سياسة الولايات المتحدة

آراء

تصنيف أميركا لنا وتصنيفنا لها

الثلاثاء ١٥ مارس ٢٠١٦

مع فورة «المحافظين الجدد»، إبّان عهد جورج دبليو بوش، وبعد جريمة 11 أيلول (سبتمبر) وفي موازاة الحربين في أفغانستان والعراق، سادت نظريّة تدخّليّة بسيطة قوامها التالي: كلّ الشعوب طالبة للحرّيّة والديموقراطيّة، لا يردعها عن ذلك سوى حكّامها المستبدّين. هكذا، ما إن تتدخّل الولايات المتّحدة لإزاحة تلك القشرة الحاكمة، جامعةً بين خدمة مصالحها وإعلاء قيمها، حتّى يظهر اللبّ الأصليّ للشعوب الطامحة إلى التغيير. أمّا المثالان اللذان يؤكّدان هذه السيرورة وانطباقها على أمم الأرض من غير استثناء فهما اليابان وألمانيا (الغربيّة) بعد تحريرهما في الحرب العالميّة الثانية. بساطة هذه النظريّة كانت تكمن في إعدامها كلّ فارق بين الشعوب وتجاربها وثقافاتها وتراكيبها. فالشعوب متساوية كأسنان المشط في طلب الحرّيّة والديموقراطيّة، تتقدّم منهما عاريةً من كلّ تاريخ أو مواصفات بالمعنى التاريخيّ للكلمة، لا بمعنى جوهريّ أو جينيّ طبعاً. أمّا مع باراك أوباما، وكما توضح مقابلاته التي أجراها وصاغها جيفري غولدبرغ في مجلّة «ذي أتلانتك» الشهريّة، فهناك ميل معاكس تماماً، فحواه إثقال الشعوب بالمواصفات حتّى لتكاد تتجاوز التاريخيّ إلى الجوهريّ. ذاك أنّ الشرق الأوسط، من بين أوصاف كثيرة أخرى ردّدها، «لا يمكن إصلاحه»، كما أنّه واحد أحد يصحّ على محكومه ما يصحّ على حاكمه من دون أدنى تمييز. وهو بقبَليّته وعنفه وتعصّبه وانشغال أبنائه في التفكير بقتل الأميركيّين، لا يندرج في اهتمامات الولايات المتّحدة ولا…