عقل العقل
عقل العقل
كاتب وإعلامي سعودي

هيئة للمشاريع «المتعثرة»

آراء

حديث مكرر عن تعثر مشاريعنا الحكومية، التي خصصت لها بلايين الريالات، وهي بازدياد مخيف. الأرقام تفجعنا، والمشاريع المتعثرة في نمو متصاعد، كل ذلك على حساب الخدمات المتعددة، التي خطط لها أن تخدم المواطن في مناطق المملكة.

الغريب أنه لا يوجد لدينا جهة لها علاقة مباشرة لمعرفة أسباب التعثر، هل هو من فساد إداري؟ أم بسبب عدم التخطيط والتنفيذ والمتابعة لتلك المشاريع الحكومية؟ ومن يتابع بعض مشاريعنا -ولاسيما في مجال الصحة والنقل والكهرباء- يستغرب أن بعض تلك المشاريع قد تم الانتهاء من تنفيذها، ولكنها لم تدخل في مجال الخدمة بحسب ما هو مخطط لها.

الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وبإمكاناتها المتواضعة تتابع بعض شبه الفساد في تلك المشاريع المتعثرة، ولاسيما إذا كان هناك قصور وفساد إداري لمن يقومون عليها، ولكن باعتقادي أن ما تقوم به «نزاهة» هو فقط إبرة مهدئة؛ لامتصاص الغضب والسخط الشعبي لإهدار المال العام، أما مجلس الشورى ففي كل مناقشة لتقرير جهة حكومية، يصدمنا بنسبة ليست بقليلة من المشاريع المتعثرة لتلك الجهة، ويدعو إلى سرعة المعالجة، ولكن تمر تلك النداءات مرور الكرام، ويبقى تعثر المشاريع الحكومية في ازدياد، أما المؤتمر الذي عقد قبل أعوام، وخصص لمناقشة تعثر المشاريع الحكومية، فقد أصدر بعض التوصيات، التي لم نسمع عن تطبيقها من جهاتنا الرسمية.

في هذه الدوامة المستمرة، التي تستنزف الموازنة العامة للدولة، ولاسيما في المشاريع الخدمية، علينا أن نبحث عن حل واقعي لهذه المشكلة.

باعتقادي أن هناك خططاً في الأساس في قضية أعطاء الجهات الحكومية الصلاحية في التخطيط والتنفيذ لمشاريعها، وكل وزارة تعمل بكل مرونة وبعيداً عن الرقابة في مشاريعها، وتتصرف بها كيف ما تريد، وأصبحت الإدارات الفنية والهندسية في الوزارات طريقا للفساد، إذ نجد معظم من يقومون على تلك الإدارات لديهم شركات ومؤسسات هي من تنفذ تلك المشاريع، من جهة أخرى لا يمكن من الناحية الفنية أن يكون لتلك الإدارات في وزاراتنا القدرة الفنية والبشرية للبت بمشاريع بالبلايين، فكيف بموظف إداري وقيادي مثلاً أن تكون له الكلمة الفصل في مشاريع تحتاج إلى مواصفات فنية خاصة، فنجد ذاك المسؤول هو من يحدد في النهاية كل المواصفات لمشاريع وزارته، وهو لا يفقه أبجديات المواصفات والأعمال الهندسية في مشاريع وزارته.

إذا نحن بحاجة إلى إنشاء هيئة عامة حكومية، تكون مرتبطة بالملك مباشرة، وتكون هي الجهة الوحيدة والمشرفة على تنفيذ ومتابعة وتشغيل وصيانة المشاريع الحكومية، بدلاً من التشتت الحاصل الآن، الذي حرمنا من الاستفادة من المبالغ البليونية، التي رُصدت لتلك المشاريع، وإنشاء هذه الهيئة لا يعني إقصاء الجهات الحكومية في التخطيط لمشاريعها، ولكن يكون تحت مظلة وإشراف هيئة المشاريع الحكومية، فدور الوزارات يجب أن يكون تحديد ما تحتاج إليه من مشاريع في كل عام، وترفع ذلك إلى وزارة المالية، وفي حال الموافقة على مشاريعها وتخصيص الارتباطات المالية، يحال إلى هيئة المشاريع الحكومية، والتي يكون لها الدور في وضع المواصفات المطلوبة، وترسية المشاريع على المقاولين ومتابعة التنفيذ، ومن ثم تسليمها للجهة الحكومية، ومتابعة مدى استفادة كل مؤسسة رسمية من مشاريعها من ناحية التشغيل.

المصدر: الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Akel-Il-Akel/6006298/