عائشة الجناحي
عائشة الجناحي
كاتبة إماراتية

من هو المكتفي؟

آراء

مرّ وقت طويل على غياب صديقتها المقربة لذا فقدت أمل اللقاء بها مجدداً لأنها لم تكن تجيب على المكالمات الهاتفية، وفي أحد الأيام أصرت على إحياء هذه العلاقة من جديد، لذا أرسلت لها باقة ورد لتتفقد حالها وتطمئن عليها، وفي اليوم التالي حدث ما خالف جميع توقعاتها حين شاهدتها في حديقة منزلها على غير العادة والغضب قد اعتراها وهي تقول باستياء: لا أحب الورد وأرفضه وعلى الأخص منك.

يعيش الشخص حالة من التعاسة والتسول العاطفي حين يسلم مفاتيحه الداخلية إلى الخارج، لأنه يمتلك نظرة محدودة لذاته فيرفع سقف توقعاته من الآخرين وينهار عند عدم تلبيتهم احتياجاته، أحياناً لا يدرك بعض الأشخاص أهمية الاكتفاء الذاتي إلا بعد مواجهة الكثير من الصراعات والتجارب المخيبة للآمال التي لم تأت بلا شك من فراغ بل من عدم التحرر من سجن الاحتياج للآخرين.

الاكتفاء الذاتي يوفر صلابة نفسية قوية، لذا تسعد بوجود الأشياء الجميلة والإيجابية في حياتك، إلا أنك لا تنهار حين ينهال عليك فيض من المواقف السلبية لأنك مدرك تماماً أن بوصلتك داخلية وما يحدث في الحياة ما هو إلا انعكاس لما غرس في داخلك، لذا من المهم التحرر من لعب دور الضحية بهدف استجداء العاطفة من الآخرين والسعي إلى تقدير الذات لتحقيق الاستقرار النفسي والعاطفي.

ثق بأنك لتصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي لابد أن تكون حيادياً بألا ترفع سقف توقعاتك ولا تتعلق بأحد، وكن متوازناً في علاقاتك ومكتفياً لا ينقصك قرب أو بعد لأنك مكسب حقيقي لكل شخص، وتيقن أنك المصدر الرئيسي لتوليد المشاعر التي تريدها، لذا لا تشحذ الحب وتنتظر ظهور الشخص المناسب حتى تعيشه بل قدمه إلى المحيطين بك، واسْعَ دائماً وراء شغفك وابْنِ علاقة طيبة مع رب العالمين؛ فالشخص المكتفي ذاتياً هو الشخص الذي عرف الله وأحبه وسلم له أمره.

المصدر: البيان