د. أحمد الفراج
د. أحمد الفراج
كاتب سعودي

ورطة إخوان الخليج !

آراء

عندما بدأت الثورات العربية، لم يكن بإمكان أحد ممن يعارضها أن يعلن موقفه الواضح منها، فهي ثورات قامت على أنظمة قمعية شرسة كما في ليبيا، وتونس، على سبيل المثال، وقد تم استثمار ذلك الحماس للثورات على أوسع نطاق ممكن، حتى صار العرب أنفسهم، بقيادة مثقفيهم، وعلماء دينهم أبواقا لمن يقف وراء تلك الثورات، أو كان يشجعها على الأقل، ولذا فقد اكتفى الإعلام الغربي بطرح التسمية :» آرب سبرنق : الربيع العربي «، وهو اسم رنان، وجاذب، وله صدى جميل في ذاكرة الشعوب العربية، فقد ارتبط بالخضرة، والبهجة، والجمال، وربما الوجه الحسن!.

لنعترف بأننا كنا في حالة تنويم مغناطيسي خلال تلك المرحلة « الغريبة « من تاريخنا، ولم لا، أولم تقف الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج مع ضرب قوات الناتو لليبيا؟، أو لم تصفقوا طربا لأزيز الطائرات فوق بنغازي؟، أو لم تصم آذانكم عن نداءات الإستغاثة من آلاف المدنييين العرب الأقحاح، والمسلمين في مدن ليبيا، وهم يشتكون من العشوائية في ضرب طائرات الناتو، ويتحدثون عن آلاف الضحايا لذلك القصف، فهل كان هؤلاء العرب الذين شنفوا آذانهم طربا بسماع آخر الأخبار عن مجازر الناتو في ليبيا، هم ذات العرب الذين بكوا دما عندما ضربت الطائرات الأمريكية عاصمة الرشيد قبل ذلك بثمانية أعوام؟، فهل غم على العرب، أم أن بشاعة الأنظمة القائمة في دول الثورات جعلتهم يتمنون زوالها بأي ثمن؟، فماذا كانت نتائج تلك الثورات ؟!.

الوضع ما زال بعد أكثر من سنتين، قاتما، ومظلما في كل دول الثورات بلا استثناء، ولكن يظل « اخوان الخليج « هم الأكثر خسارة، فقد رمى كثير منهم بكل أوراقه، معلنا دعمه للتنظيم الرئيس في مصر، ومعلنا عداءه المطلق لنظام بلده، ومنهم من جاوز كل الحدود ليتلون من جديد، فمن مرحلة التشدد، إلى التسامح، ثم إلى التشدد من جديد، ولكن مشكلتهم أن تنظيم الإخوان الرئيس خذلهم، وعراهم أمام مريديهم، فكلما رقعوا خطيئة، فاجأهم بباقعة أكبر، حتى أضحوا أضحوكة لمن يستمع، أو يقرأ لهم، ولو أن تنظيم الإخوان تخلى عن القيم الدينية التي كان يتشدق بها عندما كان في المعارضة، ونجح سياسيا، واقتصاديا في ادارة البلاد، أو أنه فشل في ادارة البلاد، وتمسك بالقيم الدينية لكان الأمر أهون، ولكنه فشل في الإثنتين، فأصبحت مصيبة اخوان الخليج مضاعفة، وهنا يمكن أن نقول إن التنظيم وضع أنصاره في الخليج في مأزق كبير مع أنفسهم، ومع مريديهم، فهل يا ترى نرى تحولا في مواقفهم منه خلال الفترة القادمة؟، أم أن الولاء، والبيعة في المنشط والمكره ستكون هي سيدة الموقف؟!.

المصدر: صحيفة الجزيرة – السعودية