مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

درس لصناعة النقاء

آراء

لا يمكن للعبث الذي تمارسه جماعات الإسلام السياسي أو التنظيمات الإرهابية المتطرفة أن يستمر شأنه شأن أي خطأ، فالقاعدة العامة تقول إن الخطأ إلى زوال، ولا يصح سوى الصحيح في نهاية المطاف. ولكن متى؟ وكيف؟ وبعد ماذا؟ وما ضريبة وجود الخطأ إن طال زمنه؟

جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في النصف الأول من القرن العشرين حاولت استمالة الناس باسم الدين، لكن مقتل الجماعة كان في ممارسة العنف عبر الجناح المسلح فيها، وتسلمها لحكم مصر لم يكن في حقيقته لقناعة بها بقدر ما كان ردة فعل ضد الخيار الآخر الذي رجح الشعب كفة الإخوان عليه، غير أن التجربة الإخوانية الفاشلة في إدارة الدولة وما تبع ذلك من عنف وتخريب وإجرام أنهى حلم الإخوان في العودة إلى الحكم حتى الأبد، فاتباع سياسة “إما نحكم أو نخرب ونقتل” ليست مجدية.. وتحفر قبر صاحبها وتنهي طموحاته، ويضاف إلى ذلك أن الإخوان شوهوا الإسلام الذي يتحدثون باسمه.

أما تنظيم “داعش” فهو حالة عرضية انتابت المنطقة، وقد عاث فساداً ولم يشبع، ويريد متابعة طريق العبث غير العقلاني والخارج عن نطاق الزمن والكينونة البشرية، وما يمارسه عناصره من ذبح وسلخ وقطع رؤوس وتعليقها في الساحات العامة ليس إلا إجراماً.. وبينما تنبه العرب مسبقا إلى خطر التنظيم وحذروا العالم منه بقي الغرب متفرجا إلى أن وصلت إليه جرائم “داعش”، فأحس بأنه سوف يواجه ما سبق أن فعله تنظيم “القاعدة” فبدأ التحرك الغربي المتأخر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. أما الإسلام فقد أساء له الداعشيون كما لم يفعل أحد من قبل، وقدموا عنه صورة غير سوية يحتاج المسلمون الحقيقيون فترة طويلة لتصحيحها.

ما بين الإسلام السياسي وتنظيم “داعش” الإرهابي وما ماثله من تنظيمات ظهرت خلال الأعوام الأخيرة، حدثت إساءات كثيرة لصورة الإسلام الحق المتسامح، والمطلوب أن يجري العمل على منع تكون أي بيئة حاضنة لمثل تلك الأفكار المتطرفة التي قد تُستغل نتيجة ظروف معينة فيبدأ أصحاب الأهداف غير السوية باستقطاب الشباب باسم الدين، فحين يعي الفرد منذ بداية تعليمه أن الإسلام دين محبة وتسامح وحوار فإنه سوف يكبر وقد غرست تلك المفاهيم في عقله، ولا يجوز بأي حال أن يحدث العكس لأن ذلك من أسباب نشوء تلك البيئة غير المرغوبة، وهنا لا بد من حملة تشمل كل مكان يحتمل استغلاله من قبل التطرف لبث الأفكار المنحرفة، فما يجري اليوم هو درس بليغ لمن يريدون الخير ويستطيعون المساهمة في صناعة النقاء.

المصدر: الوطن أون لاين
http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=22858