سطام الثقيل
سطام الثقيل
صحافي وكاتب سعودي

قتلة الركع السجود

آراء

لرجال قوات الطوارئ السعودية مكانة كبيرة في نفوس العرب والمسلمين لا تقل عن مكانتهم في نفوس أبناء وطنهم السعوديين، وتأتي تلك المكانة المميزة نظير ما شاهدوه من صور تناقلتها وكالات الأنباء العالمية لهم وهم يقومون بدورهم في خدمة ضيوف الرحمن في كل موسم حج، والمحبة لم تنبع من الخدمة فهي واجبهم ولكنها نابعة من مشاهد العطف والرحمة تجاه الصغير والكبير من حجاج بيت الله الحرام.

ومن هنا كان للتفجير الإجرامي الذي طال مسجد قوات الطوارئ في منطقة عسير أمس الأول وتسبب في استشهاد وإصابة عديد منهم وهم ركع سجود في أثناء أدائهم الصلاة، وقع مؤلم على أنفس كل المسلمين. هذا الوقع الموجع للحدث الإرهابي الإجرامي وضح جليا في مواقع التواصل الاجتماعي عبر تغريدات بسيطة في عدد حروفها ولكنها عظيمة في معانيها.

قد يخفى على البعض أن رجال قوات الطوارئ وهم يملكون يدا عطوفة ورحيمة تجاه حجاج بيت الله الحرام، أنهم يملكون أيضا يدا قوية ضاربة كانت السبب بعد الله ــ سبحانه وتعالى ــ في سحق الإرهاب الذي طال السعودية مطلع الألفية الثالثة، وهم سبب رئيس في دحر الإرهاب قبل وقوعه من خلال توجيه ضربات استباقية لتلك الفئة الضالة التي عاثت فسادا في الأرض وروعت الآمنين ولم تسلم منهم حتى دور العبادة.

يقول الله في منزل كتابه “ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما”، هذا جزاء من يقتل مؤمنا في مكان عام، فما بالكم بجزاء من يقتله في دور العبادة ساجدا راكعا متضرعا لله.

لا شيء يوحي بأن تنظيم “داعش” يستمد تعاليمه من شرع الله السماوي “الإسلام” ــ كما يدعون ــ فكل أفعالهم الإجرامية لا تمت للدين بصلة، ولا تقرها كل الأديان والأعراف. ما هم إلا نبتة “خبيثة” لا نعلم من غرسها وسقاها حتى ظهر خطرها على العباد والبلاد.

من السلبيات التي تطول حربنا على تلك الفرقة الضالة هي تستر العائلة على أبنائها المشكوك في منهجهم، فالابن غائب والأب يشك في توجهاته وأفكاره ومع ذلك يخفي أمره عن السلطات ولا يبلغ عنه الجهات الأمنية، على الرغم من أن في الإبلاغ حماية له وللآمنين وحفاظا عليه وعليهم، لو أن كل ولي أمر “أب” حافظ على رعيته “الأبناء” من خلال الإرشاد والنصيحة والاستعانة بالسلطات الأمنية عند عدم القدرة على توجيهه، لما كنا عرضة للإرهاب.

المصدر: الاقتصادية