ميساء راشد غدير
ميساء راشد غدير
عضوة سابقة في المجلس الوطني الاتحادي، كاتبة عامود يومي في صحيفة البيان

لندن.. تساؤلات مشروعة

آراء

منذ أسابيع قليلة، تابعت الصحف البريطانية باهتمام خبر استقالة كولين ماثيوز، مدير مطار هيثرو في لندن، التي جاءت على خلفية تقدم مطار دبي الإماراتي عالمياً على مطار هيثرو البريطاني. وعبر ماثيوز عن أسفه، لأنه في الوقت، الذي تهتم فيه دول العالم بتطوير مطاراتها، لم يكن من المملكة المتحدة إلا إهمال تحذيراته، وخسارة اللقب، الذي حافظوا عليه سنوات طويلة.

هذا الخبر عاد إلى ذاكرتنا فور حادثة الاعتداء الأولى على ثلاث إماراتيات، في أحد فنادق لندن، الذي ما زالت تفاصيله لم تقدم لنا إجابات شافية عن كل ما حدث، ولم نشعر بأن ما اتخذته السلطات البريطانية من إجراءات يكفي، للكشف عن المتورطين في هذا الاعتداء، الذي تبعه، وفي فترة وجيزة، اعتداء آخر على إماراتي وزوجته في شقتهم السكنية، في حي آخر في لندن، من قبل سبعة أشخاص.

ما حدث في لندن من اعتداءات على الإماراتيين، يفتح أبواباً للتساؤلات والتكهنات، لأن الاعتداءات استهدفت الإماراتيين، رغم أنهم ليسوا أكثر زوار لندن ولا أغناهم، ولأنه لا يمكن حصر الهدف من الاعتداءات في سرقة مبالغ زهيدة، تم الاستيلاء عليها، ولا يمكن أن تبرر حجم جرائم، وقعت بأساليب قاربت على إنهاء حياة أسر، بل دمرت أوضاعهم الصحية.

وهددت استقرار بعضهم النفسي نتيجة الترويع، فلو كانت الإجراءات الأمنية، التي اتخذتها بريطانيا في حادث الاعتداء على الإماراتيات كافية، ولو أن إعلامها اهتم بالقضية، كما يهتم بقضايا رعاياه في الخليج، عندما يتعرضون لموقف لا يصل في حدته لما تعرض له مواطنونا، لما تجرأ المعتدون السبعة على الاعتداء مجدداً على أسرة إماراتية في حي متواضع، وكأنهم يسطون على بنك!

لندن كانت منذ عشرات السنوات مقراً للدراسة، والإقامة، ووجهة للسياح العرب، وإن تعرض البعض للسرقة في لندن أو غيرها، فذلك أمر وارد في أي مدينة، وليس في لندن فقط، لكن تكراره على هذا الشكل، وبهذه الوتيرة، يثير الحيرة والتساؤل.

وإذا كان مسؤول مطار هيثرو قد استقال بسبب تراجع أداء مطار، فما هو وضع المسؤولين عن الأمن في بريطانيا، بعد تأخرهم في القبض على المشتبه بهم، وبعد أن أثبتوا لنا عجز نظامهم الأمني في الكشف عن معتدين بهذا المستوى من الخطورة، وردع غيرهم عن تكرار وقوع مثله.

إن الاعتداءات على الإماراتيين وبهذه الصورة، تثبت من دون أي مبالغة، تراجع مستوى الأمن في بريطانيا، التي تعتبر نفسها أكثر دول أوروبا أمناً واستقراراً، وأكثر احترازاً في التصدي لأي إجرام أو إرهاب، وتثبت لنا هذه الاعتداءات أن القضية أكبر من مجرد سرقة، وأن هناك أجندة، يجب الكشف عنها.

وأن تحصن مدينة بكاميرات وأجهزة، للكشف عن إرهاب أو تفجيرات تضر بها، ليس كافياً، طالما وصل الترويع إلى الأفراد في مقار إقامتهم، فسببت لهم إرهاباً، يتنافى مع كل الحقوق، التي تنادي بها أوروبا كلها.

المصدر: البيان