حازم صاغية
حازم صاغية
كاتب وصحفي لبناني

إيران روحاني بين أملين

الثلاثاء ١٨ يونيو ٢٠١٣

نقطة واحدة مهمّة، بل مهمّة جدّاً، أسفر عنها انتخاب الشيخ حسن روحاني رئيساً للجمهوريّة الإسلاميّة في إيران: إنّها الإعلان عن رغبات الإيرانيّين الفعليّة وعن معارضتهم، لا سياسة أحمدي نجاد وحدها، بل سياسة المرشد علي خامنئي أساساً. وقد كان صعباً تزوير الانتخابات فيما ذاكرة التزوير الانتخابيّ في 2009، وما استجرّه من «ثورة خضراء»، لا تزال شديدة الوطأة على نفوس الإيرانيّين. لكنّ الانتخابات في إيران، وكما نعلم جيّداً، تتعرّض لتزوير مسبق يمثّله دور «مجلس صيانة الدستور»، وهو قناة تصفية المرشّحين الأبرز. وقد بات معروفاً في الانتخابات الأخيرة أنّ ثمانية مرشّحين فحسب هم الذين سُمح لهم بالترشّح (انسحب منهم اثنان) من أصل 600! فإذا أضفنا هذه الحقيقة إلى انتخاب روحاني بنصف أصوات المصوّتين، تبيّن، أكثر فأكثر، كم أنّ الإرادة الشعبيّة لا تقيم حيث تقيم إرادة المرشد. بيد أنّ الحكم في إيران، وفي معزل عن موجة التهليل السقيم لـ «الديموقراطيّة الإيرانيّة»، ليس حكم الإرادة الشعبيّة، بل هو حكم المرشد وأداته «مجلس صيانة الدستور». وهذا ما يرسم سقوفاً منخفضة لما يمكن أن ينجزه روحاني، كما يستدعي تجارب سابقة تقاس عليها قدرة رئيس الجمهوريّة على التغيير. فقد زُوّر في 2009 ضدّ اثنين من مرشّحي الرئاسة يومذاك، مير حسين موسويّ ومهدي كرّوبي، وهما كانا من الأعمدة التأسيسيّة للنظام الإسلاميّ القائم. كذلك حيل، عشيّة الانتخابات الأخيرة، دون ترشّح…

ريح إيران وريح تركيا

الأحد ١٦ يونيو ٢٠١٣

إذا استخدمنا مصطلحات «الربيع العربي»، أمكن القول إن تركيا أنجزت مهمة «الحرية» في 2002، مع وصول «حزب العدالة والتنمية» إلى السلطة. مذاك وهي تخوض معركة الانتقال المديد والمعقد إلى «الديموقراطية». وما الانتفاضة التي تشهدها اليوم بقيادة الطبقة الوسطى المدينية وشبانها، سوى محاولة شجاعة لتقصير ذاك الانتقال وتصويبه، ذاك أن الحزب الإسلامي الحاكم، الذي قاد عملية إزاحة العسكر، أبدى قصوراً ملحوظاً في ما خص التحول الديموقراطي، بسلطانية زعيمه أردوغان وعجزه عن الفصل بين العام والخاص كما بين الديموقراطي والأكثري. ولما استقر حزب العدالة والتنمية طويلاً في السلطة، بات تناقضه مع الانتقال إلى الديموقراطية عبئاً مضاعفاً على الانتقال المذكور. في المقابل، كانت الثورة الإيرانية في 1979 أدلجةً وتمتيناً للاستبداد العادي الذي سبق أن مارسه الشاه البهلوي. وفي ما خص مسألة المواطنة والمجتمع السياسي وحقوق النساء وحرية الاعتقاد والإبداع والإصلاحات الزراعية، وسّعت سلطة الخميني المسافة التي كانت تفصل إيران عن الحرية، وتالياً عن الديموقراطية. في هذا المعنى، هبت الريح الإيرانية على العالم العربي حاملةً فيها الكثير من الوحل، فالوعي الطائفي والملي وجد له صحوة جديدة في صحوتها، والانزياح من الاجتماعي إلى الديني قفز قفزة بعيدة إلى الأمام. وبدورنا استقبلنا، في العالم العربي، ذاك الوحل بكثير من الترحاب، سيما وأن الصراع مع الغرب وإسرائيل بات يتولى، في طهران، تلك المهمة الرجعية التي نُجيدها نحن…