عبده خال
عبده خال
كاتب و روائي سعودي

الغول الذي يفتك بنا !

آراء

لو قيل لنا إن ثمة غولا ضخما يفتك بالناس في بيوتهم.. وتم التأكد من وجوده، فلن يطمئن أحد للمكوث في بيته أبدا، بل سيخرج البلد مجتمعا وبكل مؤسساته للقبض على ذلك الغول وقتله.

وأنا أقول إن هذا الغول موجود في كل مدننا وقرانا وغشي كل بيوتنا ومع وجوده وسماعنا به إلا أننا ما زلنا نصم آذاننا وكأن الأمر لا يعنينا.

لنضع نقطة ونبدأ:

ما زالت قضية الطلاق مؤرقة، حيث تتسارع عجلة سيرها إلى درجة مرعبة، فها هي الدراسات تؤكد أن نسبة الطلاق خلال العام الماضي تحدث مرة واحدة كل نصف ساعة.

فبأي معيار يمكن قياس هذه السرعة في الطلاق؟.

وتقول التقارير أيضا إن نسبة الطلاق وصلت إلى أكثر من 35 % من حالات الزواج، بزيادة عن المعدل العالمي الذين يتراوح بين 18 % و22 %. ففي عام 1431هـ بلغت عدد حالات الطلاق 18765 حالة مقابل 90983 حالة زواج في العام ذاته.

وذهبت دراسة لوحدة الأبحاث في مركز الدراسات الجامعية إلى أن معدل الطلاق في المملكة ارتفع من 25 في المائة إلى أكثر من 60 في المائة خلال الـ20 سنة الماضية.

وذهب مركز التنمية الأسرية التابع لجمعية البر الخيرية في محافظة الأحساء إلى القول إن نسبة الطلاق بلغت 60 % في جدة، و39 % في منطقة الرياض، و18 % في المنطقة الشرقية، و20 % في الأحساء.

وهناك واقع لا تصل إليه مثل هذه الدراسات، والطلاق هو هدم لبنية الأسرة وتفتيت للب المجتمع.

فماذا فعلنا اتجاه هذا الخطر الحقيقي الذي يسبق كل الأخطار المهددة للمجتمع، ماذا فعلنا؟

هل يكفي ذكر النسب والمسببات لحدوث الطلاق من غير البحث عن الوسائل المبتكرة للحد من انطلاق هذا (الغول) في المدن والقرى يمزق ويفتت بنية المجتمع.

وإن كانت عقولنا قد عجزت عن ابتكار الحلول، فلنستعر تجارب الآخرين في حماية وصون الأسرة من التفكك والتحلل، وبما أن النسب تشير إلى ارتفاع نسبة الطلاق 60 % في السنة الأولى من الزواج، فإن دولة كماليزيا ابتكرت طريقة رائعة عبارة عن دورة تعليمية لمدة ثلاثة أشهر في قيادة الأسرة، وعلى المتقدم للزواج الحصول على هذه الدورة وبنسبة نجاح عالية.

ويمكننا أيضا تعميم هذه الدورة لبقية أرباب وربات الأسر، وربط دخولها والنجاح فيها بالترقيات وبالحوافز، ولو توفرت النية الحقيقية في صون المجتمع من التفكك وضياع الأسرة لكان الطلاق من أوليات اهتماماتنا. لنجرب تطبيق مثل هذه الدورة، وفي نفس الوقت نبحث عن وسائل أخرى تقلل من سرعتنا المهولة المتجهة للهاوية.

المصدر: عكاظ