«مايكروسوفت» تعلن انتهاء استراتيجية أعمال «المحمول» رسمياً

أخبار

أعلنت شركة «مايكروسوفت»، رسمياً، انتهاء استراتيجيتها الخاصة بالأعمال التجارية في تصنيع وبيع الهواتف المحمولة الذكية في سوق المؤسسات، وشطبها من القيمة السوقية للشركة. وجاء هذا القرار بعد الكشف عن أعمال الربع الأول من العام الجاري لإدارة المحمول في الشركة، حيث تبين أن عائدات تلك الهواتف انخفضت بنسبة 99% مقارنة بعائدات الفترة نفسها العام الماضي، ولم تحقق سوى خمسة ملايين دولار فقط، بحسب ما قاله المدير المالي لـ«مايكروسوفت»، آمي هود، في لقاء «بوول ستريت» أخيراً، ويعني هذا القرار أن هواتف «ويندوز» الذكية أصبحت «أثراً بعد عين»، ولن يكون لها وجود بعد ذلك.

ولم يكن هذا القرار سوى الجزء المرئي من مشكلة ضخمة تواجه «مايكروسوفت»، وهي مشكلة صفقة الاستحواذ على أصول «المحمول» في شركة «نوكيا» الفنلندية ومجموعة براءات الاختراع المصاحبة لها، التي خسرت فيها «مايكروسوفت» كامل قيمة الصفقة تقريباً، التي تقدر بـ 7.6 مليارات دولار.

وأوضح تقرير نشره موقع «سي آي أو» cio.com المتخصص في مخاطبة المديرين التنفيذيين بقطاع تقنية المعلومات، أن بداية المتاعب الحقيقية لـ«مايكروسوفت» مع «المحمول» كانت في عام 2013، حينما دفع الرئيس التنفيذي للشركة، ستيف بالمر، وقتها، باتجاه شراء «نوكيا»، انطلاقاً من قناعته بضرورة أن تلعب «مايكروسوفت» دوراً مؤثراً في سوق «المحمول»، وتتحول إلى موفر للأجهزة ونظام التشغيل والتطبيقات والخدمات المرتبطة بها، وكان ذلك قبل شهور من مغادرته منصبه، لكن فكرته وُوجهت باعتراضات من مديرين عديدين بالشركة، كان من بينهم الرئيس التنفيذي الحالي، ساتيا ناديلا. وأضاف التقرير أن الصفقة لم تتوقف، إذ أعلن عنها رسمياً للمرة الأولى في سبتمبر 2013، وتم إنهاؤها فعليا في أبريل 2014، وفي ذلك الوقت كانت «مايكروسوفت» تنتج نظام تشغيل خاصاً بـ«المحمول»، كما تنتج هواتف «ويندوز» الذكية، وعندها دخلت أصول وبراءات اختراع «نوكيا» التي تضمنتها الصفقة في إدارة أو مجموعة «المحمول» بـ«مايكروسوفت»، لتشكل قوة ضاربة في هذه السوق.

ووفقاً للتقرير، فإن هذه الإدارة لم تحقق النجاح المتوقع، وظل نظام تشغيل «ويندوز» في آخر القائمة بسوق نظم تشغيل الهواتف المحمولة، ولا يكاد يذكر له دور مؤثر، كما لم يكن حظ الأجهزة التي تم إنتاجها أفضل حالاً من نظام التشغيل، بل كان أسوأ، وظلت المتاعب تتراكم إلى أن أعلنت «مايكروسوفت»، مطلع العام الماضي، أنها شطبت الأصول وبراءات الاختراع التي تضمنتها صفقة «نوكيا» من قيمتها السوقية، نظراً لانخفاض قيمة هذه الأصول بنسبة تعادل كامل القيمة المدفوعة في صفقة الاستحواذ.

قرارات صعبة

وأفاد تقرير «سي آي أو» بأنه ترتب على ذلك قرارات أخرى موجعة وصعبة، منها على سبيل المثال تسريح 7800 موظف معظمهم يعملون في إدارة الأجهزة، خصوصاً مجموعة الهواتف، حيث إن عند تنفيذ هذه التخفيضات في العمالة تكون «مايكروسوفت» احتفظت بواحد فقط من بين كل خمسة موظفين أخذتهم من «نوكيا»، مشيراً إلى أن عملية التسريح نفسها كلفت الشركة ما يراوح بين 750 و850 مليون دولار. وذكر التقرير أنه في ذلك الوقت وصف الخبراء أعمال «مايكروسوفت» في مجال «المحمول» بأنها انتهت، لكنهم لفتوا إلى أن الشركة يمكنها أن تستكشف وتعمل في سوق المؤسسات، وهو ما قررته الشركة بالفعل، حيث قامت بتغيير استراتيجية أعمال «المحمول» لديها، وجعلتها تقتصر فقط على الهواتف الذكية الموجهة لسوق المؤسسات والشركات الكبيرة والمتوسطة، التي ينتشر بها نموذج المعروف باسم «بايود»، أو نموذج «احضر معك جهازك الخاص لمقر العمل»، وهي شريحة من السوق تتيح الفرصة لاستخدام وبيع هواتف «ويندوز» الذكية ولنظام تشغيل «ويندوز». وقالت «مايكروسوفت» إن «هذه الاستراتيجية المستقلة لسوق (المحمول) داخل المؤسسات مستقلة بذاتها وستطبق لمدة عام».

انهيار المبيعات

وأشار التقرير، إلى أنه بظهور نتائج أعمال الربع الأول من العام الجاري، تبين أن محاولات «مايكروسوفت» في سوق المحمول ليست سوى ضخ للأموال في الفراغ، فقد انهارت عائدات هذه الاستراتيجية على نحو كامل تقريباً، وانخفضت بنسبة 99% عن العائدات التي حققتها خلال الربع الأول من العام الماضي، وعلى وجه التحديد لم تحقق سوى خمسة ملايين دولار، وهي وتيرة بطيئة جداً، تعني بيع خمسة هواتف فقط كل ساعة في جميع أنحاء العالم.

وفي هذا السياق، قال الباحث الرئيس في مؤسسة «جي جولد» لبحوث تقنية المعلومات، جاك جولد، الذي كان ممن عارضوا عملية الاستحواذ على «نوكيا» منذ وقت مبكر وتنبأ بفشلها، إن «تصنيع معدات الهواتف المحمولة لم يكن يوماً من الأعمال المربحة لـ(مايكروسوفت)، والرئيس التنفيذي الحالي، ساتيا ناديلا، يعلم ذلك منذ بداية توليه منصبه مطلع 2014، ولذلك كانت خطته الأساسية في إدارة (مايكروسوفت) تتركز في الحوسبة السحابية، حيث تحركت الشركة باعتبارها موفراً رئيساً موثوقاً به لخدمات الحوسبة السحابية للمؤسسات، وتطلب ذلك دعم طيف واسع من الأجهزة ونظم التشغيل، وليس التركيز على هواتف (ويندوز) المحمولة». وبحسب وصف جولد فقد كان ذلك «تحركاً ذكياً، لأن كل الشركات لديها حجم محدود من الاهتمام بما تفعله (مايكروسوفت) في مجال (المحمول)، ولذلك كان أفضل شيء فعلته منذ عام مضى، هو قرارها بعدم وضع المزيد من الأموال في هواتف المؤسسات».

اتفاق مع «سامسونغ»

وقال جولد إن «مع إعلان (مايكروسوفت) انتهاء استراتيجية أعمال (المحمول)، بدأت الشركة تفكر في التعامل مع سوق (المحمول) في المؤسسات بطريقة مختلفة»، لافتاً إلى أنها «أبرمت اتفاقاً مع شركة (سامسونغ) يتم بموجبه تحميل برمجيات وتطبيقات (مايكروسوفت) على هواتف (سامسونغ إس 8) و(إس 8 بلس)، لمن يطلب ذلك بصورة مسبقة عبر مراكز بيع التجزئة الخاصة بـ(مايكروسوفت)، إذ إن المتعامل فور حصوله على هاتف (سامسونغ إس 8) وتشغيله وتوصيله بشبكة (واي فاي)، تعاد تهيئته بصورة خاصة لتعمل عليه جميع تطبيقات (مايكروسوفت) الخاصة بالإنتاجية، إضافة إلى العمل أثناء التنقل، مثل (وان درايف) و(أوت لوك) وحزمة (أوفيس) كاملة و(كورتانا) وغيرها». وأضاف أن «العائدات التي تحصل عليها (مايكروسوفت) في هذه الحالة، تكون من بيع الخدمات على الهاتف وليس من الهاتف نفسه، وبالنسبة للكلفة فإن الهواتف المهيأة خصيصاً لبرمجيات (مايكروسوفت) تباع حالياً بسعر لا يختلف عن سعر بيعها العادي من قبل (سامسونغ)».

المصدر: الإمارات اليوم