أبوظبي تطبق أول تجربة في العالم لمعالجة مياه الصرف بالطريقة الرباعية

أخبار

كشف المهندس راشد محمد الشريقي، مدير عام جهاز أبوطبي للرقابة الغذائية، عضو المجلس الوطني الاتحادي، عن تطبيق إمارة أبوظبي أول تجربة على مستوى العالم في مجال معالجة مياه الصرف الصحي واستخدامها للري، وهى طريقة «المعالجة الرباعية»، مشيرا إلى أن الطرق المستخدمة حاليا في مختلف دول العالم هي المعالجة الثلاثية وأحيانا الثنائية. وقال الشريقي، «توجد 120 مزرعة في منطقة الوثبة، تروى بمياه الصرف المعالجة رباعيا، كل مزرعة متوسط مساحتها 1 هكتار، ليكون إجمالي المساحة المروية بمياه الصرف المعالجة رباعيا 120 هكتارا».

ولفت الشريقي، في تصريحات أمس على هامش مشاركته في المؤتمر الإقليمي لاستخدام المياه العادمة المعالجة في الإنتاج الزراعي، في دبي، إلى أن تلك المزارع يزرع فيها الأعلاف وأشجار النخيل، موضحا انه تم تجنب إنتاج خضروات في تلك المزارع تجنبا للخلاف.

وأشار إلى أن نتائج الدراسات والأبحاث التي تجرى منذ عام ونصف تقريبا، أكدت نتائجها انه لا توجد أي أضرار بيئية أو صحية من جراء استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في ري تلك المنتجات الزراعية، حيث لم تثبت العينات المحللة وجود أي ضرر حتى الآن.

وذكر الشريقي، أن إمارة أبوظبي تطبق نموذجا عالميا في المعايير المتعلق بمعالجة مياه الصرف العادمة، مشددا على ضرورة تطبيق معايير صارمة وحازمة في عمليات المعالجة.

وقال مدير عام جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية، «يجب استخدام أي قطرة مياه متاحة في الدولة، وهذا ما نعمل عليه حاليا، فجميع الموارد المائية بما فيها مياه الصرف الصحي، علينا أن نستغلها بشكل صحيح».

وعن تكلفة المعالجة الرباعية لمياه الصرف الصحي، قال الدكتور محمد داود، استشاري موارد المياه، بهيئة البيئة في أبوظبي، مقرر اللجنة العليا لإدارة الموارد المائية والزراعية في أبوظبي، «تزيد تكلفة المعالجة الرباعية لمياه الصرف بما يتراوح بين ضعفين وضعفين ونصف، عن التكلفة في حال تطبيق المعالجة الثلاثية، حيث تتكلف الطريقة الأولى نحو 10.2 درهم لكل متر مكعب، فيما تتكلف المعالجة الثلاثية ما يتراوح بين 3 و5 دراهم، على أقصى تقدير، لكل متر مكعب من المياه».

وكشف داود، أن إمارة أبوظبي تعالج نحو 284 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي، وفقا لإحصائيات العام الماضي 2013، وهذه الكمية المعالجة تمثل أكثر من 98% من إجمالي مياه الصرف الصحي بالإمارة.

وكشف داود، أن إمارة أبوظبي وضعت خطة لاستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة بنسبة 100 بنهاية العام 2017، مشيرا إلى انه يتم في الوقت الحالي استخدام 60 ٪ من مياه الصرف الصحي المعالجة، بينما لا يستفاد من الكمية المتبقية.

جهود الإمارات

وكانت دبي شهدت صباح أمس الثلاثاء افتتاح أعمال مؤتمر استخدام المياه العادمة المعالجة في الوطن العربي: الواقع الحالي والآفاق المستقبلية، برعاية سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي وزير المالية رئيس بلدية دبي في فندق الميدان بند الشبا، وتستمر فعاليات المؤتمر حتى يوم غد الخميس.

ويحضر المؤتمر، عدد من الوزراء ومسؤولين من 10 دول عربية بالإضافة إلى دولة الخليج العربي، وبمشاركة 200 خبير ومختص.

ويشارك في المؤتمر، بنك الإسلامي للتنمية، ومشاركون من الدوائر والهيئات المعنية بإنتاج المياه المعالجة وبلديات الدولة ومن الدول العربية، وخبراء من 5 منظمات العالمية ومنها المنظمة العالمية للأغذية والزراعة، ومنظمة الصحة العالمية.

وقال معالي الدكتور راشد أحمد بن فهد وزير البيئة والمياه الذي افتتح المنتدى: «استخدام المياه العادمة المعالجة في الإنتاج الزراعي، من أهم القضايا، وباتت تكتسب الكثير من الأهمية في ظل الضغوط والتحديات المتزايدة على الموارد المائية بالعالم العربي».

وأضاف: إن «الموارد المائية المتجددة للفرد في العالم العربي هي الأدنى في العالم، حيث تناقصت حصة الفرد من موارد المياه العذبة في العقود الخمسة الماضية من 3500 متر مكعب في العام 1960 إلى نحو 1000 متر مكعب حالياً».

وأشار إلى أن حصة الفرد العربي من المياه العذبة هي أقل من المستوى العالمي الذي يبلغ نحو 6000 متر مكعب، مما يبين حدة الندرة المائية التي يعاني منها وطننا العربي.

وقال ابن فهد: «أما بالنسبة للوضع على مستوى دولة الإمارات، فهناك نمو سكاني متزايد ونهضة عمرانية شاملة، وتعتبر الموارد المائية الجوفية المصدر الرئيسي للمياه العذبة، وهو ما جعلها تتعرض للاستنزاف بسبب الطلب الكبير عليها وانخفاض معدل تجددها السنوي والذي يبلغ نسبة 3% من حجم الإنتاج الكلى للمياه».

وأكد وزير البيئة والمياه، أن دولة الإمارات لا تدخر جهدا في تحقيق التوازن بين العرض والطلب والاستفادة من المياه المعالجة والتي تعتبر أحد مصادر المياه المتجددة المرتبطة بزيادة أعداد السكان، وتبلغ كميتها نحو 600 مليون متر مكعب سنوياً.

وتُستخدم المياه المعالجة في الدولة، لري الزراعات التجميلية والمسطحات الخضراء والغابات وبعض الاستخدامات الصناعية بما يساهم في ترشيد استهلاك موارد المياه العذبة والمحافظة عليها لأجيال المستقبل.

وأشار ابن فهد، إلى استراتيجية المحافظة على موارد المياه في الدولة التي طورتها الوزارة في العام 2010، وتؤكد على وضع سياسة زراعية وطنية تهدف إلى المحافظة على المياه وزيادة القيمة المضافة للاقتصاد وتحسين إدارة مياه الصرف الصحي وتنويع استخدامات المياه المعالجة في مختلف القطاعات وتنسيق التدابير الرامية إلى زيادة استخدامها، إضافة إلى تنسيق حملات التوعية للتغلب على مخاوف الجمهور من استخدام المياه المعالجة.

وتوقع وزير البيئة والمياه، أن تشهد السنوات القادمة زيادة مهمة في استخدام المياه المعالجة في القطاع الزراعي وغيره من القطاعات.

من جهتها أشارت الدكتورة اسمهان الوافي المدير العام للمركز الدولي للزراعة الملحية إلى أن المؤتمر يتناول قضية باتت تحتل أهمية متزايدة سواء في دولة الإمارات أو العالم العربي ألا وهي البحث عن موارد مياه بديلة للري في القطاع الزراعي بغية تحقيق التوازن بين الأمن الغذائي والأمن المائي. وقالت: «لا شك أن تحقيق هذا التوازن بالغ الأهمية في عصرنا الحالي الذي يعاني فيه نحو 25% من سكانه من ندرة المياه والتي يتوقع أن يبلغ 40% بحلول العام 2025، أو 2030 كحد أقصى، كما تشير التوقعات العالمية، أي في غضون ما يتراوح بين 11 و16 سنة فقط ».

المياه المعالجة مورد مستدام لزراعة المستقبل

تضمن اليوم الأول للمؤتمر- أمس- منتدى للسياسات عن مياه الصرف الصحي المعالجة في القرن 21 يشارك به عدد من الوزراء العرب وممثلي المنظمات العالمية، تلا ذلك جلسة عامة عن موارد وتقنيات المياه المعالجة عربياً وعالمياً.

وعلى مدار اليومين تنعقد 5 جلسات علمية مكثفة تتناول الموارد والاستخدامات والجوانب الاجتماعية والاقتصادية للمياه العادمة المعالجة وتأثيراتها البيئية وتختتم بورشة عمل تضم ثلاثة محاور تشمل الاتجاهات المستقبلية والشراكات والسياسات في استخدامات المياه المعالجة.

وأكد المتحدثون، في اليوم الأول للمؤتمر- أمس- أن المياه المعالجة تمثل موردا مستداما لزراعة المستقبل، حيث تؤدي جميع التغيرات الديموغرافية والجغرافية إلى الاتجاه إلى هذا النوع من المياه، والاستفادة منها بشكل أفضل في المنطقة العربية، حيث أصبح استخدام المياه المعالجة ضرورة وليس خيارا.

وقال المتحدثون، «الإشكالية التي تواجه استخدام المياه المعالجة في الزراعة، هي تقبل المجتمع وسن التشريعات اللازمة، ومعالجة التكلفة الكبيرة التي تنفق على عمليات المعالجة، بالإضافة إلى توفير الضوابط وتطبيق معايير تحول دون أن يكون هناك تأثير سلبي لتك المياه على صحة الإنسان».

مطالبة البنك الدولي بمزيد من الاستثمار بالمنطقة

أكد منتدى السياسات للمياه العادمة المعالجة للزراعة في القرن 21، الذي عقد أمس على هامش المؤتمر الإقليمي لاستخدام المياه العادمة المعالجة في الوطن العربي، على ضرورة وضع ضوابط ومعايير «صارمة» لاستخدام مياه الصرف الصحي في الزراعة.

ودعا المنتدى، البنك الدولي، لضخ مزيد من الاستثمارات في المنطقة العربية لمعالجة مياه الصرف، لاسيما أن المنطقة تعتبر من أفقر المناطق بالعالم في الموارد المائية الطبيعية. ولفت المتحدثون، إلى ضرورة ترشيد استخدام الموارد المائية الجوفية المستخدمة في القطاع الزراعي والحد من استنزاف هذا المورد المائي غير المتجدد، مشيرين إلى أن استخدام موارد المياه الغير تقليدية ومنها المياه العادمة المعالجة من الخيارات المهمة والضرورية.

وأكد المنتدى، أن هذا الاستخدام يخفف الضغط على موارد المياه العذبة، مشيرا إلى انه تشكل الزيادة المطردة في السكان وفي الأنشطة الاقتصادية والتنموية ارتفاع في الطلب على موارد المياه العذبة، لكنها توفر في الوقت نفسه مورداً متزايداً من المياه العادمة التي يمكن استغلالها في المجالات التنموية والأخرى.

المصدر: سامي عبدالرؤوف – صحيفة الاتحاد