يوسف القبلان
يوسف القبلان
كاتب سعودي

قصة ثقة مفقودة

آراء

لماذا يفقد الطفل الثقة بالنفس؟ لأن الخبرة التي مر بها في البيت مع أسرته خبرة مع أسلوب تربوي يبحث عن الأخطاء بالمجهر ويوبخه عليها، ويوجه الانتقاد إلى شخصية الطفل وليس إلى السلوك الخاطئ أو الأداء، أسلوب يطالب الطفل بالمستحيل وهو أن يكون بلا أخطاء! علماً أن الأخطاء هي إحدى الطرق المؤدية إلى التعلم، أسلوب تربوي يقارن الطفل بإخوانه ويلومه أمام أفراد الأسرة، ولا يعطيه فرصة للمشاركة بسبب عدم توفر الثقة.

ضاعت ثقة طفل بنفسه لسنوات، تم البحث عنها في كل مكان، حالفها الحظ في الجامعة بأستاذ رائع وجدها ثم اكتشف صاحبها الذي يبحث عنها وهو أحد طلابه، قرر الأستاذ مع طالبه أن اليأس ممنوع وأن الثقة يجب أن تعود، بدأ الأستاذ مشواره مع الطالب لإعادة الثقة بوسائل متعددة منها اكتشاف نقاط قوته، ثم التكليف بالمهام والتشجيع والدعم ثم التقدير العلني على الإنجاز.

كانت تلك بداية عودة الثقة التي ساعدته على التخرج من الجامعة في التخصص الذي رغب فيه، في الحياة العملية كان الشاب في بداية حياته العملية محظوظاً بمدير يبحث في الإنسان عن الإيجابيات ليدعمها، وعن قدراته لتنميتها، وعن مهاراته ليطورها، يعتقد هذا المدير أن كل إنسان لديه قدرات معينة، وأن علينا اكتشافها بصبر وقناعة بهذا المبدأ.

الدعم يتطلب تصيد الإيجابيات، وتقديم تغذية راجعة عنها لصاحبها وخاصة في بداية الحياة العملية.

في الحياة العملية، هناك من لا يقدم تغذية راجعة رغم أهميتها، وهناك من يقدم التغذية الراجعة السلبية فقط.

صاحبنا كان في طفولته لا يسمع إلا الانتقاد، الآن في حياته العملية وفقه الله بمدير تربوي إنساني يؤمن أن مشوار نجاح الإنسان يبدأ بالثقة فيه، فإن لم يتحقق ذلك في مرحلة الطفولة فلن يكون تحققه مستحيلاً في مرحلة لاحقة.

مرحلة الطفولة مهمة جداً في التأسيس وبناء الشخصية، المعاناة في هذه المرحلة قد تصيب الإنسان باليأس والاستسلام للفشل، ولكن كثيراً من الناجحين والمبدعين في مجالات مختلفة مروا بظروف قاسية عائلية واجتماعية وكانت الثقة مفقودة، ومع ذلك وجدوا هذه الثقة بالإرادة والشغف بهواية أو مهنة معينة، وبدعم وتحفيز وثقة المحيطين بهم.

الثقة بالنفس وثقة الآخرين علاقة تكاملية مهمة، قد تتعرض للضعف بصفة مؤقتة، لكن بناءها من جديد وتعزيزها ليسا من الأمور المستحيلة.

رسالة للآباء والأمهات، ثقة الأبناء بأنفسهم تبدأ في التشكل منذ الطفولة عن طريق الممارسة والدعم، وليس عن طريق القيام بكل شيء نيابة عنهم، ولا عن طريق الافتراض مسبقاً أنهم لا يستطيعون تحمل المسؤولية.

المصدر: الرياض