علي سعد الموسى
علي سعد الموسى
كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية

ضد الرئيس: ما لم يقرأه رؤساء العرب

آراء

أكتب الآن، نهايات المساء، حيث أكملت للتو طي الصفحة الأخيرة من الكتاب الضخم (ضد الرئيس) للكاتب المصري البارز عبدالحليم قنديل.. أربع ليال كاملة من الدهشة مع هذا الكتاب الذي اشتريته، وللمفارقة، منتصف العقد الماضي من رصيف (قاهري)، وأعيد قراءته كاملاً بعد هذه السنوات وكأنها قراءة مختلفة للعبرة والعظة والتأمل. كتب عبدالحليم قنديل آخر ورقة في التوطئة لهذا الكتاب في ربيع عام 2004. ولو أن فخامة الرئيس، ركل حاشيته وبطانته الذين منعوا عنه قراءة هذا الكتاب لما كان له أن يواجه ربيع عام 2011، ولربما لم يكن اليوم حبيس سجن (المزرعة) بعد أن صادرت العائلة والحاشية والبطانة كل تاريخه الذي (شاخ) عليه، فلم يستطع أن يخترقهم إلى هذا (الكتاب) بقرار أو كلمة. سأختلف جذرياً مع عبدالحليم قنديل في الأفكار والرؤية وفي توجهات المدرسة، ومع هذا سأقول: لو أن هذا (السفر) الضخم وضع أمام طاولات كثير من زعماء الجمهوريات العربية في مؤتمرات القمة المتتالية لما وصلنا إلى هذا الحمام الساخن لإرهاصات الخريف العربي. وخذ من المثال أن عبدالحليم قنديل الذي (نعى) بإحساسه القومي الناصري زعيماً مثل حافظ الأسد في مقال، كأن هو نفس (الكاتب) الذي نشر في اليوم التالي مقالاً ينذر (بكارثة بشار)، كما هو العنوان، ويحذر أن شعباً لن يتحمل ذات المنهج لأربعين سنة قادمة. خلصت من قراءة الكتاب للمرة الثانية ما بين زمنين مختلفين ومتباعدين وأيضاً متناقضين، ثم انتهيت إلى تأكيد الحقيقة الراسخة: أننا أمة لا تقرأ، وإن قرأت لا تستوعب، وإن استوعبت فلن تأخذ في المطلق من الاستيعاب أي عبرة وعظة. وخذ من المفارقة أن أخطر كتاب في رصد مسيرة الجمهوريات العربية، هو أخطر كتاب (ضد الرئيس)، وهو نفسه ذات الكتاب الذي سمحت حرية التعبير ببيعه على الأرصفة والمكتبات ولكن: ما هي الفائدة إن كانت حرية التعبير لمجرد التنفيس، لأن (الزعيم والحاشية) كانا يعيشان في كوكب دري وفي غشاوات بعضها فوق بعض تفصلهم عن نبض الشعوب وآلامها وآمالها المختلفة؟ وللدهشة فإن ما كتبه قنديل وانتهى منه ربيع عام 2004، يصلح للنشر ابتداء من اليوم في صيف 2013. الذي لم يستطع (مبارك) أن يقرأه، لابد (لمرسي) أن يمتحن فيه مرتين. ومثلما كان مبارك ضحية (الحاشية والعائلة) فإن مرسي في نبوءة لم يقلها الكتاب ضحية (الجماعة والزمرة).. تبادل أحمد عز مع محمد البلتاجي تلك الأدوار، وكأن كتاب (قنديل) خارج للتو من المطبعة بتعديلات في الأسماء والتواريخ.

المصدر: الوطن أون لاين