علي أبوالريش
علي أبوالريش
روائي وشاعر وإعلامي إماراتي

الحضور القوي

السبت ٠٢ مارس ٢٠٢٤

للإمارات في العالم حضورٌ كأنه لمسة النجم على جبين الوجود، كأنه وعي العبقرية بأهمية الحياة، كأنه تشابك العناقيد في القمم الشم. هذه السمات وهذه الخصال وهذه السجايا لم تبرز من فراغ، وإنما هي نتيجة تلقائية للجهود التي تبذلها القيادة من أجل فتح النوافذ على الأفق والإطلالة على العالم، والنظر إلى شكل الكرة الأرضية وهي تستدير على البشرية، كأنها الذراع المومي، وتلثم خد الأبناء بحرارة فطرية، وهكذا تمضي الإمارات بخيالها الواسع وقدرتها الفائقة على التصوير وسبك خيوط الحلم من ذهب الفكرة العبقرية. هكذا تفكر القيادة لأجل ترسيخ مكانة الدولة في المخيلة الكونية وتثبيت علاماتها البارزة عند كل مشهد من مشاهد البوح العالمي. اليوم تبدو الإمارات في العالم قارة تضم مشاعر الناس أجمعين وتحيط بمعضلات عصرهم وما تعرقل من خطواتهم وهم في الطريق إلى المستقبل. اليوم الإمارات تقوم بدور الدوزنة وتشذيب الشجرة من الأوراق الصفراء وتهذيب خلق الحضارة الذي اعترته قشعريرة التهور، ولأن الإمارات ترتكز على مثل البناة المؤسسين فهي قادرة على تقديم النموذج في الحضور السامي، قادرة على القيام بدور قيادي يحترم علاقاته مع الآخر ومن دون إفراط ولا تفريط. عندما نقرأ الحركة الدبلوماسية الإماراتية نشعر بالفخر والاعتزاز بأن لدينا قيادة شابة واعية تدير حركة الدورة الدموية في جسد السياسة بإتقان واتزان وأمان مما يجعل العالم يتوافد إلى بلادنا بشغف الذين…

التطوع سمة الأوفياء

الخميس ٢٩ فبراير ٢٠٢٤

لسنا أفراداً متطوعين، بل نحن دولة متطوعة، فالتطوع سمة الأوفياء، التطوع لغة العفوية، فطرة الجداول، وهي تمارس وعي العطاء من دون قوانين رسمية، فطرة الوردة وهي تقف عند عتبة باب منزل، وتهدي الشذا طواعية ومن دون مقدمات ولا نظريات ولا قوانين وضعية. اليوم نرى التطوع في الإمارات قانوناً عفوياً فطرياً تسنه روح الناس النجباء، وتضع قوانينه قيم توارثها الأبناء عن الآباء، وهكذا تسير القافلة باتجاه التضحيات، موسومة بأعراف وتقاليد وعادات رسمت ملامحها على الوجوه، ووضعت بصمة حب الآخر على صفحات القلوب. الإمارات اليوم تبدو في المشهد الإنساني دولة العطاء من غير حدود، ولا تضاريس مجزأة؛ لأن الوعي الرسمي والشعبي يسيران باتجاه واحد، هو قرص الشمس الذي يدلي بخيوط الحرير نحو الأرض، وهي الطبيعة وجبلة المخلوقات التي تنمو فيها وشائج الحب، وتترعرع عناقيد الشفافية، وتبزغ المسؤولية الوجودية في النفوس كأنها الفجر يشعشع نوره في الأفق ليهدي الناس وضوح الرؤية، ويمنحهم القدرة الفائقة لمشاهدة صفحات الكون جلية خالية من الخدوش. الإمارات اليوم تقف على المنصات العالمية، تقدم الدروس في العطاء، والعبر في التطوع، ونرى هذا الترياق مرسوماً على جباه الأبناء، نراه يوشح الوجوه بابتسامة رضا، والأيدي تمتد بسخاء. عشنا هذه اللحظات في زمن كورونا، ورأينا كيف كان التطوع يسير قوافله الفذة تحت سقوف تلك الخيام الشاسعة، وكيف كان المتطوعون من أبناء الوطن…

Cop28 إلهام ونجاح

الثلاثاء ٢٧ فبراير ٢٠٢٤

في لمحة ود مع الحياة، في مهمة وطنية وإنسانية، استطاعت الإمارات أن تضع الحروف على جمل المعرفة، وأن تسدد الخطى، بوثبات الجياد الأصيلة، وأن تحقق التميز، بكل فخر واعتزاز، وكان لثقة العالم وإيمانه بأن الإمارات أرض التفرد، والاستثنائية، والرقم الأول، هذا الإدراك. بدوره خلق ذلك التواصل الممتد من رحلة أولى إلى النجاح وهي الجوهر، والمحور، نجاح مشروعنا الاتحادي الذي صنع المجد لدولة وإنسان، ثم أتت سائر النجاحات، والوثبات المذهلة، أتت تحمل في طياتها بشائر الخير للعالم أجمع، ولتؤكد بأن الحياة بخير. رغم الزلازل والمحن، إلا أن الرجال الأوفياء، استطاعوا أن يحولوا ظلال الليل الدامس، إلى شروق ناصع، يملأ القلوب، كما يوشح الصحراء بأقمار، وأثمار عطاء. اليوم والمسؤولون الذين أنيطت بهم مسؤولية إقامة، ومتابعة مؤتمر cop28، يتأملون المشهد، والفرحة تعم قلوبهم، لأنه الحصاد الطيب، وأنه الجهد الذي لاقى الرضا والقناعة من القيادة الرشيدة، ممثلة بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وهو الملهم، في إبداع المشاريع المدهشة، هو المنعم على فرق العمل بكل ما تحتاجه المشاريع العملاقة، وهذه سجية هذا الوطن، وهذه ثيمة أفكار القيادة، بأنه ما من نجاح إلا ويسبقه تضحيات، وتصاحبه جهود مضنية، وتتلوه طموحات تتجاوز ما قبل، ليأتي الـ(بعد) بأنصع الإبداعات، وأروعها، وأبدعها، وأذرعها، وأكثرها مهارة وجودة في البذل والعطاء. مؤتمر cop28 وضع…

إشادة من قلب كبير

السبت ١٧ فبراير ٢٠٢٤

هي إشادة، وهي شهادة، وهي النعيم الذي تعيشه قيادة الإمارات وشعبها، وهي الأرض الطيبة، هي قيمة وشيمة أهل هذا البلد وقيادته التي تسير بالوطن نحو غايات مكانها سقف السماء ومحيطها الكواكب والنجوم. صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وضع الكلمات عند شغاف الحقيقة، حين أبدى فرحته واعتزازه بما جادت به قريحة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، حيث أصبحت اليوم حكومة الإمارات تقود مسيرة العالم، وتتسع الحدقة وتكبر دائرة التطلعات، وتضاء الأمنيات بقناديل الثقة والثبات وقوة العزيمة وصلابة الإرادة، بفضل الجهود التي يبذلها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وفريق العمل المنتقى، والمنتخب من لدن فارس يعرف كيف تصطاد نجمة الفوز، وشاعر له في بناء الوطن كما له في بناء القصيدة، بحيث لا فسحة من دون الشاعرية التي تملأ قلب القائد، وتسبح مشاعره بعقد من ود وحب للحياة، وما الحياة إلا ثمرة ذلك الحب، ومن لا يكشف عن نفسه في وضح القصيدة وعلى صهوة الخيل المسومة، فلن يستطيع أن يحب، ومن لا يحب لا يمكنه بناء العلاقة الودية مع النفس أولاً، ثم مع الآخر. لهذا السبب نرى كيف استطاع هذا الفارس وهذا الشاعر أن يسدد رمية الفوز بالمجد، وأن يضع لحكومة الإمارات…

العالم يحضر هنا (2)

الثلاثاء ١٣ فبراير ٢٠٢٤

اليوم ونحن نشهد حروباً تطحن آمالاً وتدحض أمنيات وتجرد الحياة من كل معانيها اليوم نرى بأم أعيننا ما يحدث لأطفال العالم وقد حرموا من أبسط أشكال الحياة، حرموا من دفاتر الدرس ومن حصص اللعب، ومن شطيرة الصباح، ومن ابتسامة اللقاء الأول مع رفاق الدرس. اليوم نشهد على شاشات التلفزة ما يحدث في هذا العالم من جرائم يند لها الجبين والسبب أتفه ما يكون فقط لأن القوي يريد أن يبسط نفوذه على الضعيف ونسي الجميع بأن في الحروب لا أحد منتصراً، فالجميع مهزوم.. مهزوم لأن من يهزم الضعيف هو يبتر عضواً في الجسد الإنساني ومن يكسر الضعيف هو يكسر غصناً في الشجرة البشرية. الإمارات تتطلع اليوم إلى مرحلة جديدة من عمر البشرية مرحلة تضاء فيها مصابيح التطور وترتقي الحكومات بشعوبها نحو غايات هدفها اللحاق بركب الحضارة والذي يتطلب تغليب العقل دائماً في كل خطوة وكل فكرة وكل نبرة وكل مشروع، فالحضارات لا تزدهر بالصراع بين البشر، بل تزهو وتعمر وتكبر بالوصول إلى مراحل متقدمة من الوعي بأهمية أن نتعاون، وأن تتضافر الجهود من أجل حماية كوكبنا ودفع العجلة الحضارية إلى مستويات ترقى بالعمل الجماعي، والاتفاق على قواسم مشتركة. أهداف تخدم الجميع من دون إخلال بالميزان ومن دون ازدواجية في المعايير. هذا ما تسعى إليه الإمارات، وهذا ما ترمي إليه القيادة الرشيدة…

صناع الأمل

الأحد ٠٤ فبراير ٢٠٢٤

برؤية ثاقبة وحلم يطال عنان السماء، وشفة الغيم بوعي أوسع من المحيط، بطموح أبعد من المدى تقف الإمارات في الخامس والعشرين من فبراير إجلالاً وتقديراً لرجال ونساء نقشوا وظللوا الأرض برموش كحلها الأمل، صنعوا للإنسان مجده ووده وسعده وسده ووعده وعهده، ووضعوا على صدر الدنى أيقونة العيش بلا تعب ولا سغب، كل ذلك يحدث برعاية سامية من فارس الكلمة ومحرض الجياد على الفوز بالكلمة الفصل ساعات النزال في ميادين الحياة، وها هي الثمرات تنضج والأشجار تسمق والأغصان تعلو جذلانة بالرعاية الكريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، وتسمو المعاني بين طيات قصيدة الأشواق اليانعة، وترتفع هامات الخيل ويعلو صوت الذين لا صوت لهم إلا بين أحضان دولة علمت العالم كيف يكون المجد مؤزراً بالأحلام الزاهية عندما يكون بين أيد أمينة. في كنف عشاق عرفوا كيف يكون للسلام النفسي مكانة ورزانة عندما يحضر الوعي، وعندما يسود الجمال في النفوس وتخضر الأرض بعذب العلاقة بين الإنسان وطموحاته وبين الطموحات والقدرات المرعبة من لدن شيم الكرماء وقيم النجباء. تكريم صناع الأمل هو تكريم للحياة هو تقييم لملكات ظلت مختبئة في معطف اليأس حتى بزغ نجم الأيدي السخية فطلع الفجر وتشقشق شعاع الشمس، واحتفت الدنيا بنور النهار مكسواً بفضاء إماراتي لا تغشيه غاشية،…

ليس للإرهاب دين (2)

الأربعاء ٣١ يناير ٢٠٢٤

بعد أن ازدحمت الأفكار المتناقضة، نحن اليوم أكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى رصد هذه الظاهرة، وتوفير المؤسسات العلاجية، والتي تقوم بدور الرافد المهم لصناعة الوعي، وبث الروح الشفافة، ونشر فكرة التنوير ليس كمعطف للزينة، وإنما كحاجة وجودية لا غنى عنها. لقد تمادى الإنسان من مختلف الأطياف الدينية، والثقافية، والعرقية، في بث روح الفرقة بين الناس أجمعين، وتحويل الكرة الأرضية إلى كرة نارية تلتهب بجمراتها أجساد الأبرياء، ولا يمكن النجاة من نار هذه الفوضى الفكرية، وعشوائية الطرح، إلا بمعيار الإفصاح عن الخبايا، ومكنون النفس، وقد قالها الفيلسوف الدانمركي سيرين كيركجارد «من لا يحب لا يستطيع الكشف عن نفسه، ومن لا يكشف عن نفسه يعيش أبد الدهر في التعاسة»، وسارتر قال: «الوجود اختيار، وعدم الاختيار عدم الوجود». فالحرية التي يدعيها الآخرون، وتحت أغطية رثة، هي مسؤولية، والتزام أخلاقي، ومن لا يستطيع تحمل هذه المسؤولية يعش أبد الدهر بين حفر العبثية، والانهيارات الثقافية، والعدمية، المريبة. نحتاج إلى عالم شجاع، يستطيع أن يعبر عن نفسه بشكل صحي، خال من الأمراض النفسية، ومعافى من العنجهية، والمماطلة على الواقع. نحتاج إلى عالم يسدد خطاه بوعي، واحترام للآخر بصرف النظر عن تنوع الدين أو العرق، أو الجنس، نحتاج إلى الوعي بأهمية أن نكون أبناء لأم واحدة هي الأرض، نحتويها بمشاعر الحب، والانتماء، والوفاء، وهذا بطبيعة…

هيئة لحفظ (السنع) 2

السبت ٢٧ يناير ٢٠٢٤

في زمن تتحرك فيه مراوح الحياة بسرعة البرق، في زمن تسير فيه مركبات الفرط صوتية، نحتاج كثيراً إلى قوة سحرية تمنع عنا الترهل، وتصد عنا موجات هوائية عاتية، قد تهشم جدران الوعي، وتحطم زجاج نوافذ الوعي، ويتحول الإنسان من قارئ متبصر لعناوين الحياة إلى طفل بدائي لا يفقه غير التأتأة، ولثغة اللسان تعيق قدرته على قراءة الواقع. في زمن تتصادم فيه رياح الأفكار، فنحن في أمس الحاجة إلى قاموس محيط، يدلنا على مفردات اللغة، ويقودنا إلى منازل الوعي بـ«سنعنا»، ومذاهب الأولين الذين صنعوا مجد الماضي، وأسسوا لقواعد النهوض في الحاضر، ودفعوا بالعربة نحو مستقبل زاهر، باهر، واعد بخطوات أشمل، وأوسع، وأبدع، وأكثر براعة وبلاغة. اليوم تبدو العاصمة أبوظبي في المحيطين القريب والبعيد، بوصلة التطلعات نحو حياة زاهية، ومشاعر بهية كأنها حلم الطير، كأنها رفرفة وريقات التوت وهي تصفق للربيع، وتستمتع بنغمات المطر على وجنة وجبين. اليوم في العاصمة الزاهية، نحتاج إلى تراثنا، كما تحتاج الأرض إلى المطر، كما يحتاج الطير إلى عناق النسيم العليل. اليوم نحتاج لهيئة تسدد الخطا، وتمنح العقل استراحة من بعد رحلة شاقة عبر قنوات اتصال مع المستقبل، وخلال سفر طويل على طائرة نفاثة تحرك في الوجدان مشاعر الرهبة، كلما فكر المرء بالماضي، وابتعد عنه قليلاً. اليوم أصبح لهيئة مختصة، وذات شأن رفيع مع ثلاثي الماضي، والحاضر،…

صناع المحتوى على كف الراحة

الإثنين ٢٢ يناير ٢٠٢٤

للإعلام كلمته التي تغدق على الحياة بثروة الوعي، وله صورته التي ترسم المعنى في طيات الفكر الإنساني. عندما يحلق الإعلام بأجنحة المسؤولية، والالتزام الأخلاقي تصبح المجتمعات فضاءات ملونة بسحابات الحقيقة، وتصبح الأحلام صافية كأنها عين الطير، وتصير العلاقة بين الإنسان وأهدافه، كما هي العلاقة بين الماء العشب، وكما هي العلاقة بين الدم والجسد، وكما هي العلاقة بين البوصلة وسفن السفر الطويل، وكما هي العلاقة بين الحب والإنسانية التي تذهب إلى حقول الحياة، بضمير الحاضر المؤدلج بالعفوية. الإمارات نهضت باكراً، قبل شروق شمس النهضة العمرانية، بأهمية أن يكون للإعلام أنامل من حرير، وعيون رموشها من أهداب الشمس، وأسماع معقودة بخيوط معجم الأبجدية. واليوم، والإمارات ترفع الصوت عالياً، وهي تسدد النشيد باتجاه الأفق، وترسم صورة الواقعية كهدف ومسار ومساق اجتماعي وسياسي واقتصادي، نجد القيادة الرشيدة تضع الإعلام على أريكة التأمل، وتخصيب الوعي الاجتماعي بأعراف لا تزل، ولا تخل، ولا تمل من البحث عن الحقيقة، والحقيقة تكمن فيما ترسمه القيادة من رؤى ضالعة في حلم الأبدية، راسخة في الضمير الحي، شامخة كأنها الجذور في قلب التراب، يانعة كأنها النخلة النبيلة، يافعة كأنها وعي الصبا بأهمية أن يكون للحلم رموش إثمدها من معدن الأصالة، ومرودها يحف الجفون بكحل الفرح. اليوم هناك في دولة الترياق والإكسير تسير السفن مسهبة في حب مشاغبة الموجة، كي لا…

حالة العالم العربي

الخميس ٠٤ يناير ٢٠٢٤

في الثالث من يناير، العالم العربي تحت الأشعة السياسية، والاقتصادية، بعناية الإمارات. في هذا المنتدى، المنتدى الاستراتيجي العربي، سوف تتم عملية الفحص، والتمحيص يجريها باحثون، ومفكرون، ودارسون، للحالة العربية، وسوف تقدم هذه النخبة من العقول العربية ما يشغل بال المواطن العربي، وقبله القيادات السياسية، والاقتصادية، من متغيرات في زمن التحولات الكبرى، ولا بد وأن يعرج هؤلاء الباحثون على أسباب ما يحدث في عالمنا العربي من هنات، وزلات، في مجالي الاقتصاد، والسياسة، ولا بد أن يضعوا وجهات نظرهم فيما يطرأ على الحياة السياسية، والاقتصادية من هزات تكسر العظم، وتبري اللحم. والإمارات لن تتأخر في تقديم خبراتها في المجالين السياسي، والاقتصادي، ولن تدخر وسعاً في تقديم العون للأشقاء العرب، ولكن لا بد أن يضع الدارسون أياديهم على أماكن الضعف، ومواقع الخلل، لأنه ما من داء إلا وله أسبابه الواقعية، والوطن العربي سلة غذاء عالمية، ولو استطاع القيمون على هذه الثروات استغلالها، واستثمارها، والحفاظ عليها، ورعايتها، والعناية بها، وحمايتها من الرياح السياسية المتربة، والأمطار الاقتصادية الحمضية، أو تعاون الجميع على صيانة ما تختزنه الأرض العربية، وما يملكه العقل العربي من إمكانيات مذهلة، لاستطاع الوطن العربي أن يزخر بخيرات تعود على الشعوب بالرفاهية وترف الحياة، وسوف يكون عائد هذا الترف في خدمة التعليم الذي يعاني ما يعانيه من علل وضعف، وكذلك الصحة، ففي الوطن…

حدائقنا جنات

الأحد ٣١ ديسمبر ٢٠٢٣

حدائق أبوظبي تبدو اليوم، كتاباً موثوقاً يفتح صفحاته على ثقافة الجمال والوعي بأهمية أن نكون جزءاً من منمنمات النجوم في السماء، ولمعة اللجين بين شرايين الغيمة، وامتداد خيوط الشمس أهداباً رخية تزين عين الوجود. هذه هي الرؤية التي تنطلق منها بلدية أبوظبي، وهذه هي اللغة التي تتحدث بها سياستها العمرانية، وهذه هي الأبجدية التي تعانق بها عيون الناظرين، وتدفع بالقلوب كي تستثير الذائقة، وتنسجم مع جلال التنسيق، وجمال المنظر، وروعة المعطى، وبلاغة المنجز، ونبوغ الرجال الأوفياء الذين يتعاملون مع الوطن كما هو فلذة من فلذات الكبد. اليوم ونحن نجول في أرجاء العاصمة الحسناء، تبهرنا زهرة ترقص رقصتها السحرية عند رصيف مشاة، أو في حديقة تجاور بيت، أو في ساحة مترعة بأنفاس الزهور، وهي تعانق شذا الأجنحة الرهيفة، وهي تحلق بين زهرة وأخرى وكأن الوجود لوحة تشكيلية، عنوانها أبوظبي، ومسارها باتجاه عاصمة الجمال، والحسن والدلال اليوم عندما تفكر في السير على قدمين، وتتأمل المشهد في الشارع، تشعر وكأنك تجوب سماء رصعت بالورود، وتلمس في الهواء الطلق أنفاس بهجة، مصدرها شجرة ارتوت بالعذب من الماء، وتحس بأن طيراً بين الأغصان يهلل ويكبر، باسم ريعان عاصمة، وروعة أرض، تألقت بالجمال، وتأنقت بالسندس، والاستبرق، وبدت في صباحات مبكرة، تصافح كف الشمس، وتهدي إليها السلام، بوئام، وانسجام، وحلم الأوفياء الذين يدركون بأن الله جميل، ويحب…

النابغة واسيني الأعرج

الأربعاء ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٣

لا يمكن أن تذكر الرواية في الوطن العربي، من دون أن تعنون باسم واسيني الأعرج، فهذا الروائي العربي جاء من صلب الكتابة التجديدية، متحدثاً باسم التعبيرية الجديدة، وفي نظر واسيني الأعرج، أن اللغة هي اليقين، وهي لسان حال الورطة اللذيذة، لكل من دخل غرفة هذه (الجميلة) وعاشر أبجديتها، ولمس في مهجتها عنفوان الممارسة المنهجية، والسرد الممنهج، كونه رجلاً أكاديمياً، له في الخطاب الأدبي ما يستحث وجدان الكلمة، وما يحرض الجملة الروائية على بث لواعج الحلم البشري، في الوجود، كون الرواية في الأساس هي سؤال الوجود الأول، وهي كما قال الفيلسوف الأميركي وليم جيمس، ليست حقيقة موضوعية، بل هي طريقة تفكير، ولهذا السبب، أجاز هذا المبدع الاستثنائي لنفسه بأن يخرج من شرنقة الكسل اللغوي، إلى مدى الانفتاح على آخر حدود الكلمة، وعبر واسيني الأعرج عن هذا النموذج في روايته الملحمية، (الليلة السابعة بعد الألف) بجزأيها (رمل الماية، والمخطوطة الشرقية)، والتي لاقت جدلاً عميقاً لدى النقاد. وفي هذه الملحمة، الرواية، غذى واسيني الأعرج مخيلتنا، بترياق العودة إلى التاريخ ليس من باب الترسيخ، وإنما من وجهة نظر كاتب مبدع أراد أن يهز الشجرة، العملاقة، كي يسقط أوراقها الصفراء، ويستعيد لها رونقها التاريخي، ويمنحها لياقتها التاريخية، وكون (العربية) لغة المخيال، وهي كذلك لغة الصورة المنبثقة من رحم السؤال الوجودي الذاهب في أعماق السيرة الذاتية…