن تتمرن لكي تمارس الهواية نفسها. ولهذا سعت، في شقتها الصغيرة المؤلفة من حجرة واحدة، لخياطة بدلتها بنفسها وألصقت حراشف من البلاستيك وزعانف من القماش على الجانبين. وبعد عدة تجارب غامرت وقدمت استعراضها الأول بعد أن تدربت على الغوص بحبس النفس لدقائق طوال ودون أنبوبة أكسجين.

أمنية الحورية الفرنسية الشابة أن تنشأ في بلدها مجموعة من عشاق أعماق المحيطات، أو من تطلق عليهم تسمية «ناس البحر»، على غرار المجاميع الموجودة في الولايات المتحدة وأستراليا. وهي تقول إن «الأعماق تشكل مع كائناتها المختلفة البالغ عددها الآلاف، مجتمعا متكاملا تسوده ثقافة لها مقوماتها التي قد لا تخطر على بال الناس البعيدين عن الغوص والشواطئ. ولا شك أن روايات وأفلاما مثل (هاري بوتر) و(توايلايت) وعوالمها السحرية اجتذبت مزيدا من الشباب للاهتمام بما هو موجود تحت مستوى المسطحات المائية التي تشكل القسم الأكبر من مساحة كوكب الأرض».

المصدر: باريس: «الشرق الأوسط»