سعيد المظلوم
سعيد المظلوم
ضابط في شرطة دبي برتبة مقدم ، حاصل على درجة الدكتوراة من جامعة سالفورد بالمملكة المتحدة في إدارة التغيير وعلى درجة الماجستير في الإدارة العامة (MPA) من جامعة ولاية أوريجون بالولايات المتحدة الأمريكية، مهتم في مجال الجودة والتميز المؤسسي ، يعمل حالياً مديراً لمركز أبحاث التميز بالإدارة العامة للجودة الشاملة بشرطة دبي

فهد الإماراتي بائع الآيس كريم الإيطالي ..

آراء

تعرّفت إلى فهد الهرمودي في أمريكا العام 2001 خلال فترة الدراسة، ولا أنسى إلى اليوم فضله، فقد كان يساعدني على توصيل بناتي شيخة وهيا إلى المدرسة، لارتباطي بحصص دراسية في أول الصباح في معهد اللغة في جامعة بورتلاند (صديقي فهد .. لك شكري ودعائي)، والطريف ذكره أن بناتي من دون أي مقدمات كنّ يسمينه «عمي شهد»! ..

فهد أنهى جزءاً من دراسته في أمريكا، واستكمل الباقي منها هنا في الدولة، رزقه الله بوظيفة في شركة بترولية، حيث طبيعة عمله تحتم عليه العيش في الخارج، حيث سبق له أن عاش في لندن ومدريد وميلانو.

تبدأ القصة هناك في مدينة الأزياء والأناقة ميلانو عندما سمع من زملاء العمل عن محل يبيع الآيسكريم بطريقة خاصة جداً، زيارة واحدة كانت تكفي لإدمان فهد على الآيسكريم الإيطالي، فراودته فكرة الاستثمار في مثل هذا المشروع، خصوصاً أنها فكرة جديدة وغير مألوفة هنا في الإمارات، حيث تحتاج إلى جهاز خاص لعمل آيسكريم بطعم الفاكهة نفسها التي تحب، من دون أي إضافات صناعية، فمثلا مع الرمان، الذي أعشقه من محل فهد، ومن خلال الجهاز نأخذ الحبوب من الداخل ونعمل منه عصيراً وبعد ذلك تتم عملية تبريده، ليتم في المرحلة الأخيرة تغليفه من قشرة حبة الرمان نفسها ليكون صالحاً للأكل، الجميل أن فهد عمل على تطوير الفكرة وأدخل آيسكريم بنكهات محلية، مثل التمر مع الزعفران.

يحكي لي فهد أنه عانى كثيراً حتى وصل إلى هذه النهاية السعيدة.

من المعوّقات التي صادفها فهد كانت اللغة، وأحياناً أخرى المبالغ الخيالية المطلوبة فقط نظير شراء الفكرة وخبير في عمل هذا النوع من الآيسكريم، حتى إنه يئس وقرر ترك المشروع إلا أن الأقدار كانت لطيفة معه عندما تعرّف إلى تاجر إيطالي في الطائرة أثناء رحلة عودته من ميلانو إلى أبوظبي، حيث دار حوار معه حول فكرته فسهّل له الوصول إلى صاحب محل آيسكريم اسمه «فابيو»، وهو الذي يدير العمل اليوم داخل المحل في أبوظبي.

لله الحمد والمنة بداية المشروع كانت مبهرة، والأجمل سعي فهد وحرصه على تنفيذ فكرته وعدم اليأس، والأروع وجود جهات داخل الدولة تدعم مشاريع الشباب كصندوق خليفة الذي دعم مشروع فهد مادياً ولوجستياً. إلى هنا تبدو الرحلة سعيدة إلا أنه لا بد من منغصات، وأحياناً هذه المنغصات تكون «غير أخلاقية» للأسف. يقول لي فهد إن شريكه الإيطالي (فابيو) أخبره أنه مع أول أسبوع من الافتتاح وإعجاب كل من زار المحل بفكرة المنتج، عرض عليه أشخاص العمل معه في مشروع آيسكريم مماثل بعائد مالي مغرٍ جداً، الجميل أن فابيو رفض، ولا أعلم ولا حتى فهد يعلم إلى متى سيستمر فابيو في رفض كل هذه العروض المغرية ..!

صدقاً .. دائماً أحرص على أن أتناول في مقالاتي كل جميل، وأتجنب الغث السمين، ولكن قصة فهد وقصص الكثير ممن لدغوا من «عدم أخلاقيات» الآخرين في «سرقة الأفكار» على حين غرة أجبرتني على هذا التساؤل: لماذا ..؟

لماذا البعض يعتمد على مجهود الآخر لنجاحه؟ والحبيب المصطفى، صلى الله عليه وسلم، يقول «التجار يحشرون يوم القيامة فجاراً إلا من اتقى وبرّ وصدق».

المصدر: الرؤية الإماراتية