عبد الرحمن الراشد
عبد الرحمن الراشد
إعلامي سعودي

الرئيس العراقي في الرياض

السبت ١٧ نوفمبر ٢٠١٨

بين العاصمتين تتأرجح التطلعات بين أقصى نقطة في التعاون الشامل، وأدناها بالاكتفاء بالدبلوماسية التقليدية. لهذا؛ يجيء للرياض الرئيس العراقي الجديد، الدكتور برهم صالح، في وقت تنتظر العلاقات تنشيطها، انسجاماً مع تحرك الأوضاع الإقليمية، وحتى العراقية الداخلية. هذه إطلالته الأولى منذ انتخابه من قِبل البرلمان العراقي. الرياض مسك ختام جولته، مع أن أحد مساعديه قال كانت الرياض المحطة الأولى لولا أن الزيارات الملكية لمناطق المملكة كانت قد برمجت. لهذا؛ فهو يصل إلى السعودية ولديه اطلاع مباشر على مواقف الدول في محيط العراق. الرئاسة العراقية تبدأ عهدها والوقت يدعو للتفاؤل لإكمال رحلة عبور الجسر فوق الهاوية، التي نجحت الرئاسة السابقة في تفادي السقوط فيها، حيث ألغام إيران وسوريا والإرهاب. الرئيس برهم صالح ينشد تضامن دول الجوار مع بلاده، واحترام الجميع لسيادتها وسلامة أراضيها، ولا تكون ممراً للجيوش، ولا ساحة للاحتراب الإقليمي. وأزمات الصيف المنصرم بينت تنوع التحديات التي تواجه حكومة بغداد الجديدة، عدا عن ميليشيات إيران العابرة للحدود، والعراقية الممولة من إيران، وبقايا تنظيم داعش المنكسر، وفلوله الهاربة من حرب سوريا... عدا عن كل هذه القضايا الخطيرة فقد عصفت بالحكومة السابقة أزمات لا تقل خطورة، انفجر الغضب الشعبي بسبب تلوث المياه وانقطاع الكهرباء. الحكومة الجديدة تواجه الأزمات نفسها؛ العلاقات الملوثة مع طهران مع المياه الملوثة، وستحتاج إلى جهد سياسي كبير لتأمين الأمن…

العرب في الحرب العالمية الأولى

الأربعاء ١٤ نوفمبر ٢٠١٨

قاتل نحو نصف مليون من العرب في الحرب الكبرى، التي تمر ذكرى 100 عام على نهايتها. قاتل العرب مع المعسكرين. الجنود العرب قاتلوا وماتوا من السودان إلى الشام وإلى المغرب، وبعضهم نقل بالبواخر إلى القارة الأوروبية لخدمة الجيوش المتحاربة. استخدم الأتراك العثمانيون نحو 300 ألف من العرب في جيوشهم يقاتلون مع ألمانيا والنمسا والمجر وصربيا وسميت بدول الوسط، ضد بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا والصين وغيرها من دول الحلفاء. معظم القتال كان في أوروبا، وكذلك معظم القتلى الذين بلغ عددهم 10 ملايين إنسان، لكن الخراب طال معظم دول العالم، ومنها المنطقة العربية. أسباب الحرب جشع السلطة، ووهم التوسع، وبروز القوميات الأوروبية المتطرفة. أما العرب فلم تكن لهم قضية في تلك الحرب، باستثناء عرب الدول التي كانت تحت الحكم العثماني الذين عانوا من «سوم الضرائب» وسوء الإدارة، خاصة أن الحكم التركي حينها كان متخلفًا وضعيفًا، ولم يكن يستطيع أن يجاري التقدم الصناعي في دول أوروبا الاستعمارية. فأصبحت الدول العربية التي تحت إدارته فقيرة بخلاف الدول التي حكمتها الإمبراطورية البريطانية أو الفرنسية. وفي أواخر الحرب العالمية الأولى، أصبحت تركيا نفسها الضحية الأولى وهدف الدول المنتصرة التي أرادت الاستيلاء عليها، لا مستعمراتها العربية فقط. روسيا واليونان وبريطانيا وفرنسا استهدفت تركيا، لولا ظهور مصطفى كمال أتاتورك الذي استطاع إدارة المعارك وإنقاذ معظم الأناضول التركية،…

خاشقجي والمواقف الثلاثة

الثلاثاء ٠٦ نوفمبر ٢٠١٨

لم يخف على العين عندما جاء الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس مجلس الوزراء، إلى الرياض وجلس في الصف الأول حتى عندما لم يكن هناك أحد من البروتوكول الرسمي، ولا من كبار الضيوف بعد في مؤتمر مستقبل الاستثمار الذي عقد في الرياض. قطع إجازته، وانضم إلى المناسبة رداً على دعوات المقاطعة التي تردّدت أخبارها في الوكالات العالمية، ووافق على المشاركة في الحوارات، وليس فقط بالحضور، وأكمل ثلاثة أيام. أيضاً امتلأ المنتدى بالشخصيات السياسية التي جاءت للتعبير عن تأييدها للقيادة السعودية. ففي الأزمات الكبرى الحياد أيضاً موقف. وكذلك أبدى الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، موقفاً قوياً مع الرياض. فقد سارع إلى تحذير راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة الإخواني، بعد أن نسب إليه تصريح يمالئ قطر وتركيا في حربهما الإعلامية ضد السعودية في قضية مقتل زميلنا الراحل جمال خاشقجي. وقال الرئيس السبسي: «نعتبر ما حدث لحاشقجي فظيعاً، لكن أن يُستغل للنيل من السعودية بكاملها، ويمس من استقرارها فهذا غير ممكن، فهو يمس استقرار كامل العالم العربي». بالنسبة للسعودية تراها حرب وجود، والمواقف تقاس وفق ذلك. في الساحة ثلاثة مواقف، هناك فريق خصم، يسعى لتسييس الجريمة، واستخدامها في إسقاط، أو على الأقل إضعاف النظام السعودي، تتزعمه قطر وتركيا. وفريق يقف ضده متحالفاً مع الرياض، تتقدمه الإمارات ومصر والبحرين والكويت والأردن…

«قتل» خاشقجي إعلامياً

الخميس ١١ أكتوبر ٢٠١٨

بالإضافة إلى العسكرية، تموج المنطقة بالمزيد من المواجهات، امتداداً للصراع المستمر منذ نحو سبع سنوات في أعقاب ما يعرف بـ«الربيع العربي». فبراكين المنطقة لا تزال مضطربة ولم تنتهِ حممها. تبدو لنا مثل أزمات متفرقة عابرة، لكنها تتكرر في سياق مستمر، بين الحكومات، بعضها البعض، وبينها وبين التنظيمات الحركية، كل ذلك ضمن شد وجذب يهدف إلى تغيير الوضع القديم أو وقف التغيير الجديد على الأرض. والحقيقة، ليس مستغرباً استهداف حكومات في المنطقة تقود التغيير الذاتي، مثل المملكة العربية السعودية، لكن التغيير عملية صعبة؛ لأنها تحاول أن تقتلع أفكاراً متجذرة وثقافات شائعة وهياكل كبيرة. الزميل جمال خاشقجي قتل، حتى لو ظهر حياً بسبب استخدامه من رصاص المعركة الإعلامية، والذين يرفعون قميصه أقل الناس اهتماماً به؛ فالهدف في الرياض. ومن كان يظن أن إلغاء أو تهميش تنظيم الجماعات الحركية سيتم بسلاسة يكتشف اليوم صعوبة ذلك؛ لأنها موجودة وشرسة، وتعيد انتشارها في المنطقة. فالملتزمون بحركة «الإخوان المسلمين» على سبيل المثال فرّ بعضهم إلى تركيا وقطر، وصاروا يستخدمون امتداداتهم في أوروبا والولايات المتحدة بعد أن عطلت جزئياً قدراتهم في مصر ودول الخليج، وضُيّق عليهم في تونس والمغرب، ولجأت البقية للعمل تحت الأرض. عدا عن «الإخوان» هناك بقايا المدارس الفكرية، والتنظيمات التي تعيد ترتيب أوضاعها وفقاً لما بعد تبدلات «الربيع العربي». هذه لا تنتهي، بل تختفي…

«نوبل» لناديا مراد

الأحد ٠٧ أكتوبر ٢٠١٨

المهاتما غاندي، شخصية تاريخية حظي بشبه إجماع في العالم على احترامه. عرف محباً للسلام وصانعاً له. قاد شبه القارة الهندية نحو بر الأمان، وربما لولا دوره التصالحي لتمزقت في سعيها للتحرر من الاستعمار البريطاني، والأرجح أنها كانت ستغرق في حروب أهلية بين الهنود أنفسهم، وامتداداتهم في الباكستان وبنغلاديش. مع هذا استكثر القيمون على جائزة نوبل للسلام منحه إياها آنذاك، وأعطيت لأناس أقل شأناً! ولم يكن ذلك غفلة من المشرفين على الاختيار، فقد رُشح غاندي لها عام 1937 وتكرر ترشيحه ثلاث سنوات أخرى، ولم يحظَ بانتباه اللجنة الدنماركية إلا بعد اغتياله، حيث أصدرت بياناً تعتذر أنها لم تفعل! لا نستطيع أن نأخذها دائماً على محمل الجد، عندما نرى أنها قلدت لشخصيات لا تستحقها، وبعضها كانت من نصيب من أسوأ الخلق، وضد السلام، مثل رئيسة حكومة بورما، أونغ سان سو تشي التي غطت عينيها عن جرائم استهدفت أقلية الروهينغا. وليس هذا التقديم اعتراضاً على منح جائزة نوبل للسلام للناشطة العراقية من الطائفة الإيزيدية ناديا مراد، أو الطبيب الكونغولي دنيس موكويغي، بل العكس، هذه المرة وهي من المرات القليلة أعطيت لمن هم أهلاً لها. ناديا أمضت معظم وقتها منذ إفلاتها من أسر تنظيم داعش الإرهابي تطوف العالم وتظهر على وسائل الإعلام تروي مأساتها، وتعظ داعية لمواجهة الإرهاب، وتبيان مخاطره على العراق والعالم أجمع.…

بدأت معركة البترول

الثلاثاء ٠٢ أكتوبر ٢٠١٨

لإيران أسطول من الناقلات العملاقة يجوب البحار حالياً، فيما يبدو أنها رحلة الأسابيع الستة الأخيرة لما قبل الحظر الأميركي. وقبل أيام لاحظت مصادر متعددة اختفاء عشر سفن إيرانية عملاقة كانت مرصودة في عرض البحار، تصل حمولة كل واحدة إلى مليوني برميل بترول. لم يعد يعرف لها أثر؛ حيث يعتقد أنها أطفأت أجهزة الإشارة حتى لا يمكن «للعدو» رصدها وتعقبها. عادت المطاردة وعادت إيران إلى لعبة التخفي، لا تريد أن يرصد أحد حركة مبيعاتها النفطية، في ظل سيف العقوبات الأميركية على من يشتري البترول المحرم. النفط أهم الأسلحة، ولهذا تعين على مديري شركات النفط أن يتنحوا جانباً حتى يتولى السياسيون إدارته. فالنظام الإيراني يعتمد عليه بنسبة كبيرة في إدارة جمهوريته. نحو خمسين في المائة من ميزانيته من مبيعات النفط الخارجية، وأكثر من ثلاثين في المائة تجبى من الرسوم والضرائب التي للنفط فيها دور كبير. ويضاف إلى ذلك أن السلع الرئيسية، مثل الخبز والوقود الرخيص، مدعومة أيضاً من دولارات النفط. طبعاً، هذه حالة مشتركة مع معظم دول المنطقة المصدرة للبترول، إلا أن إيران الوحيدة الممنوعة التي ستواجه صعوبات في تسويق مليونين ونصف مليون برميل من نفطها يومياً، بسبب العقوبات الأميركية عليها. وحتى مع إطفاء أجهزة إرسال الإشارات، لن تتوقف ملاحقة الناقلات الشبح من خلال وسائل الرصد الأرضية والفضائية، ومعرفة من سيشتري، وبكم،…

التصالح مع قطر

الإثنين ٠١ أكتوبر ٢٠١٨

الشأن الذي لم يكن حاضراً في الموسم السياسي السنوي للأمم المتحدة ونشاطاتها هذا العام، وكان حاضراً في العام الماضي، هو القطيعة الرباعية مع قطر. يبدو أننا في حالة انسجام وتصالح مع الواقع الجديد، والقبول بالأمر الواقع. في نيويورك نسينا «القضية» لولا سؤال وُجِّه لوزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، رد عليه بقوله: «مضى على مقاطعتنا قطر 15 شهراً ويمكن أن نستمر دونها 15 عاماً». ولم يتذكر أزمة قطر هنا سوى ممثلي قطر. حتى إن الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية نبّهنا في تغريدة له، إلى أن «أزمة قطر اختفت كليّاً من اهتمامات المجتمع الدولي في أسبوع الجمعية العامة في نيويورك»... وأن «قطر أهدرت مبالغ باهظة على شركات العلاقات العامة والمحامين دون نتيجة تذكر». ماذا عن الدول الأربع، مصر والسعودية والإمارات والبحرين؟ الوضع الحالي مثالي جداً، السلام جاء مع قطيعة كاملة ضد الجارة الصغيرة التي أزعجتهم بالمشكلات والمؤامرات لأكثر من عشرين عاماً. الوضع مريح جداً لأن خسارتهم من المقاطعة تقريباً صفر، أما خسارة قطر فكبيرة سياسياً واقتصادياً... بل إن القطيعة أكثر من مريحة، مفيدة جداً للبحرين والسعودية والإمارات. فقد عانت هذه الدول من محاولات قطر لخلق معارضات داخلها، وتمويل نشاطات خارجية ضدها، وسعي حثيث لتفكيك مجتمعات الدول الثلاث ومؤسساتها. فقد كان معظم رموز الجماعات المتطرفة في السعودية، دينية ومدنية وأفراداً،…

استخدام هجوم الأهواز

الثلاثاء ٢٥ سبتمبر ٢٠١٨

تحاول حكومة طهران تحويل الهجوم المسلح في الأهواز قبل أيام إلى قضية وطنية، واعتباره هجوماً على الأمة وليس استهدافاً فقط للدولة. تريد استغلاله لرصّ الصفوف خلف النظام المحاصر. إنما للحكومة همٌّ أكبر من عملية مسلحة وحيدة في مدينة الأهواز، فالحادث عمل إرهابي آخر، ومنطقتنا مليئة بمثله؛ في سيناء مصر، والأردن، والعراق، والسعودية، وتونس... وغيرها، كلها تعاني من الإرهاب. لكن الهجوم الأخطر الذي يخشاه النظام الإيراني ويهدد وجوده بدأ منذ أشهر؛ الحصار الاقتصادي، وسيصل لمرحلة أكثر إيلاماً للحكومة عند تطبيق حظر شراء النفط ومنع استخدام الدولار. وعدا تأثيراته الاقتصادية المؤذية حقاً، فإنه يضع الشعب الإيراني في مواجهة النظام، وذلك بخلاف تجربة المقاطعة الأميركية والدولية السابقة، حيث نجح النظام جزئياً آنذاك في إقناع الإيراني العادي بأنها مؤامرة تستهدف قوته وقدراته. أما هذه المرة، فإن تطبيق الحصار يلي وقوع انتفاضتين شعبيتين كبيرتين خرجتا من الشارع ضد النظام؛ «الحركة الخضراء» في عام 2009 التي ولدت في المدن الرئيسية احتجاجاً على الانتخابات المزورة، والثانية العام الماضي عندما اشتعلت المدن والأرياف المتضررة من سياسات الدولة الاقتصادية والقمع الأمني. حكومة حسن روحاني ترفع صوتها مدّعية أن هجوم الأهواز تنظيم خليجي - إسرائيلي - أميركي يريد زعزعة الاستقرار. وهذه مزاعم متعمدة؛ فهجوم كهذا لا يهزّ النظام؛ إنما الحكومة الإيرانية تقود دعاية سياسية تريد بها تخويف ثمانين مليون إيراني…

سوريا: هل التقسيم محتمل؟

السبت ٢٢ سبتمبر ٢٠١٨

على اختلاف المواقف السياسية حيال سوريا، أميركا، وروسيا، وإيران، وتركيا والسعودية، والأردن، والعراق، وإسرائيل إلا أنها جميعاً تكاد تتفق على المحافظة على الوحدة الجغرافية للدولة السورية. تقسيم سوريا يضر بالمنطقة وليس فقط النظام، ويخالف التفاهمات الدولية. وأن اتفقت على وحدة التراب السوري إلا أن هذه الدول تختلف على نظام الحكم رئاسي مركزي، أو برلماني، أو فيدرالي، والاختلاف ربما بينها في صياغة الدستور من سلطات الرئيس وحول حقوق الجماعات الإثنية وغيره. لكن خيبات كثيرة تجاه دمشق، حتى بعد تنازل المعسكر المضاد وقبوله بالنظام السوري، راضياً بالنظام القديم، مقابل الالتزام بحقوق أساسية للمكونات التي على خلاف مع النظام من أجل فرض الحل، وكذلك اشتراط خروج إيران وميليشياتها، إلا أنه لا شيء من هذه التوقعات تحقق، ويبدو أنه من المستحيل أن تحققها دمشق إما عجزاً أو عن سياسة لها. في هذا الوضع المعلق سيكون من الصعب المحافظة على وحدة سوريا كما نعرفها، أو كنّا نعرفها. شرق الفرات منطقة نزاع مستمر، والأميركيون والأكراد لهم وجود عسكري قوي هناك. العراقيون يريدون السيطرة على مناطق محاذية لحدود محافظاتهم مثل الأنبار. إسرائيل رسمت خطاً عرضه مائة كيلومتر على الأقل تعتبره تحت سيطرتها الجوية، تحظر دخول قوات إيران وميليشياتها. وفِي إدلب للأتراك نفوذ يضاف إلى تواجدهم في عفرين والمناطق التي صارت تحت إدارتهم منذ عملية «غصن الزيتون» في…

اتهام إيران السعودية بالسرقة

الخميس ٢٠ سبتمبر ٢٠١٨

هذه علامات بداية أزمة طويلة عندما تتهم إيران روسيا والسعودية بسرقة حصتها من النفط! هي تعلم جيدا أن أحداً لم يسرق برميلاً منها أو من حصتها. للسوق قواعد لم تتغير منذ القدم، سوق النفط لمن يقدر أن يبيع النفط وليس من يجلس عليه. إيران تملك احتياطياً ضخماً تحت الأرض لكنها تنتج القليل، ولن تبيع إلا الأقل منه. بسبب العقوبات الأميركية خسرت من صادراتها النصف، حتى الآن، هذا مع أن موعد الحظر الأميركي على مشتريات بترولها لم يبدأ بعد، موعده في شهر نوفمبر المقبل. ليس ممنوعا على إيران إنتاجه أو تصديره لكن على المشترين أن يختاروا بين نفط إيران أو التجارة مع أميركا. طبعا معظم الدول تخلت عن شراء نفط إيران كي لا تخسر السوق الأميركية. وقد لف وزراء الخارجية والبترول والتجارة الإيرانيون نصف العالم يحاولون إغراء المشترين، بتخفيض السعر، والقبول بعملاتهم المحلية، والمقايضة التجارية، ورغم ذلك معظم الدول رفضت. إذن ليست السعودية وروسيا من سرق النفط بل هذه سياسة إيران العدوانية التي كلفتها أسواقها وزبائنها ومداخيل بلادها. وطالما أن طهران تريد أن تلعب لعبة ثقيلة، بالانتشار عسكريا في المنطقة وإشعال الحروب ودعم الجماعات الإرهابية والإصرار على مشروعها النووي العسكري، إذن عليها أن تتحمل الثمن. خسرت إيران فوراً، أكثر من مليون برميل، عجزت عن بيعها من إنتاجها اليومي البالغ مليونين ونصف…

هل إغلاق سفارة فلسطين نهاية للقضية؟

الثلاثاء ١٨ سبتمبر ٢٠١٨

المبنى الأحمر على جادة ويسكنسن في العاصمة واشنطن كان، إلى قبل بضعة أيام، مقر بعثة منظمة التحرير الفلسطينية، أي سفارة «دولة» فلسطين، في الولايات المتحدة. قيمة رمزية مهمة سياسياً قضي عليها عندما أخطرت وزارة الخارجية الأميركية البعثة الفلسطينية بأن تغلق أبوابها نهائياً، وتطلب من رئيس البعثة، السفير حسام زملط، أن يغادر البلاد هو وعائلته. وجود بعثة دبلوماسية فلسطينية في أميركا جاء نتاج اتفاق أوسلو الذي أقر بوجود فلسطيني، وتم الاعتراف به دولياً لأول مرة. ورغم الانتقادات ضده إلا أن «أوسلو» مشروع سياسي تاريخي أعاد الحياة لمنظمة التحرير الفلسطينية بعد أن دفنت ومعها القضية نتيجة إبعاد القيادة الفلسطينية بحراً من بيروت إلى تونس. «أوسلو» فشلت لأن الأنظمة الإقليمية المتطرفة، والغلاة على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أفشلوا كل الفرص القليلة التي سنحت لحل القضية الفلسطينية. ومنذ بداية الصراع وكل يعرف أنه يمكن تغيير الوضع الفلسطيني بأحد أمرين فقط؛ بالحرب، واحتمال قيامها صار مثل السراب، أو بالتفاوض. وبسبب عدم واقعية القيادات الفلسطينية يأتون للتفاوض متأخرين، أصبح المتبقي للفلسطينيين قليلاً جداً. فإنه مع تقادم الزمن تآكلت حقوقهم على الأرض بسبب الاستمرار في الرفض والمزايدات الكلامية. القيادة الفلسطينية عدا عن حالة اليأس التي تعيشها منذ سنوات، فوق هذا لم تفهم شخصية الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب. وقد حذّر أحد معارفه منذ بداية رئاسته، حاول أن تفهم…

هل قتل صدام الوزير الجزائري؟

الإثنين ١٧ سبتمبر ٢٠١٨

من سنوات قليلة فقط فتح الحديث عن مقتل وزير الخارجية الجزائري محمد الصديق بن يحيى، الذي أسقطت طائرته في منطقة كردية بين العراق وإيران وتركيا قبل 36 عاماً. كشف أنه حادث متعمد، وأن الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين هو الفاعل. مصدر المعلومة كان صالح قوجيل، وزير النقل الجزائري الأسبق، والأهم أنه الذي تولى رئاسة لجنة التحقيق من الجانب الجزائري. لكن الصدمة أكبر عندما أكدها قبل أيام خالد نزار، وزير الدفاع الأسبق ورجل الجيش القوي لفترة طويلة. لقد مرّت ثلاثة عقود ونصف العقد على تلك الحادثة، وخرج من المسرح والحياة، تقريباً، كل الأطراف ذات العلاقة، وبالتالي لا يوجد سبب للتشكيك في الرواية الجديدة. الجنرال المتقاعد، نزار، لا يجرم فقط صدام بل يتهم أيضا الرئيس الجزائري، حينها، الشاذلي بن جديد، بأنه أمر بالصمت والتستر على المعلومات الخطيرة التي تشير إلى تورط السلطات العراقية. والرئيس بن جديد لم يكن محبوباً من العسكر، فقد كانوا يرونه مسؤولاً عن الفشل والفوضى، وتم عزله في أوائل التسعينات عندما سمح للإسلاميين المتطرفين بالنشاط السياسي ورافقه صعود جهاديين مثل بلحاج. طائرة بو يحيى، كانت تقل أيضا 14 شخصاً ماتوا معه، واستهدفت بعد أن غادرت الحدود العراقية بمسافة قصيرة. وبحسب رئيس لجنة التحقيق الجزائرية، فقد عثروا في الحطام على بقايا الصاروخ الذي فجر الطائرة، وهو صناعة روسية، ورقمه التسلسلي…