محمد بن حمد: نهج استراتيجي للأمن الغذائي

أخبار

تحت رعاية صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، افتتح سمو الشيخ محمد بن حمد بن محمد الشرقي ولي عهد الفجيرة، صباح أمس، في فندق نوفوتيل الفجيرة، أعمال «المؤتمر العربي الخامس للاستثمار في الأمن الغذائي» الذي تنظمه غرفة تجارة وصناعة الفجيرة تحت «شعار الأمن الغذائي: محور استراتيجي للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي»، بالتعاون مع اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية، ووزارة التغير المناخي والبيئة، واتحاد غرف التجارة والصناعة بالدولة، والمنظمة العربية للتنمية الزراعية التابعة لجامعة الدول العربية، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «الفاو»، والصندوق العربي للصناعات الغذائية.

حضر الافتتاح الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية المعرفة، رئيس مجلس أمناء جائزة خليفة لنخيل التمر والابتكار الزراعي – ضيف شرف المؤتمر، والشيخ الدكتور راشد بن حمد الشرقي رئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، والدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة.

ورحب سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي بضيوف المؤتمر من المسؤولين في القطاع الزراعي والغذائي والمستثمرين من مختلف الدول العربية، ونقل لهم تحيات صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، وتمنياته بالتوفيق في مؤتمرهم، مؤكداً حرص صاحب السمو حاكم الفجيرة على دعم مقررات وتوصيات المؤتمر وتوفير عوامل إنجاحه.

وأكد سمو ولي عهد الفجيرة أن استضافة الفجيرة للمؤتمر في دورته الخامسة دليل على اهتمام القيادة الرشيدة في الدولة بتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، مشيراً إلى حرص الإمارات على دعم التنمية الزراعية والأمن الغذائي والجهود التي يقوم بها المجتمع الدولي ومنظماته المتخصصة للقضاء على الجوع في العالم، من خلال استدامة قطاع الزراعة والقطاعات الأخرى ذات الصلة وتعزيز الأمن الغذائي العالمي.

وشدد على ضرورة وضع سياسات وبرامج تعزز التنمية الزراعية وتحقق أهداف الأمن الغذائي العربي، من خلال تبني نهج استراتيجي شامل متعدد المسارات.

وقام سمو ولي عهد الفجيرة بتكريم ضيف شرف المؤتمر الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، كما تسلم سموه درعاً تذكارية مقدمة إلى صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، من مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الفجيرة.

وكان الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان ألقى كلمة عبر فيها عن سعادته بالمشاركة في المؤتمر الذي يسهم في تحقيق منافع زراعية على المنطقة العربية من خلال زيادة الاستثمارات في الجانب الزراعي والاعتماد الكثيف على التقنيات الحديثة لتحقيق الأمن الغذائي. 

ووجه الشكر لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، على دعم سموه المتواصل للارتقاء بالقطاع الزراعي وسعيه الدؤوب في أن تكون الإمارات دولة رائدة في الابتكار الزراعي وتحقيق التنمية الشاملة.

وشكر صاحب السمو حاكم الفجيرة لمبادرته الرائدة في أن تكون الإمارة في مقدمة الدول في دعم القطاع الزراعي، من خلال اتباع الطرق الحديثة في الإنتاج والتسويق، ومواجهة كل التحديات التي تواجه الأمن الغذائي.

وأشار إلى أهمية جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي ومساهماتها في تطوير الإبتكار الزراعي وقطاع نخيل التمر على المستوى العالمي وأهميته، اقتصادياً وغذائياً واجتماعياً.

حضر حفل افتتاح المؤتمر سالم الزحمي مدير مكتب سمو ولي عهد الفجيرة، وخالد الجاسم مدير عام غرفة الفجيرة، ونخبة من الخبراء في القطاع الزراعي وضيوف المؤتمر.وكان سمو الشيخ محمد بن حمد بن محمد الشرقي التقى في قصر الرميلة المشاركين في أعمال المؤتمر، بحضور سالم الزحمي، وعدد من مديري المؤسسات الحكومية. 

بدوره أشاد الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة، بغرفة تجارة وصناعة الفجيرة، على تنظيمها المؤتمر الذي وصفه بالمهم، باعتبار أنه يكرس أعماله لمناقشة الأمن الغذائي الذي يكتسب أهمية مضافة في الدول العربية في ظل التغيير المناخي.

وأشار إلى التقدم الذي حققته الإمارات في مجال الأمن الغذائي، واحتلالها المرتبة الأولى عربياً وال23 عالمياً في هذا المجال، رغم تنامي احتياجات الطلب على الغذاء بنسبة 5-10% سنوياً، داعياً إلى الاهتمام بتعزيز الإنتاجية والاستثمار مع تهيئة البيئة المناسبة لذلك في الدول العربية كافة بتعاون عربي مشترك، وبشراكة متواصلة بين القطاعين الرسمي والخاص.

من جهته ركز نائل الكباريتي رئيس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية في مخاطبته للمؤتمر، على أهمية تعزيز استثمارات القطاع الخاص العربي في الأراضي الزراعية غير المستغلة، فضلاً عن قطاعات أساسية مثل الثروة الحيوانية والثروة السمكية، وطالب بإخراج قضية الأمن الغذائي من دائرة التهميش لتحتل أهمية قصوى، مؤكداً دور المصارف العربية في إعادة النظر في السياسات التمويلية للمشروعات الزراعية، خاصة في ظل نجاح الكثير من المشروعات الزراعية للرواد والمبتكرين من الدول العربية.

ودعا الحكومات العربية إلى تبسيط إجراءات الاستثمار؛ لجذب رؤوس الأموال العربية، لافتاً إلى تجربة دولة الإمارات التي حققت إنجازات متنوعة في إطار رؤيتها التنموية المستقبلية 2021 في مجال التحول نحو الاقتصاد الأخضر وتحقيق الأمن الغذائي، عبر التركيز على تبني الأنماط الزراعية المستدامة، والمقننة لاستهلاك المياه، ودعم البحوث للمحاصيل المنسجمة مع طبيعة التربة والمناخ.

واقترح الكباريتي إنشاء صندوق تمويلي تشارك فيه الدول العربية كافة لتمويل مشروعات الأمن الغذائي، مع إقامة مؤسسات لتمويل المشروعات الزراعية الصغيرة ولذوي الحيازات الصغيرة، وابتكار محافظ مصرفية لتمويل مشروعات الإنتاج الزراعي في العالم العربي، مؤكداً الحاجة إلى عمل وجهد عربي مشترك في هذا المجال.

أما كلمة محمد ثاني مرشد الرميثي، رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة بدولة الإمارات فقد ألقاها نائبه عبد الله سلطان العويس، وضح خلالها اهتمام القطاع الخاص الإماراتي ودوره، وتجاربه العديدة في الإمارات وخارجها، واعتبر موضوع المؤتمر مهماً جداً؛ لتناوله قضية الأمن الغذائي وقضية الأمن المائي المتصلتين ببعضهما.

من ناحيته رحب خليفة خميس مطر الكعبي، رئيس غرفة تجارة وصناعة الفجيرة، بالمشاركين في المؤتمر بإمارة الفجيرة، مشيراً إلى الإنجازات التي تتحقق في إطار رؤية الإمارات التنموية المستقبلية 2021 في مجال التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وتحقيق الأمن الغذائي المستدام، عبر التركيز على تبنّي الأنماط الزراعية المستدامة، وذات الاستهلاك المنخفض للمياه، مثل الزراعة المائية، والزراعة العضوية، ودعم البحوث والتجارب الفنية للمحاصيل الملائمة للمياه المالحة ولطبيعة التربة والمناخ، واعتبر هذا النهج ترجمة لرؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي كان مؤمناً بأهمية الاستثمار بالأمن الغذائي ارتكازاً على العلم والكفاءة البشرية، ولفت إلى تجربة إمارة الفجيرة التي تشكل مجالاً رحباً للاستثمار المجزي، ولديها برنامج طموح لتصبح محوراً إقليمياً ودولياً لصوامع التخزين الاستراتيجي للغلال والحبوب والتجارة فيهما، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي، حيث تُعدّ رئة الإمارات ومركزاً لوجستياً أساسياً لدول مجلس التعاون الخليجي. 

في كلمته أكد محمد بن عبيد المزروعي، رئيس الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، أهمية تطوير الاستثمارات الزراعية في العالم العربي عبر التوسع الأفقي والتوسع الرأسي، وأشار إلى تجربة الهيئة التي أسست 34 شركة زراعية حتى نهاية 2015، تستند في عملها إلى أحدث التكنولوجيات المبتكرة والملائمة لطبيعة الأراضي والموارد العربية.

وقال المزروعي، إن تعزيز تنمية القطاع الزراعي أمر مهم لتوفير العديد من فرص العمل، ويضيف: برغم أن 22% من نسبة القوى العاملة في الوطن العربي تعمل في القطاع الزراعي، لا تزال الدول العربية في مجموعها مستوردة للسلع الأساسية الغذائية، حيث قدرت الفجوة الغذائية للعالم العربي في عام 2014 ب34 مليار دولار، حيث تشكل الحبوب نسبة 59% من قيمة الفجوة، واللحوم 16%، والزيوت النباتية 12%، والسكر 6%، والألبان ومنتجاتها 4%.

جلسات المؤتمر

يعقد في إطار المؤتمر خمس جلسات عمل وحوار متخصصة يتحدث فيها نخبة من كبار رجال الأعمال والرسميين والخبراء المختصين، إلى جانب الجلسة الافتتاحية والجلسة الختامية، فيما اعتبرت جميع الكلمات التي قدمت في الجلسة الافتتاحية بمثابة أوراق عمل أساسية للمؤتمر.

وستبحث جلسات العمل في سياسات واستراتيجيات دعم الأمن الغذائي والمائي العربي، بما يساهم في تعزيز بناء القدرات الإنتاجية، وتقليص الفجوة الغذائية، وتحسين مستويات التغذية، وتحقيق الاستدامة للتنمية الزراعية، عبر الاستناد إلى السياسات والاستراتيجيات الداعمة، وارتكازاً على التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في العلوم الزراعية والمائية. كما ستستعرض العديد من الفرص المجزية للاستثمار للقطاع الخاص العربي، إضافة إلى تبادل التجارب الرائدة، ولا سيما في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث ستقدم خلال فعاليات المؤتمر مجموعة المبادرات التي تظهر عدداً من الأساليب والتقنيات الجديدة التي أثبتت جدواها وفعاليتها في تطوير القدرات الإنتاجية، وفقاً لمعايير التنمية المستدامة والمراعية للبيئة.

شهد اليوم الأول للمؤتمر انعقاد جلستين الأولى ترأسها الدكتور سليمان الجاسم خبير متخصص ومدير جامعة زايد الأسبق، كرست لمناقشة سياسات واستراتيجيات الأمن الغذائي والمائي العربي لمستقبل أكثر استقراراً، تحدث فيها البروفيسور أحمد على قنيف وزير الزراعة والموارد الطبيعية والثروة الحيوانية الأسبق في السودان، وعيسى حيدر مراد رئيس غرفة تجارة عمان بالأردن، والبروفسور خالد نهار الرويس رئيس جمعية الاقتصاد السعودية والمشرف على كرسي الملك عبد الله للأمن الغذائي، والدكتور أحمد مراد عميد كلية العلوم جامعة الإمارات، والدكتور شكيب زواغي مستشار دعم الاستثمار في منظمة الفاو.

فيما ترأس الجلسة الثانية عن استراتيجية الإمارات للأمن الغذائي في إطار رؤية الدولة 2021 عبدالله سلطان العويس نائب رئيس غرف التجارة والصناعة رئيس غرفة تجارة وصناعة الشارقة. (وام)

267 مليار دولار استثمارات

أكد الدكتور جوزيه غرازيانو دا سيلفا، مدير عام منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، في كلمته التي ألقاها المهدي الإدريسي، ممثل المنظمة في دولة الإمارات، ومنسق المكتب شبه الإقليمي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية واليمن، الحاجة إلى 267 مليار دولار من الاستثمارات؛ بغية القضاء على الجوع في العالم خلال الفترة من 2016 وحتى 2030، وذكر أن المنطقة العربية والشرق الأوسط هي المنطقة الوحيدة في العالم التي تدهورت فيها أوضاع الأمن الغذائي في الفترة الأخيرة، بتضاعف عدد الذين يعانون نقص التغذية المزمن في المنطقة، ليصل إلى 33 مليون شخص في المنطقة العربية ما بين عامي 2014 إلى 2016، ودعا إلى التركيز على الابتكار والالتزام بإيجاد طرق لتعزيز الإنتاج الغذائي في العالم العربي، مؤكداً أن أهمية الاستثمار في القطاع الزراعي تكمن في تقليل نسب الجوع، حيث يعتمد 70% إلى 80% من السكان في العالم على القطاع الزراعي، وأن المؤتمر منوط به تحديد الأولويات العربية ووضع خطط مشتركة لبحث تحسين الاستثمار في القطاع الزراعي في الوطن العربي، بعد أن تدهور مؤخراً واقع الأمن الغذائي في المنطقة العربية والشرق الأوسط.

المصدر: الخليج