الجمعة ١٤ ديسمبر ٢٠١٢
علي أكبر ولايتي، وزير الخارجية الإيراني الأسبق، ومستشار الخامنئي حاليا، يرى أنّ الخلاف بين المصريين إنما هو خلافٌ بين الإسلام والقومية العربية! وأدلتُه على ذلك عجيبة بعض الشيء، إنما يمكن التعبير عنها على النحو التالي: إنّ الثورة الإيرانية هي رائدة الثورات الإسلامية، وقد كان أعداؤها الداخليون من القوميين الإيرانيين؛ ولذا فإنّ الثورات الإسلامية في البلدان العربية إنما تسير على خطى رالجمهورية الإسلامية، فيكون أعداؤها حُكْما من القوميين العرب! والواقع أنّ أحدا من أهل الإسلام السياسي في مصر لا يتهم معارضي الرئيس محمد مرسي والدستور بأنهم عروبيون، وإنما يتهمونهم بأنهم علمانيون أو ليبراليون أو كارهون للإسلام والمسلمين! أما المعارضون أنفسهم فيذكرون نقاطا محدَّدة هي: الإعلان الدستوري، والاستفتاء على الدستور غير التوافقي. وفي الإعلان يقول البعض إنه ليس من حقّ الرئيس إصداره. بينما تقول كثرة كاثرة إنه يعطي الرئيس صلاحيات استثنائية هائلة، ويُعطّل عمل القضاء والقُضاة بتحصين قراراته وجعْلها فوق الطعن والرقابة. وهو إنما فعل ذلك للإبقاء على مجلس الشورى، واللجنة التأسيسية للدستور. وقد انتهى الغرض من وراء الإبقاء على اللجنة التأسيسية عندما قدّمت الدستور للرئيس، ولذلك أُلغي الإعلان وبقيت آثاره وصدر إعلانٌ جديدٌ أهمُّ ما فيه الإبقاء على موعد الاستفتاء. والمعارضون ضدّ مواد كثيرة في الدستور، وضدّ الاستفتاء عليه بهذه الطريقة. ولا يتفق الإخوان والسلفيون في تشخيص الأزمة. أمّا السلفيون فيرون…
الأحد ٠٩ ديسمبر ٢٠١٢
تصاعدت المشكلات السياسية والاجتماعية في البلدين العربيين اللذين وصل فيهما الإسلام السياسي إلى السلطة بعد الثورات: تونس ومصر. وفي حين تتقدم في مصر المشكلات السياسية والدينية، تتقدم في تونس القضايا المطلبية والاجتماعية والاقتصادية. وهذا الفرق أو الافتراق، ليس سببه الوحيد الخصوصيات التي توجد في كل بلد؛ بل والسبب أيضاً يكمن في أمرين آخرين: آليات المرحلة الانتقالية، والطبيعة الفكرية المتباينة بين «الإخوان» المصريين، وحركة «النهضة» الإسلامية التونسية. فلجهة الأمر الأول، أي المرحلة الانتقالية، استخلف الرئيس المصري المستقيل الجيش المصري ليتولى المرحلة الانتقالية؛ بينما لم يستخلف الرئيس التونسي أحداً قبل مغادرة البلاد، ورفض الجيش تولي الأمور، فتولاها رئيس مجلس النواب الذي عهد إلى سياسيين مشهود بنزاهتهم في إدارة الحكومة الانتقالية. وتحددت مواعيد للانتخابات، ومواعيد أُخرى لكتابة الدستور، وكل ذلك ضمن المرحلة الانتقالية، والتي ما اعترض عليها فريق سياسي وازن. وقد اختلف الأمر بمصر، بمعنى أن كل أجزاء أو محطات المرحلة الانتقالية في ظل المجلس العسكري، كانت عليها خلافات، ومن البداية: الدستور أولاً أم الانتخابات النيابية والرئاسية. وكانت الدعسة الناقصة الأُولى إصدار إعلان دستوري ينظّم المرحلة الانتقالية، وإجراء استفتاء عليه. وفي هذه المرحلة ظهر تحالُف بين المجلس العسكري و«الإخوان». فبدلاً من أن تجتمع القوى الثورية، والتي دخل إليها «الإخوان»، وتضع جدولاً لتنفيذ أهداف الثورة، يكون من ضمن بنوده الخلاص من المجلس العسكري بأقصر…
الجمعة ٠٧ ديسمبر ٢٠١٢
اختلف المحللون في فهم شعار «الشريعة والدستور والشرعية»، الذي رفعه متظاهرو «الإخوان» والسلفيين أمام المحكمة الدستورية، وأمام جامعة القاهرة. فقال البعض إن المقصود أنهم يمتلكون السلطة الدينية (الشريعة)، والسلطة الدنيوية (الشرعية). وقال البعض الآخر: بل إن المقصود هو اقتران الشرعية بالشريعة. وهذا الفهم هو الأقرب لما قصده رافعو اليافطة والشعار. فالشرعية لا تتحقق إلا بالدستور الذي تسوده الشريعة. وهذه ثقافة إخوانية انتشرت منذ الستينات من القرن العشرين. ففي سياق الأسلمة المتصاعدة في زمن الصحوة، ظهرت الإعلانات الإسلامية لحقوق الإنسان في مواجهة الإعلان العالمي لتلك الحقوق. وفي مواجهة الدستور المدني للدولة الذي يحفظ الحقوق والحريات، انتشرت صناعة الدساتير الإسلامية. والمعروف أن الدساتير تتكون من ثلاثة أقسام رئيسية: قسم الإحالات والمرجعيات (بمعنى الهوية والانتماء القومي، واللغة، وطبيعة الدولة ونظام الحكم)، والقسم الخاص بنظام الحكم وفصل السلطات، وصلاحيات كل منها وأصول ممارستها، والقسم الخاص بحريات المواطنين وحقوقهم وآليات تحققها وصونها. وقد كان الهم الأول لفكر الهوية في مرحلته الأولى: مسألة المرجعية وطبيعة الدولة، وهل هي عربية أم إسلامية؟ وعلمانية أم دينية؟ وفي هذه المرحلة كان الصراع يدور مع الأنظمة العسكرية التقدمية. ولأن تلك الأنظمة كانت تعتبر نفسها ديمقراطيات شعبية؛ فقد كانت الضحية الثانية للوعي الإسلامي الجديد بعد العروبة هي الديمقراطية. وقد جاءت المرحلة الثانية في الستينات ومطالع السبعينات من القرن الماضي مع التأثر…
الجمعة ٣١ أغسطس ٢٠١٢
على مشارف مؤتمر عدم الانحياز بطهران، أكثر المسؤولون الإيرانيون، والأمنيون قبل السياسيين؛ في إرسال الإشارات المتضاربة بشأن الأوضاع في سوريا، والدور الذي يرونه لأنفسهم تجاه حليفهم الصغير الحنون والمسالم(!) وتجاه العرب وتركيا والدوليين. مع نظام الأسد ومن خلال التصريحات والمبعوثين قالوا: إنهم باقون في خط المقاومة الذي ينتهجه النظام، وإنهم يعتبرون تحالفهم معه مثل تحالف الحديد والفولاذ، وإن أمنه وبقاءه هو من أمن إيران وبقائها. ومع الأميركيين قالوا: إنهم لن يسمحوا لمؤتمرات الإمبريالية ضد الجمهورية الإسلامية وسوريا أن تمر، وإن اليوم الذي تفكر فيه أميركا وإسرائيل بالتدخل في سوريا أو إيران، سيكون اليوم الذي يشهد زوال الكيان الصهيوني وخروج أميركا من المنطقة مذمومة مدحورة! ومع الأتراك والعرب قال مبعوثو الجمهورية الإسلامية: إن إيران دعمت دائما برنامجا للإصلاح في سوريا، وهي لا تزال مع الحل السياسي، لكنها لن تقبل تدخلا خارجيا عسكريا في سوريا أيا كانت أسبابه ومبرراته، وخصت المصريين بأفلام ودودة وبشوشة عندما وعدت من خلالهم باقتراح حل للأزمة يصعب رفضه، لأنه لا يبعد عن الحل الذي اقترحه كوفي أنان، ويشرك الجميع ولا يستثني أحدا! وقد شجع ذلك الرئيس محمد مرسي على أن يقترح لجنة اتصال مكونة من السعودية ومصر وإيران وتركيا، للتشاور في حل الأزمة. وما كان هناك ترحيب باقتراح الرئيس مرسي، مثلما كان هناك ترحيب من جانب الأميركيين…
الجمعة ١٠ أغسطس ٢٠١٢
جاء سعيد جليلي مدير مجلس الأمن القومي الإيراني، إلى لبنان وسوريا. وذهب في الوقت نفسه وزير الخارجية الإيراني إلى تركيا. في لبنان تظاهر جليلي بمحاولة إقناع المسؤولين، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية اللبنانية، بحضور الاجتماع الذي تعقده طهران «للدول المؤثرة»، من أجل التشاور في ابتداع حل للأزمة في سوريا. لكن الغرض الحقيقي من ذهابه إلى لبنان كان الاجتماع بحسن نصر الله لبحث ما يمكن فعله، لتقديم المزيد من المساعدات للنظام السوري. رئيس الجمهورية اللبنانية قال لجليلي إن لبنان لن يحضر اجتماع طهران، بناء على سياسته في النأي بالنفس عما يحدث في سوريا حماية للبلاد من التداعيات الداخلية لتلك الأزمة. وبالطبع ما كان ذلك موقف نصر الله، الذي كان - وبناء على طلب إيران - قد أرسل قبل أسبوعين قوات لحماية جبهة النظام فيما بين الحدود اللبنانية وحمص. لكي تتفرغ القوات السورية في الشمال لمعركة حلب مع الجيش الحر، والكتائب المسلحة الأخرى. ولأن التهديدات الإيرانية تصاعدت ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، فقد ظن محللون أن طهران يمكن أن تطلب من نصر الله التحرش بإسرائيل، وهذه المرة ليس بذريعة تحرير الأرض اللبنانية أو الفلسطينية، بل لمنع كسر النظام السوري (من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل طبعا!) الذي يلعب دورا محوريا في منظومة «المقاومة» التي بنتها إيران خلال العقد الماضي على الخصوص. وسبقت وصول صالحي وزير…