زياد الدريس
زياد الدريس
كاتب سعودي؛ كان سفيراً لبلاده في منظمة اليونسكو

18 ديسمبر يوم العربية

آراء

اعتمدت منظمة اليونسكو، الأسبوع الماضي، قراراً جماعياً بإدراج يوم 18 كانون الأول (ديسمبر) في أجندتها السنوية الثابتة، يوماً عالمياً للاحتفال باللغة العربية. كانت الأمم المتحدة بتوصية من اليونسكو قد اقترحت في عام 2010 أياماً رسمية للاحتفال باللغات الدولية الست المعتمدة، وقد اقترح للغة العربية يوم 18 كانون الأول لأنه اليوم الذي أدرجت فيه العربية ضمن لغات الأمم المتحدة الست في عام 1973. يجدر التنويه أن منظمة اليونسكو وغيرها من الوكالات الأممية المتخصصة قد سبقت المنظمة الأم في اعتماد العربية ضمن لغاتها المستخدمة.

 وقد جاء في المذكرة التوضيحية لمشروع القرار «اليونسكي» أن اللغة العربية هي أكثر لغات المجموعة الساميّة استخداماً وإحدى أكثر اللغات انتشاراً وتمدداً الآن، حيث يتحدث بها أكثر من 420 مليون نسمة، في حين تجعل إحصاءات أخرى الرقم يقترب كثيراً من 500 مليون نسمة. هذا هو عدد الذين يتحدثون بها، أما الذين يستخدمونها فيقترب عددهم من بليون ونصف بليون مسلم يزاولون عبادتهم وصلواتهم باللغة العربية أو بشيء منها.

 تتوسع المذكرة التوضيحية (باقتباس من «ويكيبيديا») في الحديث عن أهمية اللغة العربية وإسهاماتها في الحضارة الإنسانية. هذا الحديث موجه لغير العرب لإقناعهم بأهمية العربية، لكننا بتنا في حاجة إلى حديث موجه للعرب، وخصوصاََ لشباب العرب لإقناعهم بأهمية لغتهم العربية، وعدم الخجل أو التردد في استخدامها في كل مكان، ولتفكيك شعور هؤلاء الشباب بالفخر والتميز عند استخدام اللغة الأجنبية في غير مكانها أو حاجتها.

 لا أستطيع أن أفهم دوافع شلة من العرب حين يجتمعون وحدهم، من دون رقيب ولا حسيب «أجنبي»، ثم يتحدثون في ما بينهم باللغة الإنكليزية!

 لن يضر اللغة العربية وجود اللهجات العامية التي يتحدث بها الناس في بيوتهم وأسواقهم، لكن سيضرها لو استخدمنا هذه اللهجات في وسائل الإعلام المكتوبة أو المرئية أو المسموعة، كما ينادي البعض بوعي منهم بالمخاطر أو من دون وعي.

ولن يضر اللغة العربية انتشار ظاهرة الأخطاء الإملائية بين شباب العرب، لكن سيضرها كتابة الشباب لرسائلهم وتغريداتهم في وسائط التواصل الاجتماعي باللغة العربية ولكن بحروف إنكليزية!

 أشرت في مقال سابق إلى ما ذكرته بعض مراكز الاستقصاء من أن اللغة العربية هي الآن، مع اللغة الصينية، أكثر اللغات إقبالاً على تعلمها من لدن الأجانب. يأتي هذا المؤشر الفاخر في حين لا يشعر بعض أبناء العرب بالفخر في استخدام لغتهم!

 يخلط شباب العرب بين أشياء عربية متنوعة في مصير وحكم واحد. فكون بعض السياسات العربية أو سلوكيات بعض الجماهير العربية مدعاة للخجل، فإن هذا لا يعني أن اللغة العربية مدعاة للخجل أيضاً!

 دعونا نحتفل باللغة العربية، التي نحبها وتحبنا، في كل 18 كانون الأول. ولنبدأ بهذا العام وليس العام المقبل، وليكن احتفالنا مع العالم أجمع وليس مع أنفسنا فحسب، حتى يتحقق الهدف من القرار الدولي، ببعده العالمي لا المحلي.

 اللغة تضعف إذا ضعف أهلها… لكنها إذا قويت يقوى أهلها.

المصدر: جريدة الحياة