عيدنا غداً!

آراء

يأتي العيد غداً ونحن في العالم العربي لانزال نطرح نفس الأسئلة التي نسألها منذ عقود: إلى متى نعيش في دوامة من العنف والمجهول؟ لماذا نعيش عصرنا خارج العصر؟ متى نعيد قراءة تاريخنا بمعرفة ومواجهة؛ لعلنا نفهم واقعنا ونبدأ في التفكير للمستقبل؟ بعض هذه الأسئلة، وإن اعترفنا سراً بشرعيتها، لاتزال في خطابنا محرمة. لكننا إن لم نسألها علانية ونلح في تذكير أنفسنا بأهميتها سنبقى ندور في دائرة الوهم، وسنبقى خارج التاريخ وخارج العصر. وسنبقى تائهين في قراءة ما بين السطور لا ما في السطور، وسنظل نكذب على أنفسنا حتى في تعبيرنا عن “فرحة” العيد.

ثمة حقائق مرعبة عن تاريخنا وعن يومنا لابد من مكاشفة صادقة معها. العرب أكثر من قتل العرب. والعرب أكثر من يقتل العرب اليوم. العربي أسوأ من عادى العربي. وأكثر دموية في تصفيته حساباته مع العربي. وما أسس للجهل والبغض والحسد بين العرب مثل العرب أنفسهم. وإن سألنا لماذا فمع الأسف إن جزءاً مهما من الإجابة يرجع للماضي. لتاريخ العداء المتأصل بين العرب أنفسهم. وفي تلك دلالة أخرى على أننا لم نغادر تاريخ الخصومة العريق منذ عصور الجاهلية وما تبعها. نحن حقاً غارقون في الماضي بكل مآسيه وحروبه وثاراته. من هناك ظل العرب أعداء أنفسهم.

قل عني إني جالد لذاته. قل إني متشائم. قل ما شئت. ثم عد لخارطة الموت والدمار أمامك وتأمل في واقعنا اليوم وشاهد -على الهواء- المأساة العربية ماثلة في فوضى الموت والدمار والفقر والجهل والتخلف أمامك. واجه الحقيقة، وهي فوق أنها مؤلمة وحزينة فهي أيضاً مخجلة. علينا فعلاً أن نخجل من واقعنا -ومن أنفسنا-. وإن فعلنا فلعلنا بذلك نخطو خطوة أولى للخروج من مأزقنا!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٣٢٦) صفحة (٢٤) بتاريخ (٢٥-١٠-٢٠١٢)