عبدالله فدعق
عبدالله فدعق
داعية إسلامي من السعودية

مزايداتكم مرفوضة

آراء

الفترة الماضية كانت مميزة بجملة من المزايدات، ومجموعة لا بأس بها من المزايدين والمتاجرين.. كلما كتب أحد الكتاب في موضوع معين؛ خاص أو عام قيل له: “أين أنت من موضوع غزة!؟”، وكأن المزايد أو الكاتب بيد أحدهما مفتاح هذه القضية ذات الأبعاد الشائكة، أو حتى لديه من الإحاطة بجوانب السياسة ما يكفي لحل هذه المعضلة، وينسى هؤلاء الذين يتاجرون بفلسطين بعمومها، وغزة بخصوصها أن قائمة المهمات عند الناس جميعهم تتصدرها مهمة إنقاذ الأبرياء الفلسطينيين من القتل الذي حصل سابقا، وحاليا على يد إسرائيل تحت طائلة القصف الجوي، والحصار البحري، والزحف البري المتواصل.

لا يوجد أدنى شك في أن الخلاف السياسي والتاريخي في فلسطين بدأ ومنذ (117) عاما؛ عامُ عقد المؤتمر الصهيوني الأول في سويسرا، الذي اُفتتحت به المنظمة الصهيونية، وتضمن جملة من الأهداف والقرارات، على رأسها هدف (إقامة وطن قومي للشعب اليهودي)، ومنه بدأت أزمات وحروب منطقة الشرق الأوسط.. كما لا يوجد أي ظن في أن الشعب الفلسطيني لم يعد يحتمل أي مراهنات، أو صراعات سياسية لا علاقة له بها، ولا مصلحة له فيها، والحل حتما هو عند غير المزايدين، أو أصحاب المواقف المريبة.

حان وقت توقف المزايدات بقضية الشعب الفلسطيني أو المتاجرة بدماء أبنائه، وعلى من يريد أن يحل هذه الأزمة من جذورها أن يبحث عن الذين عطلوا تنفيذ مبادرة السلام العربية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين قبل (12) عاما؛ والتي تلخصت فكرتها في أن الدول العربية ستقدم لإسرائيل أمناً جماعياً، واتفاق سلام، وحلا متبادلا مقبولا لقضية اللاجئين، ووضع حد للنزاع وللمطالبات كلها. وفي مقابل انسحاب اسرائيل من الأراضي السورية واللبنانية، وإنهاء احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة، والسماح بإقامة دولة فلسطينية؛ ستحصل على ضمانات أمنية من جميع الدول العربية، وسوف تكون مقبولة بشكل دائم في المنطقة.. المعطلون والرافضون لفكرة القيام بجهد لحل النزاع بوصفهم للمبادرة بأوصاف تعكس تفكيرهم؛ هم الذين يخدمون إسرائيل، ومخططات إسرائيل بدرجة أو بأخرى، وأخشى من اليوم الذي تموت فيه فكرة التوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين للأبد.

لا شك أن مستقبل الأوطان العربية يتعرض في الفترة الحالية لاختبارات واختيارات في غاية الصعوبة، ومن قبل مجموعات لا تريد للأمة العربية الخير والرقي والتقدم، والحل في عدم السماح لأي شخص أو كيان ببث روح الفتنة بين صفوف المجتمع الواحد، وفي التكاتف، والوقوف بجدية أمام الأخطار، وفي نشر الفكر الوسطي، والتصدي للإرهاب والأفكار المتطرفة والشاذة. والحل قبل هذا وبعده في وقف المزايدات والمتاجرات الخاسرة، وترك (المتخصصين) يعملون بجدية لتجاوز هذه المرحلة الحاسمة، فهم يعلمون قبل غيرهم أن دعم القضية الفلسطينية واجب شرعي، وبكافة الوسائل التي ترفع العدوان عن أهلنا في فلسطين. ولعل العودة مرة أخرى لكلمة خادم الحرمين ـ أيده الله ـ لتوصيف الحالة الراهنة تساعد المزايدين على التواضع والاعتراف بقلة العلم في السياسة، أو تخرسهم، فلقد كانت كلمات كافية وموضحة لما يتعرض له أشقاؤنا الفلسطينيون من عدوان وجرائم حرب ضد الإنسانية وانتهاك لحرية الشعب الأعزل من الجيش الإسرائيلي الغاشم، وحمَّلت بكل قوة صمت المجتمع الدولي مسؤوليته عن هذه الجرائم في ظل التجاهل لما يحدث لإخواننا الفلسطينيين، خاصة أن هذا سينعكس على خروج جيل لا يؤمن إلا بالعنف، والعنف وحده.

المصدر: الوطن أون لاين
http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=22621