عبد الرحمن الراشد
عبد الرحمن الراشد
إعلامي سعودي

الأسد رئيسا لعشرين سنة أخرى

الأربعاء ٢٣ أكتوبر ٢٠١٣

يتحدثون عن انتظار موعد انتخابات الرئاسة السورية في ربيع العام المقبل، وبالتالي ترتيب مؤتمر للاتفاق على من يخلف بشار الأسد بعد انتهاء فترته الرئاسية. وسواء بمؤتمر جنيف أو من دون جنيف الرئيس السوري تأكدوا أنه لا ينوي التخلي عن الحكم إلا بالقوة رغما عنه. هذه حقيقة قديمة أوحى بها انتخابه رئيسا عندما اجتمع مجلس الشعب السوري وقرر تعديل الدستور وتخفيض عمر الرئيس حتى يحق لبشار ابن الرئيس الميت أن يترشح ويصبح رئيسا. وبالتالي لا يمكن للأسد أن يتخلى عن الرئاسة طوعا لأنه فار قسرا، وجلس منذ عامين ونصف العام على جماجم وأشلاء السوريين المائة ألف، وشرد نحو خمسة ملايين مواطن، وأحال معظم المدن إلى ركام، في مشهد لم يعرف له مثيل من قبل في المنطقة! فهل يمكن لأحد عنده عقل أن يصدق أن رئيسا مثل الأسد يمكن أن يفكر في الخروج من القصر فقط لأنه حان موعد الانتخابات؟ عندما كانت طائرات الناتو تقصف بعنف قوات القذافي في ليبيا وتحاصرها في كل مكان، كان يقال إن القذافي يمكن أن يغادر إلى روسيا أو جنوب أفريقيا، أو ربما فنزويلا. وجاء موفدون للحديث عن الخروج الحل وإنقاذ ليبيا، وإنقاذ القذافي أيضا، لكن الديكتاتور الليبي ما كان يفكر بنفس الطريقة. كان يعتقد أنه مخلد وقادر على البقاء، ويملك خططا احتياطية للجوء إلى قبائله في…

تهديدات الأسد لأردوغان

الأحد ٠٦ أكتوبر ٢٠١٣

كنت في تركيا، الأيام الثلاثة الماضية، ضمن مشاركتي في منظمة الحوار العربي - التركي الوليدة، فتركيا أصبحت شأنا عربيا، والعرب صاروا شؤونا تركية كذلك. ولم يكن غريبا أن أقرأ في الصباح التالي عن مقابلة الرئيس السوري بشار الأسد لمحطة «هالك» التركية. الأسد هدد رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بأنه سيدفع الثمن لاحقا لدعمه من سماهم بالمتعصبين والإرهابيين. وأنا أتفق مع الأسد أن أردوغان سيدفع الثمن لكن لسبب آخر، لأنه لم يتبنَ سياسة تدخل أوسع في سوريا. فقد بلغت الحرب في داخل جارته الجنوبية حدا يهدد أمن تركيا، وليس مصالحها فقط. ومع هذا اكتفت الحكومة في أنقرة بالتهديد الكلامي، والقليل من الدعم للثوار. وأصبح في سوريا ثلاثة احتمالات سيئة وخطرة على الأتراك.. الأول، أن يهيمن المتطرفون مثل تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» المحسوبين على «القاعدة»، حينها ستكون تركيا هدفا لهم، لكونها خطا أول لحلف «الناتو»، وقاعدة للأميركيين. أهداف أولى دائما لتنظيم القاعدة. الثاني، أن ينتصر النظام الذي سيدعم الجماعات المعارضة المتطرفة مثل حزب العمال الكردستاني، المسؤول عادة عما يقع من عمليات إرهابية ضد الحكومة التركية. وهناك علاقة قديمة ووثيقة بينه وبين نظام الأسد الذي احتضنه لثلاثين عاما، ويستخدمه حاليا لمحاربة الأكراد السوريين وغيرهم. الثالث، غرق سوريا في الفوضى والحرب الأهلية، هنا كلا الاحتمالين سيحدثان معا، «القاعدة» والعمال الكردستاني سيستهدفان تركيا. إن سياسة…

المكالمة التي هزت الشرق الأوسط!

الإثنين ٣٠ سبتمبر ٢٠١٣

كنا ننتظر الضربة التأديبية التي وعد بها الرئيس الأميركي ضد نظام الأسد في سوريا عقوبة له على قتل ألف وخمسمائة خنقا بغاز «السارين»، لكن باراك أوباما بدلا من ذلك ضرب حلفاءه! مكالمة غزل سياسي تليفونية أجراها أوباما مع حليف الأسد، الرئيس الإيراني، سارع بعدها روحاني للإعلان عن انتصاره وليستقبل استقبال الفاتحين في طهران. الكثيرون الذين انتظروا صواريخ «توما هوك»، تأديبا للنظام السوري ورسالة للنظام الإيراني الذي يطور سلاحه النووي، هزتهم أخبار المكالمة الهاتفية، فهي الأولى بين رئيس أميركي ورئيس إيراني في 34 سنة، تلتها التصريحات الاحتفالية في واشنطن وطهران بـ«التقدم» الجديد في كسر الجليد بين البلدين! وقد هزت المكالمة الأوباروحانية دوائر القرار في الخليج والأردن وتركيا وإسرائيل وغيرها. ما الذي يحدث؟ روحاني يقول إن أوباما هو من اتصل به، مرة وهو يستعد لمغادرة الفندق والثانية وهو في السيارة في طريقه للمطار. والبيت الأبيض يقول إن فريق روحاني هم من أبلغوهم برغبته في محادثة أوباما. وليس مهما من رفع السماعة قبل الآخر، بل كيف اقتنع أوباما أن يكافئ الإيرانيين بكسر تاريخ الصمت الرئاسي، حتى قبل أن يعطوه شيئا سوى كلام معسول رخيص؟ والسؤال الذي يثير قلق حكومات المنطقة: ما قد يكون وراء هذا الغزل الهاتفي؟ وما هو عمق العلاقة؟ نحن نعرف أن سلطنة عمان نقلت رسائل بين طهران وواشنطن، ووزيري الخارجية…

نكاح الجهاد..دعاية أم حقيقة؟

الأربعاء ٢٥ سبتمبر ٢٠١٣

إبان مواجهات العراق، بين القوات الأميركية وتنظيم القاعدة، اختفت مطلقة سعودية من بيتها ومعها أطفالها. وبعد بضعة أسابيع اكتشف رجال الأمن أن المرأة التحقت بتنظيم القاعدة في العراق. وفي البداية لم يصدق أحد أن امرأة في مجتمع محافظ يمكن أن تترك بيتها وأهلها وتسافر لأرض القتال. وقد رفض بعضهم تصديق الحكاية حتى اتضح لاحقا أنها بالفعل ذهبت إلى هناك بطوع إرادتها، وبترتيب من أشخاص يعملون سرا مع التنظيم في السعودية واليمن، حيث عبرت الحدود وأطفالها بجوازات يمنية مزورة وطارت من صنعاء إلى سوريا ورتب لها وكلاء «القاعدة» عملية تهريبها إلى داخل العراق. وبعد سنوات تبين أن المرأة ذهبت للزواج من زعيم التنظيم الزرقاوي، الذي تزوجها ثم طلقها بعد أيام، وتزوجت من غيره وغيره لاحقا، وقتلت مع الآلاف في سنوات العنف في العراق. هذه قصة حقيقية تعبر عن قدرة شيوخ الفكر الإرهابي التكفيري على غسل أدمغة الشباب ليقتلوا أنفسهم، والنساء ليعملن خادمات وجواري. وعندما صرخ وزير داخلية تونس لطفي بن جدو محذرا من أن هناك نساء تونسيات ذهبن إلى سوريا للعمل خادمات جنس للمقاتلين لم يكن مخطئا، مع أن البعض ظن أن الوزير فقد عقله. قال، هناك نساء ذهبن إلى سوريا إيمانا بفتوى نكاح الجهاد، ومارسن الجنس مع العشرات من الرجال، وبعضهن رجعن حوامل. الأمر ليس غريبا، فإذا كان الشباب يذهبون…

روحاني حمل أم ثعلب؟!

الأحد ٢٢ سبتمبر ٢٠١٣

حسن روحاني، الرئيس الإيراني الجديد، مستمر يوزع هداياه، (تصريحاته الوردية). قال شعرا في السعودية، إنها بلد صديق وعزيز، وإنه ينوي التفاوض على المشروع النووي بما يطوي الخلاف مع القوى الغربية، وراغب في إصلاح ما أفسده سلفه الرئيس نجاد مع العالم، وتبرأ من نفيه المذبحة النازية لليهود، وهنأ الإسرائيليين بعامهم اليهودي الجديد! إيران الروحانية ربما مجرد حلم شاعري في رأس الرئيس الجديد، أو أنها مشروع دعائي خبيث هدفه تمكين إيران من إنجاز ما تبقى من ملفاتها وبسببها أصبحت محاصرة، يريد رفع العقوبات الاقتصادية، وفك الحصار عن حلفائه مثل الأسد السوري وحزب الله وحماس. سبق لمحمد خاتمي، الذي رأس إيران، أن وعد بإصلاح ما أفسده أربعة رؤساء حكموا الجمهورية الإسلامية، عاشت خلالها توترا مع جيرانها والغرب. أدبيات خاتمي الداعية للحوار والتصالح كانت معروفة قبل تقلده الرئاسة، وفي الأخير انتهت رئاسته بشكل مذل له وأتباعه، وتحولت إيران إلى دولة يحكمها الحرس الثوري الشرس مع القوى الدينية المتطرفة. تلاه أحمدي محمود نجاد الذي رفع لواء إيران القوية، ووسع نفوذ الحرس الثوري فتغلغل في العالم العربي وباكستان وأفغانستان. نجاد رفض الضغوط الدولية، وسرع في مشروع السلاح النووي، لكنه اختتم رئاسته وبلاده تنتج ثلث ما كانت تبيعه من بترول، وتناقصت مداخيلها، وحوصر نفوذها في اليمن ولبنان وسوريا وغزة والسودان. لا نستطيع أن نقول روحاني الذي يجلس…

فعليا.. نهاية بشار

الإثنين ١٦ سبتمبر ٢٠١٣

رغم الإحباطات، يلوح في آخر النفق اليوم ضوء يؤذن بقرب نهاية نظام الأسد. فقد سرَّعت جريمة الألف والأربعمائة سوري الذين قتلوا خنقا بالغاز في ضواحي العاصمة دمشق في أفول النظام. وما مشروع تجريده من سلاحه الاستراتيجي عمليا إلا تجريده من الحكم تحت عنوان أوسع اسمه الحل السلمي. ومنذ أسبوعين تقريبا والحديث يتردد همسا عن حل سلمي يقضي بخروج بشار الأسد في نهاية العام الحالي، أي قبل موعد الانتخابات بخمسة أشهر. إقصاء الأسد يقال إنه صدر عن الروس بعد جريمة الكيماوي التي دفعت بالأميركيين لأول مرة نحو التهديد باستخدام العصا الغليظة، العقوبة التأديبية، وبسببها توجد اليوم جبهة دولية مستعدة للمشاركة في أي حل عسكري. سوريا تتعقد، وكما يقال «اشتدي أزمة تنفرجي». نحن أمام اشتباك يزداد تعقيدا، السياسي مع الدبلوماسي المتعدد الأطراف والأدوار، الروسي مع الأميركي من جهة، والرئيس الأميركي مع الكونغرس من جهة أخرى، وهناك إشكالات الرأي العام في أوروبا، وبريطانيا تحديدا، الرافض لأي عمل عسكري. وهناك أيضا الضغوط العربية. فقد ولدت جبهة عربية ثلاثية فاعلة، من السعودية والإمارات والأردن، نشط مسؤولوها في رحلات مكوكية من موسكو إلى باريس ولندن. ولا ننسى أن أوباما النائم استيقظ، ووعد لأول مرة منذ توليه الرئاسة، باستخدام القوة. ثم فاجأتنا روسيا بعرضها أن يتخلى الأسد عن مخزونه الكيماوي الضخم، الذي كان ينكر وجوده أصلا. هذه…

هل هي الحرب العالمية الثالثة؟

الجمعة ٠٦ سبتمبر ٢٠١٣

نبهنا فيصل مقداد، الرجل الثاني في وزارة الخارجية السورية، إلى أن حكومته لن تسكت على هجوم أميركي عليها، ولو أدى ذلك إلى قيام حرب عالمية ثالثة! وسبق للإعلام الرسمي السوري ترويج مقولة أن الهجوم على نظام الأسد سيشعل حربا كونية. طبعا، هذا هراء، فلا إسقاط النظام السوري، ولا شن حرب غربية، ولا رد فعل حلفاء الأسد في أقصى حالاته، يمكن أن يشعل حربا تتجاوز سماء المنطقة. الأسد استطاع جر الإيرانيين، وحزب الله، والروس لمساندته بالمقاتلين والسلاح والوقود. وفي الخندق المضاد، جاء الدعم الخليجي والتركي المادي والعسكري. كما هبت جماعات متطرفة، رأت في الفراغ والدمار فرصة للتسلل وبناء خلاياها، لها مشروع ثالث مختلف عن الأسد، وعن الشعب السوري. هذا هو واقع سوريا اليوم، لكن لن تتحارب من أجله روسيا والولايات المتحدة، ولن ينجرف الغرب إلى أكثر من عمليات محدودة، وسيسعون جميعا لتطويق النار فلا يخرج رصاصها خارج الحدود السورية. الدول الكبرى، غالبا، تتحاشى المواجهة، فتتقاتل عبر وكلائها. وقد رسمت لنفسها قواعد اشتباك منذ زمن الحرب الباردة لا تتجاوزها، فلم يحدث أن تقابل مقاتلون روس ضد أميركيين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وحتى صدامها غير المباشر لا يكون إلا على مناطق النزاع الأكثر حيوية لمصالحها الكبرى، مثل ما دفع جورج بوش إلى المشاركة بمائة وعشرين ألف جندي لتحرير الكويت، بدأوا في الوصول…

تأديب الأسد قد يقضي عليه

الخميس ٢٩ أغسطس ٢٠١٣

بين تأديب النظام وتغييره الفارق كبير جدا، في لغة البيانات الصحافية، والإجراءات القانونية. ما سيحدث قريبا ضد نظام بشار الأسد لن يزيد على عملية محدودة. الهدف منها أن يعيد النظر في موقفه، ويمتنع عن استخدام الغازات والكيماوي من الأسلحة المحرمة دوليا. صحيح أن الضربة صفعة محدودة، إلى درجة لن تضطر الرئيس السوري بشار الأسد إلى تغيير غرفة نومه، لكن تداعياتها لاحقا خطيرة، ودلالاتها مهمة. هذا هو أول هجوم عسكري دولي ضد الأسد بعد سبعة وعشرين شهرا من الاقتتال. أهم دلالاتها موقف موسكو، فقد أعطى حليف الأسد الدولي إشارات غير مسبوقة بالموافقة ميدانيا على الهجوم، وإن لم يتخل عن لغته الدبلوماسية الناهية. موقف روسيا يشبه موقفها قبيل الغزو الأميركي للعراق في عام 2003. حينها اعترضت على الغزو لكن رفعت يدها، معلنة أنها لن تتدخل عسكريا لحماية صدام. الأمر نفسه مع سوريا، وهذا تطور ميداني مهم، لأن روسيا خلال العامين الماضيين دأبت على التهديد بأنها لن تقف متفرجة في حال ضرب حليفها السوري. إن كانت القراءة صحيحة للموقف الروسي، فإننا أمام تبدل مهم في الحرب السورية في أعقاب التقارب السعودي الأخير مع الروس. حيث نلاحظ أن الروس ينسحبون من سوريا بهدوء. أولا، بدأوا في تقليص عدد خبرائهم العسكريين، ومن ناحية ثانية يتجه الروس إلى التخلي عن سوريا كقاعدة بحرية لبوارجهم في البحر…

الخلاف السعودي ـ الأميركي حول مصر

الثلاثاء ٢٧ أغسطس ٢٠١٣

كلمة الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، قبل أسبوع كانت مثل حجر ألقي في مياه العلاقات مع واشنطن، التي تبدو راكدة.. فقد صرح بعيد نجاحه في إقناع الجانب الفرنسي بتأييد الوضع الجديد في مصر، قائلا إن «الدول العربية لن ترضى مهما كان بأن يتلاعب المجتمع الدولي بمصيرها أو أن يعبث بأمنها واستقرارها، وأتمنى من المجتمع الدولي أن يعي مضامين رسالة خادم الحرمين الشريفين بأن المملكة جادة ولن تتهاون في مساندة الشعب المصري لتحقيق أمنه واستقراره». المعني في تصريحه، من دون أن يسميها بالاسم، هي الولايات المتحدة والدول الغربية، التي ساندت الإخوان المسلمين في مصر، ضد التغيير بعد مظاهرات 30 يونيو (حزيران) الماضي. والإشارات تتكرر في تصريحه؛ «فمصر تعتبر أهم وأكبر دولة عربية ولا يمكن أن تقبل المملكة أن يرتهن مصيرها بناء على تقديرات خاطئة». بروس رايدلي، يشارك دينيس روس، كما أوضحت في مقالي أول من أمس، التحليل نفسه، أنه يوجد خلاف سعودي - أميركي حول التعاطي مع ما يحدث في المنطقة، مثل البحرين ومصر، ويتفقان على أنه مع هذا تبقى السعودية دولة مهمة للولايات المتحدة. ويذكرنا رايدلي بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما، رغم كل ما يجري، فإنه لم يأتِ على ذكر المملكة منتقدا، «مدركا المفارقة، وأهمية الشراكة مع مفتاح قلب العالم الإسلامي». رايدلي يرى الحل في مسارين؛ المتفق عليه مثل…

حزب الله من شبعا إلى طرابلس!

السبت ٢٤ أغسطس ٢٠١٣

قد لا يكون حزب الله من أطلق الصواريخ على اليرزة والقصر الجمهوري قبل شهر، أو من نفذ تفجيرات طرابلس، أو من أطلق الصواريخ على شمال إسرائيل، لكن الكثيرين يظنونه الفاعل. والادعاء بأن تنظيم زياد بن الجراح، المنسوب إلى «القاعدة»، هو ما قصف إسرائيل، أيضا غير قابل للتصديق، ليس لأن الإعلام المحسوب على حزب الله هو ما روج للرواية فقط، بل لأن الجنوب اللبناني منطقة مغلقة يحكمها الحزب بحواجز وأجهزة أمنية واستخباراتية تجعل من شبه المستحيل لغيره أن يستطيع اختراقه، والقيام بعملية عسكرية، ثم الهرب! إسرائيل، نفسها، ليست في حاجة لمتابعة الإعلام المحسوب على الحزب لتعرف الحقيقة، فهي منطقة تخترقها بالكامل، تحت السمع والبصر. أما انفجار طرابلس فقد كان منتظرا بعد انفجار الضاحية الثاني. وبالتالي حزب الله يرد بطريقته، قتل مدنيين مقابل قتل مدنيين، التي لن تؤدي سوى لتبرير قيام جماعات سنية متطرفة مسلحة موازية لحزب الله. واليوم يوجد جيش من الشباب المستعد للانخراط في مثل هذه الحرب الطائفية بكل أسف، بداية ضد حزب الله ردا على تورطه في الحرب السورية مساندا لنظام الأسد، ثم يصبح حزبا موازيا له. وخارج برنامج الاقتتال اليومي السياسي والعسكري الذي وضع حزب الله نفسه فيه، السؤال الأهم كيف سيخرج حزب الله من هذه الحفرة التي وضع نفسه فيها منذ التصاقه بنظامي الأسد وإيران. حاليا، الجناح…

الاضطرابات من سوريا إلى ليبيا

الأربعاء ٢١ أغسطس ٢٠١٣

حزامها يمتد من سوريا إلى ليبيا، وبينهما تونس ومصر واليمن والبحرين. ست دول عربية يلفها ربيع التغيير وينتظرها ظلام المستقبل. والربيع هنا ليس إيجابا أو سلبا، بل فصل مهم في تاريخ هذه الدول، ولا بد أن ينتقل إلى فصل آخر يليه. أقساها سوريا، وأكثرها إيلاما، أما البقية فتعيش حالة غليان يصعب معها أن نتنبأ كيف ستنتهي. خريطة الحدود والحكومات منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تغيرت في كثير من مناطق العالم، وخريطة العالم العربي رسمت ما قبل ذلك، منذ «سايكس بيكو». فكيف يمكن أن تنتهي عليه سوريا، بعد أن أثبت أهلها أنهم يزدادون إصرارا على التغيير من أي شعب عربي آخر، رغم ضخامة الثمن الذي يدفعونه وطول زمنه؟ وليس طول الحرب الأهلية أو قصره سببا في التقسيم، بخلاف ما يقوله البعض، فالصومال مزقت إلى ثلاث دول ثم التأمت في دولة واحدة، لأن المجتمع الدولي رفض الاعتراف بتقسيم أمراء الحرب هناك. أما سوريا، فلا تزال دولة واحدة يتصارع فيها الفرقاء على الحكم، لكن من يدري إن تعقدت الخلافات الخارجية عليها قد ترتضي القوى الكبرى أخيرا حلا تقسيميا، أو يصبح التوزيع طائفيا وعرقيا أمرا جغرافيا واقعا، هنا تنتهي سوريا إلى دويلات، كما آلت إليه يوغسلافيا. وكما دمر نظام بشار الأسد الشرير سوريا، فإن الجماعات الجهادية المتطرفة قد توحد السوريين لمحاربتها، وتنتهي الحرب بإقصاء…

والآن حزب الله يهدد الرئيس اللبناني!

الأحد ٠٤ أغسطس ٢٠١٣

لم تعد هناك خطوط حمراء، ولا حد أدنى من البلطجة التي يمكن أن تحتمل. بدأها عام 2005 بقتله رفيق الحريري، ولن يختمها ضد رئيس الجمهورية اللبنانية اليوم. لقد تغيرت صورة حزب الله في العالم العربي، وفي لبنان أيضا. كذب على العالم أنه حزب مقاومة ليصبح اليوم ميليشيا بلطجة. لا ننسى أنه قبل ثمان سنوات عجز كثيرون عن تصديق أن حزب الله شارك في اغتيال عشرين شخصية لبنانية، كجزء من وظيفته ميليشيا للنظامين السوري والإيراني. ولم يصدق البعض تورط الحزب في القتال في سوريا قبل أن يعترف نصر الله بلسانه، أنه أرسل آلافا من شبابه للموت دفاعا عن مقامات الرئيس السوري بشار الأسد. ثم أكمل نشاطه بجرائم خطف وعنف ضد سوريين ولبنانيين داخل لبنان. الآن، وبسبب صفحته السيئة، لم يعد أحد يشكك في أنه من أطلق الصواريخ التي قصفت محيط مقر رئيس الجمهورية. أصبح الحزب المدجج بالسلاح مشكلة كل اللبنانيين، لا فريق 14 آذار، أو السنة، أو نصف المسيحيين، أو بعض الشيعة. وبدل أن يرد على خطاب رئيس الجمهورية، ميشال سليمان، بخطاب مثله، قصف قصره بالصواريخ، لأنه تحدث عن الخطايا الثلاث التي يمارسها الحزب، خرق الدستور وازدواجية السلاح والتورط في الحرب السورية. الرئيس سليمان في خطابه أحرج حزب الله عندما كاشف الشعب اللبناني أن ممارساته بلغت حدا لا يمكن السكوت عليه.…