عبدالله العوضي
عبدالله العوضي
حاصل على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع الجنائي - جامعة مانشستر عام 1996. خلال عامي 1997 و 1998عمل رئيساً لقسم المحليات في مؤسسة البيان للصحافة والطباعة والنشر. شغل منصب رئيس قسم البحوث والتخطيط بمؤسسة " البيان " للصحافة خلال الفترة من 1999الى 2002. من مؤلفاته: "في رحاب الإمام الشافعي" و "في رحاب الإمام أحمد" و"الخليج رؤى مستقبلية".

شهداء الحق.. دماء تتدفق

الإثنين ٠٧ سبتمبر ٢٠١٥

الإمارات اليوم تخوض ملحمة الحق في أبهى صورها وأنصع تاريخها المشرف أمام العالم من الأشهاد والأضداد، فدماء شهدائنا لم تذهب سدى لأن هؤلاء قادتْهم أرواحُهم الطاهرة إلى جنات عدن، وهذا حسبنا بهم لأنهم لم يذهبوا إلّا عن قناعة تامة، وإيماناً بالقيادة الرشيدة وجهودها لإبراز هذا الوطن وخصاله في وقت الشدائد والمحن. هناك قلة قليلة تروج لنفسها في أبواق الباطل عن شعاراتها الزائفة، والتي تساوي التراب بالذهب والأبريز بخشاش الأرض والأرواح الزكية بالنفوس الدنيئة! في هذه المرحلة من تاريخ المعارك المعاصرة، استطاعت الإمارات مع شقيقاتها من الدول المشاركة في قوات التحالف العربي إثبات كلمة الحق الذي لا يراد به إلّا نصرة الحق لذاته، وليس كما يفعل الحوثيون ومَن وراءهم في قلب الحقائق وإلباسها لبوس الباطل شاهراً ظاهراً أمام الشاشات الفضائية وغيرها. إن من يدفع دمه فداء لحق الوطن، ليس كمن يحرق الأموال ويحرك ساحات الخيانة والارتزاق السمج بكل المعايير الواقعية والإنسانية. هل سمعتم في التاريخ كله أن جماعة ضالة، بكل ما في هذه الكلمة من حمولات فاسدة، تعتبر نفسها على «حق» وهي تعيث بالآخرين من أي جنس كان، وخاصة من المسلمين الذين لا تنطلي عليهم ألاعيب هؤلاء الذين يلبسون سموم الباطل بلبوس الحق؟ المعركة الحقة للإمارات هي في الاستمرار على هذا التوجه، والذي لن تحيد عنه، حتى تستقر اليمن وتخرج من…

هاكابي: «الإسرائيليون إلى الأفران».. الإيرانيون للجنان؟!

الجمعة ٢٨ أغسطس ٢٠١٥

منذ الانتهاء من التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني، لم يزل حبره سائلاً ويتصبب نفوذاً متزايداً لإيران في المنطقة، بذريعة القبول الدولي لها، بعد أن كانت تحت الضغوط المتوالية لعقود مضت، بسبب من سلوكياتها غير المرغوبة لدى العالم أجمع، إلا ممن تمدهم إيران بماء الأكسجين ودماء الضحايا المتساقطين على مدار الساعة. نبدأ من تصريحات «مايك هاكابي» المرشح الجمهوري المحتمل للانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، حيث أدلى بها قبل زيارته لإسرائيل منذ أيام وأثار جدلاً ولغطاً زائداً حين قال: «إن الرئيس أوباما يسوق الإسرائيليين للأفران بعقده الاتفاق النووي مع إيران»، و«لا يمكن الوثوق بالنظام الإيراني، فنحن يتم دفعنا لعقد صفقة لا نحصل منها على شيء، بينما نعطي الإيرانيين الفرصة في الوصول في النهاية لتصنيع السلاح النووي وهو جنون حقيقي». طبعاً نعلم يقيناً بأن هذا الحديث يدخل ضمن الحملات الانتخابية التي تسعى إلى كسب ود إسرائيل واللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، إلا أنه كذلك يحمل في طياته ما يمكن أن تؤول إليه نتائج الاتفاقية النهائية على أرض الواقع، وليس ما سطرت به الكلمات الفضفاضة والتي ستضع عند الاختلاف مستقبلاً للتأويل والتبرير والتفسير وفقاً لأهواء راسميها في الكواليس المغلقة وليست المظلمة. هذا على المستوى العالمي، أما على المستوى الإقليمي، فإن إيران ممثلة في ذراعها التي تعتمد عليها كلما طال نفوذها أحداً من العالمين، ونعني به…

أميركا وإيران.. اللدودان ينتصران

الجمعة ٠٧ أغسطس ٢٠١٥

مُنذ انطلاق الثورة الخمينية في إيران الشاهنشاهية واحتلال السفارة الأميركية والأزمة الحادة التي استمرت بعد ذلك الحادث بعقود وإلى هذه الساعة لم تطلق أميركا «الشيطان والعدو الأكبر» على إيران رصاصة واحدة على الدولة الثورية. رغم دخول إيران في حرب الثماني سنوات مع العراق وحروب بالوكالة في لبنان وسوريا والعراق واليمن والبحرين، إلا أن أميركا ومعها دول الغرب لم يتقدموا سنتيمتراً تجاه محاربة إيران التي طال نفوذها الطائفي كافة قارات العالم. ولكن مع ذلك ضيعنا أعماراً مديدة ونحن ننتظر من أميركا أو على الأقل إسرائيل التي تخشى من إيران محوها من الوجود أن تطلق رصاصة الرحمة على النظام الإيراني «العدو اللدود» للعالم أجمع، هذا البعبع الإيراني لم يصب من ذلك الوقت في 1979 وإلى أن قطفت إيران ثمرات كل شيء بانتصارها سياسياً على العالم أجمع بعد التوقيع المرير على الاتفاق النووي الذي يهيئ إيران من جديد لتصبح دولة طبيعية في العالم كله بكل تهليل وترحيب، وإن كانت صور ذلك القبول المباشر والمتردد مختلفة من دولة إلى أخرى، ولكن بصورة إجمالية اعترف الجميع بالنصر السياسي لإيران في هذا المشوار الذي دفع بمشروعه المستقبلي قفزات إلى الأمام. هذه ليست صفحة جديدة للعالم الأكبر، بل هي وجه آخر يتم التعامل مع إيران نووية بشهادة العالم الذي جلس مع هذا النظام طوال ثلاثة عشر عاماً…

بيوت الأفكار.. وصانع القرار

الجمعة ١٥ مايو ٢٠١٥

نريد أن نلفت الانتباه في البداية، بأنه في مرحلة الدراسات العليا بالغرب هناك قضية علمية واقعية نود طرحها هنا قبل أن نسترسل جولتنا في بيوت الأفكار. هذه القضية تتعلق بموضوع مهم للغاية في مجال الدراسات الإنسانية ذات الصبغة الاجتماعية أو المجتمعية، ففي الغرب المتقدم في هذا المجال كليات وجامعات خاصة تعنى بالسياسة الاجتماعية في مختلف المجتمعات وهو أمر معهود هناك أكثر مما هو متاح في مؤسساتنا العلمية بالعالم العربي بشكل عام. ومما نذكر في هذا الصدد أن المناهج العلمية الخاصة بالدراسات الاجتماعية توضح للدارسين منذ اللحظة الأولى بعض الحيثيات التي يجب مراعاتها أثناء كتابة رسائل الماجستير والدكتوراه، وهي عملية القيام بالفصل التام بين عالم الاجتماع وصفة متخذ القرار في أي مجال كان. فمهما بلغ هذا العالم شأناً في مجاله أو تخصصه الدقيق، فإنه يجب عليه احترام أنه عالم فقط وليس بيده قرار تطبيق ما توصل إليه من نتائج دراساته الميدانية فهو يقترح الحلول المناسبة وليس هو من يفرضها أو يقررها، فالقرار دائماً يجب أن يكون بيد صانع السياسة وهو من بيده السيادة، ومن هنا جاء مصطلح «الينبغيات» في العلوم الاجتماعية فهي الدارجة أكثر من الـ«يجبات» و«اللزوميات». فمراكز الأبحاث الرصينة في العالم من حولنا يدخل عملها الدؤوب والرصين في هذا الإطار ولا تتعدى حدودها إلى مرحلة فرض نتائج أبحاثها على صانع…

أميركا.. والانقلاب على النفس!

الجمعة ٢٠ مارس ٢٠١٥

هل في العالم من حولنا أزمة تسمى «سوريا»؟ عند بدايات سقوط أوراق «الخريف العربي» كانت السياسة الأميركية تطرح نفسها -وليست تسييسها- على أساس أنها ضد نظام الأسد ومع الشعب السوري قلباً وقالباً، وبعد بلوغ الأزمة ذروتها تحولت السياسة قلباً مع الأسد وقالباً مع الشعب. في خضم انشغال الناس بتفاصيل كوارث «الخريف العربي» الذي تحول إلى «خروف» يتم التضحية به باسم شعارات هلامية براقة ليس لها في الأرض قاع ولا في السماء قائم، فهي معلقة لا تنتمي لا إلى هذا ولا إلى ذاك، ينسى الناس معنى السياسة ومتغيراتها، فأميركا لو أرادت التخلص من الأسد لعاملته كما عاملت صدام دون أن تشاور قريباً ولا بعيداً. فكلمة انقلاب في السياسة الخارجية الأميركية مع الأزمة السورية أو الأسد على وجه التحديد، وضرورة التفاوض معه، كبيرة في استخداماتها وثقيلة في مفاعيلها لأنها شرق أوسطية أو من متداولات العالم الثالث تحديداً. فالسياسة الأصل فيها التغيير أو المرونة والتأقلم مع الأوضاع المتقلبة، فهي التي تحدد الانقلاب في المفاهيم والمفاعيل السلمية والحربية، نووية كانت أو تقليدية. والأدلة عديدة على عدم إرادة أميركا استبدال الأسد بغيره لأنه أنسب شخص يخدم إسرائيل في هذه المرحلة من عمر «الخروف العربي»، فعندما نقول ذلك، نرى الشواهد في مؤتمر جنيف 1 و2 واضحة فليس هناك بند واحد يدعو إلى تنحي الأسد، بل كل…

في أوروبا.. رمال متحركة

الجمعة ٠٦ مارس ٢٠١٥

نادراً ما نسمع عن أوروبا غير مستقرة أو تعاني مثلاً من أزمات مستفحلة وقليلاً ما يتم تداول مصطلح الكارثة أو المصيبة الكبرى أو المشكلة الأكبر في أدبيات هذه القارة الماضية في طريق الاتحاد الكلي منذ أكثر من نصف قرن. إلا أن الأوضاع الداخلية، فيما بين دول الاتحاد الأوروبي لم تعد كذلك منذ أن أطلت الأزمة المالية علينا بوجهها المغبر في عام 2008، وقبل ذلك في 1928، فهذه التواريخ ليست عابرة في تأثيراتها المستقبلية، بل غائرة في عمق النظام الأوروبي الذي يعاني اليوم من مشاغبات روسيا في شرقه المستقل والمحتل في آن. الذي يقود الاتحاد الأوروبي فعلياً ومالياً في هذه الآونة الحرجة هي بلا مواربة ألمانيا صاحبة الصناعات الثقيلة في وزنها السياسي، فالشروط الألمانية التقشفية قصمت ظهور أكثر من دولة عضوة في الاتحاد، وعلى رأسها اليونان التي اختارت لنفسها رئيساً يسارياً قصياً، فهو الذي عليه تحمل خروج اليونان من الاتحاد بسبب تراكمات الديون والقروض التي ضُخت لانتشالها قبل الوصول إلى الإعلان الرسمي عن إفلاسها، إلا أن الانتخابات الأخيرة يبدو أنها ستغير اليونان بشكل أحادي لتحتمل النتيجة وحدها من دون منطقة «اليورو». في المجمل تبقى اليونان وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وكذلك بريطانيا، هي الرمال المتحركة في القارة الأوروبية، التي لا تعاني من وجود رمال الرياح ولا العواصف كبقية القارات في أفريقيا وآسيا، حيث…

حرية.. الإساءة!

الجمعة ٠٦ فبراير ٢٠١٥

الإنسان الحر لا يسيء، بل يمسك عن الآخر الإساءة، فالحرية فضاء رحب للبناء الصحيح، فمن يفعل غير ذلك فهو عبد مهما ادعى الحرية تحت راية الديمقراطية أو غيرها من المصطلحات، التي أصبحت في عصرنا، وللأسف الشديد فضفاضة أكثر من اللازم، لأنه باسمها ترتكب أنكر الجرائم وتمارس أبشع أنواع الظلم وتداس العدالة الحقة. لا نتحدث هنا عن حادثة «إيبدو»، وإن أبادت فعلاً أرقى القيم التي يدعو إليها الإسلام السمح والأخلاق الديمقراطية السامية والبعيدة عن مرض النفوس والقلوب الكارهة والحاقدة لكل نسمة حرية تزرع الخير العميم للبشرية جمعاء. من قال ومن شرَّع حق الإساءة إلى الأديان أو الذوات باسم حرية القول والتعبير بالمطلق، لأن الذي يملك الإطلاق في الأفعال والأقوال هو رب العباد فقط لا غيره وبدون تعليق. أما البشر فهم مقيدون في ظل كل الأنظمة الحاكمة في العالم بقوانين، وتشريعات وأعراف مضت عليها الأزمنة الغابرة والعابرة للحدود. يتشدق البعض بمقولات الغرب لترسيخ جذور الإساءة المطلقة لأي شيء في هذا الوجود والكون المبني على الصلاح منذ الأزل، وإلا لم يكن صالحاً لنا لا للحياة ولا للممات، لأن صانعه الأوحد أصلح من شأنه منذ النشأة الأولى، وإذا حدث خلل في ذلك فهو من تدخل البشر وليس إلا. كان عرب الجاهلية يعبدون الأصنام من دون الله، وإن كانوا يقرون بربوبيته بلا منازع «إن للبيت…

اليمن السعيد.. والغرق في الوعيد

الجمعة ٣٠ يناير ٢٠١٥

وقع اليمن السعيد فريسة سهلة بين وعود الحوثيين ووعيدهم الذي تحقق في وقت قياسي جداً من عمر التغييرات التي لاحقت بعض بلدان العالم العربي الحزين. اليوم يقف اليمن على مفترق طرق صعب لا يحتمل التأخير لحظة عن سبل المعالجة الواعية والواقية لعدم وصول نيران فارس إلى دول أخرى لا تخفى أوضاعها على البصير فضلاً عن الأعمى والضرير. الوضع أكبر من الجد وأي هزل يلتصق به، فنتائجه كارثية على الأمة العربية جمعاء، فالزمن لا ينتظر أحداً إذا لم نقم نحن بالمبادرة المناسبة لإنقاذ اليمن من الغرق في وحل الفكر الحوثي أو حرقه بموجات الأصولية المنكرة والمُنكرة لكل ما هو صائب وحق مكتسب. إن ما يحدث في اليمن لفرض أمر واقع لوصول الفكر الإرهابي إلى قمة السلطة والدولة في اليمن لهْوَ نذير ويل وثبور لمن لا يُلقي السمع وهو شهيد. لم يعد اليمن شأنا داخلياً أبداً ومن يُفكر بهذه الطريقة لا يريد الخير أن يعم الأمة العربية، فاليمن هو الحكمة، فهل نرضى فقدها في وقت نحن أحوج فيه إلى الحكم الغالية وأمثالها الراقية؟ وهناك مسؤولية خاصة تقع على كامل الشعب ذاته وتتمثل في عدم السماح لأي نفس أصولي بقيادته لأنه سيشتت شملهم ويبيح دماءهم ويبيع أرواحهم بأثمان بخسة. هذا الانقلاب الأصولي الحوثي على أهل الحكم في اليمن وضع الصورة الجلية لنفوذ إيران…

دوران العالم.. حول النفط

السبت ٢٠ ديسمبر ٢٠١٤

في المنتدى الاستراتيجي العربي 2014 كان النفط هو البطل الحقيقي أو المتحدث الرئيسي وليس فوكوياما ولا كروجمان ولا غيرهما من المتحدثين الأجلاء. لماذا؟ لأن النفط لا زال عصب الاقتصاد وسيبقى كذلك حسب الدراسات المستقبلية إلى أكثر من قرن قادم على أقل تقدير، وهو ما يعني عدم التسرع في إطلاق الأحكام الجزافية على هذه الطاقة المستدامة في كل العالم. فالنفط بحد ذاته قصة حضارة مستقلة، لأن الأمر لا يتعلق بسعر البرميل انخفاضاً وصعوداً، بل بما ترتب على هذه الأغلى حتى الآن من الذهب والفضة وجميع المعادن الثمينة الأخرى على وجه المقارنة العامة. فالنفط ومشتقاته ليس بترولاً ولا ديزلاً ولا زيت تشحيم، بل هو أكثر وأكبر من ذلك أهمية، والناظر إلى عصر ما قبل النفط وما بعده لابد أن يقف احتراماً أمام هذه النعمة الربانية العظمى بالمطلق. فالعالم أجمع على أتم الاستعداد لخوض الحروب تلو الأخرى لو أن أحداً مسّ هذه الطاقة الفاعلة قيد أنملة، لأن الحروب سبب رئيسي في زيادة أسعارها ووقفها يعين على مدى استعداد ذلك لترسية سبل الأمن والأمان والاستقرار من أجل ضمان تدفق هذه السلعة المنقطعة النظير في فوائدها الجمة سواء في المأكل أو الملبس أو حتى في أعلى سلم الرفاهية للبشر. وإلى هذه الساعة ليس هناك مصدر للطاقة أرخص ولا معجزة اقتصادية أكبر منها فالقاصي والداني يستفيد…

الإشاعة.. قاتلة الحقيقة!

الجمعة ١٢ ديسمبر ٢٠١٤

الجريمة الإرهابية الفردية في الريم ليست الأولى في مجتمع الإمارات والتي دخلت في سجال الإشاعات ومحيطها، فقد سبقتها حادثة «المبحوح» وغيرها من الحوادث العادية التي تقع في أي مجتمع إنساني غير معصوم من ارتكاب بعض أفراده أي جريمة صغيرة كانت أم كبيرة. ولأن الإمارات في الأصل دولة محبوبة لدى كافة سكان الأرض والداخل إليها لبرهة يدرك حقيقة أنه لو يشاء لبقي فيها إلى الأبد، لأنه وجد فيها ما يفتقده حتى في موطنه الأصلي، فإن هذا الأمر له وجهان، واحد إيجابي يتعلق بوصول الدولة إلى مراتب عليا في الشأن العالمي، أي أنها بعد 43 عاماً من عمرها المديد لم تعد تلك البقعة التي كان البعض يمر عليها مرور الكرام، فهي اليوم تعيش في قلب الأحداث العالمية ساعة بساعة، ولحظة بلحظة، فهي في عين المحلية وقلب العالمية، وهذا ما جعل أكثر من 200 جنسية تعيش فيها كأنها بلدهم الأول إن لم يكن أكثر، ولك أن تسأل عن ذلك الشعور الدافئ من تشاء. لا يظن أحد أننا خرجنا من موضوعنا فلا زلنا في العمق منه، لأن الجانب الآخر يخص مساحة الانفتاح التي يتمتع بها مجتمع الإمارات في التعامل مع الآخر أياً كان وضعه أو شأنه أو جنسه أو دينه أو عرقه أو لونه. فهنا نجد للإشاعة أيضاً مساحة أكبر من الانتشار السلبي وخاصة…

التلطف.. مع «الأسد»!

الجمعة ٢٩ أغسطس ٢٠١٤

تدور في أروقة السياسة الغربية أحاديث عن قرب التوصل إلى خطوة للتقرب من «الأسد» ونظامه وضرورة التلطف معه من أجل كسب تعاونه لدحر «داعش» وجنوده عن الساحة السورية والعراقية، بعد أن عاث في الأرض الفساد ونحر وقتل الأبرياء بغير وجه حق وذلك تحت يافطة «الخلافة» المزعومة. ابتداء في الإسلام لا يوجد أغلى ولا أثمن من النفس البشرية المجردة من أي دين أو عرق أو لون، فالمولى عز وجل أوضح ذلك في كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، لا من خلفه، حيث قال تعالى: «مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً»، هذا شرع الله للناس أجمعين وليس خاصاً بالمسلمين وحدهم. فالغرب عندما يتعامل مع «الأسد» في عالم الحيوان فإنه يطلق عليه رصاصة مخدرة غير قاتلة لحبسه في القفص وترويج السياحة من خلال مشاهدته وسماع زئيره، ولكن خارج الغابة التي كان يفتك فيها ويفترس من أراد ومتى شاء. أما في عالم الإنسان فإن «الأسد» ترك لأكثر من ثلاثة أعوام يعتبر شعبه على مدار الساحة في غابة خالية من الإنسانية دون أن يحرك هذا الغرب ساكناً لإنقاذ أحد. وعندما دخل «داعش» على الخط صار «الأسد» إنساناً يمكن الاعتماد عليه في محاربة «داعش» عندما أضرت بالمصالح الغربية، وأما المصالح…

زايد.. رائد الإنسانية

الجمعة ١٨ يوليو ٢٠١٤

مرَّ عقد على فقدنا للشيخ زايد «طيب الله ثراه»، ومرَّ ذات الزمن ونحن ماضون في الوفاء بعهده والمضي على سيرته، إننا أمام زايد الإنسان الذي خلق الله فيه الخير جبلة وفطرة، بعيداً عن التكلف والتصنع لأنه فيه سجية. لقد أمضى زايد رحمه الله حياته كلها منذ توليه مسؤولية الحكم في سباق مع الخير، فأعماله كانت تسبق أقواله بشهادة الآخرين لأنه كان لا يحب البوح والإعلان عمّا يقدمه من عطاءات خيرية وإنسانية من أجل مراعاة مشاعر من امتدت لهم يد العون والمساعدة. بل إن نظرة الشيخ زايد رحمه الله كانت أبعد من ذلك بكثير فقد كان يعامل البشرية وفق مبدأ العائلة الواحدة والجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو من عوز تداعت سائر الأعضاء لسد هذا العجز. ولو أردنا رسم خريطة لعطاءات زايد منذ قيام الاتحاد إلى ساعة مفارقته الحياة، لعجزت الخريطة عن تحمل هذا العبء، وذلك لصعوبة الحصر والعد فيما هو معلن فمن يعلم بما لم يعلن غير الله سبحانه. وحسبنا أن نكتفي منها بلمحات سريعة ومقتطفات لملامح الخير في سيرته، ونبدأ في العام الذي تمّ الإعلان فيه عن قيام كيان الدولة الاتحادية حيث تبرع الشيخ زايد رحمه الله بمبلغ 50 ألف دولار لدعم أنشطة منظمة اليونيسيف في برامجها الهادفة لمساعدة الطفولة التي يدرك زايد معانيها الإنسانية في بداية التكوين ومدى…