رحلة قصيرة في مترو الزمن – جمال الشحي

أخبار

في مدينة المستقبل تبدو الأشياء مختلفة نوعا ما ووتيرة الحياة أسرع من المعتاد، في مدينة الخيارات المتعددة لابد أن تعرف وجهتك مسبقاً لأنك ستضيع لاحقاً في كومة الخيارات وستكتشف مثلي بتعجب ومتأخرا ً أنك اكتشفت مكانا جديداً جميلا تقضي فيه وقتاً سرقته من وقتك! مدينة تباغتك بالجديد، وجمال الحب في المباغتة.

أحيانا آخذ أخبار المدينة من السياح! بشوق يزوروننا وبفضول مسافر يعرفون الأماكن الجميلة. لكنني اليوم قررت أن أكتشف بنفسي وأقوم برحلة مختلفة في هذه المدينة المختلفة.

المحطة أمامي و دراهمي في جيبي وكتاب “ومضات من فكر” بيدي أحمله و يحملني، أقف متكئاً على زمن جميل عشت لحظاته في هذه المدينة الساحرة، أنتظر أن يلقي بي المترو في أي مكان.. في أي زمان، مستسلما تماما لخيارات المحطات، كل محطة قصة، تقرأها أنت وأقرؤها أنا كيف نشاء.

لا زلت أنتظر.. وبعدها بدقائق يأتي كمنقذ بلون الاحتواء الأزرق والسلام الأبيض. وللألوان دلالات وفنون، يتدافعون أمامي بلطف، كموجة هادئة يدخلون قبلي، أبحث بينهم عن لغتي بين عشرات اللغات وأجدها حاضرة، ملكة متوجة.. وأبتسم كعالم أنثروبولوجي يؤمن أن المستقبل لمدينة الثقافات.

أراقب أعينهم، كلاًّ له وجهة وقصة مختبئة، مثلهم أنا أبحث عن وجهتي وقصتي، مترو الزمن يعبر بنا عبر الزمن، نجتاز مدنا، حدائقا، مباني و بحيرات، أنظر بشغف طفل وأنا أرى انعكاس رحلتنا على زجاج مبانٍ بنيت بجهد وبريشة فنان!

هل أخبرتكم أنني قررت أن لا أنزل إلا في المحطة الأخيرة؟

بيدي كتاب يتحدث عن الإدارة والقيادة، كتبه قائد مختلف، أرى أمامي بصدق كلماته تتشكل كإنجازات وأؤمن بعدها بالفرق ما بين الأقوال والأفعال.

مترو الزمن يتوقف تارة ويتحرك وأنا ومقعدي حكاية حب لا تنتهي، حجزته لنهاية الرحلة، يقف بشغف أمامي، عابرون مثلي، يحلمون بغد أفضل في المدينة الأجمل مدينة لا تخيب الظنون.

في رحلة صمتي كان المنجز يتحدث عن نفسه ، عندما لا تسعفك الكلمات أستعن بقوة الإنجازات ، ستتحدث بالنيابة عنك و ستدافع بعدالة عن قضيتك.

بكل صراحة لم أكن أريد أن أصل لمحطتي الأخيرة،كانت رحلة من خيال و سفر من جمال و أنا و مقعدي و الكتاب معي وصلت فيه للصفحة الأخيرة ، أرى فيه كلمات الإيجابية و التفاؤل تسافر معي بين صفحاته تنبثق بين كلماته ، يريد أن يقول لنا بكل حب و بساطة أنه يريد لنا كل الخير و السعادة ما أعظمه من قائد و ما أجمله من كتاب .

قررت حينها أن لا أنزل في محطتي و أكمل مستمتعاً طريق العودة في مترو الزمن و أقرأ الكتاب ثانية من الصفحة الأولى !

ستكون رحلة العودة مثيرة… قلت لنفسي

خاص لـ ( الهتلان بوست )