فضيلة الجفال
فضيلة الجفال
كاتبة سعودية

«كامب ديفيد» بين السياسي والأمني

آراء

مع اقتراب قمة كامب ديفيد، تتسارع الترتيبات والتشاورات بين غرف اجتماعات واشنطن والخليج بشأن ملفات وقضايا المنطقة، آخرها اجتماع وزراء خارجية الخليج ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري في باريس اليوم، تسبقها زيارة كيري إلى الرياض أمس، وقبلها قمة تشاورية خليجية استثنائية الإثنين لمناقشة الملفات الإقليمية، باستضافة الرئيس الفرنسي هولاند. واستضافة هولاند بحد ذاتها تكتسب دلالات ذات أهمية، منها موقفه المنسجم مع موقف السعودية في كثير من قضايا المنطقة، كالموقف من النظام السوري، والموقف من إيران وتهديدها الأمني ومن مشروعها النووي، وأخيرا الموقف من اليمن.

وبطبيعة الحال، فإن بعض القضايا المتفق بشأنها في القمة القادمة بين دول الخليج وأمريكا هي حول الأزمة اليمنية وحول التحالف الدولي ضد “داعش”، وأما المختلف حولها حتى الآن فعلى رأسها الاتفاق النووي مع إيران وما يرافقه، والوضع في سورية والموقف الأمريكي منه. تدرس أمريكا مجموعة من الخيارات لطمأنة الخليج، فيما يرغب الخليج في مواقف سياسية واضحة، تبدي أمريكا اهتماما أوليا بالجانب العملي، وربما الأنسب دبلوماسيا بالنسبة لموقفها، وهو غالبا الشق الأمني الدفاعي التقني، الذي يترافق بالضرورة ومصالح اقتصادية عسكرية أمريكية.

وقد تسابقت الصحافة الأمريكية في استعراض كواليس التحضيرات بشأن ما يمكن استعراضه على طاولة القمة التشاورية بين دول الخليج وأمريكا. وحول ذلك ذكر تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” إمكانية الإعلان عن عضوية السعودية والإمارات حليفا رئيسيا خارج حلف الناتو، ما يخفف القيود على مبيعات الأسلحة ويمنح عددا من المزايا العسكرية التي لا تتوافر إلا لحلفاء حلف شمال الأطلسي. إضافة إلى إمكانية تدريب مشترك للجيوش الأمريكية والعربية، ونشر منظومة دفاع صاروخي خليجية موحدة “الدرع الصاروخية الخليجية”، الذي قد تصحبه التزامات أمنية متطورة، ومبيعات أسلحة جديدة، ومزيد من المناورات العسكرية المشتركة.

بطبيعة الحال، سيكون الهدف الرئيسي في نقاشات أمريكا أمام مطالب دول الخليج وقلقها، هو مصلحة أمريكا في الشرق الأوسط، سواء من خلال إدارة الصراع لمصلحتها أو محاولة موازنة القوى لكسب الأطراف الخليجية والإيرانية معا. وبخلاف المستجدات والمتغيرات، أهداف أمريكا في المنطقة الثابتة هي ضمان تدفق النفط وحماية إسرائيل. ويبقى السؤال الأهم، هل ستكتفي أمريكا بطمأنة الخليج من الجانب الأمني الدفاعي التقني أم الأمني الاستراتيجي المستدام كما قد ترغب دول الخليج؟ أمام هذه الظروف التي تمر بها المنطقة ودول الخليج، فإن قائمة العروض تشكل تحديات هي الأخرى. وهذه التحديات تتضمن التمدد الإيراني المهدد للأمن الخليجي من خلال دعمها وتسليحها الميليشيات في كل من اليمن وسورية والعراق ولبنان، ومرة أخرى الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني. وكما يبدو فإن أمريكا تغاضت عن التمدد الإيراني وأحجمت عن مواجهته.

لذا فمن المتوقع أن تخرج القمة بمذكرة تفاهم عامة مشتركة، ومرة أخرى دون تفاصيل، على الأقل قبل البت في قضايا عدة منها ما هو حول الاتفاق النووي الإيراني نهاية الشهر المقبل. وإذا كانت أمريكا تنتظر من دول الخليج دورا أكثر فاعلية وتقديرا لمصالحها، فلا بد أن تأخذ بجدية مسألة الأمن القومي الخليجي “المستدام”، وألا يصبح الأمن القومي الخليجي مجرد ورقة ابتزاز سياسي أو عسكري. لذا فأمام دول الخليج نقاشات مقبلة مفصلية، وذلك للخروج بمكاسب سياسية وأمنية في آن معا.

المصدر: الاقتصادية
http://www.aleqt.com/2015/05/08/article_956020.html