الإثنين ١٥ أكتوبر ٢٠١٢
عندما أسمع تعليقات كبار قادة المنشقين السوريين، خاصة العسكر، أشعر بأنني أمام تلاميذ يرددون نفس خطاب النظام الذي انشقوا عليه. أحد العمداء يشجب التخاذل الدولي في حق الثورة السورية، قائلا إنهم يتركون سوريا تغرق من أجل تعميم الفوضى بغرض السيطرة على منابع النفط! عادة هذه مقولة النظام السوري الذي يريد تبرير جرائمه، ويقول إنهم في الغرب وراء الحرب الإرهابية لإغراق سوريا في الفوضى للسيطرة على مناطق النفط! المحفوظات الكلامية تردد عادة من دون تفكير، ويتم إلصاقها بكل موقف وفريق. هل الثوار هم لعبة غربية، أم نظام الأسد، أم الفريقان؟! في العراق البعثي كانوا يرددون الخطاب نفسه. إعلام صدام حسين كان يتهم المعارضة بأنها أداة غربية، وكانت المعارضة تتهمه بتنفيذ مخططات الغرب! الحقيقة لا الغرب ولا النفط له علاقة بما يحدث سلبا في سوريا إلا بما يمكن لكل فريق خارجي، عربيا كان أو إيرانيا أو غربيا، أن يساند الفريق الذي يلتقي معه سياسيا. بل العكس، ربما الخوف على النفط هو ما يدفع دولا في العالم للحفاظ على استقرار سوريا لاحقا، خشية أن تمتد النار إلى ما وراء الحدود. أما الحرب اليوم فهي معركة متأخرة ضد نظام قمعي ثار الشعب السوري ضده، وليست حربا بالوكالة. النفط سلعة استراتيجية كل دول العالم تريد حمايتها كي لا تقع في أيدي عدو أو تصبح رهينة…
الأربعاء ١٠ أكتوبر ٢٠١٢
التوظيف والبطالة يظل الموضوع الأول تقريبا في كل دول العالم، هم الحكومات، ومقياس نجاحها وفشلها. وإلى قبل سنوات قليلة لم تكن الوظيفة قضية في دول مثل السعودية، أما اليوم فهي الموضوع الأول والأكثر تفجرا. ولأن الحكومة هي الحاضن الأكبر تصبح المسؤولة الأولى كذلك عن الحل عن المشكلة. وقد يبدو غريبا عندما لا يجد آلاف الشباب وظائف في بلد هو الأول في صادرات النفط في العالم، لكن هذه هي الحقيقة الموجعة اليوم وهي المشكلة الأخطر غدا. والمشكلة مردها أسباب عدة، أولها سوء التعليم بمخرجاته التي لا تؤهل الشباب للعمل الميداني، وثانيها تزايد السكان بشكل هائل جدا، حتى إن نحو ستين في المائة منهم تحت سن الثلاثين. والثالث سوء الإدارة الحكومية لمقدراته وسوء تخطيطها المستقبلي. وهذا سهل إثباته حيث يوجد فيه نحو ستة ملايين عامل أجنبي وعشرات الآلاف من مواطنيه بلا وظائف! ومع أن النقاش حول هذا الموضوع متشعب ومعقد ولا يكفي فيه إطلاق التهم والحلول السهلة، لكن يمكن بسهولة أن تتدحرج المشكلة بضخامة وسرعة أكبر من قدرات وسرعة حركة الحكومة، وستجد نفسها غدا في مأزق خطير. ما الذي يمكن أن يعمله المواطن الخليجي في دولة يعتقد أهلها أنها غنية، طبعا كلمة «غنية» مسألة نسبية لأن بقالات «وول مارت» الأميركية لوحدها، مداخيلها ضعف مداخيل السعودية. أيضا، يمكن أن نقول على الجانب الآخر،…
الثلاثاء ٠٩ أكتوبر ٢٠١٢
أيعقل أن سيدة أنيقة ومثقفة، مثل بثينة شعبان، مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد، تتورط في جرائم قذرة؟ تقول التقارير الصحافية إن صوتها ورد ضمن تسجيلات هاتفية للوزير اللبناني السابق ميشال سماحة الموقوف في مؤامرة خطيرة. وفيه اتهام مبطن بأنها، أيضا، قد تكون متورطة في مخطط اغتيال شخصيات دينية ومدنية في لبنان. توجد تسجيلات، يقال: إنها كنز معلوماتي كبير، عثر عليها في بيت الموقوف سماحة، الذي يروى أنه اعتاد على تسجيل كل ما يدور معه ومع من حوله، حتى ورط نفسه وآخرين في القضية. كما فعل الرئيس الأميركي المعزول، ريتشارد نيكسون، الذي أدخل فكرة تسجيل كل ما يدور معه في البيت الأبيض فأصبحت التسجيلات الحبل الذي شنق به نفسه، حيث أثبتت تورطه في فضيحة ووتر غيت. لم توجد وسيلة للاتصال بها، وأصدقاؤها المشتركون يقولون: إنها لا ترد عليهم، أيضا. نقل على لسانها - ردا على التهم الخطيرة ضدها - قولها إنها «نوع من المهاترات والسجالات السياسية المتعارف عليها هناك (في لبنان)، التي لا تستحق الرد أو التعليق». هي مخطئة، فكل شيء في هذه القضية المهمة جدا يستحق الرد والتعليق، والاتهامات لا تعني تورطها. نحن نعرف بثينة من وظيفتها، فهي مسؤولة إعلامية في بلاط الرئيسين الأسد، الراحل والابن الآن. وبالتالي أستبعد أن طبيعة مهامها تخولها لمثل هذه النشاطات، خاصة أن في نظام…
الأحد ٠٧ أكتوبر ٢٠١٢
لا أدري إلى أي مدى يفهم المسؤولون الأتراك حجم الضرر الذي أصابهم في العالم العربي من وراء سوريا، القضية والمواقف، إضافة إلى ما سبقها. لكنني واثق بأنهم أقدر من غيرهم على حساب مصالحهم، ويعرفون أن لهم دورا مهما يلعبونه لم يفعلوه بعد، ونحن لا نفهم لماذا؟ وقصة تركيا سبقت الحدث السوري بسنوات، خاصة باهتمام رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بالعالم العربي واستعداده للمشاركة الإيجابية فيه. بدأها أولا من الباب الخاطئ عندما قبل بمساندة سوريا الأسد في معاركها الخارجية، وكذلك ساند، بحماس، إيران في ملفها النووي. مواقف صححها لاحقا عندما اتضحت له الحقيقة. وأردوغان صاحب شخصية قيادية جذابة، دخل القلوب العربية المحبطة، أولا من حادثة ندوة متلفزة في مؤتمر دافوس، قبل ثلاث سنوات، عندما رد الصاع صاعين للرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس. كال أردوغان هجوما على بيريس وسياسة إسرائيل الاحتلالية، ثم رمى الميكرفون وغادر المكان غاضبا من أجل قضية عربية. وتلاها موقف تركيا بإرسال سفن لفك الحصار عن غزة مع ناشطين أوروبيين، وعندما هاجمتها قوات إسرائيلية في المياه الدولية، هدد أردوغان وتعهد بأن يدفع الإسرائيليون ثمن الهجوم على سفن تركية وقتل مواطنين أتراك، غاليا. بعدها، رفعت صوره في المظاهرات العربية وأصبح نجما من نجوم العرب. الخطأ الأردوغاني أنه رفع توقعات العرب، لكن لا شيء مهما فعله، باستثناء وقف المناورات العسكرية المشتركة مع…
الجمعة ٠٥ أكتوبر ٢٠١٢
آه، ليس هناك أسوأ من شتيمة الأزواج المطلقين، يعرفون تفاصيل بعضهم وفضائح سنوات «العشرة» الطويلة، ولا يستطيع أحد خارج البيت أن ينفيها أو يؤكدها، بل لا أحد يريد التدخل فيها. النظام السوري شريك شرير، ليس مثل الأردني يمكن طلاقه بإحسان، ولا مثل السلطة الفلسطينية. خالد مشعل طليق سوريا هو رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يعني رئيس الحركة. عاش في كنف دمشق أكثر من عشر سنوات وهنا تعيره دمشق الأسد بأنه ناكر للجميل لأنه انتقد جرائمها في مؤتمر الحزب الحاكم في تركيا. مشعل معروف بأنه ناكر للمعروف، في معظم سني عمله، لكنه هذه المرة محق في موقفه ضد النظام السوري بعد الجرائم المروعة التي يرتكبها منذ أكثر من عام. المضحك جدا أن سوريا وصفت بـ«الطبالة» الثلاثي مشعل، والرئيسي المصري محمد مرسي، ورئيس وزراء تركيا أردوغان، وكل الثلاثة كانوا حلفاء دمشق المخلصين قبل الثورة. في السياسة يلتقي الساسة ويختلفون، الفارق أن نظاما بشعا مثل الأسد لا يطيق أن يخالفه أحد ممن يعتبر أن له فضلا عليهم، أو شاركوه حقبة من تاريخه. إن كان هناك فضل على مشعل فهو للأردنيين الذين هبوا لإنقاذ حياته دون مقابل، عندما قام عملاء الموساد بحقنه بسم كاد أن يموت بسببه، لولا أن الملك استنجد بالرئيس الأميركي حينها بيل كلينتون وطلب التدخل، وبعدها أرغمت إسرائيل تقديم الترياق وشفي…
الخميس ٢٧ سبتمبر ٢٠١٢
يروي الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني في مذكراته: «قال لي خامنئي إن مبعوث القذافي جاء لزيارته في طهران، وقدم اقتراحا من القذافي يقتضي أن توقف إيران (الحرب مع صدام) العراق، وتهاجم بعد ذلك السعودية.. ولكن رفضنا هذا الطلب». هذا ما عالجه الزميل الأستاذ عادل الطريفي في مقاله أمس متحدثا عن أمن الخليج. روايات رفسنجاني تعبر عن أزمة القيادة في المنطقة فكرا وعملا.. عندما تجتمع على كأس شاي تتحدث في كيف تدمر ناقلات نفط الكويت، أو تفتح جبهة حرب مع السعودية، أو تخرب موسم الحج.. وإسقاط طائرات. دول تدار بزعماء طموحاتهم ليست بناء مدارس أو مصانع؛ بل تخريب مصانع غيرهم. ومن زار ليبيا، خلال وبعد سقوط معمر القذافي، صدم من حجم التخلف الذي عاشته هذه الدولة الغنية بمواردها النفطية. والذي يزور طهران يرى بأم عينيه كيف تحولت عاصمة الشرق الأوسط الأولى في زمن الشاه إلى أطلال مدينة تكتظ بالمعدمين الذين فرضت عليهم الدولة الجوع في سبيل إنجاز مشروعها العسكري. صدام والقذافي والأسد وخامنئي بددوا مقدرات بلدانهم على مفهوم أن الدولة القوية هي الدولة الناجحة، غير مدركين أن الدولة الناجحة تصبح لاحقا دولة قوية. ولأن منطقتنا في حال انتقال حتى قبل ثورة تونس، فإنه من المبكر أن نقول في أي اتجاه تسير، هل تتغير الوجوه؟ أم العقول أيضا؟ تبدو التغييرات مهمة وإيجابية…
الأربعاء ٢٦ سبتمبر ٢٠١٢
كان لافتا تحاشي الأردنيين التورط في الأزمة السورية لعام ونصف العام تقريبا، إنما إلى ما قبل بضعة أسابيع تشير كل الدلائل إلى أن الأردن يأخذ دورا مهما في ثورة الجار الشمالي، ربما يفوق الدور التركي الخجول. ولا يفوتنا إدراك مخاوف الأردنيين من الغرق في الرمال السورية. فهم يخشون أن تطول الأزمة فترهقهم تكاليفها وتبعاتها وهم دولة بلا موارد كبيرة. كذلك، يخافون من تجرؤ النظام السوري، الذي لا يخشى عواقب أفعاله، على أن يفاجئهم صباح يوم بقواته، عابرا الحدود، وينقل المعركة على ترابهم، أو يحرك خلاياه النائمة بالتعاون مع حليفه الإيراني فيحدث اضطرابات كبيرة في المملكة. والأردنيون مسكونون بهاجس أخطر، وهو أن إسرائيل ستجد في أي فوضى، نتيجة الأزمة السورية، ذريعة لتحويل «شرق الأردن» إلى فلسطين بديلة، يحكمها فلسطينيون وتصبح بديلا عن الضفة الغربية وغزة. والفوضى قد تكون الفرصة الذهبية لليمين الإسرائيلي المتطرف. ورغم وجاهة هذه المحاذير، يعلم الأردنيون قدرهم جغرافيا، وهو النوم بجوار دول خطرة، من إسرائيل، ونظام بعث سوريا، ونظام بعث العراق من قبل والآن نظام المالكي العراقي الذي لا يقل عن سابقه. وفي مثل هذا الحي من الأشقياء، لا مناص للأردن ألا ينام بعين واحدة خوفا وحذرا، ومن جانب آخر يبقى بعقل يقظ مفتوح على كل الفرص بإمكاناته المحدودة. ولأن ثورة سوريا وتفاقم عذاب أهلها طال أمدهما، لم…
الثلاثاء ٢٥ سبتمبر ٢٠١٢
الصيدلانية بشرى حافظ الأسد، وظيفيا لم تعرف إلا باثنتين، كانت بنت الرئيس الراحل حافظ، وأخت الرئيس الحالي بشار. كانت تلك شهرتها، والآن شهرتها أنها صارت خارج سوريا، بعيدا عن سلطة أخيها وشبيحته وخارج حدوده. بشرى في دبي، موناكو الشرق وسويسرا العرب، على نفس الرصيف الذي يعج بالكارهين لنظام أخيها، رافعي الأكف الداعين لإسقاطه. دبي الواحة الوحيدة في المنطقة التي يلجأ إليها الجميع، الفارون من الثورات، والقانعون بالتقاعد مع الحالمين بالملايين، مع الفارين اجتماعيا من الباحثين عن مطعم بيتزا أو سينما مع عائلاتهم. لكل قصته في هذه المدينة، لكن لبشرى قصة مختلفة. هل نسميها هاربة من الجحيم، منشقة على نظام مجنون، متمردة عائليا، أم أرملة محطمة مع أولادها الخمسة، أو أنها سيدة في إجازة مثل مئات الآلاف الذين هبطوا على دبي هذين الأسبوعين؟ طبعا لا تستطيع أن تقول إن خروج الأخت الوحيدة، للرئيس بشار، هتلر العرب، من بلدها في محنة حرب حقيقية مجرد نزهة، أو شجار عائلي. بل هو عمل سياسي حتى لو اكتفت بشرب قهوة في أحد مقاهي ممشى الـ«جي بي آر»، وهذا اسم الحي وليس أحد أسماء الأسلحة الروسية. كنا ندري عن الأخت عندما فرت مرة من قبل، قبل ثلاث سنوات، إلى دبي أيضا، ثارت على أخيها قبل ثورة درعا ودمشق بنحو عام. وعرفت بأنها صلبة الرأس، تمردت على…
الأحد ٢٣ سبتمبر ٢٠١٢
أكثر من يتهم بكل عمل قبيح هم السلفيون، حتى قبل أن تطلق رصاصة واحدة من المعارضة السورية نسب إليهم الرئيس السوري جرائم جنوده البشعة من ذبح وتدمير، وقال إنها من أفعال السلفيين المحسوبين على السعودية والغرب! وقبيل سقوط مبارك كانت أصوات الثوار الشباب في مصر تتهم السلفيين بأنهم من يدعم مبارك والغرب، ثم صاروا الأكثر ثورية وتقدموا الصفوف بالهجوم على السفارة الأميركية. وفي تونس تجرأ راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة الإسلامي الحاكم، وانتقد السلفيين، بعد أن كان يمتدحهم، والآن يطالب بمواجهتهم بالقوة، إضافة إلى أن قوات أمن الرئيس المخلوع بن علي التي صارت قوات حزب النهضة الإسلامي الحاكم، تلاحقهم الآن وقد حاصرت مسجدهم ومقرهم وقياداتهم بتهمة أنهم هم من هاجم محيط السفارة والمدرستين الأميركيتين. وفي ليبيا المصيبة أعظم، حيث تم طرد السلفيين من مدينة بنغازي وأحرق مقرهم السياسي واتهموا بالهجوم على القنصلية الأميركية وقتل السفير. طبعا، هناك أحداث عديدة أخرى لا تقل خطورة، مثل هجوم جماعات سلفية جهادية على القوات المصرية في سيناء، واختراق الحدود مع إسرائيل وقتل جندي.. فهل السلفيون فعلا الأشرار والإخوان المسلمون هم الأخيار؟ قبل ذلك من هم السلفيون؟ في رأيي أن المصطلحات والمسميات لم تعد فعلا تعبر عن حقيقة الأشياء. السلفيون هم المرحلة الأولى من الإخوان، وليسوا السلفية التقليدية القديمة التي عرفت بتشددها فقط في القضايا…
السبت ٢٢ سبتمبر ٢٠١٢
كيف عادت قوات الأسد إلى الوقوف على قدميها بعد أن فقدت سيطرتها على معظم الأراضي السورية، وبعد أن دخل الثوار العاصمة دمشق؟ السر في العراق الذي لعب دور الممول المالي والنفطي والمعبر البري. وبعد أن تمكن الثوار السوريون من إغلاق المنفذ الحدودي البوكمال مع العراق بعد استيلائهم عليه، قطعوا الحبل السري وتوقف طابور الشاحنات. إنما فتح العراق أجواءه للطائرات الإيرانية، فأقامت إيران بالتعاون مع المالكي أسطولا جويا أعاد الحياة لقوات الأسد. إذن العراق يلعب دورا مهما في الحرب ضد الشعب السوري، هذا ما تؤكده المعلومات التفصيلية المدعومة برصد الاتصالات العراقية مع الطائرات العابرة، والمدعومة بمعلومات عن الاتفاقيات الثلاثية بين إيران وسوريا والعراق. بهذا أصبح المشهد السياسي واضحا في انقساماته؛ دول في صف الشعب السوري الثائر، مثل السعودية وقطر والإمارات والأردن وتركيا، ودول مع نظام بشار الأسد، مثل حكومات إيران والعراق، وبدرجة أقل السودان والجزائر. لكن لماذا يلعب العراق دورا بالغ الخطورة مع جارة نظامها يتهاوى وسيسقط؟ ربما بسبب الضغوط الإيرانية عليه أو رغبة قيادته السياسية، وتحديدا رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي وصل لمنصبه بفضل إيران التي ضغطت على بقية الأحزاب الشيعية التي كانت ترفض توزيره واضطرت لإعطائه أصواتها. ومن الطبيعي أن تؤول الأمور إلى ما هي عليه اليوم، أي أن يسدد المالكي فواتيره للنظام الإيراني الحليف، على الرغم مما قد…
الخميس ٢٠ سبتمبر ٢٠١٢
نشرت مجلة «تايم» تقريرا مطولا يبشر بنهاية تنظيم القاعدة، بني على جملة أحداث مهمة، من قتل رئيسها أسامة بن لادن إلى دحر مجموعات كبيرة للتنظيم في اليمن. التحقيق دقيق في سرد الإخفاقات الكبيرة لـ«القاعدة»، إلا أنني أختلف معه في الاستنتاج النهائي، وهو «نهاية القاعدة». أعتقد أن الواقع الجديد يقول عكس ذلك تماما، فنحن أمام صعود مخيف للتنظيم في كثير من المناطق في العالم. «القاعدة» ليست حية تتنفس فقط، بل تزداد قوة وقدرة على التجنيد، والانتشار، ونجحت في بناء تحالفات واندماجات في مناطق عديدة. ولا نغفل أن بروز الخطاب الإسلامي السياسي، بفضل الربيع العربي، أعطى الجهاديين حماسا لنشر أفكارهم، وتوسيع نشاطهم، واستغلوا إضعاف المؤسسات الدينية الرسمية والأمنية والدعائية، التي كانت تنشط ضد الفكر الإرهابي في مصر وتونس وليبيا، وشجعوا الجماعات المتطرفة في بقية الدول على رفع صوتها ونشاطها. ولا أدعي هنا أن الحكومات الإسلامية في هذه الدول الثلاث وراء عودة «القاعدة»، بل العكس تماما، هي ضحيتها. المفارقة أن الجماعات الجهادية، سواء كانت مرتبطة بـ«القاعدة» أو منسجمة معها في خطها السياسي، انقلبت وصارت تقاتل الأنظمة «الإسلامية» الجديدة. فموقع «المجاهدون في مصر»، الذي يتحدث باسمهم، أعلن أنه يرفض النظام الجديد، وأنه «لا تجوز ولاية الدكتور محمد مرسي»، وأن ولايته باطلة. حكومة مرسي ارتكبت خطأ كبيرا عندما تعجلت بالإفراج عن مدانين إرهابيين، والعفو عن…
الأربعاء ١٩ سبتمبر ٢٠١٢
منذ أن اقترح الرئيس المصري محمد مرسي لجنة رباعية لحل الأزمة السورية وأعطى الإيرانيين مقعدا فيها أثار تساؤلا بأنها خطوة جيدة لتفعيل دور مصر النائم، لكن لماذا إيران؟ أخيرا، عقدت الثلاثية بحضور مصر وتركيا وإيران، وتغيبت السعودية بحجة أنها مشغولة. طبعا حجة غير مقنعة، والأرجح أنها تعمدت الابتعاد عن مشاركة إيران في القرار السوري لأنه سيعطي لاحقا النظام في طهران صكا يخولها طرفا في كل القرارات التي قد تتخذ إقليميا حيال سوريا. ربما تريد حكومة مرسي أن تدشن عهدها بعيدا عن مفاهيم السياسة الخارجية في عهد مبارك، وهذا من حقها لولا أن هذا الموضوع تحديدا يضر بسوريا، وسيضر بالمصالح المصرية العليا. إيران صريحة جدا في موقفها بإنقاذ نظام بشار الأسد، وقد دفعت الغالي والنفيس من أجل إبقائه واقفا على قدميه حتى الآن، منذ قيام الثورة في العام الماضي. وإيران كذلك مسؤولة مسؤولية مباشرة عن جرائمه التي أتت على عشرات الآلاف من الأبرياء في أبشع مجازر عرفتها المنطقة، ولا يزال القتل مستمرا. ومن الأكيد أن النظام الإيراني سيقوم بحرف اللجنة نحو تعطيل أي حل حقيقي، وستكون تبعات ذلك على سمعة حكومة مرسي غالية. يستحيل أن تكون إيران طرفا إيجابيا في إقصاء الأسد عن الحكم وإنهاء الأزمة، وكل ما تقوله عن حل سلمي يعني شيئا واحدا هو الإبقاء على نظام الأسد. وبسبب…