ناصر الظاهري
ناصر الظاهري
كاتب إماراتي

متفرقات

آراء

– حين تتعطل الأسئلة في المدرسة، وتغيب عن الطالب، ويتجاهلها المعلم، ويتهرب منها الأهل، تتعطل النفوس المتعطشة للعلم والمعرفة ومحاولة الفهم، وتشغيل العقل، فيتخرّج لدينا جيل بعد جيل من الحفظة والنقّال، ومتّبعي العنعنة.

– من الأمور التي لا تشجع على فعل الخير أن يلتقيك شخص، وفجأة يتحول من السلام الحار، والشد على اليد إلى مد اليد، ويسأل حسنة قليلة تدفع بلاوي كثيرة، لأنه منقطع به السبيل هنا، ومحفظته سرقت، ولم يذق الطعام منذ يومين، فتنظر له فإذا هو «أمتن عنك» ويصعب أن تصدق أنه يتيم سمين، فتعطيه ما كتب الله له، لكنه لا يرضى بذلك النصيب، ويتحول تدريجياً إلى النصب، وأول ضحاياه والداه – الله يسترهما- واللذان لا تعرف عنهما شيئاً، لكنه يضحي بأحدهما، ويقعده على كرسي متحرك، ويمرّض الآخر بحيث يشعرك أنه لن يقدر على القوم والنهوض من جديد، فتكافئه بخجلك، وارتباكك نتيجة كذبه المعلوم عليك، فتزيد أوراقه التي تتساقط من محفظتك إلى جيبه، لكنه لا يشبع، فتبدو عيناه وهما تبرّقان في ثنايا محفظتك، وتكادان تعدان ما فيها، وتقولان زدني، وتلاحظ أصابع يديه وهو يفركها، ويكاد أن ينوي الشر ويسرق منك الخير وفعله!

– من كان يصدق أن السندويتش يصبح عندنا بأربعين درهماً وفوق، طبعاً مش لحم «واغيو أو كوبي»، كله دجاج خيبر «شيش طاووق» يعني، هذا الأول الواحد يقيّل يشتغل ما يخلي لغيغة أو مْدَرَة ما يسويها، ويصب طابوق، وينطل هالتراب من فجر الله، ويسوق الحصا في ثُويّ، وما توصل يوميته أربعين درهماً.

– في هذا الزمن الأغبر، والحالك كلون الرصاص، الهاجم على الإنسان بضراوة الآلات الحادة، ثمة فقدان للقيم والمثل الإنسانية العليا، لقد وطئت المادة على الحياة الراقية، وعلى كل شيء أخضر فيها، في شوارع ليست عنواناً لنا، وفي تفاصيل أيامنا المرتجّة بكل هذه الأحداث، ثمة غياب للإنسان المهذب، النبيل، الراقي في تعامله، والذي فيه حياء الإيمان، ونعمة العلم والتعليم والتربية والآداب، هو باختصار غياب الإنسان «الجنتلمان» بكل ما تعنيه هذه الكلمة الأجنبية من معنى. اليوم نرى، ونحن نخرّ خجلاً، الإنسان يأتي، وتسبقه الشتائم والسباب، وفمه ممتلئ بالكلمات المتسخة بالفحش، بعض الشوارع العربية بالذات لا تطاق من عطانة لغة البعض، وشر ما على ألسنتهم، وقبيح ما يتصرفون مع بعضهم، لا أدب ولا أخلاق، ولا مراعاة لصغير وكبير وامرأة يسترها الخفر، ولا قيم نبيلة تسيّرهم، لقد لوثوا الحياة وأفسدوا ريحها، ولا عزاء للمهذبين المعذبين كل حين وساعة، مما تصطك له آذانهم، وتضطرب له خطواتهم في كل هذا الوحل الذي حولهم.

– «ليش العرب، يوم يريدون ينعتون بلاداً ما تنفع للسياحة، ولا يمكن أن تتهنا بإجازتك فيها، وما بتيك منها إلا المغثة، وبتروح فلوسك فيها ببرخ، وأنها فيها اللوث، إلا عوير ومطير، واللي ما فيه خير، يقولون: خلها تولي.. هاي بلاد ممزورة عرب أو بلاد ما تنطاح من ضولة العرب، والله جاء زمن أصبح العرب من الأمور الطاردة للسياحة في أي بلد يحطون فيه الرحال»!

المصدر: الاتحاد