عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

لا تبندوا في «الويوههم»!

آراء

في منتصف ستينات القرن الماضي كان هناك مراهق اعتاد أن يمارس هوايته في تفكيك وإعادة تركيب بعض الأجهزة الإلكترونية.. وذات يوم أثناء ممارسته لهذه الهواية وجد أنه وصل إلى مرحلةٍ ما في أثناء إعادة تركيب أحد الأجهزة، واحتاج إلى مساعدة في الأمر.. ولأنه «على ويهه» فقد فتح دليل الهاتف وبحث عن اسم «بيل هيوليت».. الشريك المالك لمؤسسة «هيوليت – باكارد HP» التي اشتهرت بهذا اللون من الصناعات في ذلك الحين، واتصل به شخصياً لسؤاله.. الصدفة أن الرقم الذي كان مسجلاً في الدليل كان للمنزل الخاص للمليونير الأميركي.. وقد أجاب على الاتصال.. واستمرت المكالمة 20 دقيقة.. حصل خلالها المراهق على استفسار لإجابته، بالإضافة إلى عقد لتدريبه في الصيف في أحد فروع الشركة.

والأجمل أن الحادثة قد أعطت دافعاً وثقة بالنفس لذلك المراهق الذي أصبح بعد 20 عاماً أحد أهم المبدعين في القرن الـ21، وأنا أكتب وأنت تقرأ (غالباً) باستخدام أحد أو بعض منتجات شركته العملاقة «أبل»، أصبح ذلك المراهق ستيف جوبز، أيقونة في التحدي والمثابرة والإبداع.. على الرغم من أنه توفي وهو يحمل سره معه.. لماذا هي التفاحة مقضومة؟!

القصة جميلة.. لذا أرجو منك أن تقرأها و«تقلب الصفحة».. أما أن تحاول تجربتها.. فـأنت حر! هل تعتقد فعلاً أن الوصول إلى المختصين في المجالات الإبداعية المختلفة ممكن؟! عليك المرور أولاً بمشوار الحياة.. من الاتصال بالمكتب.. ثم تحمّل لزوجة السكرتيرة التي ترى أن «معلمها» هو مركز الكون.. ومحاولة إقناعها بأن الأمر مهم لكي تتصل هي بك وتعطيك موعداً لدقيقة واحدة تقابل خلالها مدير مكتبه بعد أربعة أشهر و10 أيام!

وإذا حدث واتصلت به على رقم المنزل! ما هي ردة الفعل التي تتوقعونها؟ كيف يتصرف كل منا حين يكتشف أن أحدهم قد اكتشف الأرقام السبعة التي نحافظ على سرّيتها أكثر من أسماء «أمهاتنا»؟! رقم البيت؟! سري! وإذا تجاوزنا عن هذه.. فمن الذي سيعطي جواباً لـ20 دقيقة «مني والدرب».. ألا يجب أن أعرف «قبيلة» المتصل أولاً! هل كان بيل هيوليت يعرف يا ترى أن ستيف ابن بالتبني.. يعني بالعربي (…) هل سأله يا ترى عن أصله السوري؟! لا أعرف، فالكتاب لم يذكر هذه النقطة.. ربما لم تكن لها أهمية في سياق الحديث!

سعة الصدور على الجيل الراغب في عمل «شيء» ما هي إلا الخطوة الأولى في وضعهم على سكة الإبداع.. احتواؤهم وتشجيعهم وإعطاؤهم الإجابات هي ما تدفع وتعطي الثقة بالنفس لهم، ولمن يرغب في أن يصنع جيلاً من المبدعين.. بدلاً من عبارات «منو عطاك الرقم؟».. و«اسمحلي مشغول».. و«شوف المكتب»!

عن نفسي إذا كنت مكان الأخ بيل.. كنت سأقول لستيف: الحبيب إنته متصل على HP مال الكمبيوترات.. HP مال الكاتشاب رقمهم غير.. ثم أقوم بحركة «التبنيد في الويه» الشهيرة!

المصدر: الإمارات اليوم